المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

الصقور.. والصخور


كلما دارت الكرة في حضور أهل الحكم وشجرة عائلة السلطة، قفزت إلى السطح تساؤلات

وهكذا نظر البعض إلى المشاركة الكروية البارزة لنجليّ الرئيس المصري بعين القلق والنقد، ومن هؤلاء الكاتب فهمي هويدي الذي حاول أن يقدم طرحًا هادئـًا لقضية حساسة، تتعلق بالإلحاح على التوظيف السياسي لفوز المنتخب الوطني بكأس إفريقيا لكرة القدم "الذي يُراد به إقناعنا بأن الذي فاز حقـًا هو النظام المصري وليس المنتخب، بما يعني أن الذي جلب الفوز حقًا ليس أداء الفريق، ولكنه الرعاية الكريمة التي أولاها له الرئيس مبارك، والمساهمة الكريمة التي قام بها نجلاه في تشجيع الفريق، إذ من حق أي أحد يسمع هذا الكلام أو يقرؤه أن يتساءل عن رد فعل الإعلام المصري في حالة ما إذا كان الفريق قد خسر المباراة النهائية، وهل ستُعدّ تلك "نكسة" جديدة وهزيمة للنظام المصري تستدعي إقصاء "المدرب" والجهاز الإداري؟

"ومن حقه أيضًا أن يتساءل عن السبب في أن المساهمة الكريمة للنجلين لم تُحدث مفعولها في الخرطوم، حين شهدا هزيمة الفريق المصري أمام المنتخب الجزائري، في حين أن مفعولها كان أقوى في لواندا"

ويحمل الكاتب بوضوح على الإعلام والدور الذي يلعبه في هذه الحالة، ويحذر من التداعيات والعواقب، فيقول إن "ثمة خطاب في الإعلام المصري يصرّ على إقحام اسم الرئيس والزج بابنيه في مشهد الفرح، وهي مبالغة أخشى أن تُحدث مفعولا عكسيًا، باعتبار أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، كما يقال

"وإذ أفهم جيدًا وأقدّر أن الرئيس وأسرته أسعدهم الفوز الذي حققه المنتخب، شأنهم في ذلك شأن أي أسرة مصرية أخرى، لكن هناك فرقًا بين الفرح للفوز وبين محاولة اختطافه وتحميله أكثر مما يحتمل، بحيث يغدو شهادة تفوّق وجدارة للنظام في مصر"
ويلفت هويدي الانتباه إلى ذلك السؤال الذي وجّهه أحد محرري "الأهرام" إلى لاعب المنتخب المصري محمد زيدان، وكان نصه كما يلي:

"ماذا يمثل وجود ابنيّ الرئيس معكم في اللقاء النهائي؟"

سؤال لك - كما يقول الكاتب- أن تتصور الرد الطبيعي عليه من جانب اللاعب، الذي كان لا بد أن يؤكد فيه اللاعب أن ذلك الوجود أحدث دفعة قوية للمنتخب ساعدته على تحقيق الإنجاز

الانتقادات التي تربط بين السياسة وكرة القدم لم تغب يومًا عن المشهد، وخصوصًا في فترات الأزمات

ومع أن كرة القدم "حالة جماهيرية أكثر منها سلطوية"، فإن التفاف الجمهور حولها لتعطشه لإنجاز ما يدفع الساسة إلى الحضور بقوة من أجل تسويق أنفسهم، وهو ما ظهر بوضوح في "دورة بطولة الأساتذة الأولى للكرة الخماسية"، التي أقيمت بمدينة "6 أكتوبر"، وشارك فيها نجلا الرئيس علاء وجمال مبارك بفريق اسمه "الصقور"، ونالت البطولة تغطية إعلامية خاصة. بدت تلك البطولة "فرصة لتسليط الضوء على جمال مبارك، لجمهور عريض مهتم بكرة القدم، وإرسال رسائل خاصة مثلما حدث عندما اعترف بعدم أحقية فريقه في هدف غير صحيح احتسبه الحكم، ونال تصفيق الجميع، في رسالة أخرى، لإظهاره كقدوة أخلاقية


 
وفي منتصف سبتمبر 2008، تعرض جمال مبارك، أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، لانتقادات حادة على يد محمد عبود المحرر العام لجريدة "الطريق" الأسبوعية في مصر

يقول محمد عبود:

"وقد يتساءل كثيرون أين كان جمال مبارك أثناء كارثة الدويقة؟ والحقيقة أنه لم يكن في غرفة مركزية يتابع عمليات الإنقاذ، ولا كان في مبنى الحزب الوطني يجهز مشروع إسكان بديل للمشردين في الدويقة، ولا فكر في مبادرة ضخمة لإعادة تأهيل وتسكين 15 مليون مصري يعيشون في العشوائيات

"بدون إطالة جمال مبارك كان بيلعب كرة في "بالم هيلز"

"السيد رئيس لجنة السياسات اختفى عن الأنظار؛ لأنه كان مشغولا عن "الصخور" باللعب مع فريق "الصقور"، فهو غير معني بسكان الدويقة"

والأمانة تقتضي القول إن جمال مبارك، وصفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطني، ود. زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، قاموا بزيارة تفقدية لمعسكر الفسطاط، للوقوف على مطالب أهالي منشأة ناصر المقيمين في المعسكر وعددهم 135 أسرة، وتحدث جمال خلال زيارته إلى أهالي الدويقة وطمأنهم بأن مطالبهم سوف تتم الاستجابة لها بصورة كاملة، وأن التسكين سيتم في أسرع وقت"

وفي كواليس السياسة، بقيت الكرة على الدوام أحد مفاتيح الحل.. والأزمة أحيانًا


تابع القراءة

gravatar

صورة مع الفرقة المنصورة



في شتاء عام 2010 كانت الاحتفالات الصاخبة ببطولة كأس الأمم الإفريقية في أنغولا حاضرة، وكذلك اسما علاء وجمال مبارك، نجلا الرئيس المصري حسني مبارك

"زي ما قال الريس منتخب مصر كويس".. "زي ما قال علاء وجمال منتخبنا كويس".. بهذه الهتافات التي غناها ورددها المطرب عمرو دياب مع 50 ألف شخص، تحول المهرجان الذي نظمه المجلس القومي للرياضة، بالتعاون مع اتحاد كرة القدم، مساء 5 فبراير 2010، باستاد القاهرة، بمناسبة فوز المنتخب المصري ببطولة كأس الأمم الإفريقية من تكريم المنتخب، إلى احتفال بعلاء وجمال مبارك

الطريف أن المقصورة الأمامية للاستاد غصت بضباط الشرطة وأجهزة سيادية أخرى، كذلك المئات من أمناء الشرطة الذين ارتدوا ملابس "مدنية" لتأمين جمال وعلاء



في بداية الاحتفال، صعد اللاعبون واحدًا تلو الآخر إلى المقصورة الرئيسية التي جلس فيها علاء وجمال مبارك لتحيتهما والتصوير معهما، واصطحب قائد المنتخب أحمد حسن ابنته والكأس الإفريقية للتصوير مع نجلي الرئيس، وكذلك وائل جمعة وابنه

وهكذا، تراجع الانتصار الكروي، ليخلي مكانه لسطوة السلطة ونجلي الرئيس



ولعل أهم فوز حققه منتخب مصر في البطولة الإفريقية في أنغولا، وهو الفوز على منتخب الجزائر برباعية نظيفة في المباراة التي أقيمت في 28 يناير 2010، كان فرصة جديدة لإعادة التذكير بالارتباط المتزايد بين منتخب مصر من جهة وعلاء وجمال مبارك من جهة أخرى. ففي أعقاب الفوز العريض، برر البعض هذا التفوق الكروي بإجادة اللاعبين المصريين وخطة المدرب حسن شحاتة، إلخ. وهناك أيضًا من تحدث عن إقامة المباراة في أنغولا، بعيدًا عن الشحن الإعلامي المعتاد بين المنتخبين

 غير أن البعض عزا الفوز إلى أننا "لم نستمع إلى لغط مذيع يتحدث عن "معركة مع العدو الجزائري"، أو نشهد حيرة الكاميرات وهي تبحث بشغف عن وجه جمال أو علاء مبارك ليتصدر المشهد حين يحرز الفريق المصري هدفًا، فقد كان بالإمكان أن نشاهد هذه المرة مباراة كرة قدم حقيقية بين فريقين يتنافسان بشرف للفوز ببطولة رياضية، وبين مدربين يحاول كل منهما إظهار تفوقه في رسم خطط وتكتيكات تمكنه من إحراز النصر، بدلا من شيء يشبه الحرب بين دولتين شقيقتين"

لنتذكر هنا أنه في قلب الأزمة الكروية بين مصر والجزائر اعتبارًا من نوفمبر 2009، وُجهت انتقادات إلى نجليّ الرئيس وتصريحاتهما لدى اندلاع الأزمة، ومن ذلك ما كتبه الإعلامي أحمد سعيد حين قال: "وكيف نصر في مكابرة هستيرية يقودها ولدا الرئيس وأحدهما يصرخ "بلا قومية".. وكأن القومية منحة من مصر للعرب.. بينما هي في الأصل مصلحة لمصر مع كل العرب" . وكان أحمد سعيد يشير إلى مداخلات على الهاتف أجراها علاء مبارك مع عدد من البرامج التليفزيونية، وأبدى خلالها غضبه من الجمهور الجزائري وانتقاده للمواقف الجزائرية


أما جمال، النجل الأصغر للرئيس مبارك، الذي يواظب على حضور المباريات المهمة والبطولات الكروية التي يكون المنتخب المصري طرفا فيها، فإن كثيرين يتذكرون تصريحه في أعقاب لقاء القاهرة بين المنتخبين والجزائري، حين قال "إن هناك العديد من الدروس المستفادة من المباراة، بينها أننا سنواصل الاهتمام بالرياضة لتخريج أبطال يحققون الانتصارات لمصر في كل المجالات وأتمنى أن نرى الفرحة التي رأيناها والتي جسدت الانتماء للدولة"

 
ربط لا تخطئه العين بين السياسة والكرة بخيوط من حرير



والمُلاحَظ أن هناك ربطا واضحًا في أذهان كثيرين بين الحضور الكروي لنجليّ الرئيس مبارك وبين القضايا السياسية والاجتماعية الأخرى، حتى إن البعض حاول استثمار هذه الحالة لحث نجليَ مبارك على المشاركة في احتواء الاضطرابات وتخفيف حدة التوتر في أنحاء مصر

الكاتب والسيناريست وحيد حامد كان واضحًا في طرحه لتلك القضية، إذ كتب قائلا:

"وقد توقفت طويلا أمام الأحداث الأخيرة والمفزعة التي نتجت بسبب مباريات كرة القدم والتنافس المشتعل ثم الفرح بالفوز الذي هو انتصار للإرادة المصرية والدليل القاطع على أننا نستطيع أن نكون عندما نريد أن نكون

"وقد كان السيدان علاء وجمال في طليعة المشجعين وهذا أمر طيب ومحمود على اعتبار أنهما من أفراد هذا الشعب الذي يتلهف إلى الفرحة ولمكانتهما في قلوب الجماهير بفضل أنهما أولاد الرئيس والضرورة تقتضي أن يشاركا الجماهير الفرحة.. وأيضًا المشاركة في المناسبات الاجتماعية والدينية.. والإنسانية والوطنية.. وأيضا المناسبات الحزينة التي تصيب الشعب المصري كله

"من المؤكد أن وجود السيدين علاء وجمال في الأماكن التي دمرتها السيول ومشاركة المنكوبين مأساتهم الإنسانية وهي من كوارث الطبيعة كان سيكون له أكبر الأثر الطيب والحميم في نفوس أهل مصر جميعا، قد يقول قائل ولكن الرئيس الأب فعل ذلك.. نقول وأيضًا الرئيس الأب شارك المنتخب الفرحة.. وجود السيدين في صعيد مصر للمشاركة في إخماد نار فتنة كادت تشتعل بسبب حماقة شخص مأفون صناعة الأعيان المهووسين بالزعامة والجاه والجبروت.. وجودهما في مكان وزمان هذه المحنة كان سيكون أصدق تعبير عن رفضهما لكل ما يهدد وحدة الوطن الواحد والمشاركة الفعلية لهموم الناس، ويؤكد تواصلهما مع الناس والإحساس بهم"

وسرعان ما تحول استثمار التألق الكروي من جانب قوى اجتماعية وسياسية أخرى، للحديث عن دور مطلوب وأكثر فاعلية لكل من علاء وجمال مبارك في القضايا المختلفة المرتبطة بالشأن العام. وفي هذا السياق يقول د. إبراهيم البحراوي، الكاتب وأستاذ الأدب العبري:

"إن ندائي لنجليّ رئيس الجمهورية علاء وجمال يصدر من واقع دورهما البارز في الحياة العامة. إن صورهما التي تصدرت حفل الاستاد مع منتخب مصر الفائز ببطولة إفريقيا للكرة يوم الجمعة الماضي ليست البرهان الوحيد على فاعلية الدور الذي يقومان به

 
 ويضيف د. البحراوي قائلا: "لقد شهدت تغطية قناة "الحياة" لوجودهما في غرفة الملابس مع الفريق بأنغولا في أعقاب الفوز، وشاهدت حماس جمال وإحساسه بالعزة وهو يهتف داخل الغرفة وكذلك إحساس أخيه الأكبر علاء

"إننا أمام حقيقة واقعة، وهي أن ابنيّ الرئيس يقدمان التشجيع والدعم الفعال للنهضة الرياضية بالحشد الإعلامي والجماهيري والمساندة المالية والسياسية المدعومة من القصر الرئاسي. إن قدرة هذين الرجلين الهائلة والواقعية على التأثير تدعوني إلى توجيه النداء إليهما بأن ينضما إلينا نحن أساتذة الجامعة لتشجيع قضية النهضة العلمية في الجامعات الحكومية فنحن نؤمن بضرورة حشد كل القوى الفاعلة والمؤثرة خلف هذه القضية، خاصة إذا كانت من الشخصيات ذات الاحترام والوزن"

على أن هناك من نظر إلى هذه المشاركة الكروية البارزة لنجليّ الرئيس المصري بعين النقد والقلق


تابع القراءة

gravatar

حوار.. في الأهرام

تابع القراءة

gravatar

سهرة مع حسن شحاتة


نأتي إلى الأفراح.. والأتراح

ونحن في الأمرين معًا، نرسب في اختبار ضبط النفس

مجلة "فورين بوليسي" قالت في تقرير لها إنه في أعقاب أحداث مباراة أم درمان الفاصلة بين مصر والجزائر كاد الرئيس مبارك أن يضغط على الزر الأحمر لإرسال قوات مصرية خاصة لحماية مواطنيه في السودان. وتقول المجلة: "الحمد لله، أنه لم يضغط على الزناد"، وأشارت إلى غضب الرئيس ظهر جليًا في خطابه الذي هدد فيه بعدم التسامح مع أولئك الذين يمسون كرامة أبناء مصر 

غير أن هذا التفسير لا يلقى قبولا من جانب كثيرين يتذكرون أن الرئيس مبارك قال في لقاء شعبي بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الأزمة "اطمأننت على أبنائي المصريين، في السودان والجزائر عقب انتهاء المباراة الفاصلة التي أقيمت بأم درمان في 18 نوفمبر الماضي بين منتخبي البلدين، بعدما شهدته من أحداث، وعلاقاتنا مع الجزائر لا تهزها بعض الأحداث العارضة"

وكان الرئيس مبارك قد أجرى اتصالا هاتفيا مع المدير الفني لمنتخب مصر لكرة القدم حسن شحاتة بعد انتهاء المباراة الفاصلة مع منتخب الجزائر في أم درمان، وطالبه بفتح ميكروفون الهاتف، ليصل كلامه إلى اللاعبين، حيث أكد له دعمه ومساندته للفريق، ودعاهم إلى نسيان الخسارة والتركيز في المرحلة المقبلة والمنافسة على إحراز بطولة أمم إفريقيا 2010، وتابع: "من المهم أن ينهض الفريق من هذه الكبوة سريعًا ليعوض الشعب المصري بلقب الأمم الإفريقية المقبلة في أنغولا" . وأضاف "انتوا فرحتوا مصر كتير.. والشعب كله بيحبكم يا حسن"، فرد شحاتة قائلا "ربنا يخليك يا ريس كان نفسنا نسعد الشعب"، كما وعد الرئيس مبارك باستقبال الجهاز الفني واللاعبين ومنحهم وسام الجمهورية، وهو ما حدث فعلا

وداخل غرفة خلع الملابس عقب انتهاء لقاء أم درمان، حرص علاء وجمال مبارك على تهدئة اللاعبين داخل الغرفة، وقال علاء مبارك لهم بالحرف الواحد "يا جماعة ما تزعلوش.. فيه حاجات تانية لو مرّيتم بيها ممكن تقتلكم من الزعل.. اللي انتوا فيه دلوقت ده شيء بسيط جدا"، حتى قالت الصحف إن اللاعبين بكوا تأثرًا بكلماته



تكررت تلك الأبوة الكروية في بطولة كأس القارات التي أقيمت في جنوب إفريقيا في يونيو 2009، حين تعانقت مجددًا كرة القدم مع السياسة. ففي أعقاب فوز منتخب مصر على نظيره الإيطالي حامل لقب بطل كأس العالم لكرة القدم لعام 2006، تحدثت تقارير صحفية عن سعادة عارمة سيطرت على أعضاء البعثة المصرية بعد تلقيهم التهاني من الرئيس حسني مبارك بالفوز بعد دقائق معدودة من انتهاء المباراة، بالإضافة إلى الحوار الذي جمع مبارك مع حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب

حوار السياسة مع الكرة لم يخلُ من الدراما التي تستحق أن تُروى

كان سكرتير الرئيس أجرى اتصالا هاتفيًا بشوقي غريب المدرب العام للمنتخب على تليفون الأخير، وتزامن ذلك مع وجود غريب في المؤتمر الصحفي الذي يعقب المباراة فقامت بالرد على الهاتف إيناس مظهر المنسق الإعلامي للمنتخب والتي طلبت من سكرتير الرئيس الحصول على فرصة 10 دقائق، ولكنه أجاب باستحالة الانتظار كل هذه الفترة وعلى الفور تحركت إيناس سريعا من الدور الثاني بملعب المباراة إلى غرف الملابس في أقل من دقيقة لإعطاء الهاتف إلى حسن شحاتة بناء على طلب سكرتير الرئيس


وبالفعل تلقى حسن شحاتة الهاتف ودار بينه حديث مفعم بالمشاعر مع الرئيس المصري الذي بدأ كلامه بالقول: "إنت عارف يا حسن إنك سهرتني النهارده أتفرج عليكم وأنا الحمد لله فرحان بيك وبإنجازاتك مع المنتخب"، وأجابه المدير الفني للمنتخب بالقول: "يا ريس الحمد لله ونشكر لك دعمك المتواصل لنا في كل مكان"



وهنأ الرئيس مبارك مرة أخرى المدير الفني للمنتخب المصري وقال له: "ياريت توصل بالمنتخب إلى الدور قبل النهائي إنتم بالفعل أبطال يا حسن"، ورد المدير الفني للمنتخب بدوره: "بإذن الله هانوصل الدور قبل النهائي، ودي أقل هدية نقدمها لسيادتك ونحن نفخر بدعمك المتواصل لنا"

حتى علاء مبارك، النجل الأكبر للرئيس المصري، نقلت عنه الصحف قوله في أعقاب المباراة لحسن شحاتة: "اتفرجنا عليكم وإحنا واقفين"

 

وفي أعقاب فوز منتخب مصر ببطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت في أنغولا عام 2010، صوَّر البعض هذا النصر الكروي على أنه ثمرة ملحمة صنعتها القيادة السياسية، التي أبقت على الأمل في النفوس ورسمت ملامح الطريق إلى البطولة


يقول د. عبد المنعم عمارة، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة سابقًا، في مقال له:

"في رأيي أن مقدمات النصر جاءت بعد هزيمة الفريق من الجزائر في موقعة أم درمان، بدأت بعد أن بدأنا جميعًا نزمجر ونسن السكاكين ونمسك السواطير والخناجر والمسدسات لفريقنا الوطني، يا داهية دقي، نخرج من بطولة كأس العالم.. ده كلام، كيف ولماذا ومن السبب؟ استعد الكتبة وميكروفونات الفضائيات، وقبل أن تبدأ ساعة العمل النقدي تدخل الرجل صاحب الفضل الذي حول هذا المساء مائة وثمانين درجة من أقصى الشمال إلى أقصى اليمين، فعلها الرئيس مبارك عندما اتصل بحسن شحاتة وأبنائه في السودان وواساهم وأعلن نيابة عن المصريين احترامه لهم ولوطنيتهم. وساعتها كان أجمل رد من شحاتة هو: إنني أعتذر يا سيادة الرئيس لأنني لم أنجح في تحقيق أمل المصريين

"كانت هذه اللحظة الفارقة التي بدلا من أن ينكسر فيها أفراد الفريق وقفوا بكل قوة وتعهدوا ببدء المشوار لبطولة الأمم الإفريقية. كانت هذه نقطة التحول التي حوَّلت إرادة الهزيمة إلى إرادة النصر

"حضرات القراء

"لو لم يتدخل الرئيس مبارك لكنا أكلنا لحم حسن شحاتة ومصصنا دمه وقرقشنا عظامه، بل ربما كنا سنرقص حوله كما يرقصون حول الفريسة في أدغال إفريقيا، نكتف يديه ورجليه ونكمم فمه حتى لا ينطق ثم نشعل حوله النيران ونبدأ رقصة الحرب التي كنا نراها في أفلام الهنود الحمر قبل التخليص على الفريسة. بل ربما كان سيطالب البعض بسحل حسن شحاتة، ونفيه إلى أقاصي صحراء مصر وتركه هناك دون ماء وحيدًا، ونتركه للنسور والصقور لتكمل المهمة"

هكذا نتعامل دائمًا: بالقطعة!



وهكذا نتصرف باستمرار: نرفع إلى عنان السماء، أو نخسف في الدرك الأسفل من نار غضبنا



ولأننا في الرياضة نشبه أنفسنا في الحياة اليومية، فإن الخطايا تتكرر، والصورة تضيع ملامحها، ولا يبقى أمامنا في كل مرة نواجه فيها الحقيقة، سوى تحطيم كل  ما نملكه، سواء أكان بطلا أو بطلا.. من ورق
تابع القراءة

gravatar

أمير الحرب الشعبية




رسمت الثورة الكروية ملامح ديمقراطية مفقودة في الشارع

غير أن نجومية الكرة قد تتحول إلى نوع من الحصانة أو تمنح قدرًا من الامتياز لصاحبها. وهو أمر برز في عدد من القضايا والحوادث التي تورط فيها لاعبو كرة، قبل أن يتم تسوية مشكلاتهم بشكل أو بآخر

 ومن ذلك ما جرى حين تم توقيف محمد زيدان، لاعب المنتخب القومي المصري، قبل سفره إلى ألمانيا لإلزامه بالانخراط في سلك الجندية وتأدية الخدمة العسكرية. زيدان الذي يلعب محترفًا في صفوف فريق بروسيا دورتموند الألماني، أدلى بحديث إلى صحيفة "بيلد" الألمانية عقب توقيفه بالمطار، ذكر فيه أن مسؤولا قال له إنه يتفهم وضعه، وهـو موقف قد يبدو مناقضًا لموقف المخبر وأمين الشرطة اللذين وجهت إليهما تهمة قتل خالد سعيد، وكان من ضمن التهم التي كالها مسؤولو الداخلية له التهرب من الخدمة العسكرية!

كانت النتيجة بالنسبة للشاب السكندري خالد غير النتيجة بالنسبة للشاب البورسعيدي زيدان رغم أن كليهما مصري، ويقترب كل منهما من الآخر في العمر، كما أنهما من أبناء مدن مصر الساحلية. الفارق الوحيد بين الاثنين أن زيدان يجيد اللعب بالكرة التي منحته المال والنجومية والشهرة اللازمة لإقناع مسؤولين بمسألة تأخره في أداء الواجب الوطني، والثاني كان يجيد لغة "الكيبورد" والدخول إلى عالم الكمبيوتر، ليخرج من عالمنا حاملا لقبا أطلقته عليه وسائل إعلام محلية: "شهيد الطوارىء"

ولعل هذا ما دفع أحد أساتذة الإعلام إلى كتابة مقال صحفي يحمل عنوان "المجد لـ"زيدان".. والموت لـ"خالد" بـ"المجان" !

ولأنها هتاف الصامتين، وأداة المتسلقين، فقد بقيت كرة القدم في دائرة الضوء، بعد أن مدت بينها وبين السياسة خيوطًا من حرير

وتجلى ذلك في أعقاب اندلاع الأزمة الكروية بين مصر والجزائر، والشكوى من اعتداء جمهور جزائري متعصب على مشجعين مصريين بعد المباراة الفاصلة من أم درمان

ففي ذروة الغضب وحكايات الاعتداء على مشجعين مصريين في أعقاب المباراة، ظهر وزير الإعلام أنس الفقي على شاشة التليفزيون ليتلو الخبر المهم: "الرئيس مبارك اتصل بالرئيس عمر البشير وأخبره إن لم تكن قوات الأمن السودانية قادرة على حماية المصريين فإن القوات المصرية ستقوم بذلك". وروى ابنا الرئيس، علاء وجمال، أنه لم ينم ليلتها بعد حكايات مطاردة المشجعين المصريين في شوارع الخرطوم. وفي خطاب أمام أعضاء مجلسي الشعب والشورى، قال مبارك بحسم: "رعاية مواطنينا بالخارج مسؤولية الدولة، لا نقبل المساس بهم، أو التطاول عليهم، أو امتهان كرامتهم، إن كرامة المصريين من كرامة مصر، ومصر لا تتهاون مع من يسيء لكرامة أبنائها"



مرتزقة!

هكذا وصف علاء مبارك ـ لأحد البرنامج الرياضية ـ المشجعين الجزائريين في مباراة أم درمان. والغريب أن تعليقه هذا حينما نشر بالفيديو على الموقع الإلكتروني لصحيفة "اليوم السابع" وجد تجاوبًا كبيرًا تمثل في تعليقات كثيرة أشادت به وبالرئيس حسني مبارك . وخلال أقل من أسبوع واحد شارك علاء مبارك عبر التليفون في ثلاثة برامج تليفزيونية مصرية واسعة الانتشار، أولها: في برنامج "الرياضة اليوم" الذي يقدمه خالد الغندور على قناة "دريم"، حيث أدلى في اليوم التالي لمباراة أم درمان مباشرة بحديث استغرق خمس عشرة دقيقة شاهدنا خلاله الغندور يذرف دموعًا أثناء حديث نجل الرئيس إليه، وثانيها: في برنامج "البيت بيتك" الذي يقدمه خيري رمضان وتامر أمين على القناة الأولى، حيث شارك بعد حديثه الأول بيوم واحد بحديث ثان حول الموضوع نفسه استغرق أكثر من 40 دقيقة، وثالثها: في برنامج "القاهرة اليوم" الذي يقدمه عمرو أديب

وهكذا أصبح علاء مبارك فجأة - وبعد غياب طويل عن الأضواء- نجم الإعلام الأول طوال الأسبوع الأول للأزمة الكروية

غضب علاء مبارك من السلوك الجزائري نفخ النار بعد موقعة أم درمان وقبلها موقعة القاهرة، وبمكالمات هاتفية على شاشات الفضائيات اندلعت النيران، وتأججت من خلال "الإعلام الرياضي"، لتأكل ساعات الانفلات تاريخا طويلا مشتركا مخضبا بدماء عربية وتضحيات لا يمكن إنكارها

صحيفة "لوس أنجليس تايمز" قالت في تقرير لها إنه إذا كان هناك مصري واحد استفاد من الأزمة بين مصر والجزائر في أعقاب مباريات كرة القدم بين البلدين في إطار تصفيات كأس العالم، فإن هذا الشخص سيكون علاء مبارك الذي ارتفعت شعبيته بشكل ملحوظ إثر تصريحاته للإعلام تعليقا على ما جرى في المباراة الفاصلة

لقد صنعت وسائل الإعلام من علاء مبارك أميرًا للحرب الشعبية ونصّبت أباه الرئيس بطلا للكرامة المستعادة، وكأن أحداث ليلة الخرطوم جاءت في موعدها مع القدر السياسي تمامًا
 

غير أن ما أقلق كثيرين في تصريحات علاء مبارك، التي حرص - للأمانة- على أن يسبغ عليها صفته كمواطن عادي وليس صفة ابن الرئيس، هو أحكامه القيمية التي انطلقت من نوبة غضب. فقد اعتبر علاء أن ما حدث كان مدبرًا ومقصودا من جانب الجزائر، وأنه يعكس كرهًا عميقا وصفه بأنه غلّ "غير مفهوم" أو مبرر يكنه الجزائريون تجاه كل ما هو مصري. وأنكر علاء في مداخلته التليفونية وجود جزائريين يكنون الحب أو الاحترام للمصريين، فقال: "هناك من يقول في جزائريين كتير بيحبونا، لكن هما فين؟ يتحركوا، يتكلموا، إحنا عارفين النظام هناك وكيف يدار، لكن فين الناس العادية؟ فين الناس اللي بتاخد موقف؟"، وأضاف "إيه الخطأ اللي عملناه في القاهرة؟ ممكن يكون حد رمى طوبة على الأتوبيس، لكن فريقهم جاي بيتلكك"

وأشار علاء إلى أن الأمن السوداني قال له إن هناك 30 ألف مشجع جزائري خارج استاد أم درمان بخلاف 9 آلاف مشجع حضروا المباراة، وهو ما أدى إلى وجود التحرش والمشكلات و"السفالة" و"البذاءة" التي حدثت: "قعدنا ساعتين بنتابع الوضع بعد المباراة، وكويس إن إحنا قعدنا واستنينا المنتخب". علاء نوّه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن المصريين أكثر تحضرا وأقل همجية، وقال إن جمهور المنتخب الجزائري كان "مجموعة من المرتزقة خريجي السجون، بينما كان جمهور المنتخب المصري من الأسر والعائلات" 

وأشار إلى أحد معارفه الذي تعرض للضرب والإهانة من جانب جزائريين أمام أسرته لمجرد أنه مصري. علاء تهكم على عدم إتقان الجزائريين اللغة العربية قائلا: "يكلمونا عربي الأول علشان نعرف نرد عليهم، ومفيش حاجة في الجزاير اسمها صحافة خاصة، وبقالهم سنة كل موضوعاتهم شتيمة في مصر، قبل ما نسافر الجزاير، كنا عارفين إن هيبقى فيه لبش، لكن ماكناش نعرف إن في شغل العصابات ده"

آراء سياسية شائكة من رجل لا يستطيع أن يخرج من جلده كابن لرئيس الدولة، فلو لم يكن كذلك لما سمح له، على سبيل المثال، بالحديث لمدة 40 دقيقة في برنامج "البيت بيتك". وهو نفسه بدأ تلك المكالمة بممازحة خيري رمضان وتامر أمين مقدمي البرنامج قائلا لهم "اسمحوا لي أستغل نفوذي لأول مرة كابن لرئيس الجمهورية، وأن تعطوني الوقت الكافي للكلام"، مضيفًا "لما المواطن العادي بيكلمكم 5 دقايق انتو بتقطعوا عليه المكالمة، إنما أنا عايز آخد وقتي"، وهو ما رد عليه تامر أمين بقوله "إحنا استحالة نقطع الخط.. ده حتى لو حبينا نقطعه مش هنعرف"

لم يكن نجل الرئيس المصري يتحدث في موضوع "رياضي" وإنما يبدي وجهة نظر في أزمة سياسية بالغة الحدة تكاد تعصف بالعلاقات بين بلدين شقيقين. وإذا كان علاء مبارك قد حظي بشعبية واسعة بعد هذه التصريحات التليفزيونية، لدرجة أن الآلاف من مستخدمي الإنترنت أشادوا به على مدوناتهم، كما دعت مجموعة على الفيس بوك إلى توليه الرئاسة خلفا لوالده، فإن هناك من رأى أنه فضّل "ركوب موجة الغضب الشعبي لحسابات سياسية لا علاقة لها بالمصالح المصرية الاستراتيجية العليا"، وبدا للبعض أنه "وظّف سياسيًا وبدأ يمارس، بوعي أو دون وعي، دورًا سياسيًا لا يناسبه لأنه يجري من دكة الاحتياط"

وفي مقاله الافتتاحي كتب الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة "الدستور" مقالا توقف عنده البعض، حمل عنوان "12 سببًا وراء حب المصريين لعلاء مبارك"، قال فيه إن علاء "بسيط وطبيعي وتلقائي ووشه سمح"، و"لم يشتغل بالسياسة فلم يضطر ليقول للناس أوهامًا على أنها حقائق"، ويعيش "بين الناس فلا صولجان حوله ولا هيلمان وراءه ولا زفة منافقين تحيطه"، قبل أن يختم بالقول إنه لهذا عندما تحدث علاء مبارك عن أحداث مباراة مصر والجزائر في الخرطوم "أحب الناس صدقه وصدَّق الناس حديثه، حيث أحسوا أنه مش عامل فيها ابن الرئيس ولا أمين السياسات الذي ينتظر تصفيقًا وتهليلا ولا تكلم عن دولته أو عن حكومته مدافعًا أو مادحًا، وكان صريحًا وبسيطًا ومباشرًا وشعبيًا رغم رد الفعل الجزائري الخشن تجاه تصريحاته"



والحقيقة أن علاء مبارك حرص خلال عامي 2009 و2010 على زيارة معسكرات المنتخب والأندية، عندما يكون الأمر متعلقا بمواجهة كروية بين جانب مصري وآخر جزائري، "فما دامت "ون تو ثري.. فيفا الجيري" حاضرة، فنجل الرئيس في مقدمة صفوف المشجعين في مقاعد الاستاد وقبلها في تدريبات الاستعداد للمباراة

هناك من رأى أن قراءة تحركات علاء مبارك فيما يخص الجزائر "تعكس ملامح شخصية مشجع الكرة، التي تعتبر الفريق المنافس عدوًا ما لم يهزم، وتختار الكراهية والبغضاء لمجرد لحظات لو فحصها العقل، لانتهى إلى كونها لا تستحق"

وأثار مقال كتبه د. حسن نافعة، بعنوان "علاء.. والكرامة المصرية"، حول الظهور الإعلامي لعلاء مبارك، الجدل حول طبيعة ظهور علاء مبارك بهذه الصورة

وانقسمت تعليقات القراء على الموقع الإلكتروني لجريدة "المصري اليوم"، والتي وصلت إلى 234 تعليقا، بين مؤيد لعلاء مبارك باعتباره متحدثًا باسم الشعب وابن بلد، وبين المؤيد لرؤية الكاتب التي تصر على أن هناك أسبابًا سياسية دفعت علاء للظهور الإعلامي. وتساءل القارىء خالد هلال في تعليق إلكتروني على المقال: "كان فين علاء لما الأطباء المصريين اتجلدوا 1500 جلدة في السعودية ولما السفير المصري في العراق اتقتل، ولما الغلابة غرقوا في العبارة.. آه يا بلد" 

وبدا السؤال معلَقا في رقبة الجميع
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator