المحروسة

gravatar

قصة تشبه الحزن


قُرصُ الهاتف لا يدور

لوحةُ المفاتيح حصلت على تأشيرةٍ سياحية إلى جزيرةٍ تنسى ثمارهَا الساقطة

وحدهم القراصنةُ الخائبون ينتظرون مكالمةً لن تجيء

وحين أعرفُ ما فاتني من مواعيد، أسيرُ على جسرِ أعصابي: ساطع الحضور.. لكنني أعرفُ أنني الغائب الأكبر

أعلمُ جيداً أن الكسورَ لن تبرأ من ماضي حطامِها، وأن سؤالكِ العابر عني لم يكن سوى مجاملةٍ لصديقةٍ مشتركة

ربما يجب أن أضعَ بيني وبينك، أو بالأحرى بيني وبيني، مسافاتٍ أملؤها بقسوةٍ مصطنعة

أظنني أسرفتُ في النبل، وأنا الذي استخرجتُ من فنجان قهوتك صباحاتٍ تزيحُ الأسى عن وجوه المتَعَبين

في زمنِ الحقائبِ المكتنزة، أسافرُ بلا حقيبة سوى الطيبة التي ترهقني

وحياتي كتابٌ استعاره صديق ثم نسيُه على رصيف قطار..الرصيف نفسه الذي نام عليه تولستوي، قبل أن يتورط في موتٍ غير مقصود

في سماءٍ نسيتُ إحصاء رقمها، سئلتُ عن اسمي، فقلت: من أحببتُ أهداني للنسيان..يأتي الصدى مهيباً: أيها الشاعر، كم يليقُ بك التيه

الشفافون فقط يغسلُ الماءُ أرواحهم فيعودون إلى سيرتِهم الأولى: ملائكةٌ تعزف لهم الأساور موسيقى الحنين

في القاعاتِ التي تزدحمُ بالرؤوس، يرتدي العازفون فَرَاشَاتٍ سَوْدَاء مَيِتَة حَوْلَ الْعُنُق. غابت النوتاتُ عنهم، لكنهم حفظوا سرَ اللحنِ الشجي

الخيالُ بديع، لا يمكن أن يقاومه راقصٌ حقيقي، والجمهورُ بين المتلمظِ والمتلظي..تخطفه الفتنةُ إلى الأقاصي

الريحُ تراودني عن قميصي

أدخلُ من بابِ السهو.. أخرجُ من بابِ اللهو


أسطو على ياقوتةٍ في عمقِ الماء، فقط لألتقط عينيك المدهشتين.. يهزمني حزنُهما الذي يفضحُ مرمرَ النفس، وهما تقولان: أنا الوردةُ المتوجة، لا يقطفُني إلا أنت

وأنا: المغامر..كفني لبستُه منذ أن غرقتُ في وحلِ الطفولة، وعرفتُ طعمَ العناق، ذلك الحنان المسروق من سيدةٍ تتعلم بين أحضاني كيف تموتُ بتؤدة

منذ أن ركبتُ قطارَ الأشواق لم يعاودني حنينُ النزول، وَجَسَدِي صَارَ سَريرًا لنومٍ طويل

لامعاً كخنجرٍ مصقول، أطاردُ الشهقة العارية، وأقضمُ تفاحاتِ المتعةِ بقامةٍ فارعةِ الفرح

الشهواتُ تمتص مني البياض.. أولها انفعالٌ، وأوسطها انفلاتٌ، وآخرها دهشةٌ تفر من أصابعي، لتصنعَ لي جناحين

في سراديبِ الرغبة، أبني هرماً من التفاصيل الصغيرة..وحده الضرير يتشبثُ بالأشياء الكبيرة

وأنتِ: أميرةٌ تستحم بغيمةٍ بيضاء وأغانٍ تجوب الشرفات، كأنها ظلالٌ تقتفي الضلال

الآن، يجرحُ الليل أناملَه، فأصبحُ حارسَ السنين الداكنة.. أيُ ابتسامةٍ تنزلقُ في موتي الذي يتنزه خارج المقبرة


عزائي الوحيد أن من يعش الخلود يفوت سيرتَه الذاتية، وفي خاتمةِ المطافِ لا تكون مكتملةً إلا المصائرُ المحطمة



قلبي حديقةُ أطفالٍ خالية إلا من الألعابِ التي تكتسي بالسأم.. والموتُ يحزم شيئاً من الليل في جيب سترتِه الهائلة، ثم يودِعُني بابتسامة

ألتحقُ بمدرسةٍ مسائية، كي أتعلمَ كيف أكسر حاجتي إليكِ، وحاجتكِ إلي

أجمعُ أثرَ رائحتكِ الجليلة ثم أبعثركِ في دمي

تغشاني محبتُكِ فأنشرُ الضوء ملاءةً، تُطوى على مَهلٍ لكي يستعيدّها جوفُ الخزائن

أتعثرُ في الذكرياتِ مثل غريبٍ يتردد في طرق الباب. هكذا برمادكِ أحترق
ربما أدركتُ متأخراً أن نصيبَ من أفرط في التمردِ هو الافتقارُ إلى أية طاقةٍ أخرى غير الخيبة

ظلَّي يعرفُ الحياة أكثـر منيَّ

والأصدقاءُ المرميون على قارعةِ الروح، يُلحون عليَ: احكِ لنا حكاية

كيف أروي لهم وخريفٌ كاملٌ يندلق من جوفي؟ كيف أقصُ عليهم وكلُ خرائطِ العمر ناقصةٌ

أُمَارِسُ موتي المؤجل، وأجهزُ صوتي للغياب، فالحواسُ أسلَمت أوزارها، والبنفسجُ نقش لونه على أشرعةِ مراكبي

تغمضُ إشاراتُ المرور مصابيحها لتستريح

الشارعُ مظلم..سأهبُه نورَ عيني ليضيء

gravatar
Anonymous في 5:42 PM

ماأبطأ النبضات في قلب يذوب
وماأطول الأحزان لو عادت
لتعصف بالقلوب

ايمـان

gravatar

إيمان


الحزن تطهر، يفتح نافذة للتأمل، إلا إن كنا قررنا القفز إلى أسفل كي نتعذب أكثر

والتجارب التي يمر بها بنو البشر، دمٌ ترك بصمته فوق غيمة مسافرة.. لا بد أن تمطر يوماً على مكانٍ ما بكل الأسى الذي تختزنه في رحمها

gravatar
Anonymous في 2:31 PM

أظنني أسرفتُ في النبل، وأنا الذي استخرجتُ من فنجان قهوتك صباحاتٍ تزيحُ الأسى عن وجوه المتَعَبين
في زمنِ الحقائبِ المكتنزة، أسافرُ بلا حقيبة سوى الطيبة التي ترهقني
...
العجيب ان تجد شخصا أسرفت في نبلك معه يري بعينيه طيبتك التي ترهقك ويشير إليك ... ما افشلك ... أين حقائبك؟؟؟
ثم تلكزنى حين تقول (كيف أروي لهم وخريفٌ كاملٌ يندلق من جوفي؟ كيف أقصُ عليهم وكلُ خرائطِ العمر ناقصةٌ)
لأتعجب في نفسي هل ستكتمل تلك الخرائط يوما أم ستبقي هكذا
ليست قصه تشبه الحزن
إنما هو الحزن الذي كما دورة الحياه لا ينتهي بل يتحول من صوره لأخري
تحياتي

gravatar

Basma

الأحلام الكبيرة تلد إحباطات أكبر، إن حدث إخفاق أو عصفت الريح بزورق الحياة

لسنا ملائكة.. قد نظن أنفسنا كذلك، ونعتب على الطرف الآخر، وننسى نصيبنا من المسؤولية عن الأزمات والأحزان

ولأننا لسنا ملائكة فإننا بشر، نعتب ونلوم، ونتألم، ونشعر بالخسارة والفقد

وفي وصف حالتنا، نرسم الصورة التي نريدها.. نبالغ حيناً، ونبتلع السكين حيناً آخر

هذه هي دورة الحياة التي نعيشها..وتعيشنا

gravatar

مش كتير يقدرو يطلعو ويشوفو أحزنهم من بره

قلبي حديقةُ أطفالٍ خالية إلا من الألعابِ التي تكتسي بالسأم

مش عارفه ليه وجعتني اوي

كلامك بيمس الروح يادكتور

gravatar
This comment has been removed by the author.
gravatar
This comment has been removed by the author.
gravatar

محض روح

نحن نقرأ كتاب أيامنا صباح مساء، لكن البعض لديه القدرة على قراءة ما بين سطور هذا الكتاب، والبعض الآخر يقرأ فقط ما يريد أن يراه

شكراً لك على هذا التقدير

gravatar

البنفسج لم ينقش لونه علي اشرعة مراكبك .. هذا محض افتراء,
فالبنفسج لي وحدي.. انقش عطره كيفما اتفق و استدعي حزنه المدفون في سحر اللون ..عزيزي البنفسج لي .. البنفسج انا !!

gravatar

البنفسج لم ينقش لونه علي اشرعة مراكبك .. هذا محض افتراء, فالبنفسج لي وحدي انقش عطره انا كيفما اتفق و اينما اسر لي حزنه المدسوس في سحر اللون ..
اصلا انا البنفسج!!

gravatar

Bassama

لا تصادري لون الحزن، فالناس شركاء فيه

لكنك بالتأكيد بنسفجة أصلية تداغع عن لونها بشراسة أنثى تتذوق أحزانها وطعم دموعها

مودتي

gravatar

روعة فاتنة إلى حد الإرعاب
كيف تمكنت أيها العظيم من هذا الإقصاح و تلامس شغافي بشغفك السر

إحتراماتي

gravatar

شامة

نحن لا نكتب شيئاً..الأيام والأحلام والأوهام تكتبنا كما تشاء، سطراً سطراً..وشوقاً شوقاً

كل ما أفعله هو أن أتذكر، بعدها تولد الكلمات وتخرج من كم قميصي لتصبح وردتي الأغلى

أهلاً بك دائماً قارئة وصديقة

gravatar
Anonymous في 1:50 AM

رائع يا ياسر , كتابة تمس الروح

gravatar

Anonymous

أشكرك على كلماتك التي تنطق بالصدق

مودتي الدائمة

gravatar

ادركت اذن انني لست وحدى اعاني من هذا الماكر اللعوب المسمى الحزن وانك تستحق ان نقلق عليك اكثر من قلقنا على انفسنا
فحاسب على الايام وحاسب لها
ولا تستطعم الحزن اكثر من هذا

gravatar

حنة


شكراً لك يا حنان..النص حزين، لكنني بخير، فالنصوص لها مشاعرها وانفعالاتها وحياتها الخاصة جداً

نحن بخير ما دامت الأرض تدور وندور معها باحثين عن أفلاك ومدارات تليق بنا وبأحلامنا

gravatar

ربما أدركتُ متأخراً أن نصيبَ من أفرط في التمردِ هو الافتقارُ إلى أية طاقةٍ أخرى غير الخيبة
هزتنى جداا هذه العباره
دائما متألق يحدث لى اشباع فنى فى استراحتك او مونتك الجميله
تحياتى
مجدى

gravatar

أبو أحمد


من دواعي سعادتي أن نتواصل دائماً يا د. مجدي، فالتجربة التي تحملها على ظهرك تكشف عن شخصية وضعت الهم العام قبل الهم الخاص..ولذلك ثمنه وفاتورته التي نقبلها طائعين

أشكرك على تقديرك وثقتك الغالية

gravatar

(ألتحقُ بمدرسةٍ مسائية، كي أتعلمَ كيف أكسر حاجتي إليكِ، وحاجتكِ إلي)
هل يمكن فعلا
ظلَّي يعرفُ الحياة أكثـر منيَّ
هكذا الظلال تنمو دون عناء
(منذ أن ركبتُ قطارَ الأشواق لم يعاودني حنينُ النزول)
وحتى لو عاودك هل تستطيع
(عزائي الوحيد أن من يعش الخلود يفوت سيرتَه الذاتية، وفي خاتمةِ المطافِ لا تكون مكتملةً إلا المصائرُ المحطمة)
انه تناقض الحياه او قل تكاملها العجيب
تقديرى لتلك المرثيه او لنقل حكاوى الداخل
لو لم تكن اكثر ايلاما لكانت اقل متعه

gravatar

Soly88


إنها التجربة الأولى: الحياة التي نعيشها

الخبر السار لدى البعض، أننا سنعيشها كلها كأنها مشهد سينمائي على شاشة عملاقة، والثمن هو عمرنا الذي مضى والذي سيأتي

تناقضات الحياة جزء من فظاظتها..وهي أيضاً رمز لقيمتها في عقولنا وقلوبنا

gravatar
Anonymous في 12:03 PM

دكتور أسمحلي
وهل يوجد ما يعرف بالتجربة الثانية لممارسة الحياة؟
هل قدر لأنسان عمر أخر يتدارك فيه ما فاته أو يصلح أخطائه؟

تحياتي

gravatar

Basma


هذا بالضبط ما أعنيه

إننا نعيش الحياة كتجربة أولى طازجة، ولذا نتفرج عليها ونتفاعل معها، ونحن نتحسر على أنها ستكون تجربتنا الوحيدة

وربما لو كان هناك "ملحق" لتلك الحياة، لكررنا معظم -إن لم يكن كل- الأخطاء التي وقعنا فيها..وهي أخطاء في الغالب الأعم: اختيارية

gravatar
Anonymous في 8:49 PM

Shasha

أحييك على هذه المدونة الرائعة والتى عثرت عليها بالصدفة وتعتبر من أجمل وأرقى المدونات التى زرتها وسأزورها باستمرار

gravatar

جاليري

أشكرك على ذوقك وتقديرك للمدونة..وآمل أن تجدي دائماً في المدونة ما ينال إعجابك ويلقى اهتمامك

gravatar

اسطو على ياقوتة فى عمق الماء فقط لالتقط عينيك المدهشتين يهزمنى حزنهما الذى يفضح مرمر النفس وهما تقولان انا الوردة المتوجة لا يقطفنى الا انت , لكم اتمنى ذلك حقا, دكتور ياسر لا اعلم عدد المرات التى قرات فيها هذه التدوينة الحزينة الساحرة والتى من بين سطورها اشعر بالمزيد من الالم الحزن الشجن ولكن فى النهاية الامل مازال موجود الشارع مظلم ساهبه نور عينى ليضئ اتمنى انك استطع ان تضيئه مرة اخرى تحيانى لاناملك الرقيقة ودمت بخير دائما

gravatar

بل الشكر لك على تذوقك لهذه الكلمات

فما قيمة الكتابة إن لم يكن هناك قارئ جيد
وما قيمة المطر إن سقط على أرض لا تتقن إلا لغة البوار

gravatar

انتظر مكالمته
لم تصل
انتظر
مللت
اريد ان انام
ان انسى انه تخلف عن موعدنا الصوتي
مرة اخرى
لا ااستطيع
ومثل عادتي
اذا صاحبني الأرق
اذهب لأميمه لتهدهدني
http://www.youtube.com/watch?v=wJHMciOYKyE&feature=related
دخلت مدونتك
ووقعت على قصتك
مين اتت لي تلك الكلمات :"
لا أعلم ولكني أعلم انها ليست من عالمنا

gravatar

Besh


في الليالي الطويلة نتساءل:

أيها الحنين الذي لا يصبر على فراق، الفجر لاح في السماء، فلِمَ تؤجل آمالنا إلى غد بعيد؟

أيها الأمان الذي نشتهيه، هل صان من نحب شعلة الهوى؟

يتردد السؤال مع الصدى، لكن في أعماق أعماقنا تأتي الإجابة: من يحب يهلكه الفراق، ومن يعشق يتلفه الانتظار

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator