المحروسة

gravatar

خالد بن الوليد في الملعب



خلط الأوراق، خطيئة يدمن البعض الوقوع فيها
وفي مصر أثيرت قضية الالتزام الديني والأخلاقي كمعيار لاختيار لاعبي منتخب كرة القدم.
كانت البداية مع تصريحات "المعلم"!
فقد قال المدير الفني لمنتخب مصر حسن شحاتة في تصريحات صحفية إن علاقة اللاعب بربه أساس الاختيار، لتربط بعض وسائل الإعلام - ومنها وكالة أسوشيتدبرس-  بين هذه التصريحات واستبعاد المهاجم أحمد حسام "ميدو" من حسابات الجهاز الفني للمنتخب المصري.
وإذا كان حسن شحاتة لا يقصد أية نواح دينية بالمعنى المفهوم، وإنما يقصد توابع التدين فيما يتعلق بالسلوك والالتزام الأخلاقي[1] ونمط الحياة الذي اعتاده أي لاعب، فإن البعض احتج على هذه التصريحات، باعتبار أن الدين لله.. والملعب للأكفاء!
وظهرت تعليقات احتجاجية على تصريحات الرجل، التي وجد نقاد ومحللون أنها نوع من الخلط بين الدين وكرة القدم، وقال أحدهم إن شحاتة يوجه للشباب "رسالة خاطئة وخطيرة تفيد أن إمكانهم الأستغناء ببعض الطقوس الدينية الشكلية عن المقومات الحقيقية التي ينبغي أن يتحلوا بها في حياتهم العملية"، محذرًا من أن المدير الفني للمنتخب المصري‏ "ربما لا يقدر حجم الأذى الذي يمكن أن يترتب على خلط الرياضة بالدين، والاستهانة بالمعايير الفنية والموضوعية في لحظة يتوقف فيها مستقبل أمتنا على استيفاء هذه المعايير في كل مجال"[2].
وهناك من رأى أنه "كان بمقدور شحاتة أن يقول المعنى دون "التنشين" مباشرة على الدين.. وكان يكفيه أن يتحدث عن الانضباط وهي كلمة تخص السلوك بشكل عام.. لكن في النهاية نحن متأكدون أن شحاتة لم يقصد المعنى الذي يحب الغرب أن يقصده ويفهمه"[3].
تكرر الأمر في أكثر من مناسبة، ففي أعقاب فوز منتخب مصر على نظيره النيجيري 3-1 في نهائيات كأس الأمم الإفريقية في أنغولا 2010، أبدى حسن شحاتة سعادته بنجاح التوليفة الجديدة من اللاعبين في تحقيق الفوز، وقال عن مهاجمه المتألق محمد ناجي "جدو" إن "الأيام أثبتت صحة موقفي عندما اخترت "جدو" بعد متابعة سلوكياته". وأوضح شحاتة أن "السلوك القويم" أساس اختيار لاعبي المنتخب، وقال: "بدون ذلك لن نضم أي لاعب مهما كانت إمكاناته، فأنا أسعى دائمـًا لأن يكون اللاعبون الذين يرتدون فانلة مصر على علاقة طيبة بربهم".

وضرب المعلم مثلا بمحمد زيدان، مهاجم مصر المحترف في فريق بروسيا دورتموند الألماني، وقال: "محمد زيدان لم يكن يصلي، ولم يكن يعجبني ابتعاده وانزواؤه عنا، فاجتمعت به قبل مباراة البرازيل في كأس القارات، وأقنعته بالصلاة وأهميتها، ومنذ هذا اليوم وهو يواظب على الصلاة".
واستفاض شحاتة في شرح موقفه، فقال أيضـًا: "كذلك الأمر مع عمرو زكي الذي أقنعته بالصلاة، وأنا بهذا لا أدعي المثالية، ولكن الجيل الحالي يضم مجموعة من اللاعبين المحترمين، ولم يكن من الممكن أن أقحم عليهم لاعبين لا يؤدون الصلاة"[4].
نشير هنا إلى أن زيدان الذي تألق في عدد من المباريات الدولية المهمة لمنتخب مصر، أصبح أبـًا في 17 ديسمبر 2010، بعد أن أنجبت له صديقته ستينا طفلا أسمياه آدم[5]. وفي حديث مع صحيفة "بيلد" الألمانية، رد "زيزو" على استفسار الصحيفة بشأن سر تألقه، قائلا إن الأمر يعود إلى "التركيز في حضور تدريبات الفريق بانتظام، إلى جانب استقرار حياتي الخاصة، والراحة النفسية التي أجدها مع صديقتي ستينا، فأنا حريص على الاتصال بها قبل كل مباراة، لتعطيني شحنة معنوية كبيرة"[6].

أما عماد متعب مهاجم الأهلي ومنتخب مصر، فقد أثير لغط كبير حول علاقته مع ملكة جمال مصر لعام 2008 يارا نعوم، والتي ظهر بصحبتها أثناء مباراة النادي الأهلي مع نادي شبيبة القبائل الجزائري والتي أقيمت في 29 أغسطس 2010 على استاد القاهرة، وشهدها ما يقرب من 80 ألف مشجع. الغريب حقـًا، أن متعب دخل في خصومة مع الصحافة، لمجرد أن المصور الصحفي حسن عبد الفتاح حاول تصويره مع يارا في مقصورة الاستاد[7]. وزاد متعب الطين بلة، حين نُسب إليه وعيد وتهديد - نفاه اللعب لاحقـًا- بأن يضع حذاءه في فم كل صحفي يقترب من حياته الشخصية ومن أخباره[8]!

وانهالت الانتقادات على المهاجم المصري حتى من جمهوره، الذي أطلق تعليقات حادة وساخرة على صور منشورة لعماد متعب وخطيبته يارا نعوم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وانتقد هؤلاء صور عماد ويارا، خاصة تلك التي يحتضنها فيها ويقبلها على خدها، وأخرى بدا فيها نجم المنتخب وهو يجثو على إحدى ركبتيه أمام يارا ويقبل يدها[9].
كل هذا قوبل بصمت مطبق من "المعلم"!
ورأى البعض أن المدير الفني لمنتخب مصر يتحدث عن معايير أخلاقية والتزام ديني معين، لكنه يسكت عندما يتعلق الأمر بعدد من اختياراته المفضلة من اللاعبين.
وخلال بطولة كأس الأمم الإفريقية في أنغولا 2010 التقطت إحدى الميكروفونات كلمات لشحاتة في مباراة الكاميرون وهو يقول: "يا رب.. يا حبيبي يا رسول الله" بعد تقدم المنتخب المصري في المباراة التي انتهت بفوز مصر 3- 1.. وهي كلمات طبيعية يقولها كل المصريين طلبـًا لعون الله، ولكن في ظل تصريحات شحاتة عن الدين والأخلاق، تم تفسيرها بشكل آخر[10].
وشارك الإعلام في خلط الدين والرياضة من خلال الإشادة بروح التدين، التي أسبغها حسن شحاتة على أفراد المنتخب المصري. وأفرطت وسائل الإعلام في الحديث عن زيارة المدير الفني للمنتخب المصري مسجدي السيدة زينب والحسين قبل السفر إلى بطولة الأمم الإفريقية في أنغولا 2010، وتعليماته إلى اللاعبين بالمواظبة على قراءة القرآن وترديده بصوت عال عند دخول أرض الملعب، والكلام عن كابتن المنتخب المصري أحمد حسن الذي يحرص دائمـًا على عدم ترك السبحة من يده خلال فترات الراحة قبل وبعد التدريبات، حيث يتبرك "الصقر" المصري بالسبحة؛ والتركيز على حرص اللاعب أحمد فتحي على إقامة حلقات داخل مقر بعثة المنتخب في أنغولا تعتمد على قيام كل لاعب بقراءة ربع من القرآن الكريم على أن يكمل اللاعبون الآخرون الأرباع الأخرى فيختمون القرآن الكريم مرات عدة خارج أوقات التدريبات والمحاضرات التي يلقيها شحاتة[11].

وساد تعبير "فريق الساجدين"، بسبب سجود لاعبي منتخب مصر بعد إحراز الأهداف أو تحقيق الفوز، وهو ما برره البعض بأنه سلوك رمزي يعبر عن شكر اللاعبين لله. ولا يخفى أنّ هذه التسمية الجديدة تستبطن رفضـًا للتسمية القديمة القائمة على العمق الفرعوني باتجاه تسمية دينية إسلامية. ورأى نقاد رياضيون في صحف غربية أن تلك النزعة الأخلاقية للاعبي منتخب مصر جزء من منظومة الالتزام والانضباط التي يحرص المدير الفني للمنتخب حسن شحاتة على زرعها في نفوس اللاعبين. وقالت صحف غربية إن سجود لاعبي منتخب مصر التي أثير الجدل حولها تأتي في إطار الشكليات الاحتفالية الخاصة بالفريق، فيما فضلت صحف بريطانية الإشارة إلى أن تلك السجدات لم تقف حائلا دون رقصة عصام الحضري ومحمد زيدان على العارضة![12]
ورأى آخرون في مصر أن هذا السلوك نوع من التدين الشكلي الذي "يحمل بعض المبالغة التي قد تكون مقصودة؛ لأن الساجدين في الملاعب يمارسون هذا السلوك تحت الأضواء وأمام الكاميرات ووسط الجماهير الغفيرة.. والتدين الحقيقي هو علاقة خاصة بين الإنسان وربه"[13].

وتوقف البعض عند مصطلح "فريق الساجدين" الذي رأوا أنه "أحدث فجوة أخرى مع أشقائنا الأقباط لم ينفع معها القول بأنهم شاركوا في الفرحة وخرجوا في المظاهرات مع المسلمين"[14].
وبرزت تفسيرات محل تساؤل، إذ أكد البعض أن الدين كان سبب الفوز ببطولة كأس الأمم الإفريقية للمرة الثالثة على التوالي، على غرار ما حدث في حرب أكتوبر 1973 عندما انطلقت صيحة الله أكبر من حناجر الجنود المصريين، "وقرأنا تحليلا دينيـًا شبَّه اللاعب جدو بخالد بن الوليد الذي رغم انتصاراته في الحروب أيام الرسول عليه الصلاة والسلام وخليفته أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ فقد عزله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وحوَّله إلى دكة الاحتياطي ومع ذلك لم يفقد إيمانه ومشاركته في القتال تحت إمرة قائد آخر"[15].

وبعيدًا عن هذا التشبيه الديني والتاريخي الملتبس، كانت النزعة الدينية تتجه إلى مزيد من الصعود داخل الملعب وخارجه


الهوامش:



[1] محمد عادل، معايير شحاتة انضباطية وليست دينية، مجلة "روز اليوسف"، القاهرة، 6 فبراير 2010.
[2] د. وحيد عبد المجيد، كرة القدم والدين‏:‏ خلطة الكابتن شحاته‏!‏، جريدة "الأهرام"، القاهرة، 26 يناير 2010.
[3] إبراهيم ربيع، الآن عرفنا لماذا استبعد حسن شحاتة "ميدو" .. الدين لله .. والملعب للأكفاء، جريدة "اليوم السابع"، القاهرة، 15 يناير 2010.
[4] إيهاب الفولي، شحاتة: السلوك القويم وعلاقة اللاعب بربه أساس الاختيار للمنتخب، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 14 يناير 2010.
[5] شافي مسعد، زيدان يستقبل أول مولود له من صديقته شتاينا، جريدة "الشروق"، القاهرة، 20 ديسمبر 2010.
[6] محمود باهي، زيدان: شتاينا وغسيل الأطباق سر تألقي مع دورتموند، جريدة "اليوم السابع"، القاهرة، 9 مارس 2010.
[7]  محمود صلاح، "جزمة" عماد متعب، مجلة "أخبار الحوادث، القاهرة، 15 سبتمبر 2010.
[8]  ياسر أيوب، حرب النجوم، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 7 سبتمبر 2010.
[9]   _________، مجلة "أخبار الحوادث"، القاهرة، 22 ديسمبر 2010.
[10] محمد أبو الليل، تقرير الحالة الدينية للاعبي المنتخب، مجلة "روز اليوسف"، القاهرة، 6 فبراير 2010.
[11] المصدر السابق.
[12] داليا هلال، سجدة.. غير واجبة!، مجلة "روز اليوسف"، القاهرة، 6 فبراير 2010.
[13] عصام عبد العزيز، الدين والكورة.. هل التدين سر التفوق؟، مجلة "روز اليوسف"، القاهرة، 6 فبراير 2010.
[14] حسنين كروم، جدو ووضع عمر بن الخطاب خالد بن الوليد على دكة الاحتياط، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة،  10 فبراير 2010.
[15] المصدر السابق.


gravatar

الدين ليس عبادة مقتصرة بين العبد وربه وتكون فقط في دور العبادة ،وإلا أصبحنا دعاة للعلمانية وأهدافها الخبيثة ، فالدين الاسلامي منهاج حياة ويدخل في كل تفاصيل حياتنا ، ومن الطبيعي جدا أن يقوم اللاعبون بشكر الله " بسجدة شكر " على انتصار أو احراز هدف ، ومن الجميل جدا أن نرى الالتزام بين شبابنا وهم يمارسون رياضة تحدث عنها الجميع وافتوا فيها العديد من الفتاوي ،،
انا سعيدة جدا بما يقوم به لاعبو المنتخب المصري وربنا يوفقهم ويرزقهم حسن الخاتمة ان شاء الله
تقبل مروري ..

gravatar

وجع البنفسج


لا جدال حول أهمية الالتزام والانضباط بالنسبة للاعب في أي مكان في العالم

ولكن بغض النظر عن رأيي ورأيك في مسألة سجود اللاعبين، لا شك أنك تتعلمين أنه وقع اختلاف شديد بين علماء الدبن أنفسهم بشأن مشروعية السجود، وقد أشرت إلى ذلك سابقا، وسأعود إليه لاحقا بشيء من التفصيل

كجمهور، نحن نرى أن هذا عنوان الالتزام وعلامة الشكر والحمد لله، ولكن هناك من رأوا بعدم جواز ذلك واستندوا بدورهم إلى اجتهادات دينية وفقهية

هناك المزيد حول هذا الموضوع أرجو أن أنشره قريبا

مع الشكر على متابعتك وتعليقك

gravatar

هو الدين بقا خلاص كده

يعني لما لاعب اجنبي مسيحي يرسم الصليب علشان جاب جون الدنيا هتقوم عليه كده

الانسان اللي يلتزم بالصلاة تجاه ربه هيلتزم بأي شئ بعد كده

بقينا لازم ندافع في كل شئ عن دينا
ربنا يرحمنا

كل سنه وانت طيب

gravatar

شمس النهار

كنت قد أشرت من قبل إلى مأزق تعرض له الفيفا بسبب ضغوط دول وجهات مختلفة، احتجت على سلوكيات وشعائر دينية للاعبي منتخب البرازيل

والحقيقة أنه بالنقاش والمنطق، وأيضا المبادئ التي تدعمها المكانة والتأثير، يمكن التوصل إلى نظرة أفضل لما يوصف بالرموز والشعائر الدينية في الملاعب

gravatar

د.ياسر
موضوع جيد كما عودتنا فى المواضيع التى تتناولها ..وكما تعلم فأن الفرق الرباضيه التى تلعب كرة القدم من اكثر من مائة سنه الفرق العالميه لم تكن تسجد ولم يكن لاعبيها يصلون ..ولايسجدون..وبصفتك متابع جيد فأنت تعلم ان جسن شحاته لامدربممتاز ولا نصف ممتاز ولكنه الحظ وقد ساهم حسن فى اشاعة التدين الشكلى والمنظرى ..بهذه التراهات
اخيرا اشكرك ..و

gravatar

د٠ياسر٠٠أتابع بأهتمام شديد كل ماتكتب٠٠وأجد فى معظم الأحيان أن تعليقى لن يخرج عن الأشاده ٠٠أظنك لمست مشكله حقيقيه فى المجتمع المصرى المعاصر٠٠لمستها كالعاده بهدوء وعرض محايد لوجهات النظر المختلفه وتركت للقارئ حرية أختيار موقفه٠٠تعليقى كان أطول بكثير من ذلك فوضعته كتدوينه فى مدونتى٠٠وهى أهداء لك صديقى العزيز٠٠تحياتى ومودتى٠٠خالد ٠

gravatar

أبو فارس


شكرا لك يا د. خالد، وكل عام وأنت ومن تحب بخير

بالفعل، هناك حكايات وراء الحكايات في سيرة كرة القدم وحمى التدين الظاهري

سعيد بمتابعتك وأعتز بك صديقا عزيزا وقارئا له مكانته في نفسي

gravatar

سهيل ولي الدين علام


المفارقة أن كرة القدم ارتبطت في بدايتها بالدين

وها هي الساحرة المستديرة تعود تدريجيا إلى الرموز والطقوس الدينية في كثير من البطولات والمسابقات

شكرا لك على المتابعة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator