المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

نسيت غيمة في السرير

بعض القصائد تقرأها.. قصائد أخرى تقرأك: تفتح الأبواب المغلقة التي أوصدتها ورميت مفتاحها في بحر بلا قرار
إنها القصائد التي تهز عالمك الساكن فتقف عندها طويلاً ما بين المتأمل والمندهش
تقرأ القصيدة فتجد وهجاً يتسكع في عينيك وعصافير تبني أعشاشها على نافذتك.. وحنيناً يأخذك إلى آخر نقطة في هذا الكون
هذا الشعور وأكثر منه استحوذ علي وأنا أقرأ قصيدة "نسيت غيمة في السرير" للشاعر الفلسطيني محمود درويش في ديوانه "كزهر اللوز أو أبعد" الذي صدر في سبتمبر أيلول من العام ألفين وخمسة عن دار رياض الريس للكتب والنشر
ديوان يواصل فيه محمود درويش حفر دروب جميلة في جبل كي نطل معه على عوالم أخرى وفضاءات مختلفة.. حتى نجده يقول: "كم أنتَ منسيٌّ وحرٌّ في خيالك" (ص27). وكم "قويٌّ هو الحب كالموت!" وإن تكن "شهوتنا للحياة، ولو خذلتنا البراهين، أقوى من الحب والموت"
(ص 40).. غير أن قصيدة "نسيت غيمة في السرير" (ص 83) كانت على بساطتها شيئاً آخر بالنسبة لي
ربما كانت قصيدة اللحظة الواحدة والمكثفة التي يلغي حضورها ما سواها
أحببت القصيدة إذاً
وفي الحب لا تحتاج إلى مذكرة تفسيرية
ومع يقيني بأن المترجم خائن مهما بذل من جهد..."فيا أيها النائمون على إبر الذكريات" (ص
143).. ها هي القصيدة بين أيديكم.. تليها محاولة متواضعة مني لترجمتها إلى اللغة الإنجليزية


نسيَت غيمةً في السرير. على عجلٍ
ودَّعتني وقالت: سأنساك. لكنها
نسيت غيمة في السرير. فغطيتُها بالحرير
وقلتُ لها: لا تطيري ولا تتبعيها
ستأتي إليكِ
[ وكانت عصافيرُ زرقاءُ، حمراءُ،
صفراءُ ترتشف الماء من غيمةٍ
تتباطأ حين تطل على كتفيها ]
ستُدرك حين تعود إلى بيتها، دون
حاشيةٍ من عصافيرَ، أنَّ المناخ تغيّر
في ساحل الكتفين، وأن السحاب تبخر/
عندئذٍ تتذكرُ ما نسيت: غيمةً في
سريري، فترجع كي تستعيد تقاليدها
الملكية في غيمة
فشمَتُّ بها وابتسمتُ
وحين دخلتُ سريري لأرقد في
الاستعارة بَللني الماء

She left a cloud on my bed
And hurrily bid me a farewell:
"I will forget you, I will"
She left a cloud on my bed
I covered her with a silk clout:
"Do not fly, don't go after her"
"She'll come back to you, no doubt"
Birds with blue, red, yellow feathers
Were sipping water from a cloud,
That slows, as they near her shoulders
On returning home, she will find that
the weather, on her shoulders, 's changed
And the rain cloud is on the fade
Only then she'd recall what she left
And me would laugh and gloat
When I went to have a nap in the metaphor
I woke up to my surprise wet to the core
By Palestinian poet: Mahmoud Darwish
(from: Like Almond Flowers Or Further- September 2005)
تابع القراءة

gravatar

عزرائيل.. ابن خالي

(1)
ذات مساء تداعب برودته وجهك التقيت وحيد الطويلة.. جلسنا: وحيد وزوجته الإعلامية منى سلمان وأنا.. إلى مائدة في ذلك المطعم
الذي يطل على صفحة مياه الخليج الهادئة.. زيارة خاطفة لكنها كانت كافية كي نلتقي.. أخيراً

في زيارته الأولى قادماً من تونس – حيث يعمل- جاءتني هديته من دون أن تسنح لنا فرصة اللقاء: أربعة ألبومات غنائية أولها للشيخ إمام "هم هم- ويل الهوى" وثانيها محمد عبد المطلب "حبيتك وبحبك – يا حاسدين الناس" وثالثها صالح عبد الحي في رائعته "ليه يا بنفسج".. أما الرابع فهو للهادي الجويني "سمرة بروحي نفديك"... وروايته الأخيرة ألعاب الهوى
أدمنت تلك الهدايا لحناً وكلمة.. إلى أن التقينا

وفي قلب الحوار اكتشفت أنني أمام أحد أساتذة الحكي الأدبي... يحكي كما يكتب ويرسم فراشاتٍ ملونة ويطلقها فتطير حولك في رقةٍ آسرة ليجري الأطفال في محاولةٍ للحاق بها.. ولو نقلت عنه ما يقوله لكان مشروعاً روائياً استثنائياً.. وعندما انعطف بنا الحوار إلى ألعاب الهوى روى لي أسرار الأبطال الحقيقيين للرواية.. من أهل بلدته..وحدثني عن المقاهي الثمانية عشر التي جلس على مقاعدها ليضع تلك الرواية.. وحرص على أن تكون مثبتة في صفحتها الأخيرة.. مقاٍه امتدت جغرافياً من مصر إلى موريتانيا مروراً بتونس
سألته عن الحوار العبثي في الرواية بين الشيخ حامد وعزرائيل.. فانطلق يحكي بكل جوارحه كمن شهد الواقعة.. ومع نسائم الليل عدت مأخوذاً بكلامه.. تلقفت الرواية بين يدي لأعيد قراءتها في ضوء الأسرار التي باح بها صانعها الماهر

تأملوا معي هذا الحوار الذي خرج من تحت عباءة السحرية الواقعية ..أو قل البساطة المدهشة التي تسرقنا قبل أن تصنع لنا أجنحة من خيال

انتوا دابحين إيه النهارده يا حامد؟
لم يعطه الشيخ أذنه, ولا فات الكلام عليها, اعتدل من كوعته, أمسك وقية دخان, تحسسها منبعجة من المنتصف, ضغط على أطرافها قبل أن يفتحها حتى يلين دخانها, ويدخل المهتريء في المكبوس. خبطها برفق في الأرض مرتين, فتحها وألقى ما بها في صحنه الصاج, صحن شاف الأمرَين, وأتت عليه الأيام, طلاؤه الخارجي مقشر من معظم نواحيه. بدا مرقشاً بين الأبيض والأسود الكالح, سحب ورق البفرة, وبدأ يلف سجائره, طقس ليلي اعتاده منذ تعلم شرب الدخان, فجأة وجده أمامه
.. أنت مين, ودخلت هنا إزاي؟
أنا عزرائيل يا شيخ حامد
.. مين, مين يا خويا؟
عزرائيل

أحس أن شيئاً بارداً غشيه, وتسرب إلى الحشوة أسفله
.. وعايز إيه يا ابن خالي؟
مافيش ورك فرخة بايت عندك يا شيخ حامد؟
يا شيخ اتلهي على عينك أنت كمان, إحنا في إيه ولاَ إيه, قلت لي عايز إيه يا با؟
عايزك علشان تيجي معايا

.. آجي معاك, يا داهية دقي, ملقيتش غيري ولاَ إيه, أنت خلصت البهايم اللي وراك كلهم –يبلع ريقه- اسمع يا عبد الرحمن يا ابن خالي, روح دلوقت, وتعال بعد شوية
وقتك قرب يا شيخ حامد
أحس من نبرته أن الأمر ليس قاطعاً تماماً

.. شوف يا عبد الرحمن يا ابن عمي, نميرة مراتي, أنت عارفها, ولية سواقط قيد, إديني فرصة أسننها, أعمل لها شهادة الميلاد, اخلص لها ورق المعاش وبعدين تعال وقت ما أنت عايز, أسيبها لمين بعدي يا "عُبد", تأخدش نفسين يا خويا
أنا ماشي, ومش هأغيب يا شيخ حامد
أنا بقولك عايز ورك, تقوللي تأخدلك نفسين, وإيه عبد الرحمن دي. البخل نسال اسمي ولا إيه.. وكمان بتدلعني علشان أنسى. قال عُبد قال. يا سلام عليك لما تطنش, هات الشاي يا شيخ

الشيخ لا يعرف هل هو فوق الأرض أم تحتها. صحيح أنه لا يخاف الموت, ولا يكترث لعزرائيل, ولم يفكر فيه مرة. يشعر أنه أدى الرسالة وزيادة, لكن مجيئه فجأة أربكه على نحو ما, سرعان ما تسللت إليه الرهبة شيئا فشيئاً, وأخذ يضحك على نحو هستيري وبصوت عالٍ زادته أسنانه المفرغة رنيناً (ألعاب الهوى – وحيد الطويلة- دار ميريت) ص 9-11

(2)

قال لي الصديق العزيز الدكتور أشرف الصباغ عبر الماسنجر إنه نشر روايته الجديدة "مقاطع من سيرة أبو الوفا المصري".. تمنيت له التوفيق.. فأرسل لي غلاف الرواية. وجدت الغلاف الأمامي رسماً لرجل يجلس على الأرض مستنداًً بمرفقه على كرسي وهو يطالع صحيفة.. في حين تبدو خلفه شاشة التلفاز غارقة في ظلام حالك

غير أن ما استوقفني حقاً هو الغلاف الخلفي: مقطع من الرواية يقطر عذوبةً ومرارة في الوقت نفسه. أبديت لأشرف –الروائي المبدع والمترجم النشيط المقيم منذ سنوات طويلة في موسكو- إعجابي بالمقطع وسألته عن مضمون الرواية فإذا به يرسل لي ملفاً يضم نسخة من الرواية طالباً مني رأيي النقدي فيها

وجدت الرواية سيرة مؤلمة وجارحة مغلفة بغلاف من الإبداع.. كأنها قطعة شيكولاتة يتعين أن تفض غلافها بصبرٍ وأناة لتصل إلى جوهر المذاق..رواية تحكي -بالمداورة حيناً وبالمصارحة في أحيان أخرى- حكاية وجوه معروفة في بلاط الصحافة المكتوبة والمرئية.. وبأسلوب يتدفق حيوية وإيقاع سريع لا يخلو من شجن اللحظة.. يكتب الصباغ روايته لتقرأها دفعة واحدة وبسرعة كأنها كأس تيكيلا.. لتدوخ بعد ذلك متأثرا بالتفاصيل التي تخطفك.. لأنها ببساطة تشبهني و تشبهك

وبعيداً عن هذا كله توقفت عند السطور التالية التي تلخص عبثية القوانين التي تصنعها موائد الكؤوس التي ما إن تلامس الشفاه حتى تنكأ الجراح الدفينة.. وتطلق الأفكار الجامحة والكلمات المجنونة من عقالها


"للخمر قوانين لا يخالفها إلا الجاحد بالنعمة، والناكر للجميل. في رحابها تتكسر حدود الواقع، تتمدد مساحات الخيال، تنهار كل الأطر والحواجز، ويحلق الإنسان في عالم خاص يجب احترامه، بصرف النظر عن أي شيء آخر. أنا أحيانا، وبعد القنينة الثانية أو الثالثة، أحكى عن علاقتي بمديحة كامل وسعاد حسنى، ويسرا. وأحكى بالتفصيل، عن حادثة لقائي بنجيب محفوظ، عندما وجهت إليه نقدا لاذعا، ووافق هو معي وعندما قلت لأمل دنقل إنه لا يفهم في الشعر. وعلى الرغم من إننا كلنا ولدنا في أواخر الخمسينيات أو أوائل الستينيات، لم يكن هناك أي حاجز خيالي يعوقنا عن حكي حتى التفاصيل الجنسية مع ممثلات وكاتبات إما ولدن قبلنا بعشرين عاما، أو وافاهن الأجل ونحن في الصف الأول الابتدائي

وكان الضحك يبدأ عندما تفعل الخمر أجمل وأعرق أفاعيلها. عندما يحكى كل منا لقاءاته بجمال عبد الناصر عندما كان يسير متنكرا من أجل الاطمئنان على أحوال الرعية، وحافظ الأسد عندما كان يدرس في الثانوية، أو أنور السادات عندما كان يحشش في إحدى غرز شبرا، أو فيروز عندما كان زياد لا يزال يرضع. ثم تأتى مرحلة البطولات، والتضحيات الكبرى سواء التعذيب على أيدي أجهزة الأمن بسبب النشاطات الشيوعية الممنوعة، أو التضحية بالمستقبل في سبيل الفقراء والطبقة العاملة، والفلاحين أيضا."
(مقاطع من سيرة أبو الوفا المصري- أشرف الصباغ- الدار للنشر والتوزيع) ص6-7


(3)
سطور تحكي عن نفسها وعن كل من يركب حصان خياله كما يقول الشيخ حسني.. ذلك الرجل الضرير الذي يرى ببصيرته النافذة أفضل من غيره.. في رائعة داود عبد السيد الكيت كات المأخوذة عن "مالك الحزين" لإبراهيم أصلان.. هي حكايات سحرية تلامس أطرافها مقولة الصوفي عبد الجبار النفري: كلما اتسعت الرؤية.. ضاقت العبارة
تابع القراءة

gravatar

مختلون ومحتلون


هل المختل أول الطريق إلى المحتل؟

تساؤل ظل يلح علي منذ حادث الاعتداء على كنائس الإسكندرية.. مرة أخرى تحاول الحكومة المصرية أن تبيع لنا سلعة معطوبة اسمها "المختل" الذي يتحمل وزر كل ما جرى.. ليسدل الستار على المشهد وسط تصفيق حاد من الجمهور

لكننا هذه المرة لم نصفق لأن الرواية مكررة والبطل كان كبش فداء والنقاد الذين امتدحوا المخرج قبضوا الثمن مقدماً

ومختل الإسكندرية محمود صلاح الدين عبد الرازق الذي لم يكن يطعن غير المسيحيين في طريقه إلى ثلاث كنائس تفصل بينها كيلومترات عدة يبدو بهذه الانتقائية الدقيقة لضحاياه أعقل منا جميعاً.. وهو يشبه في ذلك علاء عبد العظيم الأفندي مدرس الثانوي في بلدة برديس الذي قالت عنه سلطات الأمن قبل ست سنوات إنه مختل عقليا بعد أن اتهمته بطعن قمص في كتفه ويده وصدره

ومحمود وعلاء لا يختلفان في ذلك عن صابر فرحات الذي ارتكب حادث
فندق سميراميس في السادس والعشرين من أكتوبر تشرين أول من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين والذي أسفر عن مقتل أمريكيين وفرنسي وإيطالي وجرح سائحين آخرين.. وبفضل بعد نظر أجهزة الأمن فقد أودع صابر العنبر رقم تسعة في مستشفى الخانكة الذي يضم المتهمين بجرائم وحصلوا على البراءة بعد أن ثبت بطرق وأساليب ملتوية اضطرابهم عقلياً

لكن صابر أثبت للمختلين في السلطة أنه عاقل لدرجة إدمان الإجرام حين هرب من العنبر والمستشفى ليرتكب حادثاً أعنف وأبشع هو حادث المتحف المصري في قلب ميدان التحرير الذي أودى بحياة تسعة مصطافين ألمان وسائقهم المصري بعد تفجير حافلتهم خارج المتحف في الثامن عشر من سبتمبر أيلول من العام ألف وتسعمائة وسبعة وتسعين

يلاحظ أن هؤلاء "المختلين" الثلاثة صابر ومحمود وعلاء كانوا في منتصف العشرينيات عندما ارتكبوا جرائمهم.. ترى أي دلالة تنطوي عليها تلك الملاحظة؟!.. سأترك الأمر لعقولكم واستنتاجاتكم

مختل عقلي آخر حسب رواية الحكومة كاد يغتال الرئيس المصري حسني مبارك بمطواة في بورسعيد في سبتمبر أيلول من العام ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين..غير أن أبو العربي تعثر ولم يتمكن إلا من إصابة مبارك داخل سيارته بجرح قطعي في يده قبل أن يرديه أفراد الحراسة قتيلاً

ودعونا لا ننسى أن سلطات الأمن أرادت أن تطوي صفحة الجريمة البشعة التي وقعت في بني مزار بصعيد مصر قبل أن يغادرنا العام ألفان وخمسة فقالت إن مرتكبها مضطرب نفسياً... ونقلت عنه أنه "جاءه هاتف" أو كلمه صوت طلب منه ارتكاب مثل هذه الجريمة التي راح ضحيتها عشرة أبرياء منهم ثلاثة أطفال ورضيع لم يتجاوز عمره عاماً واحداً.. وسائل الإعلام الرسمية ­اعتبرت أن توجيه الاتهام إلى مختل عقلياً بارتكاب المذبحة نهاية مناسبة ومنطقية للمأساة قبل ساعات من بدء العام الجديد

المضحك أن أجهزة الأمن المصرية سارعت عقب أحداث الإسكندرية إلى دعم روايتها بالإعلان عن إلقاء القبض على مائة وخمسين مختلا عقليا بشوارع القاهرة والإسكندرية ومختلف المحافظات وذلك في إطار ما قالت إنه الحملة التي تشنها وزارة الداخلية المصرية لضبط المرضى النفسيين والمختلين عقليا بالشوارع وإيداعهم مستشفى الأمراض
النفسية
نكتة أخرى: قبل أيام قلائل.. ألقت أجهزة الأمن في القاهرة القبض على شاب يدعى زكريا السيد زكريا يبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما أثناء سيره أمام كنيسة العذراء في شارع طومان باي بمنطقة الزيتون للاشتباه بأنه مختل عقلياً وبتفتيشه عثر معه على سلاح أبيض وتم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية لتوقيع الكشف الطبي عليه.. أي والله هذا ما أعلنت عنه الداخلية المصرية

ولكن.. لماذا ترتاح الحكومة إلى هذا "السيناريو المضطرب" إن صح القول؟.. لا بد أن هناك أكثر من إجابة محتملة لعل إحداها أن هناك قطاعاً واسعاً من المواطنين يريد أيضاً إغلاق الملفات الشائكة بالقول إن المتهم في مثل تلك الحوادث هو شخص غير سوي أو مجنون.. نوع من التطهر الساذج عبر تأكيد أن هذا الشذوذ لا يمثل القاعدة السليمة

الشيء المؤكد أن هؤلاء الذين تسارع الحكومة - بأسلوب يجعلها من أحفاد ملك الدعاية النازية غوبلز- إلى إلصاق صفة الاضطراب العقلي بهم حتى تريح وتستريح.. ارتكبوا جرائم بشعة تستحق التوقف عندها.. وانتهاج سياسة المصارحة والمكاشفة حتى تعرف أكثر حقيقة ما يجري على أرض مصر

وإن لم يحدث ذلك فإن "المختلين" في أجهزة الأمن والمحتمين بعنابر مستشفيات الأمراض العقلية هرباً من أحكام القضاء ورأي المجتمع ... سيسلمون مفاتيح المدينة على طبق من ذهب في نهاية الأمر إلى المحتلين.. ولو بعد حين

قلنا من البداية إن هناك علاقة نسب ومصاهرة بين الاختلال والاحتلال.. وأول الحرب على الأخير وأشباحه التي تطاردنا ليل نهار تكون بمواجهة الأول بأبواقه النشاز في عقر داره

عافانا الله من الاثنين
تابع القراءة

gravatar

الساعة تشير إلى الكتابة

"ليست الحياة ما عاشه المرء.. بل ما يتذكره وكيف يتذكره كي يرويه " ("نعيشها لنرويها"- غابرييل غارثيا ماركيز- ترجمة: رفعت عطفة) -ص 5

ربما حان الوقت كي تكون في صحيفة مثل "الأهرام" صفحة للأحياء.. فقد مات كثيرون وهم في رحلة الحياة ماضون
أو كما يقول الشاعر "فالأحياء هم أبناء عم الموت.. والموتى نيام هادئون وهادئون وهادئون" ("كزهر اللوز أو أبعد"- محمود درويش)- ص 68

وعندما نكتب فإننا نتنفس.. نستنشق هواء الحرية وفعل الإرادة

ولصديقي الذي وقف على حافة اليأس من الكتابة وقرر أن ينتحر بالصمت أقول له

اكتب كي تبقى حياً ترزق

اكتب حتى تضمد جراحك النازفة أو تستأصل من جسد الشارع ما لا يلزم

اكتب لتنفض غبار الذاكرة عن آخر كلمات أبي عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس حين قال: "ذهبت إلى معركة السلطان وعدت حياً. أكثر من مرة كتبت هنا: لقد خانني كل شيء, حتى الموت. لم يبغ الحضور إلى الموعد الذي اقترحته عليه. نفرت مني السيوف وتفاداني الأعداء, ربما لأنهم لم يكونوا أعدائي أنا بالذات. هو الذي أعطاني السيف. ومن جديد أذعن إلى ما لا أتوصل إلى فهمه. لن يكون أمامي من الآن فصاعداً غير الانتظار. عندما يأتي الموت في ساعته - وليس في الساعة التي نحددها نحن له - فتلك مشيئة الحي القيوم الذي له الأسماء الحسنى وما من قوة ولا سلطان إلا قوته وسلطانه, وهو العلي القدير وارث السماوات والأرض" ("المخطوط القرمزي"- أنطونيو غالا - ترجمة: رفعت عطفة- ص 507)

اكتب لأن الكتابة فعل وليست اسماً. فعل كافٍ تماماً كي يكون المبتدأ والخبر معاً في عالم حافل بالجمل الاعتراضية التي ليس لها أي محل من الإعراب.. إلا في عالم الأعراب

والكتابة بصيرة حتى وإن بدت مكابدة.. وكل حرف منك يضيء الطريق لك وللآخرين.. يفتح كوة في جدار القاهرة أو جدار بيروت أو جدار بغداد -وكلها أبناء غير شرعيين لجدار برلين- الذي ترتطم به أحلام نهوضنا من كبوات وعثرات وقيود نظام نتفرج عليه ودابة الأرض تأكل منسأته...إلى أن يخر

لكنه لن يخر إلا بكلمات تقول وتفعل وتكشف في زمن تحولت فيه الصدور إلى مقابر.. والجبن إلى شواهد لتلك القبور

فلنكتب حتى تسقط الجدران ويتساقط المطر الناعم على أرضنا الطيبة فيروي عطشها إلى الحرية

هل شاهدت فيلم
Awakenings

في فيلم المخرجة بيني مارشال - إنتاج العام ألف وتسعمائة وتسعين- يستيقظ العبقري روبرت دي نيرو ورفاقه من غيبوبة طالت ليذوقوا طعم الحياة.. وليبدأ طبيبهم روبن وليامز رحلة الدهشة

من يدري؟ ربما تكون أنت يداً تنشر الصحو وتستدرج الناي إلى العزف..ويكون لكلمات المدونين مفعول السحر من حيث لا يدرون.. ليفيق الذين دخلوا في نفق الغيبوبة منذ زمن بعيد

وإلى أن نخرج من هذا النفق المظلم.. واصل الكتابة.. لنواصل الحياة
عفونا كثيراً.. وغفونا أكثر.. والساعة تشير الآن إلى أي شيء إلا النعاس
لا.. انتظر.. إن عقاربها تشير إلى أن ساعة الكتابة قد حانت
اسكب سطورك التي تقطر حرية في إناء العقل وفضاء الروح.. فكل حرف مغموس بحبر الصدق والإيمان يبعدنا خطوة أخرى عن حالتنا المزرية كجمهورية موز أو مملكة فساد أو إمارة لذة
اكتب..ففي كل ديانة كتاب مقدس.. وفي كل ثورة كلمات مقدسة

وفي كل شعب صوت فتي .. لحروفه طعم الثورة ومهابة التقديس
وأنت.. أنت.. هو ذلك الصوت الحر الذي ينحاز إلى مستقبل أفضل
فما أجملك
تابع القراءة

gravatar

هكذا تولد الإجابات

كثيرون في حياتنا "عابرون في كلام عابر" كما يقول الشاعر محمود درويش

قليلون فقط من لا تستطيع أن ترفض لهم طلبا


ومن هؤلاء المدونة الرائعة "رات"...وهأنا أحاول
1.Grab the book nearest to you, turn on page 18 and find line 4


(من الحب الكثير والسير الطويل تولد الكتب (بابلو نيرودا يهديكم السلام
2.Stretch your left arm out as far as you can.


فضاء رحب في غرفتي الضيقة

3. What is the last thing you watched on TV?

حيث يمارس رجل الأعمال دونالد ترمب هوايته المفضلة: تصفية المتسابقين!The Apprentice

4.Without looking, guess what time it is?

الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل

5. Now look at the clock, what is the actual time?

الثانية عشرة وثمان وعشرون دقيقة بعد منتصف الليل

6. With the exception of the computer, what can you hear?

سيد مكاوي يشدو في أذني برباعيات صلاح جاهين المدهشة

7. When did you last step outside? What were you doing?

اجتماع عمل .. شارك فيه عدد من الإعلاميين والأطباء

8. Before you started this survey, what did you look at?

اقرأ رسالة "رات" التي تدعوني فيها للإجابة عن تلك الأسئلة

9. What are you wearing?

This is "R" rated question ..ha!

10. Did you dream last night?

كان النوم حلمي الوحيد

11. When did you last laugh?

أعتذر مسبقا..ولكني كتمت ضحكتي بصعوبة خلال الاجتماع إياه عندما قدموا لي شخصاً قصير القامة على أنه: الدكتور محمد.. الطويل
12. What is on the walls of the room you are in?

كانت هناك شهادات درجاتي العلمية.. ثم أشفقت على الجدار منها

13. Seen anything weird lately?

نعم.. الدهشة على وجهي وأنا أتنقل بين قنوات التلفزيون لأجد ثلاث مذيعات حوامل في شهرهن التاسع على مايبدو.. في سي إن إن وبي بي سي والعربية...ترى في أي موسم نحن؟

14. What do you think of this quiz?

محاولة لكشف المستور.. وربنا يستر

15. What is the last film you saw?

أرض الخوف بطولة أحمد زكي.. ربما للمرة الرابعة

16. If you became a multimillionaire overnight, what would you buy?.

أشتري دور نشر ناجحة.. لأطبع فيها مؤلفاتي ومؤلفات أصدقائي المبدعين.. والمدونين

17. Tell me something about you that I dunno.

خذ عندك "لاءات الخرطوم الثلاث": أنا لا أدخن..لا أستطيع أن أكلم أحداً دون أن أنظر مباشرة في عينيه.. ولا أجيد قيادة السيارات

18. If you could change one thing about the world, regardless of guilt or politics, what would you do?

ألا يكون الحب أعمى..ليحب كل إنسان من يستحقه فعلاً

19. Do you like to dance?

It takes two to know .. right!

20. George Bush.

العربة الطائشة

21. Imagine your first child is a girl, what do you call her?

إيمان.. اسم يحمل قدرا من الثقة والوداعة والسكينة

22. Imagine your first child is a boy, what do you call him?

خالد..تشعر بقوة الاسم والدلالة

23. Would you ever consider living abroad?

في السفر سبع فوائد.. أما الهجرة فهي قرار راوغته كثيرا.. إلى أن يأتي يوم يراوغني فيه

24.What do you want GOD to say to you when you reach the pearly gates?


"ادخلوها بسلام آمنين"

25. 4 people who must also do this meme in their journal.

صاحب " التياترو".. صاحبة " الحواديت" رحاب..أيمن الجندي.. و"فهامة" زنجي


تابع القراءة

gravatar

سم الحكمة

كيف عرفت؟
فاجأني سؤال مزنة.. قبل أن أبدي دهشتي لاتصالها الهاتفي في هذا الوقت المتأخر من الليل
عادت لتسألني: كيف عرفت أنها ستكون تجربة عاطفية فاشلة؟
تذكرت حوارا سابقا مع صديقتي -التي تحول احتفالها بعيد ميلادها الثاني والثلاثين إلى هاجس يؤرقها- عن الحب الجديد الذي دخل حياتها وأضاف إليها ألواناً جديدة.. يومها قلت لها: "للأسف لا أرى أي فرصة لنجاح تلك المغامرة العاطفية".. لكنها لم تقتنع بالمشورة التي قدمتها لها بناء على طلبها
لم تدرك أنه مجرد وهج.. اشتعال صنعته لحظة ما غامضة بين رجل وامرأة.. كيمياء تفاعلت بين عاطفتها ورغبته
في مكان ما التقيا.. وفي اللحظة التي تلاقت فيها الأعين الباحثة عن مهرب من تلك الرتابة.. ولدت شرارة إعجاب وقفزت إلى السطح مغامرة لا يعرف أحد ما الذي ستنتهي إليه
بخفةٍ تسلل إليها وهي تختار بين أصناف الأطعمة والحلوى الممتدة في قاعة فخمة .. في اليوم الأخير للتدريب في المعهد الذي التقيا فيه... همس في أذنها بصوت متهدج وردت بنظرة ملؤها السعادة لأنه أذاب الجليد وحطم الحواجز بسهولة.. فاجأته بالقول إنها لا تطيق الزحام فقال لها: زحام كثير.. لكن لا أحد.. أنت فقط هنا
عرض عليها الابتعاد عن هؤلاء الذين ارتدوا أحسن ما لديهم ليحتفلوا بانتهاء دورة التدريب.. سارا مبتعدين
كانت تتكلم وتتكلم.. وكان عقله يفكر بسرعة في الخطوة التالية.. وفي مكان منزوٍ كان النداء وبدأت المغامرة.. لمس خصلات شعرها فوجدها تتابع يده باطمئنان ونصف إغماضة عين.. ضمها إليه بقوة والتقط من حبات الكرز على شفتيها ما شاء
عناق كأنه الجمر
ذابا في لحظة اختارتهما قبل أن يختاراها

ولم تتملص منه إلا بعد أن أيقظ مملكة الحواس ولمس حديقتها السرية بأطراف أصابعه وشعرت بنفسها تتأود بين يديه. نسيا فكرة المكان العام..وأصبح كل المكان خاصاً بهما.. بينما أصوات في الخارج تتناهى إلى أسماعهما
تواعدا بعدها أكثر من مرة.. حكت لي تفاصيل المغامرة والعلاقة.. فكانت الإجابة التي لم تعجبها
اختفت عني أخبارها نحو شهر ثم عادت لتروي لي عن خيبة أملها في تلك التجربة وكان السؤال: كيف عرفت؟
سؤال سمعه كثيراً بيدبا الحكيم من دبشليم ملك الهند
قلت لها: المستكشف الذي يقرأ خريطة الجسد قبل أن يتقن لغة العقل.. قد يبحر يوماً إلى قارة أخرى ومغامرة جديدة
نعم.. قد تنادينا الرغبة يوماً وتضرب لنا موعداً دون ترتيب مسبق.. لكن نداء الجسد مراوغ.. يشتعل بسهولة وينطفيء بسهولة أكبر
والنبتة التي لا نرويها بماء المحبة والصدق وينسج لها النضج خيوط الدفء.. سرعان ما تصبح نبتة شيطانية.. تكبر على غير هدى.. إلى أن تقتلعها يد تريد تشذيب المكان من غوغائية امتدادها المجنون
كان نداء ملحاً.. لكنه أضاع البوصلة..وفي دروب الحياة لا بد من بوصلة العقل.. مثلما لا بد من رياح العاطفة
قلت لها إن ما حدث ليس سوى
One night stand
جادلتني بحدة قائلة إن علاقتهما امتدت شهراً كاملاً ولم تكن نزوة ليوم واحد
ولكن.. من قال إن نزوة اليوم الواحد لا يمكن أن تمتد بقوة الدفع الذاتي مدة شهر أو أكثر؟
قالت لي إنها تبكي ندماً وإنها لن تصدق رجلاً بعد الآن..قبل أن تستدرك قائلة: إلا أنت.. لأنك صديقي

وكأن الصديق لا يمكن أن يكون رجلاً
أضافت أنها تحاول أن تداوي جرحها وأحزانها بعد أن نالت منحة لدراسة الماجستير في بريطانيا
لكنها خرجت فجأة من أحزانها لتسألني ببراءة مدهشة: قل لي.. ماذا يمكن أن يحدث لي هناك؟
نقرأ الحاضر بعد أن سممتنا حكمة الماضي.. فيسألوننا عن المستقبل
يقول أمير القوافي أحمد شوقي
وقال البعض: كيدك غير خافٍ... وقالوا: رميةٌ من غير رام
آهٍ.. كم تسممنا الحكمة؟
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator