المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

ثلاث من عشر




كان ساحر الكرة في زمانه، السيد الضظوي، بطل أكثر من حكاية توضح أبعاد لعبة الكلمات المتقاطعة بين السياسة وكرة القدم
بداية، تعالوا نتعرف على هذا اللاعب الفذ
لعب السيد محمد التابعي (14 سبتمبر 1926- 24 ديسمبر 1991) للناديين الأهلي والمصري والمنتخب القومي، وكان من اللاعبين القلائل الذين ظلوا طويلا في الملاعب. ظهرت موهبته الكروية منذ صغره ولعب بفريق مدرسة النيل الابتدائية ثم بفريق مدرسة بورسعيد الثانوية، وفي إحدى مباريات دوري المدارس شاهده حسين الديب مدرب النادي المصري في ذلك الحين، فأعجب بأدائه واصطحبه إلى عبدالرحمن لطفي باشا رئيس النادي المصري آنذاك وتم قيده في صفوف الفريق عام 1943
وأصبح النجم الأول بالنادي المصري حتى موسم 1956 حيث انتقل للعب بالنادي الأهلي




فاز بلقب هداف الدوري 4 مرات، ثلاث مرات منها مع النادي المصري والرابعة مع النادي الأهلي موسم 1958- 1959 حيث أحرز 14 هدفًا، وسجل مع الأهلي 41 هدفًا في المواسم الأربعة التي لعبها معه بمعدل عشرة أهداف كل موسم كما سجل 8 أهداف مع الأهلي في كأس مصر ليصل رصيده إلى 49 هدفًا. حقق مع الأهلي الفوز بأربع بطولات للدوري العام من 1956- 1957 حتى 1960- 1961، بالإضافة إلى كأس مصر عامي 1958 و1961

دخل الضظوي نادي المئة قبل نظرائه من نجوم مصر، ومن المؤسف أنه حقق شهرته في زمن لم يكن قد شهد انتشار التليفزيون وثورة الفضائيات. ترجع تسميته بـ "الضظوي" إلى تقليده للاعب إيطالي يسمي ديزي لوكيتي، فاشتهر عند أهل بورسعيد بـ "ديزي" الصغير ثم تحولت إلى "الضظوي". ونظرًا لمشاركاته المتعددة في بطولات العالم العسكرية تبناه المشير عبدالحكيم عامر وعينه مساعدًا في القوات الجوية (صول) ورقي حتى رتبة ملازم أول


كان الضظوي نجم مباراة مصر وألمانيا التي فازت فيها مصر 2-1 بل إنه أحرز هدف الفوز لمصر، ومع ذلك أعطاه الناقد الرياضي نجيب المستكاوي درجة متواضعة: 3 من 10


باقي الحكاية يرويها المستكاوي كالتالي:
"بعدها بيومين كان لدى الفريق القومي تدريب في ملعب اتحاد الجيش بكوبري القبة استعدادًا لمباراة عسكرية مع إيطاليا وذهبت لمتابعة التدريب، فوجدت أن المشير عبدالحكيم عامر رئيس الاتحاد يتفرج عليه، ومعه الأخوة عامر محمد عامر ويوسف الشريعي أمين صندوق الاتحاد وعبدالصمد محمد عبدالصمد والمهندس حسن عامر وغيرهم، وبعد أن سلمت عليهم جلست خلف المشير مباشرة، ولاحظت أن الضظوي غير مشترك في التدريب، وإن هي إلا لحظات حتى حضر الضظوي وسلم وجلس إلى جواري فقد كان له معزة خاصة لدى المشير الذي كان يحلو له أن يشاغبه ويداعبه، فأشار إليّ وقال له:
- اللي بيذلك أهو!
وضحك المشير وقال لي: صحيح أنا عاوز أعرف لماذا أعطيته 3 من 10؟
قلت: بصرف النظر إنه طوال الوقت واقف يحرس القيراط الذي اشتراه في الملعب إلا أنه ارتكب خطأ كبيرًا في حق التربية؛ لأن الكرة العرضية التي أرسلها الجناح الأيسر فتحي خطاب كانت ذاهبة إلى الجوهري، فإذا بالضظوي يدفع الجوهري بيده، ليبعده عن الكرة حتى يسجل هو الهدف، فكان لزاما أن يعاقب على هذه الأنانية؛ لأنه كنجم كبير مثال وقدوة للشباب
وقهقه المشير وقال: عندك حق! لكن إزاي لحقت تشوف كل ده!
قلت: هذا عملي وواجبي يا فندم!
ونادى المشير على الضظوي وأوقفه أمامه وقال له: شايف بيقول إيه؟!
ولاحظ المشير أن أصابعه سوداء فقال له:
- إيه ده؟! أنت بتشرب كام سيجارة في اليوم؟
وقال الضظوي: 10 سجاير يا فندم!
فقال المشير: دي صوابع بتاعة 50 سيجارة! إياك يكون فيه "هباب" كمان؟!
وأقسم الضظوي أنه لا يوجد "هباب" وأن المسالة كلها شائعات"

الطريف أنه في أعقاب حرب يونيو 1967، أصدر وزير الحربية أمرًا باعتقال الضظوي وإحالته لمحاكمة عسكرية

ففي ظهيرة يوم قائظ من أيام شهر يونيو عام 1967، كان الضظوي جالسًا في مقهى مع عددٍ من أصدقائه في بورسعيد، حين جاءت سيارة جيب عسكرية وتوقفت فجأة أمام المقهى. قفز من السيارة ستة جنود، توجهوا مباشرة إلى حيث يجلس الضظوي، وحمله اثنان منهم من تحت إبطيه، واقتاداه إلى داخل السيارة التي انطلقت إلى القاهرة دون كلمة واحدة
بعد ثلاث ساعات كان سيد الضظوي يقف أمام مكتب وزير الحربية الفريق أول محمد فوزي والذي تولى منصبه قبل أسابيع قليلة، وكان مكلفا من قبل جمال عبد الناصر بإعادة بناء القوات المسلحة
وبعد أن أدى الضظوي التحية العسكرية وقال "تمام يا فندم"، قال له الفريق فوزي: أنت محال إلى محاكمة عسكرية يا أفندي
تساءل الضظوي في براءة وهو يرتعد: ليه يا فندم أنا عملت إيه؟ يا فندم إحنا كنا بنلعب كورة في كمبالا في أوغندا قبل النكسة بيوم ورجعنا بالقطار عن طريق السودان فوصلنا بعد النكسة

قال له وزير الحربية بحزم: أنت مش عارف عملت إيه روح بص في المرايا اللي هناك وأنت تعرف
اتجه الضظوي إلى مكان المرآة المعلقة فوق الحائط، ثم عاد وقال: مش شايف حاجة يا فندم!
رد الفريق فوزي بنبرة أكثر خشونة وغلظة: أنت لسه بتلبس البدلة الميرى يا أفندي رغم أنك مفصول من القوات المسلحة؟ أنت عارف لبس البدلة العسكرية لضابط مفصول معناه إيه؟ أنك نصاب ومحال لمحاكمة عسكرية
رد الضظوي مستعطفا ومندهشا: مفصول؟ إمتى يا فندم. والله العظيم ما أعرف يا معالي الوزير إني اتفصلت ما حدش بلغني بقرار الفصل
رد الوزير: أنت ما بتقراش جرايد؟
- لا يا فندم من يوم الكرة ما توقفت ما بقراش جرايد
وهنا ضغط الفريق فوزي على زر وسأل مدير مكتبه عن قرار فصل الملازم أول سيد الضظوي من القوات المسلحة، وعلم أن خطاب الفصل تم إرساله على عنوان اللاعب في النادي الأهلي!
قال الضظوي: يا فندم أنا مقيم في بورسعيد ولا أذهب للنادي الأهلي إلا قليلا!
وهنا أمر الفريق فوزي بتسليمه صورة كربونية من قرار الفصل قبل أن يشخط فيه آمرا: تخرج من هنا تقلع البدلة العسكرية وما تحطهاش على جسمك تاني وإلا هتدخل السجن، ثم ارتفع صوته وهو يقول: مفهوم؟
رد الضظوي بسرعة ومفاصله ترتعد: مفهوم.. مفهوم يا معالي الوزير، سمعا وطاعة




قبل انصراف الضظوي من مكتب الوزير عاد ليسأل:
- ماذا بشأن المعاش يا فندم؟
رد الفريق فوزي:
معاش.. معاش إيه؟ أنت بتهرج
هو أنت حاربت في الجبهة؟ أنت مسكت بندقية في حياتك؟! معاشك تأخذه من اتحاد الكرة مش من القوات المسلحة.. انصراف!
خرج الضظوي من مكتب الوزير واتجه إلى بيت صديقه حنفي بسطان بجوار نادي الزمالك بمنطقة ميت عقبة.وبادره حنفي:
يخرب بيتك.. أنت لسه بتلبس البدلة الميري، أنت ما تعرفش أننا اترفدنا من الجيش!
قال الضظوي: ما أنا جاي عشان أقلع البدلة عندك
وروى لصديقه القصة، فأحضر له حنفي بسطان قميصًا وبنطلونا!

عاش الضظوي بعدها شهورًا عصيبة ولم يكن قادرًا على الإنفاق على أولاده، حتى نصحه أحد أصدقائه بالذهاب إلى رئيس النادي الإسماعيلي المهندس عثمان أحمد عثمان، الذي وظفه في "المقاولون العرب"، ودس في جيبه مظروفا به [1] مبلغ مالي

وعندما وقعت حرب يونيو 1967، دخلت كرة القدم قفص الاتهام، لأنها شغلت المشير عبدالحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن مهمته الأساسية. أما عامر فقد كان يولي أهمية لكرة القدم لأسباب عدة، لعل بينها تجنيد الكرة لخدمة أهداف الثورة!
وحين وقعت حرب يونيو 1967 كان هناك أكثر من ثلاثين لاعبا لكرة القدم يرتدون البدلة العسكرية برتبة ملازم أول أو نقيب. كان المشير يصدر قرارات بتكليفهم في اتحاد الجيش الرياضي على سبيل المكافأة كي يحصلوا على رواتب تؤمن لهم حياة كريمة، وفي الوقت نفسه كي يتسنى لهم المشاركة في بطولات العالم العسكرية لكرة القدم

لم يكن الضظوي الوحيد الذي شمله قرار الفصل الذي طال جميع نجوم خمسينيات وستينيات القرن العشرين: صالح سليم ورفعت الفناجيلي وطارق سليم والشاذلي ومصطفى رياض وعبده نصحي وسمير قطب وخورشيد وفؤاد مرسي ويكن حسين ورأفت عطية وعصام بهيج وحنفي بسطان.. لكن قرارات الفصل لم تشمل "ضباط الشرف" في القوات المسلحة وحدهم.. وإنما شملت أيضًا الضباط النظاميين من الرياضيين مثل العميد علي قنديل الحكم المصري الذي شارك في تحكيم مونديال لندن عام 1966 والذي تولى بعد تسريحه من القوات المسلحة منصب مدير عام النادي الأهلي بتكليف من الفريق مرتجي. وكان منهم أيضا العميد حسين مدكور المعلق الرياضي، والعميد حسين لبيب الذي عمل بعد ذلك مديرًا لنادي الزمالك. ثم خرج بعد ذلك اللواء علي زيوار وعدد كبير من الرياضيين الضباط
وحين وقعت النكسة توقفت كرة القدم تمامًا ولم تعد هناك مباريات للدوري العام وكأس مصر لمدة أربع سنوات، وكأن وقف النشاط الكروي هو رد الفعل العكسي والعنيف لتداعيات زواج السلطة والكرة
غير أن هذه العلاقة الغريبة العجيبة بين كرة القدم والسلطة لم تتوقف عند أيام وأحكام المشير عامر، كما سنرى لاحقا



الهوامش
[1] سعيد وهبة، زواج الكورة والسلطة.. (الحلقة الأولى)، جريدة "اليوم السابع"، القاهرة، 20 سبتمبر 2009
تابع القراءة

gravatar

لابد أن يفوز الزمالك؟







خلال تلك السنوات التي تولى فيها المشير عبد الحكيم عامر شؤون كرة القدم المصرية عاش لاعبو ستينيات القرن العشرين عصرًا ذهبيًا من حيث الامتيازات والتسهيلات، فهو الذي عيَّن صالح سليم موظفًا بهيئة قناة السويس حين اصطحبه العميد علي زيوار وكان مديرًا للكرة بالأهلي عام 1965 إلى مكتب المشير الذي اتصل بالمهندس محمود يونس لتعيين "المايسترو" وقال له: مصر ليس فيها سوى مايسترو واحد لكرة القدم! وهو الذي عيَّن أيضا طارق سليم طيارًا بشركة مصر للطيران، وقد تعرض طارق سليم لاضطهاد عقب وفاة المشير، وتم فصله من مصر للطيران وتطلب إعادته لوظيفته إجراءات صعبة لمجرد أنه عُيِّن بتوجيه من المشير عامر

والمشير، رغم زملكاويته التي لم يكن يخفيها - علما أن شقيقه المهندس حسن عامر أصبح رئيسًا لنادي الزمالك لفترتين، إحداهما من عام 1962 إلى عام 1967- لم يكن يكره الأهلي، فهو الذي أقنع الفريق عبد المحسن كامل مرتجي بتولي رئاسة النادي الأهلي، وكلفه بمهمة إنقاذه بعدما تراجعت نتائجه وتدهور حاله وفقد بطولة الدوري لمدة خمس سنوات متتالية منذ عام 1962
ويوم صدور قرار تعيينه، اصطحب المشير عبد الحكيم عامر الفريق مرتجي في سيارته الخاصة إلى بيته في الهرم لتناول الغداء معه، وفي الطريق توقفت السيارة أمام النادي الأهلي وقال المشير: إن هذا النادي يمثل رمزًا وطنيًا لثورة 23 يوليو، فقد تأسس في مواجهة الأندية البريطانية، ونريده أن يظل رمزًا وطنيا
سعى المشير حثيثًا لكي يستعيد الأهلي أمجاده وأمر مدير الكرة بالأهلي آنذاك علي زيوار باستخدام اتحاد الجيش الرياضي كمعسكر دائم لفريق النادي الأهلي حتى يستعيد مكانة الكرة المصرية، وقد كان الأهلي يحتل المركز العاشر وقتها، وتقدم للمركز الثاني بعد تكليف الفريق مرتجي برئاسته، ثم فاز بكأس مصر عام 1966 بعد أربع سنوات عجاف!

وفي حادثة أخرى، وجد الناقد الرياضي نجيب المستكاوي نفسه متهمًا بسب وشتيمة المشير عبدالحكيم عامر
يقول نجيب المستكاوي تفاصيل المواجهة كالتالي: "شاهدت مباراة بين الزمالك والاتحاد السكندري في الإسكندرية، حكمها العميد مصطفى رمزي الذي أدار المباراة على نحو أدى إلى فوز عتاولة الزمالك 3-2، كان هذا رأيي ببساطة، وأعربت عنه بوضوح، لكن لأني أعرف حساسية جمهور العتاولة فقد أظهرت دهشتي لهذا الموقف قائلا: "لا شك أن الزمالك في هذه المرحلة هو أقوى فرق مصر وأكثرها ترابطا وأحسنها أداء، ولا شك أنه يكسب ويتألق وبعرقه وجهده، وأنه ليس في حاجة إلى تبرع فضولي، أو مجاملة حكم ليكسب مباراة أو ليبرهن على جدارته لبطولة، وقد كنت شديد التأثر بما حدث في المباراة، لأن الاتحاد الصيفي لعب مباراة جيدة، حتى أني ضممته إلى الفرق التي يمكن أن تناوىء الأهلي والزمالك وتطمع في إخراج الدوري من القاهرة لأول مرة"
ثم يضيف نجيب المستكاوي قائلا:
"ومن وجهة أخرى فإن خاطرة خطرت على بالي، وهي احتمال أن يكون الحكم الكفء مصطفى رمزي جامل الزمالك لأنه ضابط بالقوات المسلحة، ويهمه بطبيعة الحال أن يحوز رضا المشير عبدالحكيم عامر رئيس الاتحاد، وشقيق رئيس نادي الزمالك، وأنا أمقت النفاق بكل صوره، لذلك جعلت المانشيت الرئيسي: هل لابد أن يفوز الزمالك؟!
وقد تلا ذلك سطران عن مستوى المباراة وعن تأثير التحكيم في النتيجة، وفي الوقت نفسه حرصت في تعليقي على المباراة، على ألا ألامس كرامة العميد مصطفى رمزي لأنه لم يكن فقط على قدر كبير من الكفاءة، وإنما كان أيضا شجاعا


وذهبت إلى "الأهرام" مبكرا صباح الأحد لكي أحضر اجتماع مجلس التحرير، وفوجئت بالأستاذ هيكل يقول لي أمام الزملاء جميعا: شوف يا نجيب، كفاية عليّ وحياة والدك المشاكل السياسية، ما تدخلنيش في مشاكل رياضية!
قلت: مشاكل إيه يا فندم، إحنا ما عندناش مشاكل ولا حاجة أبدا!
قال: إزاي؟ المشير قابلني إمبارح في القصر الجمهوري وقال لي: "الجدع المستكاوي ده موش حيجبها البر؟! قول له يبطل شتيمة فيّ أحسن له"!
قلت: شتيمة إيه؟! أنا أشتم المشير؟!
ويقول نجيب المستكاوي إنه تذكر عنوان المباراة، والمانشيت الذي كتبه ويتهم فيه الحكم بمجاملة الزمالك، وهنا قال للأستاذ هيكل: يمكن المشير فهم غلط من مانشيت الاتحاد والزمالك أول أمس لأني انتقدت الحكم لتحيزه للزمالك!
قال هيكل: ودي تزعل المشير في إيه؟!
قلت: أصل رئيس نادي الزمالك هو المهندس حسن عامر شقيق المشير
قال هيكل: هات لي التعليق أقرأه
وذهبت "أي المستكاوي" إلى قسم الرياضة وأحضرت له التعليق فقرأه بصوت مسموع وهو يهز رأسه، ثم قال لي: براءة، مافيش حاجة تمس المشير"
عند هذا الحد تصور نجيب المستكاوي أن المشكلة انتهت، بل تصور أن شرح هيكل للمشير فيه التهدئة الكافية والترضية اللازمة
غير أن الحكاية كانت لها ذيول
ونكمل الحكاية مع المستكاوي
"تلقيت تليفونا من الصديق عبدالصمد محمد عبدالصمد عضو مجلس الأمة والمتحدث الرسمي باسم نادي الزمالك، يخطرني بأن النادي قرر رفع دعوى تعويض ضدي وضد "الأهرام" إزاء التشكيك في فوز الزمالك، الذي سبب ضررا أدبيا بالغا، والحق أن الأخ عبدالصمد كان في غاية اللطف وهو يبلغني القرار، مؤكدا أنه ترضية للجماهير، بالإضافة إلى أن علاقتي الشخصية به وبالنادي كانت غاية في المتانة
وتأزم الموقف بيني وبين الزمالك وانقطعت عن زيارة النادي الذي كنتُ دائما أقضي وقت فراغي المسائي فيه إن وُجِد الفراغ، كما أن النادي الأهلي كان مقصدي في وقت الظهر لألعب الطاولة. وذات يوم تلقيت تليفونا في المنزل من الصديق العزيز يوسف الشريعي مدير الفريق القومي وصديق المشير والمهندس حسن عامر أوضح لي فيه أن الشقاق مع الزمالك لن يستمر، بل إنه سوف يسحب دعواه، إذا زرت المهندس حسن عامر في داره وشحت له الموضوع، وأكدت له أنه أني لم أقصد التهكم على المشير أو حسن عامر أو الزمالك
وقلت له: أنا أحب المشير والمهندس حسن عامر وكتبت وسوف أستمر في الكتابة مؤكدا على أن الزمالك هو أقوى وأكمل فريق مصري في بداية الستينيات، كما أني لم أخطىء فيما ذكرته عن مباراة الزمالك والاتحاد، وإذا كان رأي الزمالك يخالف رأيي، فإن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، ومع ذلك فإني سوف أرافقك إلى دار المهندس حسن عامر دون أن تفتح الموضوع وبشرط أن يتناول طعام العشاء عندي دون أن تفتح الموضوع وبشرط أن يتناول طعام العشاء عندي في اليوم التالي"
ويضيف نجيب المستكاوي قائلا:
"وذهبت إلى بيت المهندس حسن عامر في الزمالك، وتسامرنا طويلا ومعنا يوسف الشريعي والفريق سعد الدين متولي والمهندس المرحوم رمسيس رزق الله، وبعدها بيومين استقبلت كبار العتاولة في منزلي على مأدبة عشاء، وكان هناك المهندس حسن عامر والمرحوم عامر عامر عضو مجلس الأمة، وحسن حسين زوج شقيقة المشير وعبدالصمد محمد عبدالصمد المتحدث الرسمي باسم الزمالك والفريق سعد الدين متولي والمرحوم المهندس رمسيس رزق الله وأمضينا وقتا ممتعا
ومنذ ذلك اليوم أصبحت أسهر يوميًا تقريبًا بنادي الزمالك مع نفس هؤلاء العتاولة الكبار، وكان ينضم للسهرة كذلك شمس بدران وزير الحربية الأسبق ولم يكن أي إعلامي يجرؤ على الاقتراب من مكان الاجتماع
وهكذا على كل حال حفظت الدعوى التي أقيمت ضدي كمحرر رياضي للأهرام"

تابع القراءة

gravatar

رغبات المشير أوامر



كان من مظاهر اهتمام ثورة يوليو بالرياضة أن رجال الثورة تولوا مراكز القيادة في الاتحادات
وهكذا كان المشير عبد الحكيم عامر رئيسًا لاتحاد كرة القدم‏، وعلي صبري رئيسًا لاتحاد السباحة‏، وحسين الشافعي رئيسًا لاتحاد الفروسية‏، وأنور السادات رئيسًا لاتحاد تنس الطاولة، وعبد المحسن أبوالنور رئيسًا لاتحاد كرة السلة‏، وزكريا محيي الدين رئيسًا لاتحاد التجديف، والفريق علي علي عامر رئيسًا لاتحاد الرماية، والفريق أول صدقي محمود رئيسًا لاتحاد الإسكواش، واللواء عبدالله رفعت رئيسًا لاتحاد الكرة الطائرة، والفريق أول عبد المحسن كامل مرتجي رئيسًا لاتحاد المصارعة، وصلاح الدسوقي رئيسًا لاتحاد السلاح، ومجدي حسنين رئيسًا لاتحاد التنس‏[1].‏
ولنتوقف عند الساحرة المستديرة
كان المشير عبد الحكيم عامر هو نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي الوقت نفسه رئيسا لاتحاد كرة القدم. كان المشير مولعًا بكرة القدم لدرجة أنه وضعها تحت رعايته الخاصة، حين تولى رسميًا رئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم يوم 10 فبراير عام .1958 ويمكن الرجوع لأقوال الفريق أول عبد المحسن كامل مرتجي في تفاصيل الاهتمام البالغ للمشير بنادي الزمالك. والحق أن المشير لم يكن وحده من العسكريين الذين عرفتهم نوادي الكرة. فقد كان رئيس النادي الأهلي الفريق أول مرتجي وهو قائد القوات البرية التي شاركت في حرب 1967، والفريق أول سليمان عزت كان رئيس النادي الأوليمبي، وفي عهده فاز النادي الأوليمبي ببطولة الدوري العام لكرة القدم عام 1966 لأول وآخر مرة وكان إنجازا كبيرا. وفي ظل رئاسة المشير عبد الحكيم عامر لاتحاد الكرة فازت مصر بالمركز الرابع في دورة طوكيو الأوليمبية، وهو إنجاز لم يتحقق منذ دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928 ولم يتحقق بعد ذلك
وفي عهد الثورة، كانت طلبات المشير الكروية أوامر!


في الموسم الكروي 1961- 1962 دعا النادي الأهلي نادي بنفيكا البرتغالي - وكان بطل أوروبا- للعب في القاهرة. وقدم عبده صالح الوحش مدير الكرة في الأهلي طلبا إلى إدارة النادي جاء فيه: "باعتباري مسؤولا عن كل شيء أطلب الاستعانة باثنين من اللاعبين من خارج الأهلي هما بدوي عبدالفتاح من الترسانة، ومحمد بدوي من المصري"
هنا، أطلت برأسها عبارة ذلك الزمان: "المشير عاوز كده"!


يقول عبده صالح الوحش: "فوجئت بمجلس الإدارة يطلبون مني أن أستعين بلاعبين من الزمالك، وأبديت دهشتي الشديدة لهذا الكلام وقلت: لقد انتهينا بالأمس القريب من مباراة الزمالك وفزنا عليهم 3- صفر واللاعب الذي أريده من الزمالك هو يكن حسين وكان موقوفا، وعندهم سمير قطب لاعب على درجة عالية جدا من الكفاءة، لكن في الأهلي رفعت الفناجيلي الذي لا يُبارى، فأنا لا أريد هؤلاء!
وطلبت أن أحضر اجتماع مجلس الإدارة لأناقش المجلس في وجهة نظره، وفي الجلسة سألت الحاضرين عن سبب رفضهم للاستعانة ببدوي عبدالفتاح ومحمد بدوي. وبعد مناقشات ومحاورات قالوا لي: "هذه رغبة المشير"!
ويقول الوحش: والحقيقة أنني كثيرا ما سمعت هذه الكلمة "دي رغبة المشير"، وكان المشير وقتها رئيسا لاتحاد الكرة، لكن كانت هذه هي المرة الأولى التي تواجهني هذه الكلمة.. كنت من قبل أسمعها فقط، لكن هذه المرة تتجسد أمامي واقعا عليّ أن أتعامل معه، ووجدتني أقول لأعضاء المجلس:
- "أنا دائما أسمع عن رغبة المشير، ولكن هذه أول مرة أشوفها"!
وطلبت من المجلس أن يهيىء لي فرصة الاجتماع بالمشير محمد عبدالحكيم عامر وأناقشه فيما يطلبه وأقنعه بوجهة نظري، فنظر إلى توفيق خشبة (وكيل النادي الأهلي) قائلا:
- "طب اسمع.. السيد محمد توفيق عبدالفتاح يشغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية، وكان رجلا فاضلا - رحمه الله- وفي الموعد المحدد ضمنا اجتماع: مختار التتش، توفيق خشبة، محمد توفيق عبدالفتاح، وأنا.. وقلت له: "يا فندم ممكن أعرف السبب، بيقولوا كذا.. وكذا وأن هذه رغبة المشير؟!"
فرد قائلا: "هي بالفعل رغبة المشير": هو عاوز أحسن فريق يمثل مصر، وعاوز الجمهور كله يساند الأهلي!
وقلت له: بس أنا معاك في رقم واحد وهو أحسن فريق في مصر لابد أن يكون فيه محمد بدوي وبدوي عبدالفتاح، والبند رقم اثنين أن كل الجمهور يشجع مصر أنا معاك فيها أيضا، بمعنى أن الفرد الذي لا يشجع النادي الأهلي ضد نادي أجنبي لا أحب أن يحضر المباراة ولا أحب أن يشجعني؛ لأن الأهلي في هذه المباراة يمثل مصر
رد الرجل قائلا: "أنا معاك.. توكل على الله، وأنت بتعمل الصواب"
ويقول الوحش: ومن يومها بدأت علاقة بيني وبين توفيق عبدالفتاح تقوم على الاحترام المتبادل، المهم استطعنا أن نكسب 3-2
[2]


وخلال ستينيات القرن العشرين، وفي إحدى المباريات التي كان يحضرها المشير عامر، تقدمت اليونان على مصر بهدف في الشوط الأول ونزل المشير عامر غاضبا إلى حجرة الملابس وتحدث مع اللاعبين وطالبهم بالاستماتة في الملعب كي يفوزوا بالمباراة، وقال: أريد نضالا وكفاحا في الملعب! والتفت إلى المدرب قبل أن ينصرف عائدا على المقصورة قائلا: "عاوز حرب"
ولم يكذب المدرب خبرا ونفذ تعليمات المشير بحذافيرها، وطلب من اللاعب يوسف الدهشوري "حرب" – الذي أصبح في زمن آخر رئيسا لاتحاد الكرة- أن يسخن ليشترك في المباراة بناء على أوامر المشير!
ويقول عبدالكريم الجوهري المعروف باسم "الجوهري الكبير" إن المشير عبدالحكيم عامر كان يحذره قبل مباريات الأهلي والزمالك قائلا: لو أفلت منك الفناجيلي وسجل هدفا في الزمالك.. فسوف أحبسك!
ولم يكن أمام الجوهري الكبير سوى الامتثال لإرادة المشير عامر وتهديداته العسكرية
وفي عام 1963 أقيمت مباراة في كأس مصر بين الزمالك والقناة على ملعب الأهلي، وكان حكم المباراة هو العميد علي قنديل الذي كان أحد أعضاء منتخب مصر في نهائيات كأس العالم لكرة القدم في إيطاليا 1934، والحائز على وسام الرياضة من الدولة
ويروي الناقد الرياضي عبدالرحمن فهمي ما جرى وقتها فيقول:
"قبل نهاية المباراة شعر جمهور الزمالك بأن المباراة لن تنتهي لصالحهم فقام بإلقاء طوب وحجارة وزجاجات فارغة في الملعب، حتى تعذر على حكم المباراة بإدارتها، فطلب من رئيس فريق الزمالك ومن إدارييه المحافظة على النظام وتهدئة الجمهور، وإلا اضطر إلى إنهاء المباراة فورا واحتساب النتيجة في غير صالح الزمالك





ثار لاعبو الزمالك على الحكم علي قنديل، وكان أكثرهم ثورة اللاعب محمد رفاعي، وكان يومها مجندا كعسكري وفي الجيش. وكان علي قنديل برتبة عميد
وظهر عدد مجلة "المصور" بعد أيام وفيه عدة صور تدل على عدم الانضباط الخلقي والرياضي والعسكري، محمد رفاعي يمسك بتلابيب علي قنديل بيد، ويرفع يده الثانية إلى أعلى وكأنه سيهوي بها عليه صافعا إياه على وجهه!



أيامها كان محمد رفاعي هو الظهير الطائر أو الأسد في عرينه كما كان يطلق عليه الناقد الرياضي نجيب المستكاوي. لاعب مشهور بصلابته كمدافع يجيد الانطلاق إلى الأمام، حتى إنه عندما أصيب في العمود الفقري عام 1963 أثناء المشاركة في دورة البحر المتوسط في نابولي بإيطاليا، سارع المشير عبدالحكيم عامر إلى تسهيل إجراءات سفر اللاعب للخارج للعلاج والعودة للملاعب
يقول عبدالرحمن فهمي: "كان اتحاد الكرة يومها واقعا تحت تأثير نادي الزمالك، فرئيسه المشير عبدالحكيم عامر، ونائب الرئيس الفريق عبدالعزيز مصطفى، والوكيلان محمد حسن حلمي وحسن عامر. وكاد الأمر يمر بسلام، لولا أن اللواء عبدالله رفعت كحكم قديم وكإداري مسؤول وكضابط سابق يعرف اللوائح ويقدس النظام، وكرياضي قديم رفض هذا الوضع ودعا لاجتماع عاجل لاتحاد الكرة، فلم يستمع له أحد!
ولكن في أول اجتماع رسمي للاتحاد بعد ذلك، ولم يكن مدرجا هذا الموضوع الخطير في جدول أعماله أصر عبدالله رفعت على إثارته، وقال:
"أن يضرب عسكري عميدا في الجيش على الملأ في ملعب كرة وعلى صفحات الجرائد والمجلات فهو أمر خطير من ناحية البلد قبل أن يكون من ناحية الرياضة. أنا كرجل عسكري لا أقبل على جيش بلدي أن يرى هذه المهزلة أمام عينيه، ويصمت، وخاصة أن رئيس الاتحاد هو قائد الجيش"!
ونظر أعضاء الاتحاد بعضهم لبعض، ولم يتكلموا، وأصر عبدالله رفعت على اتخاذ إجراء ضد رفاعي من ناحية الرياضة – على الأقٌل- وهو ما يملكونها الآن، على أن يرفعوا توصية إلى إدارته في الجيش لمعاقبته فورا
ولم يعلق أعضاء الاتحاد، ولم يفتح أحد فمه بكلمة واحدة، وبعد يومين كان عبدالله رفعت في منزله، فدق جرس التليفون، وقال المتحدث:
- اللواء عبدالله رفعت موجود.. طيب استعد المشير حيكلمك



وبعد برهة – كما يروي عبدالرحمن فهمي- تحدث المشير قائلا:
- أنا وصلني كل الكلام، اللي قلته في اتحاد الكرة من يومين عبدالله يا رفعت.. أنت فاكر الحكاية فوضى؟! وظن الرجل أن المشير أخذ بوجهة نظره التربوية فقال له:
- ده برضه كان عشمنا يا فندم!
قال المشير: عشمك في إيه؟!
رد الرجل: عشمنا في سيادتك، أنا قلت إن سيادتك لا يمكن أن تقبل هذا الوضع الخاطىء ولا يمكن تقبل أن يتعدى عسكري على عميد في ملعب كرة مهما كان السبب!
وقال المشير: أنت مش عارف العسكري ده اللي بتقول عليه يبقى مين!
أجاب عبدالله رفعت: "أيوه يا فندم.. ده يبقى محمد رفاعي"
قال المشير: مش عارف رفاعي ده يبلعب لأي نادي؟
رد: لنادي الزمالك يا فندم
وسأل المشير: مش عارف نادي الزمالك ده يبقى رئيسه مين؟
قال: يبقى رئيسه المهندس حسن عامر يا فندم
قال المشير: ما تعرفش أن حسن عامر ده يبقى أخويا؟
قال: عارف يا فندم
ورد المشير قائلا: طيب ما دام أنت عارف.. تهاجم إزاي نادي الزمالك؟
قال اللواء عبدالله رفعت: أنا ما جبتش سيرة نادي الزمالك خالص يا فندم.. أنا بتكلم عن الأصول التربوية.. والنظام في القوات المسلحة
رد المشير: أنت حتعلمني النظام في القوات المسلحة يا عبدالله؟
أجاب الرجل: مش قصدي يا فندم.. بس لما يشوف الناس عسكري في الجيش بيضرب عميد في الملعب، واللي ما شافوش في الملعب شافه على صفحات الجرائد والمجلات، يبقى إيه الوضع؟
وبسرعة قال المشير متسائلا: وهو رفاعي كان لابس عسكري، وعلي قنديل كان لابس عميد في الملعب؟
وأجاب اللواء عبدالله رفعت قائلا: "لا يا فندم، بس كل القوات المسلحة على الأقل زملاؤهم عارفين. ثم من الناحية الرياضية.. كان.. يا فندم.."!
وقاطع المشير الرجل قائلا: أنت حتعلمني النواحي العسكرية.. والنواحي الرياضية كمان يا عبدالله رفعت"؟
رد الرجل: مش قصدي يا فندم.. بس!
قال المشير: لا بس ولا حاجة.. أنا بشرفي لولا أعرفك كويس كضابط ممتاز لكنت أمرت باعتقالك دلوقتي!
تساءل اللواء عبدالله رفعت مذعورا: "اعتقالي؟!"
أجابه المشير بسرعة: إيه مش مصدق.. تحب تجرب لك يومين؟ أنا بس راعيت ماضيك العسكري والرياضي، علشان كده باصدر لك أمر تنفذه فورا!
قال الرجل في امتثال: "اللي تؤمر بيه يا فندم"!
رد المشير مُنهيا هذا الحوار التليفوني الغريب والمثير في الوقت نفسه:
– أنا خففت عليك الحكم واكتفيت بأن لا تدخل أي ملعب في حياتك.. أنت فاهم.. مُحرم عليك دخول أي ملعب كرة ولا حتى كمتفرج.. لو دخلت ملعب يا عبدالله يا رفعت مش حيحصل لك طيب


ويختتم عبدالرحمن فهمي هذه القصة الغريبة فيقول: "ولم يدخل عبدالله رفعت أي ملعب كرة وهو عضو وهو عضو بلجنة الحكام الرئيسية التي تعين الحكام وتشرف عليهم.. لم يدخل أي ملعب منذ عام 1963 حتى نكسة 1967"
أما المباراة محل الأزمة فقد أعيدت بالحكم نفسه علي قنديل، على ملعب دمنهور، وفازت القناة على الزمالك بهدفين


هكذا تداخلت الخيوط بين كرة القدم ورجال الحكم


الهوامش

[1] حسن المستكاوي، الرياضة المصرية‏..‏ تاريخ ودولة ومستقبل ‏(2)‏: 16‏ ميدالية أوليمبية في زمن ممارسة الفرد..‏ وميداليتان فقط في عصر ما بعد الثورة‏، جريدة "الأهرام"، القاهرة، 20 يوليو 2004
[2] رشاد كامل، حياة المشير محمد عبدالحكيم عامر، دار الخيَّال، القاهرة، 2002
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator