المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

كأس مرشد الإخوان




قائمة اللاعبين المصريين الذين يحرصون على السلوك المتدين طويلة

أسامة حسني لاعب الأهلي الذي يحفظ عشرين جزءًا من القرآن، وقام بتسجيل "جزء تبارك" بصوته على شريط كاسيت، وتولت إحدى شركات الإنتاج توزيع طبعتين من هذا الإصدار، تحدث قبل ذلك عن أسباب تدينه فقال: الذي شجعني على إصدار الشريط هو محمد أبو تريكة فهو ووائل جمعة، والراحل محمد عبد الوهاب من اللاعبين الملتزمين دينيـًا جدًا. وقد كانت وفاة عبد الوهاب دافعـًا لعدد منا على ترك الدنيا والعمل لآخرتنا، فقد تحدث عبد الوهاب إليّ خلال جلوسنا على دكة الاحتياطي قبل بدء المران الذي شهد وفاته حول أهوال يوم القيامة وعلامات الساعة. وقد بدا الفقيد متأثرًا بمصرع أحمد وحيد لاعب الترسانة ومنتخب الشباب، وهو يقول لي إن من علامات الساعة وفاة عدد كبير من الناس في سن صغيرة ولم يكن عبد الوهاب يعلم أن قدره سيكون بعد دقائق معدودة، وطالبني بالمواظبة على الصلاة وعدم التقاعس عنها ووعدته بتنفيذ ذلك.  
وفي الملعب التقى عبد الوهاب الشاب عمرو سماكة لاعب الأهلي المنتقل من الترسانة وقتها، وقال له إن وفاة صديقك أحمد وحيد عظة وعبرة ويجب أن تضعها في اعتبارك وتترك طريق الضلال الذي تمشي فيه وتترك البنات اللاتي تتحدث معهن ولا تسهر وتهتم بنفسك وبعملك حتى لا تخسر كل شيء. صمت سماكة ولم يتحدث نهائيـًا، لكنه تأثر كثيرًا عقب رؤيته لعبد الوهاب وهو في آخر لحظات حياته فعقد سماكة العزم على تنفيذ وصية عبد الوهاب خوفـًا من المجهول، لا سيما أن عمرو كان أحد أكثر المتأثرين بنبأ الوفاة وظل يبكي بحرقة بسبب الوصية التي تلقاها من عبد الوهاب قبيل وفاته.
أما طارق السعيد فقد كان الأكثر شعورًا بالصدمة ،خصوصـًا أن الفقيد ظل يداعبه خلال المران باعتبارهما يلعبان في الجهة اليسرى، ثم ابتعد طارق عن عبد الوهاب الذي وقع على الأرض وفارق الحياة، وذلك في 31 أغسطس 2006. في الوقت نفسه فإن اللاعبين بدأوا يفكرون في المصير المجهول وقرروا إقامة صدقة جارية خاصة بكل منهم تفيده في حالة حدوث أي مكروه له.
محمد شعبان، لاعب بتروجيت، الذي كان مسؤولا عن إلقاء خطب الجمعة في حالة سفر المنتخب، كما حدث عندما ألقى خطبة صلاة الجمعة التي أداها المنتخب في فندق إقامته بزامبيا، والتي كان عنوانها الصلاة وأداء الفروض، كما قام أيضـًا بدور الإمام، في حين أذن بالصلاة حسني عبد ربه لاعب النادي الإسماعيلي. وفي غيابه، كان لاعب الأهلي أحمد فتحي هو الذي يتولى هذه المهمة[1].



ولن تخطئ العين تصنيف قائد منتخب مصر، أحمد حسن، مجموعة من زملائه اللاعبين، باعتبارهم "مثقفي اللعيبة"، وهم بالترتيب: محمد فضل وأبو تريكة ووائل جمعة، ودلل على ثقافتهم قائلاً: "بشوف معاهم كتب كتير، وأغلبها كتب دينية"[2].

لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر محمد أبو تريكة أثار موجة من الجدل حين قال لإحدى المجلات إنه عندما شوهد في "حالة دعاء"، خلال مباراة مصر ورواندا في يوليو 2009، إنما كان يحاول فك التعويذة التي كان قد أحكمها حارس رواندا على مرماه. هكذا، حسب اعتقاده، تمكن منتخب مصر من إحراز ثلاثة أهداف في مرمى الخصم. هذه التصريحات دفعت أحد الكتاب إلى انتقاد اللاعب الذي سبق له ارتداء فانلة كتب عليها "تعاطفـًا مع غزة"، في مباراة مصر والسودان في بطولة كأس الأمم الإفريقية عام 2006.
وانتقد د. عمرو الزنط المجتمع الذي "صار فيه التدين السطحي المزيف بديلا عن النظام والأخلاقيات العامة"، قائلا إنه إذا حللنا سلوك أبو تريكة في مباراة رواندا "فسنجد فيه التعويذة والسحر الأسود والدين والسياسة شيء واحد، فكل الأشياء تختلط، وكل الأفكار خلاله متخبطة وتترنح وتندمج بطريقة عشوائية، لا نظام واضح يحكمها ولا أسس ولا مقومات أو معايير سببية عقلانية تربط بينها"[3].
وكانت السنوات الأخيرة شهدت فترة إطلاق تحذيرات وإثارة "شكوك في تسلل الجماعات الإسلامية بين اللاعبين السابقين والحاليين واستشهدوا على ما أذكر بلحية مجدي عبد الغني وحامت الشبهات حول محمد أبو تريكة وتعرض لحملة عنيفة بعد كشفه عن فانلة كتب عليها ـ تعاطفـًا مع غزة ـ بعد إحرازه هدفـًا في مباراة إفريقية، وبرزت تحذيرات من تسلل الإخوان المسلمين للنادي الأهلي للسيطرة عليه وتم إحصاء عدد الإخوان بين أعضائه"[4].
والثابت أن اهتمام جماعة الإخوان المسلمين بالرياضة أمرًا حيويـًا؛ حيث شرعوا في تأسيس أندية خاصة بالإخوان، وأصبحت هذه الأندية تنافس في بطولات الجمهورية في أكثر من لعبة.
وحظيت لعبة كرة القدم بعناية خاصة من الإخوان المسلمين بسبب شعبيتها وإقبال الناس عليها، حتى إنه كان للإخوان 99 فرقة كرة قدم في مناطق القطر المختلفة.
يقول أحد رجال جماعة الإخوان المسلمين "أن عددًا من الإخوان أصبحوا يمثلون مصر في مختلف الألعاب، أمثال الأخ محمد مصطفي اللوري في لعبة الدراجات، والأخ عرفة السيد في لعبة الملاكمة، والأخ سيد نصير في حمل الأثقال، وفي لعبة كرة القدم برز الإخوة سيد شحاتة في منتخب أسود الإسماعيلية، وعمر شندي في منتخب فاروق (الزمالك حاليـًّا)، وعلي عثمان لاعب الترسانة وعبد الرحيم شندي وغيرهم، وفي لعبة السباق برز الأخ حسن عبد الرحيم (السباح المعروف)"، كما تم تسجيل فريق منتخب القاهرة للإخوان المسلمين في الاتحاد المصري لكرة القدم[5].



بل إن الإخوان ابتكروا بعد ذلك فكرة "كأس المرشد العام"؛ حيث أجريت المسابقات على هذا الكأس كل عام، وكان الشيخ حسن البنا يحضر المباراة النهائية ليسلم للفريق الفائز هذا الكأس؛ حيث كانت تتنافس فيه كل فرق الإخوان على مستوى القطر المصري.
ومن الطرائف التي يذكرها د. حسان حتحوت: "أن الإمام البنا في أحد دروس الثلاثاء وقف كعادته لإعطاء الدرس، واستهل الدرس بأخبار شعب الإخوان، فقال: إن فريق كرة القدم لشعبة كذا قد انتصر في المباراة النهائية، وبذلك حصل على الكأس... وهنا صاح من بين الحضور صوت الشيخ محمد الحموي- رحمه الله- وكان سوريـًّا يدرس بالأزهر: يا أستاذ، الكأس آلة الخمر، أهذه كلمة تقال في محيط الإخوان؟! فابتسم الإمام وقال في دعابة: أتغضب يا شيخ محمد، إذن حصل على القدح، فضج المركز بالضحك"[6].
ولم يكتفِ الإخوان في المنافسة الداخلية على لعبة كرة القدم أو بعض الألعاب الأخرى؛ لكنهم كوَّنوا فرقـًا كانت تنافس فرقـًا كبرى أمثال فريق الأهلي والترسانة.
وتقول مجلة الجماعة - على سبيل المثال لا الحصر- إن فريق الإخوان بدمنهور مع نادي الترسانة بالإسكندرية على استاد البلدية في تمام الساعة الثالثة والربع ظهرًا.
وفي المعادي أقيمت مباراة حضرها الأستاذ بين فريق إخوان المعادي، وفريق نادي المعادي، وانتهت بفوز الإخوان (3- 1)[7].
حتى إن إخوان مناطق الصعيد كانوا متحمسين لهذا الأمر كإخوان وجه بحري؛ حتى إنه أقيمت مباراة بين فريق إخوان بني سويف وفريق فاروق بني سويف[8].
 ظل هذا الوضع حتى صدر قرار بحل الجماعة عام 1948، فصادرت الحكومة أندية الإخوان وأنشطتهم، إلا أنها عادت مرةً أخرى بعد قرار المحكمة عام 1951 بإلغاء قرار الحل الذي أصدره محمود فهمي النقراشي ليعود الإخوان إلى العناية بالرياضة، حتى توقَّفت الأنشطة مرةً أخرى بعد اعتقال الإخوان عام 1954[9].
وبالرغم من ذلك حرص الإخوان داخل المعتقلات - سواء في السجون الموجودة في القاهرة أو الأقاليم- على إقامة الدورات الرياضية مثل سجن الواحات، والذي كان يشرف على هذا المجال محمد مهدي عاكف خريج كلية التربية الرياضية (الذي أصبح مرشد عام جماعة الإخوان لاحقـًا)، وفي سجن قنا الذي كان يشاركهم كثير من ضباط السجن هذا النشاط كالضابط مصطفي دومة، وكتب الإخوان التي تتحدث عن فترة المعتقلات من 1954 حتى 1975 مليئة بهذه الأنشطة الرياضية - ومنها كرة القدم- التي مارسها الإخوان داخل السجون[10].
لقد كان الدين، وغالبـًا سيظل على الدوام، جزءًا من نسيج لعبة كرة القدم، وستبقى أشكال  ذلك وصوره شاهدًا على التأثير الكبير للدين على اللعبة داخل المستطيل الأخضر.. وخارجه.


هوامش


[1] محمود سماحة، لاعبون في سبيل الله!، مصدر سابق.
[2] هبة عبد الحميد وياسمين القاضي، مصر من بلكونة أحمد حسن: ماليش في السياسة لكن الفول والطعمية مع الرئيس كانوا مختلفين جدا، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 14 يناير 2011.
[3] د. عمرو الزنط، تعويذة أبو تريكة، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، 18 يوليو 2009.
[4] حسنين كروم، جدو ووضع عمر بن الخطاب خالد بن الوليد على دكة الاحتياط، مصدر سابق.
[5] جمعة أمين عبد العزيز، أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين. الكتاب الرابع: مرحلة التكوين ـ البناء الداخلي 1938م ـ 1943م، دار النشر والتوزيع الإسلامية، القاهرة، 2004.
[6] د. حسان حتحوت، العقد الفريد (1942-1952): عشر سنوات مع الإمام حسن البنا، دار الشروق، القاهرة، 2000، ص 14.
[7] __________، مجلة "الإخوان المسلمين اليومية"، القاهرة، العدد 189، ديسمبر 1946.
[8] عبده مصطفي دسوقي، الإخوان المسلمون والرياضة.. بداية مبكرة، موقع "الإخوان المسلمون" الإلكتروني، http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=59731&SecID=373، 30 يناير 2010.
[9] أحمد أبو شادي، رحلتي مع الجماعة الصامدة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 1998.
[10] محمد الصروي، الإخوان المسلمون في سجون مصر، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2006.
تابع القراءة

gravatar

بركات الشيخ طه


عرفت  مصر عددًا كبيرًا من نجوم اللعبة الذين تمتعوا بقدر عال من الانضباط الأخلاقي والالتزام الديني، مثل طه إسماعيل، ومحمود الخطيب، وربيع ياسين، وهادي خشبة، ومحمد أبو تريكة ووائل جمعة. كما شهدنا تدين حارس عرين الأهلي سابقـًا إكرامي الذي اشتهر بلقب "وحش إفريقيا"، ولعب في شبابه عدة أدوار سينمائية بدا فيها أقرب إلى المشاكسة وحب الحياة. غير أنه مال إلى التدين وإطلاق لحيته بعد سنوات من اعتزاله لعب كرة القدم.
ولعل أول لاعب ومدرب ارتبط اسمه بلقب الشيخ هو طه إسماعيل لاعب النادي الأهلي ومدربه، الذي حمل هذا اللقب لأربعين عامـًا. جاء لقب الشيخ طه نتيجة لواقعة شهيرة، فقد تصادف أن تم تحديد موعد مباراة الأهلي مع فريق الترسانة في الدور قبل النهائي لكأس مصر في أحد أيام شهر رمضان، وطلب مدير الفريق من الشيخ طه أن يفطر في هذا اليوم مثل باقي اللاعبين، لكنه رفض، وخرج في نهاية الشوط الأول متعادلا 1/1، وكان هذا مبررًا لكي يطلب مدير الفريق من طه إسماعيل الإفطار من جديد، ولكنه واصل رفضه.
يبدأ الشوط الثاني، وفي إحدى الهجمات تتهيأ الكرة لطه إسماعيل ويسددها بكل ما أوتي من قوة في اتجاه مرمى مصطفى زعتر حارس الترسانة، وخرجت الكرة غاية في الضعف، ولكنها أخذت طريقها إلى المرمى وسكنت الشباك بعد أن غيرت اتجاهها بسبب عدم استواء أرض الملعب .. وفاز الأهلي بالمباراة لتتأصل فكرة بركة الشيخ طه إسماعيل، حتى إنه قال: وصل اعتقاد جمهور الأهلي في بعض الأوقات إلى حد الاقتناع بأن الفريق يمكن أن يفوز وهو في حالة سيئة بفضل بركات طه إسماعيل[1].
ويقول عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية سابقـًا د. ناجح إبراهيم: "كنت أعشق كرة القدم في صباي وشبابي وكنت ألعبها كل يوم مع معظم أشقائي الذين كانوا يعشقونها كذلك.. وكنت في صغري في الستينيات كشأن كل أبناء الصعيد نشجع النادي الأهلي.. ولم نكن وقتها نسمع عن لاعب متدين سوى لاعب الأهلي طه إسماعيل..  وكان يطلق عليه دون غيره من اللاعبين وقتها الشيخ طه، ويقول المعلق: وأخذها الشيخ طه.. وقطعها الشيخ طه.. وهكذا اقترن اسمه من دون اللاعبين بلقب الشيخ؛ لأنه كان من القلائل الذين يواظبون على الصلاة والصيام والتدين في الستينيات".
اعتزل الشيخ طه اللعب بعد توقف نشاط الكرة رسميـًا بعد حرب يونيو 1967، وقد عمل بالتدريب وتولى تدريب منتخب مصر الأول مرتين كانت أخراهما عام 1994، لكن بركته لم تحل على المنتخب ولم يحقق انتصارات تذكر.
ويسرد ناجح إبراهيم ذكرياته مع كرة القدم، فيقول عن الربع الأخير من القرن العشرين: "وإذا بنا نرى محمود الخطيب ساحر الأهلي قديمـًا يصبح مثالا للشاب العفيف المتدين.. ويلتحي ليكتمل ظاهره مع باطنه.. ولولا ظروف قاهرة لاستمر على لحيته. وإذا بمحمود الجوهري المدرب الشهير يجعل جوائزه للاعبيه عند فوزهم على الفرق الأخرى الذهاب إلى العمرة .. سبحان الله!".



ويستطرد قيادي الجماعة الإسلامية في تقديم من يراهم نماذج مضيئة لأخلاق لاعبي كرة القدم، فيقول: "وبالأمس قام اللاعب الخلوق المهذب محمد أبو تريكة بإظهار "فانِلَّته" الداخلية وعليها شعار "تعاطفـًا مع أهل غزة" باللغتين العربية والإنجليزية.. وقد قام بذلك في وقت يراه قرابة خمسين مليون متفرج في أنحاء العالم كله على الأقل.. وذلك بعد إحرازه الهدف الأول والثاني في مرمى السودان وتوفيقه توفيقـًا عظيمـًا أنقذ الفريق المصري من هزيمة محققة. والغريب والعجيب أن الاتحاد الإفريقي قد عاقب أبو تريكة بإنذاره.. وهذا ابتلاء بسيط من الله .. أرجو أن يرزقه الله خيره ويقيه شره وأن يكتبه له في ميزان حسناته".
لم يكن هذا الموقف الوحيد من نوعه للاعب الخلوق أبو تريكة، فحينما سجل هدف الفوز الذي منح مصر الفوز على منتخب كوت ديفوار في نهائي بطولة كأس الأمم الإفريقية عام 2008، إذا به يرفع فانلته ليظهر على فانلته الداخلية شعار "نحن فداك يا رسول الله" وكان أول لاعب يظهر هذا الشعار ثم تبعه عبد الظاهر السقا وعبد الحليم علي وآخرون[2].



أما ربيع ياسين نجم الأهلي ومنتخب مصر، أو الشيخ ربيع كما كان يطلق عليه زملاؤه، فقد  كان حريصًا على إطلاق لحيته كما رفض البقاء في الملاعب وكاد يعتزل بعد الفتوى الخاصة بتحريم ارتداء لاعبي الكرة للشورت في أوائل تسعينيات القرن العشرين، ونجح ربيع في الهروب من قوانين الفيفا الصارمة بخصوص الزي من خلال ارتداء - الاستريتشات- الشهيرة التي تقترب من الركبة.
 وقد شبَّه البعض ربيع ياسين بالشيخ محمد متولي الشعراوي، وذلك لقيامه بالدعوة للهداية سرًّا في الوسط الكروي وهو ما أدى إلى تحولات كبيرة في حياة نجم الكرة جمال عبد الحميد بعد اعتزاله، حيث أطلق لحيته وانطوى وأصبح يعيش حياة الزاهدين.
في حوار صحفي شهير معه أجري بناء على طلبه في أحد مساجد القاهرة وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، قال ربيع ياسين: "الطاعة كانت سر تألقي".. ثم انطلق يحكي عن بدايته فقال:
منذ انضمامي للنادي الأهلي في 1979، حققت نتائج مبهرة بفضل الله؛ حصلت مع النادي على بطولات الدوري والكأس ودوري أبطال إفريقيا، كما حققت مع المنتخب القومي بطولة الأمم الإفريقية وتأهلنا للأولمبياد ودورة ألعاب إفريقيا وكأس العالم، وكلها بطولات حققتها بفضل شهر رمضان حيث كنا نسافر ونأخذ معنا التموين وكنا نقيم صلاة التراويح وصلاة الفجر والتهجد، فضلا عن الدروس الدينية التي كان يعطيها لنا الكابتن محمود السايس والشيخ طه إسماعيل، وكنا ننظم مسابقات فيما بيننا، وكان العامل المهم في كل ما سبق هو وجود القدوة الحقيقية أمثال السايس والشيخ طه!



ويعد هادي خشبة المدير التنفيذي للجنة الكرة بالأهلي واللاعب السابق في الأهلي والمنتخب القومي، نموذجـًا للاعبين الملتزمين دينيـًا، وهو ليس مجرَّد لاعبٍ مهذبٍ ينتمي إلى أسرةٍ عريقةٍ خلقـًا - والده شريف عبد الهادي خشبة، رئيس منطقة أسيوط لكرة القدم وعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة الأسبق- ولكنه أيضـًا رافق خلال رحلته الطويلة أشهر الدعاة. هناك شخصيات لعبت دورًا مؤثرًا في عقلِ خشبة، ومن أبرز هؤلاء الرجال - كما يقول هادي بنفسه- الداعية عمر عبد الكافي، الذي كان خشبة يحرص على حضور ندواته الشهيرة مساء الأربعاء من كل أسبوع في منتصف تسعينيات القرن العشرين. كانت هذه الندوات تركز على تلاوةِ القرآن وإلقاء دروس دينية، وشهدت هذه الجلسات تعرَّف نجم الأهلي الكبير على عددٍ من الممثلين المعتزلين مثل محسن محيي الدين ومجدي إمام.
وفي هذا الشأن يقول هادي خشبة إن "من الدعاة الذين أحرص على حضور دروسهم ومتابعتها د. عمر عبد الكافي والشيخ وجدي غنيم و عمرو خالد وهم من أكثر الدعاة تأثيرًا خاصة بين الشباب. كما أحرص على متابعة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي من خلال الفضائيات، وأُفضل قراءة كتبه كثيرًا وسماع أشرطة محاضراته وخطبه".
التعارف بين هادي خشبة عمرو خالد، المعروف بلقبِ داعية الشباب، بدأ في أوائل الألفية الثالثة لتنشأ بينهما صداقة قوية، شهدت رحلة طويلة لدراسةِ الأحاديث النبوية الشريفة والمذاهب الأربعة. ويقول هادي إنه لم يتأثر بعمرو خالد من الزاوية الدينية بعد جلساته القديمة مع الداعية عمر عبد الكافي، ولكنه - كما يقول - أعجب بأسلوبه البسيط في زرع الإيمان بنفوس الشباب. وهو الدور نفسه الذي لعبه هادي مع زملائه بالأهلي، وشهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نشأة مجموعة يطلق عليها رجال خشبة، وهي تضم: أحمد بلال (قبل انتقاله من الأهلي) وسيد عبد الحفيظ (قبل اعتزاله اللعب) وأسامة حسني ووائل جمعة وعددًا آخر من زملائه. واهتمت هذه المجموعة بتحديد يوم من كل أسبوع - لأداء التمارين الدينية - بعد صلاة العشاء ليصبح كل منهم لاعبـًا محترفـًا متدينـًا.
وعندما سئل هادي خشبة عن انتشار ظاهرة الالتزام الديني في الوسط الرياضي أجاب قائلاً: "بالفعل هناك إقبال شديد بين اللاعبين على الالتزام بالإسلام، ويزيد باستمرار خاصة في شهر رمضان، فالوسط الرياضي في رأيي أكثر تقبلاً للالتزام الديني؛ لأن اللاعب دائمـًا بحاجة إلى النصر والتوفيق وهو ما يجعله دائم الاتصال بالله. كما أن الرياضة تعود الإنسان على الالتزام وتجعله جزءًا من تكوينه، إذ لا بد من النوم مبكرًا والانتظام في التدريب والغذاء، وضبط والأعصاب، وعدم تضييع الوقت وعدم الانغماس في الملذات.. إلخ، وهذه كلها صفات إسلامية في الأساس، وتجعل اللاعب بدوره أقرب إلى الالتزام بالسلوكيات والأخلاق الإسلامية ، وهذا ما نجد أثره حاليـًا في الملاعب فقد صار الالتزام سمة غالبة بين اللاعبين خاصة الشباب، وهذا في رأيي يرجع إلى تأثير الصحوة الإسلامية".


وعن عادات هادي خشبة في المعسكرات أو التجمعات بالنسبة للأهلي أو المنتخب يقول هادي خشبة: "نحاول التجمع قبل التدريب أو بعده في حلقة جماعية لتلاوة القرآن، وكذلك أيضـًا بالنسبة لأذكار الصباح والمساء حيث نحرص دائمـًا على أدائها بشكل جماعي، وأحيانـًا نذهب إلى أحد دروس العلم التي تشهدها مساجد القاهرة".
حارس المرمى الدولي نادر السيد والذي عُرف بإجادته تلاوة القرآن منذ صغره اتخذه زملاؤه إمامـًا خلال الصلوات الخمس، سواء على مستوى الأندية التي لعب لها أو أثناء معسكرات المنتخب المصري في عهد المدير الفني محمود الجوهري. وعن الأشياء التي كانت سببـًا في إطلاق لقب شيخ عليه، يقول نادر: سواء في الوسط الرياضي أو الفني بالأغلبية كل إنسان تبدو عليه علامات الالتزام يطلقون عليه كلمة شيخ، وكأنَّ التزامه هذا سيمثل عبئـًا أو عائقـًا له، ولم يعلموا أن الالتزام مع الله يجعل الفرد موفقـًا في كل عمله، وعمومـًا أهم أوجه الالتزام التي اتبعتها أني بدأت أداوم على الصلاة والعبادات وأدعو زملائي لأداء الصلاة.  
وائل رياض أحد نجوم النادي الأهلي السابقين. تألق "شيتوس" - وهذا هو اسم شهرته في ملاعب الكرة-  في صفوف النادي، ولكن تكرار الآلام الغريبة التي كانت تصيبه بمعدته دون التوصل إلى حل أو علاج دائم لها، دفعه إلى الانطواء واللجوء لقراءة القرآن وسماع شرائط الوعظ، ما جعل كثيرين يطلقون عليه الإمام القادم في الملاعب.  
أما طارق السيد نجم نادي الزمالك فقد لُوحظ تدينه بعد أن مضى ربيع انتصاراته كلاعب مهاجم في منتخب مصر القومي من خلال مشاركته في بطولة الأمم الإفريقية، وبعد أن قاد الزمالك إلى تحقيق انتصارات كبيرة في الدوري. داوم طارق على تلاوة القرآن الكريم بين زملائه أثناء فترة تراجع أداء فريق الزمالك، ليتحول طارق إلى أحد شيوخ الكرة في المستطيل الأخضر.
وعن التزامه الذي جاء مع أفول نجمه، يقول إنه بفضل تقربه من الله استطاع أن يكون واثقـًا طاهر النفس لا يهاب المصاعب، ويضيف أنه لا يربط بين الالتزام والتفوق.. بمعنى أنه لا يلتزم لكي يتفوق في المباريات والتدريبات، بل إنه يؤدي فرض الله وواجبه في الحياة، فالإنسان خُلِقَ للعبادة وكل شيء آخر مسخر لإتمام تلك العبادة.


هوامش


[1] محمود سماحة، لاعبون في سبيل الله!، مجلة "روز اليوسف"، القاهرة، 6 فبراير 2010.

[2] د. ناجح إبراهيم، من الشيخ طه.. إلى أبو تريكة، موقع "الإسلام اليوم" الإلكتروني، 31 يناير 2003.
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator