المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

يوميات ساحر متقاعد






محتوياتُ ثلاجته مثل سريره: بقايا نساء
صحن "فاهيتا" تركته المكسيكية التي أصرت على أن يتذوقَ طعامَها المُفضل، وحبات زيتونٍ أخضر مغموس في زيت الزيتون عبأته بعنايةٍ السورية التي باغتته ذات ليلةٍ بسؤال عما إذا كان نهدُها الأيسر أكبر قليلاً من الأيمن.. الحلوى التي تقطرُ عسلاً كانت موقَعةً بإهداء الإيرانية التي علّمَته بضع كلماتٍ فارسية وكثيراً من أسرار نساء المتعة
الثلاجةُ باردة، وسريره دافيء
المرأةُ ذات البشرةِ الحليبية غرقت في بياضِ الملاءة..حتى اختفت
والفِراشُ المُجعَّدُ يرسِمُ خارطة البلد الجديد. هنا بحرٌ ممتد يراوغنا، وهناك برٌ حارقٌ ينادينا قائلاً إن لقاء إنسانٍ والوقوع في غرامه حينما نبلغ شاطئاً لا نعرفه، هو رحلة داخل الرحلة
يُبحِرُ في بحرٍ هائج مائج: عناقٌ يذيب اللحم
جمرُ أصابعه ملعب للقنافذ، وجسدها مجرةٌ سابحة مثل شهقة النار في فوضاه والعرق الداخلي
قبضةٌ لاهبةٌ تنغرس في أسفلها، وأشباحٌ غامضة تتسلل إلى جسدها الذي يتلوى مثل سمكةٍ خارجةٍ من الماء
الآن يعرفُ أن الجحيمَ لا ينطفيء إلا بأجساد النساء
يحاولُ أن يمسح من ذاكرته غواية القبل..لكنه يخفق
يتمطى كعنفِ اللغة قبل ميلادِها، ويتعلمُ أن شَعرَ المرأة المفروش هو وسادةُ الكون
في العتمة يفتحُ عينيه فلا يرى، ثم يدخلُ في صحراء التأوه، كأنه لبلابةٌ عطشى يخفرها مقصّ أشد عطشاً
عندما يدخلُ رجلٌ امرأةً فإنه يصبح رائدَ فضاء، إلا أنه يتجولُ هذه المرة في الفضاء الداخلي
يصيرُ الليلُ بئراً


وكلما قَشَرَته برتقالةُ الفجر، يشدُ الغيومَ من أطرافِها لكي تومض، فيكتشفُ أن البيضاء التي بجانبه تسربت من ثقوبِ الذاكرة









البعضُ يموتُ ألف مرةٍ حسرةً على عطرٍ فاته..والبعضُ الآخر تقتله رائحةً من يجاوره في المكتب أو..السرير
مجردُ نهارٍ أحمق جديد، يحاولُ الاتكاء على الشمس، فتخدعه لحظة الغروب
في المكتبِ يصيرُ صوته أعمق ويوحي وجهُه بالخطر، وخصوصاً تلك الدوائر المظلمة تحت عينيه
يكتبُ كثيراً، لكن الكتابة التي يريدها ضلت الطريقَ إلى أصابعه
فيم كان يفكرُ هنري ميللر حين كتبَ في "تكسوس" أننا "نكتبُ، ونعلمُ أننا مهزومون قبل أن نباشر الكتابة. وفي كل يومٍ نتوسّل لنحصلَ على عذاب جديد"!
يمشطُ أفكاره، علّه إذا رتبَها يستطيع أن يفهم
يصارعُ النسيان، فيتذكرُ المرأةَ التي لمست حريرَ القلب
يهاتفُها قائلاً: "لم يعد يكفي صوتك في الهاتف ولا الرسائل التي صارت سريعة"
تحكي له عن عملها الجديد، وأصدقائها الذين يثرثرون في الأمسيات الطويلة
تُقطِرُ الحكاياتِ الصغيرةَ في أذنيه، فيقولُ لها: "كلامُكِ الضوءُ الوحيد"
يُسائِلُ نفسه عن المرأة التي تَملِكُ بحةً خفيفة مصنوعة من خليطِ التبغ والقهوة: كيف ارتضيتُ فراقها؟
أرادَ أن يقولَ لها إنها تأتي وترحلُ مثل منامٍ تفاجئه اليقظة





تمنى أن تقولَ له: أحنُ إلى النومِ في حديقةِ نارك وذَهبِ سرابك
يبلعُ أشواقه ويتساءلُ: لماذا يريدُ بائعُ الورد تبني الأسى؟
لا بدَ أن البعضَ يحتكرُ الحزن
حين ودعتَه لحظةَ السفرِ بقبلةٍ على خده، اكتشفَ أن ثمة نشوة خاصة في اللمسة اللطيفة للشفتين على خدٍ غير مستعد. سرقَ طعم الشفتين من أطرافهما. القبلةُ الجانبيةُ هي أجمل سرقاته
وهي تمضي مبتعدةً، أخذ يبتهلُ حتى لا تستديرَ بغتة، فتسيل خصلةٌ على العين تزيد من دلالها المُشتَهى
في تلك الليلةِ الممطرةِ كانت المسَاحَتان تعملان بسرعةٍ أكبر من المعتاد فوق زجاج السيارة
هل تكفي ذراعُ العاشقِ لقياسِ الفراق؟
صارَ يمقتُ أرصفة الوداعِ في العالم بأسره، فما أكثر من غَيَّبتهمُ الأرصفةُ عنه، ليصبحوا مجرد ذكرى، أو عناق على عجل، يليه غيابٌ بلا عودة
ودعَّها من دون أن يقولَ لها: أحبُكِ مثلما يحبُ كاهن صمتا مطلقا
لم يهمس لها: أحبُ أن أتذوّقَ ليلكِ، وأن أُلبّي نهاركِ
وقصصُ الحبِ تبدأ بورقةٍ صغيرة، لتنتهي إلى كتابٍ أو مطار أو سرير
كم يجعلُنا الحبُ ساذجين!
تمنحُه لحظةٌ ما فرصةً كي يتألق. يذهل من حوله لهذا الإتقان وتلك السرعة، وحين يفرغُ من مهمتِه يطلبون منه أن يعلمهم سرَ الصنعة.. يبتعدُ بهدوء. كان عليه أن يبكي قليلاً كساحرٍ متقاعد، فقَدَ يديه
في الفندقِ الذي يشبه القصرَ المنيف، كان ضميرُه يمنحُه الحرية في أن يتثاءبَ كعاطل
هنا النساءُ مثلُ النصوصِ الأدبية، تُقرأُ من كل الجهات
المكانُ هو أحد أسماءِ الرهبة
في الشوارعِ الضيقة، حيث تنحني الحاراتُ على الحارات، نقتلُ الحكايات التي تطاردنا، فإن لم نفعل فإنها تقتلنا
والبلادُ الصغيرة بحجم حبةِ قمح تصبح أرضاً وسيعة، يدبّ على سطحها سائحون، باحثين عن أمكنة أخرى أضاعوها في زمان بعيد
في الطابق الخامس والعشرين من البرج المطل على سماءٍ واطئة، يشمُ رائحة زهر النارنج.. يسأله كريم إن كانت الشقةُ قد أعجبته فيقولُ له: أريدُ أن أشتري الشرفة فقط
في مدينةٍ نسيت طعم الحنان، يستوقفه مشهدُ زوجٍ يمسكُ بطرف الغطاء الصغير لزوجته كي تلفه حول رضيعٍ غرقت ملامحه في بئر اللفافة
على الشاشةِ، يتقاتل الجميع من أجل لا شيء..يحرسون الوهم ويموتون في معارك خاسرة. والقاتلُ ينحني للسكين لا السكينة، ويمتدحُ البنادق المعطوبة لا الزنابقَ العطِرة
الفتاةُ التي لجسدها رائحةُ الصنوبر، تنتظرُ نبياً ينقذ عالمها
يشاغبُها ذاتَ يومٍ قائلاً: "هل كانت هذه النقوشُ على فستانكِ حين ابتعته، أم أن ورد البساتين هربَ ليلتصق به بعد أن لامسَ جسدكِ؟!"
والمرأةُ المولعةُ بالقطط، خفيفةً كالريش.. تصيرُ بين يديه مثل عصفورٍ بلا جناحين
وحده كان قادراً على فك أزرارِ ثوبها الطويل وتعريةِ روحها
كان يسميها المائدة..ويأكلها أكلاً
تلتصقُ به مثل طابع بريد، وتقول له في الظلمة: البسني..كي تراني
لكنه يتمهل..عَلَمَته سنواتُ الظمأ الامتناعَ عن الارتواء المفاجيء. الجسدُ الذي عاش الدهرَ مشتاقاً يجب أن يصله الماء بالتدريج حتى لا تصيبه غيبوبة الارتواء
وكما فعلَ معاوية، يُبقي بينهما شعرةً تلهو بها الريح
يتذكر
تماماً مثل صيادِ السمك، كان يدخل مكتبة الكلية، يتنقل بتؤدةٍ بين الأرفف التي تنام فوقها الكتب، ثم يخرج بعد أقل من ساعةٍ مُحمَلاً بطالبةٍ من برج الأبنوس تودُ أن ترى مكتبتَه الخاصة
على طاولةٍ تطلُ على البحيرة الصناعية، يتأمله بسام طويلاً، كأنه يبحث عن شيء ما في ملامح وجهه، ثم يقول له: صِرتَ أنحف..وأهدأ
تخبره ليلى أنها ستزور المدينة قريباً ويتفقان على اللقاء..وحين يفاجئه عمران بزيارةٍ يقولُ له: أرهَقتَ من جاءوا بعدك
يردُ بابتسامةِ امتنان، لكنه يوقنُ أنه ليس سوى ساحرٍ متقاعد، سحقته حفنة نملٍ جاءت تحت حذائه سهواً
فكرّ في أن المناصبَ لعنة.. إنها تضعك دائماً في ذلك المكان الذي يتعلم فيه الهواة مهنة الرماية










يحرقُ جثثَ الأفكار، حين يمنحه الماضي دفعة أسى.. كأنها هبّاتٌ ساخنة آتية من أعماق رحمٍ يوشك ماؤه على أن يجف
الليلُ يبسطُ نفسه فوق عرشِ المدينة
عمالُ النظافة ينتشرون في صمتٍ، ليصلحوا ما أفسده أناسُ النهار ..كان الأسفلتُ الممدد بين الأرصفة أفعى هادئة تخلت عن شراستها لأنها تريد أن تستريح
ما أجمل الليالي التي يسيرُ فيها كل شيء بسلاسةٍ ويُسر
يمدُ يده في جيب سترته ليخرجَ صورةَ جبلٍ وحيدٍ، مثله تماماً.. يُسائلُ نفسه قائلاً: هل يجبُ عليّ أن أحرسَ الفِراشَ وحيداً؟
كم يحتاجُ إلى حلمٍ بلا أقراص منومة

يتكيء على الضوء..وينام
تابع القراءة

gravatar

جرائم العاطفة في مصر النازفة (15): ابنة وادي الليل تموت صباحا






كانت ليلةً مسكونة بالأهوال

ليلة عندما أطل نهارها تحول الضحك إلى بكاء، والصمت إلى عويل

الهدوء الذي كان يلف حي الزمالك، أخفى تحت ردائه كلمةً مخيفة: مجزرة

ففي فجر يوم الجمعة 28 نوفمبر من عام 2003 جرى نهرٌ من الدماء في الشقة رقم 112 بسراي السلطان في شارع محمد مظهر. وفي غضون ربع ساعة، انطلقت 69 رصاصةٍ من مدفعٍ رشاش أمسك به رجل الأعمال أيمن صادق السويدي وصوبه تجاه زوجته المطربة التونسية ذكرى ومدير أعماله عمرو الخولي وزوجة مدير أعماله خديجة صلاح الدين. وبعد المذبحة البشعة أمسك رجل الأعمال بمسدسه وصوب الفوهة إلى فمه وأطلق على نفسه رصاصةً واحدة وانتحر

ابنة منطقة وادي الليل في تونس.. لقيت مصرعها عند الصباح



الساعات التي سبقت المأساة الدامية شهدت اصطحاب السويدي ذكرى، التي كان قد تزوجها بعقد زواج عرفي في‏23‏ أغسطس آب 2003‏، إلى سهرةٍ في محلٍ يدعي "بلوز" اشتراه السويدي قبل شهرٍ من الواقعة في شارع النيل بجوار كوبري جامعة القاهرة

أرسل السويدي سائقه الخاص إبراهيم محمد إبراهيم سليمان إلى مدينة الشروق في النزهة الجديدة طالباً منه إحضار مدير أعمال السويدي ويدعى عمرو الخولي وزوجته خديجة صلاح الدين. وبعد أكثر من ساعةٍ أحضرهما السائق وجلس الجميع حول مائدةٍ عامرة بكل ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات. اتصلت المطربة ذكرى بالموسيقار هاني مهني لمشاركتهم السهرة‏، لكنه اعتذر

استمرت السهرة حتى الساعات الأولى من الصباح تناول أثناءها السويدي كميةً كبيرة من الخمور‏.‏ بعدها عاد الجميع إلى مسكن السويدي الذي يضمه مع زوجته ذكرى، الكائن في شارع محمد مظهر بالزمالك‏..‏ وكان بصحبتهما مدير أعماله وزوجته. ظهرت معهم هذه المرة فنانةٌ مغمورة تدعى كوثر سعيد رمزي (55 عاماً)، وهي معروفةٌ بقراءة الفنجان للفنانات

وفور دخول المنزل طلب السويدي من كوثر الجلوس في الصالون وتركهم بمفردهم، وطلب أيمن من الخادمتين زينب إبراهيم (19 عاماً) وأم هاشم حسني الوسي (17عاماً) إغلاق الباب عليها؛ لأن هناك حديثاً عائلياً بينهم‏،‏ ثم طلب من الخادمتين البقاء في غرفتهما وعدم مغادرتها


وسرعان ما بدأت محاكمة غريبة الأطوار


عين السويدي نفسه قاضياً ومدعياً عاماً، وعقد محاكمة لضحاياه الثلاث استغرقت نحو عشرين دقيقة، اتهم أثناءها زوجته الفنانة بأنها على صلةٍ برجل ما، ثم عاد وقرر أنه مدير أعماله عمرو الخولي
بدأ السويدي المحاكمة موجهاً حديثه إلى زوجته ذكرى طالباً منها التفرغ له كزوجة‏؛ لأن عملها الليلي يأخذها منه في حين يعمل هو نهاراً..‏ لكنها ردت عليه في حدةٍ بأنها لن تترك عملها كفنانة‏، وأنه تزوجها وهو يعرف طبيعة عملها‏

كان أيمن السويدي يغار بشدة على ذكرى حمد الدالي (16 سبتمبر أيلول 1966- 28 نوفمبر تشرين ثانٍ 2003). غيرةٌ دفعت الزوج صاحب مصانع السويدي المعروفة للأدوات الكهربائية إلى نقل خلافاتهما في وقتٍ سابق إلى ساحات القضاء، حتى حصل على حكمٍ في دعوى قضائية في منتصف نوفمبر تشرين ثانٍ 2003 بإثبات صحة توقيع ذكرى على وثيقة الزواج العرفي بينهما. ومن الواضح أن المطربة الراحلة كانت ترفض إثبات زواجها من رجل الأعمال، ما دفعه للجوء إلى القضاء لإثبات الزواج. وبعد طعنها في صحة التوقيع على عقد الزواج العرفي أثبتت المحكمة صحة توقيعها باللجوء إلى الخبراء

تعرفت ذكرى إلى أيمن في محل "بلوز" الذي يمتلكه السويدي، وحدث بينهما منذ اللحظة الأولى إعجابٌ متبادل، وكان ذلك في شهر يوليو تموز ‏2003، واستمرت العلاقة تنمو حتى تزوجا في شهر أغسطس آب، على الرغم من أنه كان متزوجاً من مغربية تدعى نادية‏..‏ ولكن لأن حبه لذكرى ملك عليه قلبه، قرر تطليق نادية، وانتقلت ذكرى للعيش في منزل الزمالك، وبدأت قصة الحب تنمو بين الزوجين

غير أن الخلافات عرفت طريقها إلى العلاقة بين السويدي وذكرى منذ الأيام الأولى لزواجهما. وعندما كانا يقضيان شهر العسل في شرم الشيخ، شاهدها تتحدث مع أحد المعجبين، فاعتدى عليه وعليها بالضرب، ثم عاد واعتذر بعد أن هددته بطلب الطلاق، غير أن الشك كان قد تمكن منه، فكان يسأل الخادمات لدى سفرها عن نوع الملابس التي تأخذها معها وألوانها. بل إنه كان يلاحقها في كل مكان، أو يرسل خلفها من يتتبعها ويراقبها

وحدث أن سافرت ذكرى إلى ليبيا وقدمت حفلاً ولكنه اعترض‏، بعد أن عرفت الغيرة طريقها إلى قلبه. وبدأت الخلافات تشتد بينهما بسبب عملها،‏ ما جعلها تقرر العودة إلى شقتها الخاصة في حي المهندسين

لقد أحب أيمن ذكرى بطريقةٍ جنونية وصلت به لدرجة الغيرة العمياء، وكان يريدها أن تنظم أعمالها بطريقةٍ مغايرة بحيث تقوم بتسجيلاتها الغنائية صباحاً
وأثناء النقاش بين الزوجين في تلك الليلة، طلب السويدي من ذكرى عدم السفر للمشاركة في مهرجانات واحتفالات قومية لبعض الدول العربية

احتد النقاش بينهما حاملاً في طياته نبرة الغيرة عليها، قبل أن ينتفض السويدي من مكانه ويتجه ناحية غرفة الصالون، ليجد كوثر رمزي تصلي الفجر. وبحزم وعصبية شديدة طلب منها بعصبية شديدة مغادرة المنزل على الفور.‏ ارتبكت كوثر وهمّت بالانصراف، لكنها حين وصلت بالقرب من الباب تذكرت حذاءها الموجود في غرفة الصالون‏. وعندما طلبت منه أن تعود لإحضار حذائها طلب منها الانتظار عند الباب وذهب بنفسه ليحضره لها‏،‏ طالباً منها النزول من باب الضيوف الذي تقف أمامه

ثم عاد أيمن السويدي إلى ذكرى وعمرو وخديجة، ليستأنف جلسة المحاكمة الساخنة

وفي لحظاتٍ اندلعت نيران الانفعال‏،‏ وتناثرت الكلمات الجارحة وتطايرت الاتهامات،‏‏ إلى أن أخرج أيمن السويدي أسلحته النارية: طبنجتان ومدفع رشاش

راح أيمن السويدي يصرخ بعصبيةٍ، ويصوب نحو الموجودين أسلحته

وفي لحظةٍ هستيرية أطلق الرصاص علي ذكرى بطريقة عشوائية حتي أصابها بـ‏21‏ رصاصة من رشاش ألماني من نوع هكلر في أجزاء متفرقة من جسدها أودت بحياتها في الحال‏، بعدها وجه رصاصاته إلي مدير أعماله عمرو الخولي فأصابه بنحو‏20‏ رصاصة في القلب والصدر، ثم قتل زوجة الأخير بـ‏14‏ رصاصة. وأخيراً وضع المسدس في فمه وأطلق رصاصة واحدة أنهت حياته في الحال أيضاً لتسقط الجثث الأربع في مشهد مأساوي بل مذبحة وحشية تناثرت فيها الدماء وامتزجت بالحطام‏..‏ لتنهي قصة حبٍ تداخلت فيها الغيرة‏ والشك‏

كان البلاغ الأول للشرطة من الحراسة الأمنية المعينة على فندق "سفير" الملاصق لشقة السويدي، حيث هرعت إلى هناك قوةٌ من الشرطة وكان المشهد لا يحتاج إلى تعليق

هنا اجتمعت عناصر التشويق والإثارة: رجل أعمال معروف، وفنانة مشهورة، وقتيل ثالث- عمرو حسن صبري الخولي- هو نجل مدير مكتب الرئيس المصري الراحل أنور السادات

كشفت المعاينة عن مفاجأة في الحادث، حيث عثر رجال المباحث أثناء المعاينة على الخادمتين زينب وأم هاشم، اللتين أحضرهما رجل الأعمال القتيل للعمل لديه منذ شهور، تختبئان داخل إحدى الغرف وهما في حال انهيارٍ وفزع. هدَأ الضباط من روعهما وبمناقشتهما كشفتا عن وقائع الجريمة البشعة

نقلت سيارات الإسعاف الجثث الأربع إلى مشرحة زينهم حيث تم نقل جثة رجل الأعمال وزوجته أولاً ونُقلَِت جثتا مدير أعماله وزوجته إلى المشرحة نفسها، تمهيداً لتشريح الجثث وبيان ما بها من إصابات، وعدد طلقات الرصاص، ونوع السلاح الذي تم استخدامه في إطلاق الرصاص عليها

تسلم مندوب من السفارة التونسية جثة الفنانة القتيلة، كما تسلم رجل الأعمال المصري طلعت السويدي عضو البرلمان جثة ابن عمه أيمن السويدي، وكذلك تسلم أقارب عمرو حسن صبري، وزوجته خديجة صلاح الدين جثتيهما

تأثر أحباء الفنانة بموتها في الشارع العربي، وقطعت "تونس 7" برامجها المعتادة وبثت برنامجاً حول تاريخ الراحلة. وهي تعد من أقسى الصدمات التي تلقاها الشعب التونسي فيما يخص الشخصيات المحبوبة والأكثر شعبية في تونس، على غرار الحبيب جغام، الهادي بالرخيصة، نجيب الحطاب

لم تكن ذكرى محظوظةً في الحب. والأدهى، أن الحب عندها تقاطع دائماً مع الفن

ففي عام 1990 وقع خلافٌ بينها وبين الملحن عبد الرحمن العيادي الذي كان خطيبها آنذاك، بسبب احتكاره لصوتها ورفضه أن يقوم أي شخصٍ آخر بالتلحين لها، لذلك تركته وانضمت إلى مجموعة زخارف عربية. وكانت هذه آخر محطاتها في تونس قبل أن تهاجر إلى ليبيا، ومنها إلى مصر


وفي العام 1994 بدأت مشوارها في القاهرة بدعمٍ من الموسيقار هاني مهنا الذي أنتج لها ألبومين وهما "وحياتي عندك" (1995) و" أسهر مع سيرتك" (1997). وارتبط هاني مهنا معها بالخطبة قبل أن ينفصلا

وحين ظنت أن الحب يطرق بابها في صورة رجل الأعمال أيمن السويدي، اكتشفت متأخراً أن الفراشات تحترق دائماً بنار الغيرة
تابع القراءة

gravatar

المهنة..سكرتيرة




لماذا السكرتيرة بنتٌ غير كل البنات؟

سؤالٌ صعب وشائك، قد لا تجد له إجابة وقد ترتسم على وجهك ابتسامةٌ خبيثة تقول ما لا يُقال

لا أحد يدري على وجه التحديد لماذا السكرتيرة في بلادنا حكايةٌ لا أول لها ولا آخر..وكأن هذه المهنة كُتِبَ عليها أن ُتشقى بنظرات الشك والريبة في مجتمعاتٍ لا تفهم من كلمة سكرتيرة سوى مشروع علاقةٍ غير مشروعة تجدد الشباب الضائع للمدير أو رئيس مجلس الإدارة، ولا يتصور أحدٌ أن تكون السكرتيرة مجرد موظفةٍ تؤدي عملها في إطارٍ محدد، دون خروج على النص

السكرتيرة إذاً في نظر البعض امرأةٌ سهلة المنال، أو شخصيةٌ لديها استعداد للانحراف وقابلية للفساد على اختلاف أشكاله وأنواعه

هذه الصورة الذهنية السلبية – والخاطئة في أغلب الأحوال- كرستها تجارب سيئة وخبرات متراكمة، وأكدتها صفحات الحوادث في بعض الجرائم والقضايا المثارة، وبصمت عليها بالعشرة الأفلام الروائية التي لخصت السكرتيرة في كلمةٍ واحدة: الجسد

كثيرون إذاً اختصروا السكرتيرة في معنى مبتذل ورؤية مشوهة ومبتورة، ورأوا أن شخصية "محجوب عبد الدايم" في فيلم "القاهرة 30" هي النموذج الواقعي لمدير المكتب أو السكرتير الذي يبدأ منه الفساد، وينتهي في مكتب المدير المسؤول

فسادٌ -ربما- لأن السكرتير أو السكرتيرة هو الممر الطبيعي والقناة الشرعية التي تفصل بين الغرفة المغلقة للمدير المسؤول أو رئيس مجلس الإدارة وبين الآخرين ممن يرغبون في الحصول على تواقيع تتجاوز القانون أو تفتح أبواب الفساد على مصراعيها

وهنا يأخذ الفساد شكل التسهيلات غير المشروعة، والوساطة بمقابل مادي، والرشوة الجنسية.. إلخ

وفي قضية وزير المالية المصري سابقاً محيي الدين الغريب، أطل علينا نموذج صارخ وفاضح لمديرة المكتب ذات الملامح والتصرفات الشكلية الصارمة، التي تسقط في بحر الفساد، فترصد لها التسجيلات حواراتٍ ساخنة تمزج فيها في خلطٍ وتناقض شديدين بين الشخصية التي تعرف الطريق إلى الانحراف وتجيد لعبة الغواية، والشخصية التي تنهي مكالماتها الجنسية بجملة "لا إله إلا الله"


كثيرٌ من السكرتيرات اللاتي تورطن في قضايا فساد أو انحراف جئن من أسرٍ متواضعة مادياً، وحين دخلن المكاتب الوثيرة داخت رؤوسهن ورأين أن أحلام الثراء السريع باتت أقرب مما كن يتصورن. وحين تكون السكرتيرة امرأة جميلة فإنها تسرق الانتباه حين تصمت، وعندما تتحرك أو تجلس أو تتكلم فإنها تتحول إلى قطةٍ على نار. فإذا امتلكت ذكاءً فطرياً فإنها قد تحاول استثمار سر جمالها حتى ترفع أرصدتها في البنوك وتعبيء صندوق مجوهراتها بالحلي والذهب وربما قطع الألماس، وتشتري شقة جديدة وسيارة فارهة

من خط الفقر تبدأ الرحلة، ومن طمع الكبار في الجسد الساخن تنطلق التطلعات غير المشروعة، ومن العيون الجائعة تأخذ الصفقات شكل المال ورائحة الفساد. فإذا كان السكرتير رجلاً فإن التعديلَ الوحيد في السيناريو هو إلغاءُ الرغبة وإعلاء شأن المادة

في قلبِ قضية الانحرافات في شركة النصر للمسبوكات تكرر اسم رتيبة كمال عامر، سكرتيرة رئيس مجلس إدارة الشركة. صحيح أن ترتيبها في القضية كان رقم (12) ولكنها بدت مثل الخيط الرفيع الذي يربط بين أبطال الانحرافات المثيرة. ورتيبة واجهت اتهامات بالحصول على أموال بغير وجه حق في القضية، ما يعني ببساطةٍ شديدة الاتهام بنوعٍ ما من الرشوة المالية

غير أن المالَ ليس كل شيء في هذا الموضوع

حين أثيرت القضية في العام 2002، كانت رتيبة في عامها الثاني والأربعين..سيدةٌ تتمتع بقدرٍ لا بأس به من الجمال والقوام الممشوق، فضلاً عن اهتمامها الشديد بحسن المظهر. مؤهلها المتوسط لدى التحاقها بالعمل في الشركة كان مجرد محطةٍ مؤقتة، شأنها شأن كثيراتٍ غيرها من السكرتيرات اللاتي يبدأن بمؤهلٍ متواضع، ثم تتيح لهن الظروف من يساعدهن ويسهل لهن طريق الحصول على مؤهلٍ أعلى ومنصب أرفع في السلم الوظيفي

وعلى هذا المنوال، حصلت رتيبة على منحةٍ من معهد التعاون - وغيرها يستفيد من معهد التعاون أو التعليم الفتوح لسهولة التجربة التعليمية فيها- عن طريق رئيس الشركة د. أسامة عبد الوهاب للحصول على شهادة البكالوريوس من المعهد، لتصل وظيفتها إلى درجة مدير عام. إنها الفرصة الطائرة التي تصطادها امرأةٌ تعلم أن إهدار الفرص الثمينة قد يصبح غلطة العمر

صحيح أن رتيبة تنتمي إلى أسرةٍ بسيطة، وعمل والدها في قسم تشطيب المسابك في الشركة نفسها، وصحيح أيضاً أنها بدأت مشوارها الوظيفي كسكرتيرة، ولكن ها هو رئيس الشركة يمنحها فرصةً للقفز على السلم الوظيفي والوصول إلى منصب يليق بنفوذها المتزايد وتأثيرها الطاغي: مدير عام في شركة المسبوكات

المضحك أن أقصى طموح السكرتيرة في الوقت الذي تجد فيه الأبواب مشرعةً أمامها هو أن تصبح ذات مسمى وظيفي جديد، كأنها تحاول غسل موقفها الوظيفي بماء الورد، أو أن تضع على اسم السكرتيرة بعض مساحيق التجميل، إدراكاً منها أن هذا الموقع لا يكفي إمكاناتها أو طموحاتها، وهنا تتطلع إلى ما هو أكبر من هذا المسمى البسيط، وتسعى إلى أن يناديها الجميع باعتبارها مديرة مكتب

ما الفرق؟

قد تسمع تفسيراً غريباً وتأويلات غامضة بشأن الفرق بين السكرتيرة ومديرة المكتب من حيث المنصب وعدد من تشرف عليهن السكرتيرة من زملائها وزميلاتها، ولكن في النهاية يبقى الحلم الأول للسكرتيرة أن تصبح مديرة..ولو كان ذلك مديرة مكتب

من هذه النقطة أصبحت رتيبة سكرتيرة، ثم مديرة مكتب رئيس مجلس الإدارة. تلك المرأة ذاقت مرارة تجربة الطلاق بعد زيجةٍ لم تستمر مع رجلٍ يعمل محاسباً في السعودية، وأثمرت بنتين. غير أن تلك التجربة القاسية لم تمنع رتيبة من أن تنطلق في محاولةٍ لتعويض إخفاقها في حياتها الخاصة عبر إحراز نجاحٍ في الحياة العامة، في ظل وجود رئيس مجلس إدارة الشركة الذي أولاها اهتمامه ومنحها الفرصة تلو الأخرى كي ترتقي في السلم الوظيفي وتحصل على منحة لاستكمال تعليمها ونيل حوافز ومكافآت ضخمة تبلغ 179 ألف جنيه..على الأقل

إنها صدمة السكرتيرة التي تمنحها الأقدار فرصةً جهنمية لكي تصبح مديرة..وربما مديرة المدير نفسه

ولنتابع معاً الخريطة الجغرافية التي تحركت في نطاقها رتيبة كمال تعبيراً عن التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي طرأ عليها، في شركةٍ اتهم رئيس مجلس إدارتها بإهدار مليار و400 مليون جنيه، وإنفاق مكافآت بخلاف النثريات بقيمة مليون و39 ألف جنيه، فقد كانت رتيبة كمال تسكن في حي الوراق بإمبابة، ثم انتقلت للسكن في حي المهندسين الراقي في غضون فترةٍ قصيرة

خمس سنواتٍ فقط من تاريخ حصولها على منصب رئيس مجلس الإدارة كانت كافيةً لإحداث التغيير دون متاعب تذكر. تمكنت رتيبة إذاً عبر جسرٍ أقامه لها رئيس مجلس الإدارة من توطيد الصلة به والاقتراب من عالمه أكثر، وزاد من مساحةِ التقارب بينهما تلك السفريات الخاصة والمتوالية للدول الأوروبية التي اشتركا فيها بغرض الترويح عن النفس والتسويق

رحلات "الشوبنج" لها مفعول السحر

ومن الواضح أن رتيبة كانت "حويطة" ربما أكثر من رئيسها، فقد تم تفتيش منزلها من جانب الرقابة الإدارية، لكن التفتيش الدقيق لم يسفر عن شيء، ولم يعثروا على أية مستندات تدينها أو تثبت ملكيتها لأية أصول، على الرغم من وجود معلومات تشير إلى امتلاكها الكثير من الأصول وبعض المصانع بخلاف الأموال السائلة. والطريق المتعارف عليها في مثل هذه الحالات هي تسجيل الأصول المشتبه في مصدرها المالي بأسماء دائرة الأقارب وأهل الثقة على سبيل الاحتياط، في حال ما إذا حامت الشبهات وازدادت الشكوك في الذمة المالية للشخص الذي يمتلك فعلياً هذه الأصول

وبطبيعة الحال، فإنك قد تتساءل: من أين لها هذا؟

غير أن هناك نموذجاً من السكرتيرات يعرف من أين تؤكل الكتف، ويدرك أن السلطات والصلاحيات والنفوذ قد تتبخر وتجد طريقها إلى الزوال بمجرد رحيل المدير أو رئيس مجلس الإدارة الذي منح هذا كله وأكثر، ولذا لا بد من منح الموقع الوظيفي شرعيةً وحصانةً أكبر، وجمع المال بأي طريقةٍ ممكنة..وعندما نتحدث عن المال فإن كل الطرق تؤدي إلى روما

رسمياً، لم تكن رتيبة تملك سوى راتبها الشهري الذي يبلغ إجمالي 550 جنيهاً فقط لا غير..وهذا يذكرك بالنكتة الشهيرة عن المسؤول الذي يبدي إعجابه بموهبة وشطارة ابنه في إقامة مشروعاتٍ واستثمارات ضخمة..من مصروفه الخاص

فقد سافرت رتيبة من إمبابة إلى أوروبا..أفطرت في الشانزليزيه، وتناولت غداءها في أكسفورد ستريت، واختارت أن يكون عشاؤها في روما. ومع ذلك فقد أصرت في التحقيقات على القول إنها زارت المدن والعواصم الأوروبية المتلألئة على حسابها الخاص

ترى، ما هي تفاصيل الرحلة التي قطعتها رتيبة من إمبابة إلى لندن مروراً بحي المهندسين الذي انتقلت إليه في مرحلة مديرة مكتب رئيس مجلس الإدارة؟

إن السكرتيرة قالت في التحقيقات إنها كانت مختصةً أيضاً بالإشراف على العلاقات العامة في الشركة، ويُفترض أنها إدارة مستقلة لها أفرادها ومديرها، وجميع ما يتعلق بأعمال مكتب رئيس مجلس الإدارة منذ ثلاث سنوات، ولكن منذ العام 1986، وهي تعمل بمكتب رئيس مجلس إدارة شركة النصر للمسبوكات

هذا النفوذ الأخطبوطي الذي يمتد بأذرعه ليبتلع من أمامه ليس له سوى تفسير واحد، هو أنها نجحت في تنفيذ انقلابٍ أبيض وغير معلن أصبحت بموجبه النموذج الموازي لرئيس مجلس الإدارة نفسه، بكل ما يعنيه ذلك من سيطرة وتحكم وقدرة على تمرير الأوراق وإجازة الصفقات، ونيل المكافآت والحوافز غير العادية

وفي الخليج يرددون مثلاً شعبياً يقول معناه: "تابع الشيخ..شيخ"

برئت ساحة رتيبة في قضية النصر للمسبوكات، وتوفي د. أسامة عبد الوهاب أثناء محاكمته، غير أن القضية لم تنته، إذ تنازعت سيدتان ودولٌ عدة بينها مصر وسويسرا على الفوز بأموال الرجل بعد وفاته.. ففي جلسات إعادة محاكمة عبد الوهاب أمام محكمة جنايات الجيزة في شهر سبتمبر أيلول 2005 فوجيء الجميع بمنعطف جديد في الأحداث: الزوجة الثانية

إذ تبين أن د. أسامة عبد الوهاب تزوج من سكرتيرته السابقة رتيبة كمال عامر قبل عام من التاريخ المذكور، وظهرت الزوجة الجديدة أمام المحكمة وطلبت إدخالها خصماً في مواجهة نيابة الأموال العامة، فيما أصرت زوجته الأولى منى ماهر على أنها الزوجة الوحيدة له، وطلب هشام حلمي رئيس نيابة الأموال العامة من المحكمة اعتبار الزوجتين من الورثة والحكم عليهما برد الغرامات التي قد تصدر ضد المتهم المتوفى

وبحسب رتيبة كمال الزوجة الثانية، فإن عبد الوهاب أصر على الزواج منها قبل عامٍ من وفاته، "وأبلغ نيابة الأموال العامة بذلك كردٍ لاعتباري والإهانات التي لحقت بي بعد أن اتهمتني وسائل الإعلام كذباً، فنالت مني وأسرتي واستغلوا أنني المتهمة رقم (12) في القضية وأطلقوا الشائعات وبرأتني المحكمة من جميع التهم المنسوبة، فأراد أن يعوضني عن الإهانات بالزواج مني. كنت أذهب لزيارته في المستشفى مع زوجته الأولى وابنيه، وهم يعلمون بأمر زواجي والآن ينكرون ذلك"

ونتابع تصريحات رتيبة لصحيفة "المصري اليوم" في عددها الصادر بتاريخ 10 ديسمبر كانون أول عام 2005، إذ تقول: "أنا لا أطمع في الميراث لأن جميع أمواله تتحفظ عليها المحكمة، لكنني واثقة من براءته بعد وفاته، وسأطلب من المحكمة إلغاء حكم الغرامة الصادر ضده، وإذا صدر حكم بها سأطعن عليه أمام النقض حتى أحصل على حكم بإلغائها. حينئذٍ سيكون من حقي اقتسام التركة مع باقي الورثة رغم أنه ليس هدفي لأنني من أسرةٍ ثرية، ولا أعرف شيئاً عن أموال عبد الوهاب التي لا يمكن لمصر استردادها إلا بحكم قضائي من المحاكم المختصة في الدول الأجنبية"
الصحافة لم تسلم هي الأخرى من حكايات السكرتيرة التي تصعد وتصعد تصعد.. على يد مديرها، وفوق أكتاف زملائها


وفي عهد إبراهيم نافع رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير جريدة "الأهرام" سابقاً، حصلت سكرتيرته الخاصة نادية جادو على منصب نائب رئيس التحرير مع أنها لا علاقة لها بالصحافة، ثم أصبحت مشرفةً على ملحق متخصص في شؤون التعليم، بعد تجاهل عناصر من عينة لبيب السباعي وغيره من كبار المحررين

وبين يومٍ وليلة وجدت سكرتيرته الثانية مها النحاس نفسها في موقع نائب رئيس تحرير "الأهرام" بعد أن حصلت على عضوية نقابة الصحفيين المصريين. ولم يكتف نافع بذلك، بل راح يقرر لها صفحتين متخصصتين أسبوعيتين بعنوان "الوجه الآخر" تشرف عليهما رغماً عن أنف محرري الشؤون العربية والخارجية الذين أصابتهم - إلى جانب آخرين - صدمةٌ عنيفة من جراء هذه التصرفات

محمد فودة هو النموذج الذكوري للسكرتير

وبحكم المنصب الذي شغله لفترةٍ كسكرتير صحفي لوزير الثقافة المصري فاروق حسني، تغيرت حاله وتعاظم نفوذه، حتى تورط في اتهامات بالفساد والرشى والتوسط بين المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة سابقاً ورجل الأعمال عمرو أبو حليقة

ولندع شريكه في قضية الرشوة ماهر الجندي يحكي عنه، إذ يقول لصحيفة "المصري اليوم" بتاريخ 7 يناير كانون ثانٍ 2008: "أعرف أصله وفصله.. فهو شخصٌ حصل على دبلوم صناعة في الغربية وساعده عبد الأحد جمال الدين (وزير الشباب والرياضة سابقاً) في التعيين بوزارة الثقافة، وبعدها بأشهرٍ قليلة فوجئنا به مستشاراً صحفياً للوزير، وكان يتردد على المحافظة وقت أن كنتُ محافظاً، لأنه كان يحضرُ الدعوات إلى حفلات الأوبرا والتي كان يقدمها الوزير للمحافظين"

ومن مجرد بائع آيس كريم في رأس البر وشخصية أقصى طموحاتها في الحياة أن يكون لها مكتب...مجرد مكتب، إلى متهم ثم مُدان في قضية نظرتها محكمة أمن الدولة العليا وتشير أوراقها إلى تورطه في الفترة من أغسطس آب 1997 وحتى 30 إبريل نيسان 1999 بالرشوة وتسهيل الحصول على عطايا وهدايا بما يخل بواجبه الوظيفي، فضلاً عن الاشتراك بطريق الاتفاق، والمساعدة على اختلاس أوراق وشكاوى

تخيلوا..أن فودة هذا براتبه العادي جداً وعمره الذي لم يكن في عام 2002 يتجاوز 32 عاماً أدين بالكسب غير المشروع وإقامة علاقات قوية مع عددٍ من كبار المسؤولين المصريين، وبينهم محافظ الجيزة سابقاً، بهدف التوسط لقضاء مصالح ذوي الشأن من رجال الأعمال مقابل مبالغ مالية يحصل عليها

إنها حكاية سكرتير بسيط تسلل في ظروفٍ ما إلى موقعٍ قريب من وزير الثقافة ليستغل نفوذه وعلاقاته بطريقة غير مشروعة، ويحقق ثروةً تجاوزت خمسة ملايين جنيه. الطريف أن محمد فودة قدم إلى النيابة العامة ألبوم الصور الذي يجمع بين عائلة ماهر الجندي وعائلته، قائلاً: "لقد قدمت هذا الألبوم حتى أؤكد مدى العلاقة الأسرية التي تجمع بيني وبين محافظ الجيزة السابق"

رشى السكرتير للمحافظ شملت أموالاً طائلة وصلت إلى مليون جنيه، بعضها لقيام المحافظ السابق وزوجته وابنه بأداء العمرة، وبعضها الآخر لإجراء عمليةٍ في عينه، وقسم ثالث هدايا لزوجة ابنه والمولود، بخلاف المشغولات الذهبية والولائم في الفنادق الكبرى، وعدد أربعة خراف بمناسبة عيد الأضحى المبارك

وفي وزارة الثقافة أيضاً، قدمت خديجة لملوم - مديرة مكتب الوزير سابقاً - نموذجاً آخر للتورط في قضايا واتهامات بالفساد، على الرغم من أنها تنتمي في الأساس إلى أسرةٍ عريقة، ولكن على ما يبدو فإن شبح الفساد يطارد كثيرين وقد ينجح في إقناعهم بنظرية "البحر يحب الزيادة"

ومن مكالمات الجنس إلى رحلات التسوق وصفقات بائع الآيس كريم، تتحول خرافة فساد السكرتيرة إلى حقيقةٍ صادمة تسكن في عقول كثيرين..وتصبح التهمة جاهزةً بمجرد أن تجد أمامك سكرتيرة مديرٍ أو مسؤول

الأمر أعقدُ بكثير من أن نجد له حلاً، ما دام الفساد مسيطراً، وطوفان الانحراف يغري أصحاب النفوس الضعيفة بالسقوط..والخروج عن النص

ولا عزاء للسكرتيرة

تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator