المحروسة

gravatar

اللهم انصرنا على الأتراك




تشكل أول منتخب مصري في عام 1916، ولعب مباراة مع قوات الاحتلال الإنجليزي في 5 مايو 1916 وخسر وقتها 2/4.. إلا أن البداية الحقيقية لكرة القدم في مصر كانت في عام 1920، حين تقابل منتخب مصر مع منتخب بلجيكا في لقاء ودي (أغسطس 1920) خارج مصر، وانتهى وقتها بهزيمة مصر 2/4.. ثم تلته مباراتان لمصر في الألعاب الأوليمبية 1920 أمام إيطاليا (28 أغسطس 1920) ويوغوسلافيا (2 سبتمبر 1920) وجاءت النتائج كالآتي:
اليوم: 28 أغسطس 1920 - مصر 1 إيطاليا 2، وأحرز هدف مصر زكي عثمان
اليوم: 2 سبتمبر 1920 - مصر 4 يوغوسلافيا 2، وأحرز أهداف مصر سيد أباظة 2 وحسين حجازي وعلي الحساني
وكان تشكيل المنتخب الأول لمصر هو:
كامل طه - محمد السيد - عبدالسلام حمدي - محمد صبري - علي الحساني - جميل عثمان - توفيق عبدالله - حسين علوبة - حسين حجازي - سيد أباظة- زكي عثمان
وكان الملك فؤاد هو أول حاكم لمصر يرسل برقيات التهنئة والتشجيع لمنتخب مصر لكرة القدم. وكان أول حدث تخرج فيه الجنسية المصرية إلى النور هو مباراة مصر مع تركيا في دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928
كانت مباراة صعبة وشديدة الحساسية.. كانت مواجهة أكثر عمقا من مجرد مباراة لكرة القدم.. فلم ينس المصريون بعد أنهم عاشوا طويلا في وطن كان - حتى سنوات قليلة مضت- مجرد ولاية عثمانية.. فإذ بالمقادير تمنح المصريين عبر كرة القدم فرصة إثبات أنهم ليسوا أقل قوة أو شأنا من الأتراك، أسياد الماضي البعيد والقريب.. ولهذا لم يكن من المستغرب أن تصدر جريدة "الأهرام" يوم المباراة، لتقول: "نطلب إلى كل رياضي مصري أن يقف حول منتصف الخامسة بعد ظهر اليوم متجها نحو القبلة، داعيا رب العالمين أن ينصر عبيده وأبناء عبيده لاعبي الكرة من المصريين على إخوانهم الأتراك في ميدان أمستردام"
[1]
لعب المصريون، وأجادوا وتألقوا، وفازوا على الأتراك بسبعة أهداف مقابل هدف واحد لتركيا.. وفاضت الفرحة والبهجة في القاهرة ومصر كلها..
وكما شهدت هذه المباراة قبل أن تقام، مناشدة الصحافة المصرية لأول مرة المصريين الدعاء بالتوفيق لمنتخب مصر لكرة القدم، شهدت هذه المباراة أيضا لأول مرة مبادرة من ملك مصر بإرسال برقية تهنئة كتبها كبير أمناء القصر قال فيها: حضرة فؤاد بك أنور رئيس البعثة المصرية بأمستردام.. كلفني جلالة الملك.. ولي نعمتنا الأعظم.. أن أشكركم وكذلك الفريق المصري.. وأن يهنئكم بالانتصار الذي أحرزتموه.. ومع تمنيات جلالته لكم بالعيد السعيد والنجاح المستمر.. فإن جلالته يضيف عبارات محبته الأبوية
[2]
ومنذ ذلك التاريخ لا يستمتع المصريون بمصريتهم أو يحزنون لها.. إلا في مباريات كرة القدم
ولم يكن خافيا مدى سيطرة رموز الأسرة الملكية على المؤسسات الرياضية منذ مطلع القرن العشرين. فالأمير عمر طوسون ظل رئيسا للجنة الأوليمبية المصرية منذ تأسيسها عام 1910 وحتى تولى رئاستها محسن طاهر باشا ابن عم الملك فؤاد وحتى قيام الثورة
وجعفر والي باشا كان رئيسا لأول اتحاد لكرة القدم تأسس عام 1925 وحتى عام 1933 حين تولى رئاسة الاتحاد حسين صبري باشا ولمدة 8 سنوات حين جاء محمد حيدر باشا وجاء مع حسن رفعت باشا ومحمد شاكر باشا وكيلان وحتى قيام الثورة حين انتهت حقبة الباشوات وسيطرة الأسرة الحاكمة الملكية على اتحاد الكرة وجاء المهندس عبدالعزيز سالم رئيسا للاتحاد في النادي الأهلي أيضا، كان جعفر والي باشا رئيسا لسنوات طويلة ثم جاء أحمد حسنين باشا، ثم أحمد عبده باشا
وفي نادي فؤاد الذي تغير بعد وفاة الملك إلى فاروق، كان محمد حيدر باشا رئيسا، وفي وقت من الأوقات كانت الاتحادات الرياضية خاضعة لنفوذ الأسرة المالكة وكان الملك فؤاد رئيسا فخريا لاتحاد السباحة، وعدد من الباشوات رؤساء لاتحادات أخرى
وكان الملك فاروق حريصا على حضور نهائي كأس مصر التي كانت تحمل اسمه، وفي إحدى المباريات النهائية تقدم الزمالك في مرمى النادي الأهلي وكان يجلس على مقربة من الملك رئيس نادي الزمالك قريبه وزير الحربية الفريق محمد حيدر باشا ورئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا، فتهكم الملك على حسنين باشا بعد دخول الهدف، فقال الأخير: العبرة بنهاية المباراة يا جلالة الملك!
لكن فؤاد باشا سراج الدين وكيل النادي الأهلي خاطب الملك بذكاء قائلا: إن الأهلي سمح بدخول هذا الهدف في مرماه على سبيل التحية لجلالتكم!
فنظر الملك إلى حسنين باشا قائلا:
تعلم من فؤاد باشا كيف تكون دبلوماسيا
وفي أعقاب ثورة يوليو 1952، بدت الثورة حريصة على الأندية ذات الشعبية، وقد غيرت اسم نادي "فاروق" إلى نادي الزمالك، لأنه كان رمزا للحقبة الملكية التي توارثت اسمه من نادي فؤاد إلى نادي فاروق. وحرص جمال عبدالناصر على توظيف الكرة لمصلحة العمل الوطني والثقل المصري في محيطها العربي والإفريقي
واهتمت الثورة بالمنشآت الرياضية فافتتح الرئيس جمال عبد الناصر استاد القاهرة في ‏24‏ يوليو ‏1960‏ ويوم افتتاح هذا الاستاد العملاق كان مشروعه المتكامل يتضمن ملاعب كرة القدم والمجمع الأوليمبي للسباحة واستاد الدراجات والصالات المغطاة والصالة المكشوفة وكل هذا استكمل فيما بعد. وكان بعد الناصر يحرص علي استقبال وتكريم بكل بطل يحقق إنجازا لمصر في المحافل الدولية كما فعل مع عبد اللطيف أبوهيف بطل سباحة المسافات الطويلة وعبدالحميد الجندي بطل كمال الأجسام، كما منح صالح سليم نجم النادي الأهلي وسامًا تقديرًا لدوره مع ناديه ومع منتخب مصر لكرة القدم‏‏
وإذا كان الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل أكد أكثر من مرة أن جمال عبدالناصر لم يكن ينتمي للأهلي أو للزمالك، فإن منير حافظ، الرجل الثاني في مكتب معلومات الرئاسة، قال إن عبدالناصر كان يشجع الأهلي سرا، وإن بيت الرئيس كان يعيش حالة فرحة ظاهرة ومعلنة كلما فاز الأهلي.. لكن الرئيس كان حريصا على أن تبقى أهلويته من أحد أسرار الدولة العليا حتى يبقى عبدالناصر رئيسا لمصر ولكل المصريين
[3]
كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها جمال عبدالناصر عن كرة القدم كرئيس لمصر، يوم أشار وفكر وطالب بأن تسهم كرة القدم في صفقة تسليح الجيش المصري وأن يتم تخصيص جزء من مباريات الدوري العام لصالح تسليح مصر. وأكد الرئيس عبدالناصر وقتها أن هذا هو أهم الأدوار التي يمكن أن تقوم بها كرة القدم.. واستجاب اتحاد كرة القدم لهذا الطلب
وبالطبع استجابت الأندية وتسابقت لتنفيذ ذلك وفي مقدمتها الأهلي والزمالك.. واتفق الناديان على تخصيص جزء من إيراد مباراتهما معا التي أقيمت يوم الجمعة الموافق 21 أكتوبر من عام 1955 لصالح تسليح الجيش المصري. أقيمت المباراة في ملعب الأهلي.. وكانت أول مباراة لكرة القدم يحضرها الرئيس جمال عبدالناصر.. وكانت المرة الأولى التي يلعب فيها الأهلي والزمالك معا لصالح تسليح جيش مصر
فوجئ قادة الثورة في مقصورة استاد الأهلي بأحد المتفرجين يقترب من الرئيس عبدالناصر بعدما تقدم الأهلي 2/1 وأصر على أن يعطيه قطعة حلوى، وقبلها الرئيس مبتسما وسعيدا فيما اعتبره الجميع إشارة حب للأهلي وفرحة بانتصاره.. ولكن المباراة انتهت بالتعادل ومبلغ 1200 جنيه لخزينة الجيش. ومثلما نجح عبدالناصر في إجبار الجميع على أن يلعبوا الكرة في مصر لمصلحة جيش مصر. فقد أراد أيضا من المسؤولين عن الكرة في مصر الاهتمام بإفريقيا لتعميق علاقات مصر الإفريقية عن طريق الكرة وفي ملاعب الكرة
وبالفعل سافر عبدالعزيز سالم ومحمد لطيف بتكليف رئاسي إلى البرتغال للاجتماع بممثلي السودان وجنوب إفريقيا لمناقشة فكرة تأسيس الاتحاد الإفريقي وإطلاق مسابقة بين منتخبات القارة الإفريقية. وكانت تعليمات جمال عبدالناصر للوفد المصري واضحة، ومفادها أن مصر تريد إقامة بطولة إفريقيا ولكنها لا تريد البطولة الأولى في القاهرة، بل تريد منحها للخرطوم اعتزازا بالسودان
[4]
إلا أن زواج الثورة بالكرة، لم يكن كله خيرا، إذ كان امتدادًا لزمن طويل سيطرت فيه السلطة على كرة القدم في العهد الملكي


الهوامش


[1] ________، دعوة لإخواننا المسلمين، جريدة "الأهرام"، القاهرة، 28 مايو 1928
[2] ياسر أيوب، الملك فؤاد، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 13 يناير 2010
[3] ياسر أيوب، جمال عبدالناصر، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 7 يناير 2010
[4] المرجع السابق

gravatar

مقال أكثر من ممتع شكراً دكتور :)))

gravatar

ايه الجمال ده ..والله كلام مش موجود الا عندك...ربنا ينصرنا عليهم في السياسة كمان بقى مش في الكورة بس

gravatar

آخر أيام الخريف


شكرا لك يا عزيزتي. سعيد بمتابعتك لما أكتبه، وأعتز برأيك كثيرا

gravatar

Tarkieb


أشكرك على هذا الكلام الجميل، الذي أتمنى أن أستحقه

لك خالص المودة

gravatar

مقال رائع جدا

اعتقد ان عصر الانجازات الكروية هو عصر ما بعد الثورة الا ان عصر السبق كان العصر الملكي حيث كان لنا وجود في كل المجالات و ان كانت الانجازات ضعيفة

gravatar

Sharm

أشكرك على كلامك الجميل

بدأت كرة القدم في مصر قبل معظم دول القارة الإفريقية والمنطقة العربية، ولذا كان التفوق الكروي لمصر واضحا في البدايات وحتى خمسينيات القرن الماضي

غير أن الإنجازات الحقيقية كانت أكبر وأهم في السنوات الأخيرة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator