المحروسة

gravatar

السحرة قادمون



في ملاعب الكرة، اختلط الدين بالتمائم، والرقية، والدعاء.. والسحر

هذا الخليط سواء عن قصد أو غير قصد، كان صورة للصراع الكروي وانعكاسا لروح التنافس الذي تمردت في عدة مناسبات على المفهعوم الرياضي، لتتحول إلى صراعات وأزمات لا تنتهي

وقبيل لقاء منتخبي مصر والجزائر في القاهرة في 14 نوفمبر 2009، أشارت صحيفة "الشروق" الجزائرية إلى أن المنتخب الجزائري اصطحب معه إلى العاصمة المصرية أحد الشيوخ، ليقوم بعمل رقية شرعية في غرف فندق "إبروتيل" المطار، مقر إقامة المنتخب الجزائري، بعد ما زعمته وسائل الإعلام الجزائرية عن وجود أعمال سحر ضد منتخب بلادهم[1].

وسائل إعلام جزائرية تحدثت عن هذا صراحة، حتى إنها قالت إن اللاعبين الجزائريين آمنوا بالعين بعد أن طاردت لعنة الإصابات أعمدة المنتخب  ولجأ أبناء رابح سعدان إلى الرقية الشرعية بعد أيام من الاستطباب في أرقى العيادات بفرنسا وألمانيا، كما كانت الحال لمجيد بو قرة وكريم زياني؛ "لأنه لم يعد معقولا أن يتعرض جل العناصر الأساسية في وقت واحد"[2].

واقترح عضو الطاقم الإدراي لمنتخب الجزائر وليد صادي فكرة رقية فندق "إبروتيل" والغرف التي سيقيم فيها المنتخب خشية تعرضهم للشعوذة أو أمور أخرى على سبيل الاحتياط. في الوقت نفسه كان المنتخب المصري يستمع لمحاضرات الداعية خالد الجندي الذي دعا بالنصر للمنتخب المصري.
 
في تلك الفترة التي اهتزت فيها المفاهيم بسبب احتدام الصراع بين مصر والجزائر على بطاقة التأهل إلى المونديال، حذر دعاة ومفكرون من خطورة استخدام الدين في حشد الناس لتشجيع المنتخب المصري، مشيرين إلى أن ذلك يعكس خللا في ترتيب الأولويات.

وفي خضم الاستعدادات للقاءات مصر والجزائر في إطار التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا 2010، بدا الخطاب الديني وكأنه يحول المباراة مع الجزائر إلى معركة، ورأى البعض أن إقحام الدين في الرياضة يشبه إقحامه في السياسة وفيه إفساد للدين في الحالتين.

ومع ارتفاع وتيرة شحن وتحفيز الجمهور للمشاركة في تشجيع ومتابعة مباريات كرة القدم، لمسنا نوعا من التلاعب بالدين و"الهوس" غير المفهوم الذي تختلط فيه المفهوم. وأصبح الدين جزءًا من هذه التركيبة المختلة في المجتمع، إذ ظهرت الفتاوى الرياضية والدعاء الرياضي، في وقت غفل الدعاة ورجال الدين عن الأضرار الجسيمة التي أصابت العلاقات الوثيقة التي تربط بين مصر والجزائر، فأصبح الانتصار في مباراة مهما كانت أهميتها، أهم من الأخوة.

والمؤسف أن علماء الدين تعاملوا مع مباراة الجزائر على أنها معركة وحرب للدفاع عن الأرض أو العرض فتحولوا إلى أداة لحشد الجماهير وشحنها وحثها على الصلاة والدعاء والمشاركة والتشجيع والهتافات، وحشد الناس تحت راية الدين والوطنية وهو أمر في غير موضعه[3].


وشاهد كثيرون دعاء المنتخب الجزائري في أعقاب فوزه على المنتخب المصري في أم درمان بالسودان في نوفمبر 2009، والذي بثه التليفزيون الجزائري على الهواء مباشرة.. دخل لاعبو المنتخب الجزائري إلى غرفة خلع الملابس وهم يغنون مهللين بالفوز حتى أوقفهم أبو بكر شنيوني إداري المنتخب وحثهم على الدعاء، فتوقفوا عن غنائهم وتجمعوا في شبه دائرة رددوا الفاتحة وراءه بحماس حيث فردوا أذرعهم على أكتاف بعضهم البعض وخفضوا رؤوسهم وأغمضوا أعينهم وبدأ الحماس يزداد عندما رددوا وراء الرجل دعاءه "اللهم إنك قلت وقولك الحق "ادعوني أستجب لكم". وازداد الحماس أكثر وأكثر حينما جاءت سيرة حمد الله على تمكين منتخب الجزائر من الفوز على المنتخب المصري. وكان نص الدعاء الجزائري كالتالي:
"يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.. اللهم لك الحمد.. آمين (كررت 7 مرات).
اللهم لك الحمد على نصرك .. آمين (كررت 3 مرات).
اللهم إنك قلت وقولك الحق .. "ادعوني استجب لكم".. اللهم ردنا إلى بلدنا غير خائبين.. وأعدنا سالمين غانمين.. اللهم انصرنا ولا تنصر علينا..اللهم عليك بالظالمين.. اللهم عليك بمن ظلمنا.. اللهم عليك بالفراعنة"[4].

في المقابل، كانت الحملة الإعلانية لشركتي الاتصالات في مصر قبل المباراة الفاصلة أم درمان شعارها "يااااارب" حتى إن إحداهما أطلقت حملة تحت مسمى "الدعاء قبل الماتش بخمس دقايق"، وكان المعلق يقول "كل الناس بتقول يارب"، والناس تردد بصوت مؤمن مؤثر[5].
 
 
هوامش:
[1] محيي وردة ومحمد يحيى، اتحاد الكرة يختار "السودان" لـ"المباراة الفاصلة" وزيدان يتعهد بحرق قلوب الجزائريين، "المصري اليوم"، القاهرة، 11 نوفمبر 2009.
 [2] إلياس ف.، الشروق ترصد تأثير الوازع الديني في ملحمة أم درمان: لاعبو الخضر بدأوها بالدعاء وأنهوها بتلاوة جماعية للقرآن، جريدة "الشروق"، الجزائر، 25 نوفمبر 2009، ص 9.
[3] أيمن حمزة، دعاة ومفكرون يستنكرون "إقحام" الدين في الرياضة.. ويتهمون رجال الدين بـ"اللعب" على مشاعر البسطاء، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 18 نوفمبر 2009.
[4] إلياس ف.، الشروق ترصد تأثير الوازع الديني في ملحمة أم درمان: لاعبو الخضر بدأوها بالدعاء وأنهوها بتلاوة جماعية للقرآن، مصدر سابق.
[5] ديانا الضبع، هل الله ضد الفريق المهزوم؟، مصدر سابق.

gravatar

بصراحة اللي شوفته في موضوع مصر والجزائر ده موضوع في منتهي الغرابه
ماكنتش اعتقد ان العرب ممكن يعملوا في بعض كده علشان ماتش كورة
وبنزعل من نظرة الغرب لينا علي اننا متخلفين

gravatar

مهي مش مفهومه يعني؟
لا مفهومه
كلو بيتاجر علشان التجاره وبس
حتي لو بالدين
بجد حرام كدا

gravatar

شمس النهار

سنتحدث لاحقا عن الأزمة الكروية بين مصر والجزائر بشيء من التفصيل

الأكيد أن تلك الأزمة كانت دليلا على الفشل السياسي، وجنون التعصب، وتوظيف الكرة كوسيلة لإلهاء الشعوب عن قضايا وأولويات محلية وقومية

gravatar

sony2000

البعض يستفيد فعلا من الاتجار بالسحر والتمائم والأحجبة لحماية ونصرة هذا اللاعب أو ذاك، وهذا الفريق أو ذاك

تجار بالدين وضحايا.. وسقوط مروع في فخ لا علاقة له بأسس اللعبة الشعبية الأولى في العالم

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator