المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

لم يكن هناك ضوء يا رباب





الجثة مطمورة تحت التراب هنا

وحدنا نحن العرب لم نكن هناك

كانت الكفان كفا ملاك

الذراعان تمتدان كأنهما تبتهلان إلى السماء

والجسد الغض قارب في محيط ساكن

كانت العينان مغلقتين لأن النوم كان يشتهي أحلام الطفولة

لكنهما الآن وردتان سقطت عليهما قذيفة

كم تلهو النار بلحوم الأبرياء في هذا الشرق الدامي

لكن البعض ينسى أن شلال الدم يستسقي الدم

هنا أطفال لن يكبروا يوماً

لم يبق من أحلامهم سوى أجساد ساكنة ملفوفة في ملاءات أو داخل أكياس

رباب.. التي نفضت عن نفسها غبار الموت وانتشلت ابنها الصغير من تحت الأنقاض

وتتعثر في خطاها قبل أن تبعد الأحجار عن جسد زوجها المقعد محمد

وفي رحلة البحث الأخيرة حاولت إنقاذ حياة ابنتها زينب

لكن الموت كان يسابقها

ومن أسرع من هذا الطائر المجنح الذي يقبض الأرواح في خفة

وفي جوف الظلام عرفت أن ابنتها استسلمت لنهايتها

لحظتها قبلت يد زينب.. وودعتها إلى الأبد

صمتت رباب الدامعة العينين للحظة.. فتكلم الصمت.. والكاميرا تدور:

انظر..هذا دمي بين يديك

هذه خصلة من شعر ابنتي

كنت أحتضنها

في هذا الصباح الحزين

تحت الأنقاض صرنا

غطى الغبار المكان.. اختفت الصور

تمتد اليد اليائسة إلى الخارج قبل انهيار الملجأ

لكن شيوخ اللذة وأمراء النفط وملوك الصمت ورؤساء الخنوع يشيحون بأبصارهم بعيداً

لتبقى الضحية في انتظار الموت

بعد أن انتظرت طويلاً يد العرب

تفتح السيدة الصابرة حقيبة قلبها لمراسل الجزيرة عباس ناصر
تقول: لو كان هناك ضوءٌ لأنقذتها

لكن لم يكن هناك ضوء يا رباب

فقد سرق الإسرائيليون نور النهار

وباع "الأشقاء" كل شموع الكون..ليتساوى القاتل والمتواطيء

انطفأ حتى بصيص الأمل

مالت الساعات حزناً تحاول إفاقة الضحايا في قانا

وحين لم تجد بينهم أحياء.. اطمأنت إلى أن رحلة الألم قد انتهت

لم تعد توجد أسرار

وعلى بشرة أطفال الملجأ.. مرتجفاً مر الهواء

أقعت الظلمة في محاجر العيون

لوهلةٍ تسمر عمال الإنقاذ في أماكنهم

وبأذهانٍ شاردة وعيونٍ زائغة بدأوا في انتشال الضحايا والبحث عن ناجين

تغوص أقدامهم في التراب الممتزج بالدماء والجثث التي نامت في قلوبنا بعد أن أدت دورها

كل الحقائق تنتهي بسؤال.. إلا موت الضحية

هذا الصمت المريب يحول الموت إلى خلود

ويصبح هذا الموت الغادر مقبرة من جحيم تبتلع جولة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس
لكن الكابوس يعود مع تهديدات رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس.. الذي قال إن القوات الإسرائيلية ستواصل القتال إلى أن ينعم سكان شمال إسرائيل بالسكينة والهدوء

أمن إسرائيل أولاً.. وليذهب أمثالنا من "الغوييم" إلى الجحيم

تباشير الشرق الأوسط الجديد خرجت إذاً من قانا الجليل

شرق أوسط معمد بدماء عشرات الضحايا الذين حصدتهم صواريخ وقنابل إسرائيلية المصدر أمريكية المنشأ

أطفال حملت أجسادهم الغضة سواعد المسعفين بعدما كانوا يبحثون عن الأمان في أحضان أمهاتهم

لكن في عالم الحقيقة لا حرص الأمهات ولا ملجأ أُعِدَ على عجلٍ يقي شر أسراب الطائرات الحربية

إنه التاريخ يكرر نفسه... في المكان نفسه وعلى أيدي جنود الكيان الغاصب نفسه
ما أصعب الجراح التي تبقى طازجة

هذه هي قانا ..مسرحٌ لمجزرة جديدة بعد نحو عشر سنوات من المجزرة الأولى

المشهد ذاته حصل في عام ستة وتسعين عندما شنت إسرائيل بقيادة العمالي شيمون بيريز عملية أسمتها "عناقيد الغضب" للقضاء على المقاومة اللبنانية
ذاكرة الجراح تقول إنه في الثامن عشر من نيسان من ذلك العام قصفت إسرائيل مجمع كتيبة فيجي التابعة لقوة الأمم المتحدة في البلدة.. فقتلت ما يزيد على مائة مدني لبناني كانوا قد اعتصموا بالمقر الدولي هرباً من القصف
هذه المرة كسابقتها..نحو مائة مدني بمن فيهم سكان المبنى نفسه يعتصمون ليلاً في ملجأ مبنى من ثلاثة طوابق في قانا شرقي مدينة صور
أتساءل: هل اسم قانا مشتق من الأحمر القاني..لون دمهم وخجلنا

قانا التي شهدت قبل ألفي عام معجزة للسيد المسيح عليه السلام .. شهدت هذه المرة مجزرة إسرائيلية.. لكنها حوَلت الماء إلى دماء

والجيش الذي لا يُقهر.. بعد أن ذاق طعم الهزيمة في مارون الراس وبنت جبيل..أراد أن يفجر حقده قنابل وقذائف تسقط من السماء الذبيحة كالمطر على الأبرياء

كم نكبة تكفي كي تستيقظ الضمائر؟

تساؤل آخر لا ينتظر الشهداء إجابة عنه

ها هم يمشون فوق الغمام

يمضون بعيداً

تاركين لنا الأرض.. الهاوية
تابع القراءة

gravatar

فرانكشتاين لا يبيع الياسمين



في الحرب لا يسعك أن تبحث عن دور.. فالأدوار تبحث عنك: إما بطلاً مقاوماً ينهي طقس جنازته باكراً كي يشارك أحبته الغناء.. أو خائناً لا ماء في بئر قلبه.. أو خائفاً يبحث عن طوق النجاة من نهايات مؤلمة

فكن من الصنف الأول...وقتها يكون الله خمس أصابع في كف كل مقاتل

ولا تكن لص مقابر..فتكتشف أن الجثة التي بعتها للتو كانت لأخيك

ولا تكن ضحيةً بلا سببٍ.. فالموتى لا تأتيهم الأحلام في نومتهم القسرية

في نفق الحرب المظلم تستطيع أن تترجل عن نجمتك وأن تهدي من تحب رصاصة.. ليقاتل بها دفاعاً عن هذا الحب

في زمن القتال.. تفقد الوردة اسمها ويصادر الجاني رائحتها وضوء الشمس.. فحذار أن يصادر أيضاً صوتك وعطر حبيبتك المفضل

في أيام الحسم.. يتباكى البعض على موسم الصيف والسياحة.. ويسند البعض الآخر جسده المرهق إلى صفصافة الصبر.. ويبقى نفرٌ قليل يصنعون من ذكريات الطفولة والصبا قنبلةً يدويةً يفجرونها في وجوه الغزاة.. وكلٌ منهم ينشد

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر

في عهد الصراع تضيع أشياء نبيلةٌ وجميلةٌ وسط الزحام وتحت دوي قصف عشوائي يسمونه العقاب الجماعي.. ولكن يبقى شخصٌ واحد على الأقل يذيق الغاصبين بعضاً مما نكابد ويلقنهم دروساً في أبجدية الذعر والنوم في الملاجيء ودوي صفارات الإنذار وكابوس الانفجارات والصواريخ.. وهو يردد

إن الجواهرَ في التراب جواهر
والأسد في قفص الحديد أسود

في زمن الاختبار والاختيار.. تخلع عنك معطف السخرية وترتدي ثوب الجد ولسان حالك يقول

سلامٌ على الدنيا.. سلامٌ على الورى
إذا ارتفع العصفور وانخفض النسر

في زمن البحث عن رمزٍ – أي رمزٍ- للصمود.. تنبت لقلبك الطيب مخالب.. لكنك تبقى في صف المعتزلة..إلى أن تولد السنابل من أرحام الصامدين الذين لا تخدعهم نعومة فراء الثعالب

دراكولا غادر قبره الأول في رومانيا واستصدر تأشيرة لفرانكشتاين.. لا ليبيع معه الياسمين وإنما ليستقرا سوياً في مستوطنةٍ تطل على جشع الغزاة وظمأ الغاصبين لمزيد من دماء الأبرياء.. من مرجعيون وعيترون والخيام..من بعلبك وصور وطرابلس.. من ضاحية بيروت الجنوبية والأشرفية.. لا فرق.. المهم أن يكون دماً بريئاً براءة كروم لبنان

في رائعة غسان كنفاني "عائد إلى حيفا".. يفاجأ الأب الفلسطيني بأن طفله الرضيع "خلدون" الذي كان قد نسيه في حيفا خلال عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين بسبب المجازر الصهيونية ضد سكانها قد تحول إلى ضابط في الجيش الإسرائيلي

وتدور الأيام دورتها.. تمر وتمكر بنا..وها هي الصواريخ تزور حيفا مرة ثانية من دون استئذان كي توقظ "خلدون" من سباته العميق وتعيد إلى عروقه دماءه العربية

في عالمٍ يطفو على القتلى كعادته.. لا تنتظر ماء النهر كي تغتسل وتتطهر من ذنوبك وخطايا الآخرين.. كن أنت النهر.. الذي يؤدي واجب توزيع الأمل في الحرية.. كساعي بريد يعشق الرسائل التي يحملها في حقيبته اليدوية

في كونٍ فسيح كصدور أمهاتنا حين نحتاجهن..لا تجعل أرضك ضيقة كمربع على أرضية منزلك.. وامنحها الرحابة التي تريد ولو كان الثمن: دمك

أرضك .. عرضك

تلك هي جاذبيتك الأصيلة.. فاحفظ الدرس..ولا تشتري لأبنائك منفىً اسمه الوطن المحاصر من الوريد إلى الوريد

في حقبة الطرقات التي لا تؤدي إلا إلى الموت.. عليك أن تختار.. بل عليك ألا تحتار

فإما حياةٌ تسر الصديق
وإما مماتٌ يغيظ العدا

في محراب الصمت.. تكون الكتابة مقاومةً.. عصافير حنطية اللون.. تحط على الشجر اليابس فتعيد إليه لونه الأخضر.. وتنام على بلور قلبك فيورق حناناً يسقي حدائق الآخرين

في عصر الشياطين الخرس.. الساكتين عن الحق..تصبح الكتابة صوت الفكر والبيان ولسان الغائب وخليفة اللسان

فاكتب وتكلم.. ولا تسكت فتتألم

وإياك إياك.. أن تمشي كأنك غيرك
تابع القراءة

gravatar

الدموع لا تأتي من المنديل












ليلنا صعب اليوم
والطيران يتقدم أكثر في الجنوب
وبيروت بانتظار مصير أسود الليلة

الله يستر


كلماتها في بريدي الإلكتروني خنقت ما تبقى لدي من كلمات

لم أجد رداً.. ضاعت مني الكلمات

مع أنني كنت أود أن أقول لها إن الحرية ليست قطعة بيتزا... وإنما كلٌ متكامل

كنت أود أن أقول لها إن الحرية لا تباع في السوبر ماركت.. وإن هناك من يرى أن الثمن الباهظ الذي ندفعه الآن.. قد يوفر علينا ما هو أغلى ثمناً في الغد القريب

إن أحزاننا يا سيدة الشمس مربوطة إلى بعضها البعض بخيط غير مرئي

والدموع يا سيدتي لا تأتي من المنديل

لم أرد على قلقها.. كيف ترد على شخص عزيز عليك حين يقول لك إنه خائف وقلق على نفسه ووطنه.. وأنت جالس إلى حاسوبك تحت أجهزة التكييف تحتسي قهوتك المفضلة.. وربما تتابع الحرب عبر شاشات الفضائيات

لكن الآخرين أيضاً لا يردون.. كيف يردون وفي لبنان نفسها من يغسلون أيديهم بالماء والصابون مما جرى.. بل إن كلمة لبنان أمام مجلس الأمن الدولي اليوم والتي ألقاها السفير نهاد حمود جاء فيها إن حكومة لبنان غير مسؤولة عن أسر الجنديين الإسرائيليين.. رسالة للعالم أجمع مفادها: إننا منقسمون في لبنان حتى النخاع حول عملية حزب الله

والسؤال هو: هل كان منتظراً من حركة المقاومة أن تطلب الإذن لتنفيذ عملية "الوعد الصادق" أو تستشير الحكومة في شن هجوم لقتل وأسر قوات احتلال

لا تنتظروا عوناً من الأشقاء.. فقد صدر خلال الساعات الماضية بيانان كتبهما شخص واحد منزوٍ في أحد مكاتب القاهرة أو قصور الرياض أو فيلات عمان

لا.. بل إنها بيانات صادرة من قبور.. لا من قصور

وفي زمن قياسي..تمخض جبل محادثات الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.. فولد بياناً مشتركاً حذرا فيه الأطراف العربية للأزمة من الانجراف إلى مغامرات ومواجهات غير محسوبة تتحملها شعوب المنطقة


البيان كان نسخة طبق الأصل من بيان سبقتهما إليه السعودية.. حملت فيه حزب الله ضمناً المسؤولية عن التطورات الأخيرة بين لبنان وإسرائيل. إذ انتقد مصدر مسؤول في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية ما وصفه ب"المغامرات غير المحسوبة التي تقوم بها بعض العناصر دون الرجوع إلى السلطة الشرعية".. بيان آخر يغسل أكثر بياضاً

وإذا عُرِفَ السبب.. بطلَ العجب

فالرئيس مبارك لا يرى لا يسمع لا يتكلم.. ربما لأنه مشغول بتمهيد الطريق أمام قرة عينه وفلذة كبده جمال كي يصبح رئيس مصر القادم.. فهو يقول في آخر حديث صحفي له إنه لا داعي لوجود نائب للرئيس في البلاد معتبراً أن غالبية النظم الجمهورية في العالم لا تعرف منصب نائب الرئيس.. مع أنه هو شخصياً أتى إلى الحكم عبر هذا المدخل الذي أغلقه منذ أن أصبح رئيساً قبل ربع قرن

وفي الأردن ملك شاب آخر مشغول بأشياء كثيرة.. فالنقابات غاضبة والبرلمان يغلي بعد إحالة ثلاثة من نوابه إلى المحاكمة بسبب تعزيتهم في مقتل أبي مصعب الزرقاوي.. والإخوان المسلمون يعلنون الولاء للوطن والملك بعد قرص آذانهم وضرب معقل جمعياتهم الخيرية في الصميم

وفوق هذا وذاك فإن الملك عبد الله الثاني بحكم والدته الإنجليزية وتربيته لا يجيد الحديث باللغة العربية في حين ينطلق لسانه بالإنجليزية.. ربما لهذا وذاك فقد آثر السكوت.. ليس لأنه من ذهب.. وإنما لأن كلماته لن تكون حتى من فضة

الكلام المفيد سقط في مياه الخليج.. والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يبحث مع قوات الأمن عن المعتقلين من "الفئة الضالة" الذين هربوا من سجن الملز في الرياض.. وأمير الكويت صباح الأحمد يحتفل بتجديد نواب مجلس الأمة الجديد لرجله جاسم الخرافي رئيساً للمجلس ولتذهب إلى الجحيم قضايا الفساد و الدوائر الانتخابية و"وزراء التأزيم".. ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد سيشد الرحال اعتباراً من السبت إلى دول عدة تقوده إلى المغرب.. المحطة المفضلة لوالده الشيخ زايد.. ولله في خلقه شؤون

لا أحد يرد في سوريا.. فالرئيس الشاب بشار الأسد يتحسب لهجوم إسرائيلي محتمل على دمشق سيعلن بعده أن سوريا تحتفظ بحق الرد على هذا العدوان.. ثم يأوي إلى فراشه وهو يحلم بانتهاء كابوس تقارير لجنة القاضي البلجيكي سيرج براميرتز بشأن ملابسات اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري

وفي العراق.. ليلى مريضة.. وعبير مغتصبة.. والمالكي لم يقرأ قصيدة أمل دنقل "مقتل كليب" التي اشتهرت باسم "لا تصالح" فصافح يد وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الملطخة بدماء عبير ومعتقلي أبو غريب وأهالي الرمادي وبعقوبة وبغداد وغيرها من المدن العراقية.. لا وقت إذاً للحديث عن عدوان إسرائيلي.. فالمهم الآن هو إحباط ما يقول المالكي إنها خطة يضمرها مسلحون لاحتلال..الكرخ

لا تسألوا عن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.. فالعقيد يمر بأزمة نفسية وحالة حزن لا يكفي لنسيانها مضغ قات العالم بأسره.. لأن الشعب ضغط عليه وأجبره على أن يتراجع عن قراره ليخوض انتخابات الرئاسة لفترة جديدة.. وكله يهون من أجل إرادة الشعب اليمني

والرئيس السوداني عمر البشير أقسم بالله وربما بالطلاق بأنه لن يسمح بتسليم أي سوداني إلى محاكمة دولية وأنه لن يقبل بوجود قوات أممية في دارفور.. لكن الطوق يضيق حول عنقه في دارفور غرباً وابتعاد نائبه سلفا كير عنه في أكثر من موقف سياسي جنوباً ومفاوضات أسمرة شرقاً.. لا بأس إذاً بالتضحية بكبش فداء أو أكثر.. وإن كان من الأمر بد فإن لديه زوجتين.. يمكنه أن يتخلى عن إحداهما – ولتكن أم الأولاد.. فالجديدة أجمل- حتى يبر بوعده ولا يحنث بقسمه

ولكن.. أين العقيد معمر القذافي؟ يقول البعض إن القطة أكلت لسانه.. ويبرر آخرون صمته بأنه حكمة إفريقية قديمة.. ويدافع فريق ثالث عن الزعيم الليبي قائلين إنه لو كان العرب استمعوا إلى نصيحته بإنشاء دولة "إسراطين" التي تجمع بين إسرائيل والفلسطينيين.. لما جرى الذي.. جرى

والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد أن من الله عليه بالشفاء في فرنسا.. ها هو يبحث في ضيافة بريطانيا عمن يوصفون بالمطلوبين بالعدالة الجزائرية.. فلا تشغلوا بالكم بالحديث عن لبنان وغزة للرئيس "بو تاف".. فهو رجل مريض ولا نريد أن نثقل عليه بمثل هذه الهموم

وإذا كان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مشغولاً هذه الأيام بالقضاء على الأصوات المعارضة.. خاصة في صفوف جمعية الصحفيين.. فإنه لا يجوز أن نشغله وزوجته ليلى عن الاستمتاع بالحياة في تونس الخضراء.. ولو كره المعارضون

ولا داعي للتفكير في العاهل المغربي الملك محمد السادس.. فالرجل منصرف إلى إغلاق وتسوية ملفات عدة من بينها ضحايا التعذيب في "سنوات الرصاص" في عهد والده الملك الراحل الحسن الثاني.. وفي المستقبل سيتفرغ من يرث الملك بعده لإغلاق ملفات الجرائم المرتكبة في عهد محمد السادس.. وهكذا دواليك

سيدة الشمس: نحن أيضاً ليلنا صعب
وربنا يستر

تابع القراءة

gravatar

كرة القدم: أشرف الحروب





















"تدور الكرة والعالم يدور. يٌعتقد بأن الشمس هي كرة مشتعلة.. تعمل خلال النهار وتتقافز في الليل هناك في السماء.. بينما القمر يعمل.. مع أن للعالم شكوكه في هذا الشأن. ولكن الأمر المؤكد في المقابل.. وبكل يقين.. هو أن العالم يدور حول الكرة التي تدور" .."كرة القدم في الشمس والظل"- إدواردو غاليانو - ت: صالح علماني- ص 189



أنا ألعب.. إذاً أنا موجود

تلك هي فلسفة الوجود التي ابتكرها فيلسوف كان جالساً يوماً ما لمتابعة مباراة رسمت وجه العالم

وحين تأهلت كل من توغو وأنغولا إلى مونديال ألمانيا 2006، أحس التوغوليون والأنغوليون بالفخر، إذ لم تعد توغو مجرد خطأ جغرافي وبقعة صغيرة منسية على خريطة العالم، وخرجت أنغولا من تحت عباءة صورتها النمطية كواحدة من الدول التي اعتادت أن تأكل أبناءها على مائدة الحرب الأهلية كل صباح

في استدارتها يكمن سر السعادة: كمٌ من الأسباب التي تبرّر حياة الكثير من الناس..على الرغم من عبثيتها
وجزءٌ من عشقها أنها لعبة شعبية.. تنمو عادة في الأحياء الهامشية التي تلد أفضل لاعبي العالم: بيليه الذي ولد في بيت فقير في قرية نائية وكان في صباه ماسح أحذية..مارادونا الذي كان قصارى حلمه أن يصبح فنياً صناعياً.. ويوهان كرويف الذي كانت أمه تخدم في كافيتيريا نادي أياكس. فقراء صنعوا المجد لأنفسهم وجمهورهم، الذي يتماهى عادةً مع مثله الأعلى


كرة القدم هي الوطن.. والسلطة هي كرة القدم. تأملوا الرئيس الفرنسي جاك شيراك وهو يرتدي زي منتخب فرنسا في نهائي مونديال 1998.. والعاهل الأردني الملك عبد الله وهو يفعل شيئاً مماثلاً ويلوح للاعبي منتخب بلاده في نهائيات كأس أمم آسيا عام 2004

وكثيراً ما يتسلل السياسيون والطغاة إلى ملاعب كرة القدم بحثاً عن شعبية ضائعة.. إيطاليا فازت ببطولتي مونديالي 1934 و938 تحت راية موسوليني.. ونالت الأرجنتين الكأس عام 1978 في أوج عصر الدكتاتورية العسكرية

وفي مسرح كرة القدم يحل اللاعبون مكان الممثلين.. أدوارٌ لا ينقصها فن الارتجال..وكلما أتقنت دورك بمهارة وأضفت إليه بعضاً من توابل الارتجال كلما امتلكت ناصية الدهشة وارتفعت هتافات المعجبين باسمك



على العشب الأخضر الممتد على امتداد القلوب التي تشاهد، يمثل اللاعبون برؤوسهم وأرجلهم .. وربما أيديهم مثلما فعل الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا حين خدع الحكم التونسي علي بن ناصر بهدفٍ أحرزه بيده في مرمى منتخب انجلترا في مونديال المكسيك عام 1986.. ثم زعم بعد ذلك أن "يد الله" أحرزت الهدف

يقدر الاتحاد الدولي لكرة القدم – الفيفا- عدد من شاهدوا نهائي مونديال ألمانيا 2006 بنحو ثلاثة مليارات شخص، وهو أكبر جمهور يجتمع لمتابعة حدثٍ ما على امتداد تاريخ هذا الكوكب

إنها الحب الأول لكثيرين- ممن يصرخون ويسخطون ويصفقون على المدرجات أو أمام شاشات التلفاز.. وهم يتابعون صعود أو سقوط أحلامهم.. ويقضمون أظفارهم أو يمسكون برؤوسهم وهم يلهثون وراء اثنين وعشرين لاعباً يرتدون سراويل قصيرة ويلاحقون الساحرة المستديرة..يركلونها حيناً ويداعبونها حيناً آخر، تعبيراً عن حبهم لها وشغفهم بها

استخدامات الكرة متعددةٌ، أحدها هو الحب العالمي

وبالنسبة لكثيرين، يصعب تفسير مدى تأثير وقدرة كرة القدم على إهدائنا سر البهجة الخالصة والحماسة المتقدة، ومنح بعضنا قدراً أفضل لحياته، وتشكيلها لبعضنا الآخر المكان المثالي الذي أمدّ وجوده بمعنى لم يعثر عليه في مكانٍ آخر
وحتى في حال الهزيمة، تفتح لحزنك الباب، فيندفع خارجاً من صدرك، لكنه لا ينسى قبل أن يفارقك مودعاً أن يعدك بنظرة معبرة بأنه ربما يعود يوماً.. ومعه ملامح نصر كروي

ومن يطالع "الأنطولوجيا" التي صدرت حديثاً تحت عنوان "حقل الرياضة" (دار الطاولة المستديرة- باريس- 2006)، سيكتشف عبر نخبة من النصوص الشعرية والأدبية الممتعة التي تقع في نحو 400 صفحة، كيف تؤمّن الرياضة – وخاصة كرة القدم - لصاحبها توازناً وكمالاً نادرَين مع الشعور بالانتصار على الذات وتخطّيها وفرصة بلوغ فضاء الحلم

مع انتهاء مونديال عام 1994، أُطلق اسم القصير المكير روماريو على غالبية الأطفال الذين ولدوا في البرازيل، وبيع عشب استاد لوس أنجليس مجزأً في قطع صغيرة مثل البيتزا.. بعشرين دولاراً للقطعة

ومع انتهاء مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 زقزق في بريدي الإلكتروني عصفور رسالة من زميلة الدراسة البرازيلية آنا تقول فيها في زهو: لقد انتصرنا

وقبل ذلك بأربع سنوات، نامت آنا على وسادة أحزانها بعد أن فقد منتخب "سيليكاو" البرازيلي قدراته السحرية أمام منتخب الديوك الزرق، حين قاد زين الدين زيدان رفاقه إلى فوز مستحق على منتخب السامبا بثلاثية نظيفة

لكنها لم تنس تلك اللحظة، ولم تتمكن من مداواة جراح الهزيمة إلا عندما رفع البرازيليون الكأس بعد تلك الهزيمة بأربع سنواتٍ كاملة

أهو جنونٌ؟ هوس؟ تجارة؟ صناعة؟ هي هذا كله وأكثر..إنها لمعان في العيون التي ترى ولهفة في الجسد الذي يلاحق وآهات من القلب الذي يخفق مع كل لعبة جميلة أو هجمة خطيرة

هناك لاعبون بارعون في التمثيل: يملكون وجه قديس.. وألاعيب شيطان.. يتقنون أسرار الضربات الخفية من وراء ظهر الحكم.. وشد شعر أو قميص أو سروال اللاعب الخصم.. والبصق عليه وإهانته.. في حين يتأمل حامل الراية الغيوم التي تمر في السماء، ويتحول فجأة إلى نسخةٍ مملة من عادل إمام في مسرحية "شاهد ما شفش حاجة"


تأملوا ما جرى بين قائد منتخب فرنسا زين الدين زيدان والمدافع الإيطالي ماركو ماتيراتزي في نهائي مونديال ألمانيا: الكل رأى نطحة الرأس التي قام بها زيدان، غير أن أحداً لم يعرف إلا متأخراً جداً أن ماتيراتزي أهان زيدان وتفوه بكلماتٍ تسيء إلى أمه وشقيقته

لكن، لماذا تستهوي كرة القدم الرجال أكثر من النساء؟ ..ربما لأنها امرأة

فالبرازيليون على سبيل المثال يقولون عنها: السمينة، ويسمونها: الطفلة، ويمنحونها أسماء من نوع ماريكوتا، أوليونور، أو مارغريتا

ويدلل البعض على أنوثتها بالقول إنها تبدو في بعض الأحيان كزوجة وفية.. ففي نهائي مونديال أوروغواي عام 1930طالب كل من المنتخبين المتنافسين اللعب بكرته الخاصة. وكان الحكم حكيماً مثل سليمان فقرر أن يجري اللعب في الشوط الأول بكرة أرجنتينية وفي الشوط الثاني بكرة من أوروغواي.. فكسبت الأرجنتين الشوط الأول.. واكتسحتها أوروغواي في الشوط الثاني

ويشير آخرون إلى جينات أخرى تثبت أنوثتها..فهي قد تبدل رأيها وهي في الهواء.. فتعاند وترفض دخول المرمى.. وتنحرف عن مسارها من دون سابق إنذار.. وفي أوقات كثيرة تكون ساخطة..ربما احتجاجاً على هؤلاء الرجال الذين لا يداعبونها بالرقة اللازمة ولا يسمحون لها بالنوم على صدورهم..وإنما يعمدون إلى لغة القوة والعنف فيركلونها بالأقدام

وأضيف فأقول إنها امرأة: حدثٌ كوني أن يجتمع جمالها..والشعر

وتحفل كرة القدم بالاستيهامات والعلامات الجنسية بدءاً من اسمها الأنثوي، ومرورا بمداعبة الكرة من أجل فك تمنعها ودلالها، ومن أجل "معانقة الشباك" و"اختراق المرمى"، لذلك تشبه بعض الأهداف حالات الاغتصاب الجنسي، فالكرة الطائشة التي تدخل دون فُرجة أو مداعبة " قذف سريع" ليس فيه متعة كما تحلل بعض أدبيات كرة القدم. وأجمل من عشتار براقعها كما يقول فراس السواح، فعندما تنزع كل البراقع عنها يصاب الناظر إليها بالجنون. وهذا ما يفسر الطابع الذكوري للعبة، الكرة فيها وحدها الأنثى في ميدان الملعب

وفي كتابه "مسالك المعنى.. دراسة في بعض أنساق الثقافة العربية" (دار الحوار، اللاذقية- سوريا، 2007)، يفكك الباحث المغربي سعيد بنكراد استيهامات كرة القدم الجنسية والحربية من زاوية ضرورة اللعب وعدم اقتصاره على الأطفال، فاللعب تحرير لطاقة جسمية ونفسية لا يمكن التحكم فيها بحالات الجد وهو ما يطلق عليه أحيانا الترويح عن النفس. كرة القدم محاولة لتصريف مجموعة من الانفعالات بعضها آني وبعضها الآخر اجتماعي وجمعي قديم

ألعاب كرة السلة وكرة اليد وكرة الطائرة لا توفر الكم الانفعالي بسبب محدودية فضاء اللعبة وهو تفسير لشعبية كرة القدم التي تتضمن خزاناً من الدلالات؛ منها ما يحيل إلى الحرب واستراتيجيتها وتكتيكاتها والعدوان والبسالة والشهادة والخيانة والحذر ورد فعل الخصم والاحتياط و"تسديد القذائف" و"التقويسات الخادعة" واستحضار عوالم الذبح والقرصنة والمراقبة اللصيقة وتفريغ الشحنات الانفعالية بتبذير الطاقة الزائدة عبر استثارة حالات العدوانية بما يشبه حلقات الزار أو البوح السريري

ويرى الباحث أن لعبة كرة القدم تعمل على نقل العدوان من حالته الحقيقية إلى ما يشبه البروفة ومن هذه الإحالات ما يتعلق بالذكورة والأنوثة ومفاهيم الارتواء الجنسي رمزياً. المشاهدة هي فعلٌ استعراضي يؤدي فيه المشاهد دور المتلصص الذي يشبع رغباته بمشاهدة الآخرين ينزعون ثيابهم استعداداً لممارسة فعل جنسي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إسقاط حالات إشباع افتراضية، فهي تستعيد بعض الطقوس البدائية التي كان الناس يتقربون فيها من الآلهة من خلال تنظيم حفلات جنسية جماعية، ولذلك تهتز الجماهير طرباً لتمرير الكرة بين رجلي الخصم وهو ما يسمى في المعجم الكروي "بالقنطرة الصغيرة" ولها إيحاءات جنسية إخصائية

وتملك كرة القدم حصانةً مذهلة في قلوب محبيها..حصانة هزمت قوانين ومراسيم ملكية: ففي عام 1349 ضم الملك إدوارد الثالث كرة القدم إلى ألعاب "الحماقة التي ليست لها أي فائدة".. وهناك مراسيم ضد كرة القدم ممهورة بتوقيع هنري الرابع في عام 1410 وهنري السادس في عام 1547.. ولكنهم كلما أمعنوا في حظرها كان الملعب يزداد امتلاءً بالجمهور العاشق

كان ليوناردو دافنشي مشجعاً متحمساً.. ومكيافيللي لاعباً ممارساً.. وفي عام 1930 كان ألبير كامو -المولود عام 1913-هو القديس بطرس الذي يحرس بوابة مرمى فريق كرة القدم في جامعة الجزائر..وقد اعتاد اللعب كحارس مرمى منذ طفولته؛ لأنه المكان الذي يكون فيه استهلاك الحذاء أقل، إذ كان ابن أسرة فقيرة لا يملك ترف الركض في أنحاء الملعب.. وكل ليلةٍ كانت الجدة تتفحص نعل حذائه وتضربه إذا ما وجدته متآكلاً

يقول صاحب رواية "الغريب": "تعلمت أن كرة القدم لا تأتي مطلقاً نحو أحدنا من الجهة التي ينتظرها منها..وقد ساعدني ذلك كثيراً في الحياة خصوصاً في المدن الكبيرة حيث الناس لا يكونون مستقيمين عادة".. نجمٌ آخر في عالم الكتابة يتعلم أسرار الحياة من كرة القدم

وبالمثل، كان الشاعر الروسي يفغيني ألكسندروفيتش يفتوشينكو -المولود عام 1933- يحب فريق كرة القدم لمدينته الصغيرة في سيبيريا "سيما"، حتى كاد أن يصير نجماً رياضياً في كرة القدم كحارس مرمى، قبل أن يهجرها وهو في الخامسة عشرة

كان يفتوشينكو مدمناً في مراهقته على لعب كرة القدم..في الليل يكتب الشعر وفي النهار يلعب كرة القدم في الساحات العمومية والأرض الخلاء، ويعود إلى البيت بسروال ممزق وركبتين داميتين. صوت الكرة كان يبدو له أشد النغمات الموسيقية سحراً. كان دائماً يحس أن هناك شيئاً مشتركاً بين كرة القدم والشعر

تعلم أن الأهم ليس أن يتقن اللاعب الهجوم فحسب.. ولكن أن يراقب، ذلك لأنه يرى أن قواعد كرة القدم أبسط من قواعد الأدب. إذا سجل اللاعب هدفاً فالدليل الحقيقي على ذلك يظهر للعيان فوراً: "الكرة في الشباك.. وعلى عكس ذلك فإن على الشاعر أن ينتظر الكثير ليثبت أن كرته أصابت الهدف" . والأسوأ –برأيه- أن غالب الضربات التي تمر بعيداً من المرمى كثيراً ما اعتبرت قمة الإبداع! وكلما رأى مثل هذه الأحكام الأدبية الجائرة.. تأسّف على تركه كرة القدم
.."كرة القدم تدخل الأدب من شِباك المرمى"- أحمد حجار -جريدة "الحياة" اللندنية -3 يوليو تموز 2006

الشاعر محمود درويش يقول إنه يستمتع بمشاهدة كرة القدم ويعتبرها "أشرف الحروب".. وسبق أن كتب مقالاً عن مارادونا. أما الروائي الأميركي بول أوستر فقد اعتبر في مقالة قصيرة عن أبرز دروس الألفية المنصرمة.. وترجمتها مجلة "الكرمل" أن هذه الرياضة هي "البديل عن سفك الدماء" في الحروب الكونية.. ويدلل الكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو على قوة وتأثير كرة القدم فيقول في مقال له: "على الرغم من أن المسألة سخيفة.. فإنك ستشاهد وتقدر للفور قوة كرة القدم كظاهرة اجتماعية وذلك بأن تنظر حولك في الملعب فقط.. بل وفي حياتك اليومية".. إنها قوة تتحول في لحظات البطولات الحاسمة محلياً وقارياً ودولياً إلى قاطرة تسحب وراءها مختلف فئات المجتمع

الروائي البرازيلي باولو كويلو – المولود عام 1947- كتب عن كرة القدم في مونديال ألمانيا.. أما المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي فقد امتدح يوماً "مملكة الوفاء البشري هذه التي تُمارس في الهواء الطلق".. كأن تلك الكرة أسمى أشكال وآمال طبقة البروليتاريا
في أوائل عام 1994 قضى أسامة بن لادن ثلاثة أشهر في لندن لزيارة المؤيدين والمصرفيين، وذهب لمشاهدة مباريات نادي الأرسنال أربع مرات. وقبل أن يعود إلى السودان، اشترى لأولاده هدايا من محل الهدايا بالنادي. وذكر بن لادن لعددٍ من معارفه أنه لم يشهد حماساً وعواطف جياشة مثل مشاعر وعواطف مشجعي الكرة

ويبدو أن مثل هذا التصور منتشر داخل تنظيم "القاعدة". ففي شريط فيديو أفرجت عنه وزارة الدفاع الأميركية، ظهر بن لادن وهو يتبادل أطراف الحديث مع شخص آخر عن هجمات 11 سبتمبر أيلول، وتطرق الحديث إلى كرة القدم مرتين. الأولى يتذكر فيها ما ذكره له واحد من أنصاره قبل عام من أنه: "شاهدت في منامي أننا كنا نلعب مبارة لكرة القدم ضد الأميركيين. وعندما ظهر فريقنا في الملعب، كانوا كلهم من الطيارين..وقد فازت "القاعدة" في المباراة"

وفي شريط الفيديو نفسه، أصاب بن لادن ورجاله عين الحقيقة. فكرة القدم التي تعتبر في الولايات المتحدة تسلية للأطفال، تثير في باقي أنحاء العالم عواطف ومشاعر جياشة لا تماثلها إلا مشاعر الحرب

ربما لم يصبح لابن لادن أي ذكر في مجال كرة القدم فيما عدا أغنية ترددت أحياناً من مدرجات الأرسنال، تقول كلماتها: "هو يختفي بالقرب من كابول هو يحب الأرسنال..أسامة..أوه أوه أوه"

وعلى العكس من باقي الرياضات الأخرى ـ بل على العكس من أية ظاهرة ثقافية أخرى ـ فإن كرة القدم تتميز بمدلولها السياسي. فهي تستخدم من قبل السلطات السياسية، وهي رمز للفوضى ولحكم الأقلية. وهي تؤدي إلى انتخاب الرؤساء أو إسقاطهم، وتحدد الطريقة التي يفكر بها الناس، خيراً أم شراً، بخصوص بلادهم


وتحاول القيادات السياسية في كل مكان الارتباط بكرة القدم. ففي عام 1986 اشترى سيلفيو برلسكوني وهو رجل أعمال متخصص في مجال الإعلام ناديه المفضل ايه سي ميلان، الذي كان يكافح للتغلب على فضيحة رشى في عام 1979. وبحلول عام 1989 أصبح نادي ميلان ثرياً ومنظماً وبطلاً لأوروبا. ثم أسس برلسكوني بعد ذلك حزبه السياسي الخاص "فورزا إيطاليا" وهو شعار كروي يعني "إلى الأمام يا إيطاليا"، وأطلق على مرشحي الحزب اسم الزرق وهو اسم المنتخب القومي.. وفي عام 1994 انتخب رئيساً للوزراء. وفي النمسا، حسن السياسي اليميني يورغ هايدر صورته برئاسة نادي كارنثن

وفي البرازيل يرتدي السياسيون فانلات فريقهم المفضل خلال الحملات. وفي بريطانيا حصلت مدينة هارتبول الإنجليزية على حق انتخاب عمدة. وفي أول انتخابات محلية رفضت المدينة مرشح حزب العمال وانتخبت بدلاً منه تعويذة الفريق وهو رجل يرتدي ملابس على شكل قرد ويتقدم الفريق في مبارياته. ولكن ربما أفضل مكان لمراقبة تداخل كرة القدم والسياسة اليوم هو الأرجنتين، التي فاز منتخبها القومي بكأس العالم مرتين، التي دخل اقتصادها مرحلة ركود اقتصادي أسوأ من تلك التي تعرضت لها الولايات المتحدة في الثلاثينيات

ففي يوم ساده مناخٌ انجليزي قاتم، زار المليونير الأرجنتيني مورشيو ماكري جامعة أكسفورد البريطانية. ومثل برلسكوني في إيطاليا، اشترى ماكري نادياً لكرة القدم يعاني من المشكلات هو بوكا جونيورز في العاصمة بوينس أيريس، الذي أصبح لفترة من الفترات أفضل نادٍ في أميركا اللاتينية. ثم قرر ماكري دخول عالم السياسة، وكانت البداية باختياره محافظاً للعاصمة بوينس أيريس..وبعد ذلك من يعلم؟

وعندما انهارت العملة الأرجنتينية، وتولى حكم البلاد أربعة رؤساء في أسبوعين، اندلعت المظاهرت ضد السياسيين الأرجنتينيين والنظام المصرفي وصندوق النقد الدولي. وهكذا تبلورت ظاهرة جديدة: بدأ المتظاهرون في ارتداء فانلات المنتخب القومي الزرقاء ذات الخطوط البيضاء وعليها عبارة "باستا" أي يكفي، مكتوبة على الظهر. أعظم ظواهر المجد الأرجنتيني: كرة القدم أصبحت تستخدم لإهانة المؤسسة الحاكمة


وكرة القدم، اقتباساً من التعريف الشيوعي، هي أفيون الشعوب، استخدمتها السلطات للتحكم في الجماهير. فقد كانت تلتقط لبينيتو موسوليني العديد من الصور مع المنتخب القومي الإيطالي لكرة القدم - أبطال العالم في عامي 1934 و1938. وتحول المشهد التقليدي مع المنتخب القومي في شرفة قصره إلى مشهدٍ تقليدي يتكرر في جميع أنحاء العالم

غير أن النازيين في ألمانيا لم يتمكنوا قط من استخدام كرة القدم لصالحهم، فقد كان يحيرهم دائماً النتائج غير المتوقعة لكرة القدم. فبعدما خسرت ألمانيا 1/2 امام سويسرا في عيد ميلاد هتلر عام 1941، أصدر أوامر إلى غوبلز وزير إعلامه "بعدم تنظيم أية مباريات رياضية عندما تكون النتيجة محل شك". وعندما خسرت ألمانيا أمام السويد عام 1942 يتردد أنه علق قائلاً: غادر 100 ألف الاستاد وهم يشعرون بالإحباط، وبما أن النصر في مباراة كهذا أقرب إلى الناس من أن تغزو مدينة في الشرق، فيجب حظر مثل هذه الأحداث لمصلحة المزاج الداخلي". ولم يمض أكثر من شهرين حتى توقفت ألمانيا عن المشاركة في المباريات الدولية

والعديد من أفراد عائلة الرئيس الروماني سابقاً نيكولاي تشاوشيسكو تبنوا أنديتهم الخاصة، في حين أمر عدي نجل الرئيس العراقي سابقاً صدام حسين بتعذيب أعضاء المنتخب القومي العراقي بعد هزائم لحقت بالمنتخب في مباريات مهمة. أما رئيس الشرطة السرية في عهد ستالين لافرنتي بيريا الرئيس الشرفي لنادي دينامو موسكو فكان يرسل لاعبي الفرق المنافسة إلى سيبيريا. بل إن حزب العمال البريطاني في عهد هارولد ويلسون، حمل هزيمة انجلترا المفاجئة في كأس العالم مسؤولية هزيمة حزبه في الانتخابات العامة في عام 1970 بعدها بعدة أيام

الآن الحكام لا ينفردون دائماً باستغلال كرة القدم لصالحهم. فمن السهل جداً أن تستخدمها الجماهير ضد الحكام، خاصةً في أماكن قد تتضاءل فيها وسائل التعبير. فقد ذكر تقرير لوزارة الخارجية الأميركية ظهر في عام 1999 أن "آخر مظاهر الاستياء العام تجاه الحكومة الليبية حدث عندما اندلعت أعمال الشغب بخصوص ركلة جزاء في مباراة لكرة القدم في طرابلس في 9 يوليو تموز عام 1996"


في إيران تبدو كرة القدم أكثر أهمية، وقد سيطرت على البلاد في السنوات الأخيرة ما يطلق عليه "ثورة كروية". وقد بدأت في عام 1997، عندما هزم المنتخب الإيراني نظيره الأسترالي للتأهل لكأس العالم 1998. فقد اندفعت آلاف النساء إلى الاستاد الرياضي للمشاركة في الاحتفالات، وفي احتفالات بالشوارع عبر البلاد، رقص الرجال والنساء في الشوارع، وتحدت النساء تحذيرات الحكومة ومحظورات الملالي

وكلما ازداد فقر البلاد والقهر السياسي ازدادت أهمية كرة القدم.. إنها الثروة الوحيدة في نظر الذين لا يملكون شيئاً

إن المنتخب القومي هو الأمة مجسدة. وعندما يتجادل الناس حول أسلوب اللعب ـ وهو أمر لا ينتهي في عددٍ من الدول ـ فإنهم يتجادلون في العادة عن نوعية الدولة التي يجب أن تكون عليها بلادهم. هل يجب على البرازيل أن تمارس أسلوبها التقليدي باللعب المفتوح وتتخلى عن القواعد، أم هل يجب عليها أن تتبنى أكثر أسلوب اللعب الأوروبي الآلي؟

وبالنسبة لدول العالم، فإن مونديال كرة القدم هو المناسبة الوحيدة التي يعاملون فيها الولايات المتحدة كدولة خفيفة الوزن. فرصةٌ نادرة في نظر البعض للنيل من هذه القوة، كما حدث حين فاز المنتخب الإيراني على نظيره الأميركي نتيجة 2/1 في مونديال 1998
ربما تكون كرة القدم أفيون الشعوب، لكن دعونا نتذكر الكاتب البرازيلي خورخي أمادو حين يقول: "أغبياء أولئك الذين لا يحبون كرة القدم

انحيازٌ واضح من أديبٍ متمكن

ولم لا؟ ففي نظر عشاقها فإن تلك الكرة منفوخة بالهواء الوحيد المتبقي في هذا الكون
تابع القراءة

gravatar

الكفاية في مونديال البداية والنهاية: نطح.. ناطحة السحاب




























إيطاليا 5 – فرنسا 3

وصلت فرنسا إلى الحاجز الأخير في السباق لكنها سقطت أمام هذا الحاجز: إيطاليا.. بطلة العالم لكرة القدم

لقب نالته إيطاليا للمرة الرابعة وهي ستحتفظ به لأربع سنوات مقبلة.. وستبكي فرنسا على ضياعه طوال تلك الفترة

تقدم الفرنسيون بهدف زين الدين زيدان من ركلة جزاء في الدقيقة السابعة وتعادل لإيطاليا ماركو ماتيراتزي في الدقيقة التاسعة عشرة.. لتنتهي المباراة بوقتيها الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي.. قبل أن تبتسم ركلات الجزاء الترجيحية للإيطاليين.. بعد أن كانت تلك الركلات قد عبست في وجوههم قبل اثني عشر عاماً أمام المنتخب البرازيلي في نهائي مونديال أمريكا عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين

فاز منتخب إيطاليا لأنه احتفظ بهدوء أعصابه وتركيزه خلال ركلات الجزاء الترجيحية.. لم يضيع أي لاعب إيطالي أياً من ركلات الجزاء الترجيحية الخمس فكان الكأس من نصيب المنتخب الآزوري

وعندما نجح فابيو غروسو في مخادعة حارس المرمى الفرنسي فابيان بارتيز وأودعها مرماه في ركلة الجزاء الترجيحية الأخيرة.. انفجر الملعب بالهتاف واختار الاستاد اللون الأزرق.. وانطلقت الاحتفالات في أنحاء إيطاليا من بيرغامو إلى باري

المفارقة أنها المرة الأولى التي تبتسم فيها ركلات الجزاء لمنتخب إيطاليا في تاريخ المونديال.. بعد أن أخفقوا في الفوز بها في نهائيات ألف وتسعمائة وتسعين.. وأربعة وتسعين.. وثمانية وتسعين.. في حين أخفق الفرنسيون في تلك الركلات بعد أن ضاعت كرة ديفيد تريزيغيه.. ذلك اللاعب الذي سبق له أن منح منتخب الديوك اللقب في بطولة أمم أوروبا عام ألفين.. بهدفه الذهبي آنذاك في مرمى.. إيطاليا

تقدمت فرنسا بعد عرقلة ماتيراتزي للاعب الفرنسي المشاكس فلوران مالودا في منطقة الجزاء..ليسجل زيدان للفرنسيين هدف السبق.. وهو الذي سبق له أن افتتح التسجيل لفرنسا في نهائي عام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعين في لقاء الثلاثية النظيفة أمام البرازيل

هدف زيدان من ركلة الجزاء يشبه لعبة البلياردو.. خدع زيدان حارس المرمى الإيطالي بوفون فجعله يرتمي إلى الجهة الخطأ في حين ارتفعت الكرة إلى أعلى وأعطت بطن العارضة قبلة خفيفة قبل أن تنزل في نقطة تتجاوز خط المرمى وترتد إلى خارجه.. لوهلة احتار البعض: هل كان ذلك هدفاً؟.. غير أن الإعادة من زوايا مختلفة وباللقطات البطيئة أكدت من دون شك أن زيدان خدع الجميع وليس بوفون وحده.. بركلة جزاء جميلة وأنيقة

وكاد ويلي سانيول يضاعف الغلة للفرنسيين في الدقيقة التاسعة بسبب ارتباك ماتيراتزي.. في حين تابع حارس المرمى الإيطالي بوفون الكرة وهي تكاد تحتضن شباكه

وفي الدقيقة الرابعة عشرة بدأ الإيطالي أندريا بيرلو – أحسن لاعب في المباراة- في جمع القطع المتناثرة وهدد المرمى الفرنسي لولا قوة وجرأة المدافع الفرنسي ليليان تورام الذي منع الكرة من تهديد شباك الحارس فابيان بارتيز

فجأة اكتشف الإيطاليون ثغرة خطيرة في الدفاع الفرنسي: ألعاب الهواء

ومن هذه الثغرة وضع المنتخب الآزوري حصان طروادة في قلب منطقة الجزاء الفرنسية: ناطحة السحاب ماتيراتزي

في المرة الأولى قفز ماتيراتزي في الهواء لاصطياد كرة أندريا بيرلو من ركلة ركنية.. وقفز معه الفرنسي باتريك فييرا وحاول أقصى استطاعته أن يقضي على خطورة ماتيراتزي.. لكن عندما لمس فييرا الأرض نظر إلى أعلى فوجد المدافع الإيطالي القادم إلى الهجوم مازال في الهواء متحدياً قانون الجاذبية

اصطاد ماتيراتزي عصفورين بحجر واحد: إعادة النتيجة إلى نقطة البداية.. ورد الاعتبار لنفسه بعد أن تسببت عرقلته لمالودا في ركلة الجزاء التي سجل منها زيدان هدف فرنسا

فجأة.. نطح زيدان برأسه الحليقة ماتيراتزي في صدره في الوقت الإضافي الأول.. ليطرده حكم المباراة بعد التشاور مع حامل الراية

ومن نسخة طبق الأصل كاد الإيطاليون يتقدمون.. ركلة ركنية يرسلها بيرلو بدقة إلى رأس ماتيراتزي لكنه تخطيء الهدف.. بعدها تحين الفرصة للمهاجم الإيطالي لوكا طوني كي يشم رائحة المرمى الفرنسي.. لكن تورام يتصدى للهدف المحقق بمنع لوكا طوني من التسديد في الدقيقة الخامسة والثلاثين.. ثم تضيع رأسية من لوكا طوني لكنها تكشف مرة أخرى عن مشكلة الفرنسيين مع ألعاب الهواء

في الدقيقة السابعة والأربعين يحاول تييري هنري – الذي أغمي عليه في بداية المباراة بعد اصطدامه بلاعب إيطالي- أن يفعل شيئاً.. فيخترق منطقة الجزاء الإيطالية بمهارة.. لكنه يفشل في تهديد مرمى بوفون

بعد ذلك بدقيقتين ومن كرة رفعها فرانشيسكو توتي يحاول المدافع الإيطالي كانافارو التسجيل في مرمى الفرنسيين لكن الدفاع الفرنسي يبطل مفعول الخطر قبل فوات الأوان

وفي الدقيقة الخمسين يتذكر هنري مهاراته وقدراته الهجومية فيتجاوز ثلاثة لاعبين إيطاليين ببراعة مدهشة لكنه لم يجد مساندة من زملائه لتمر كرته المنخفضة بعيداً عن أقدام الفرنسيين وينجح زامبروتا في إبعاد الخطر

وفي الدقيقة الثامنة والخمسين تخسر فرنسا جهود لاعبها المميز باتريك فييرا بداعي الإصابة فيدخل مكانه آلو ديارا.. وفي المقابل يقرر المدرب الإيطالي مارشيلو ليبي تنشيط صفوف منتخب بلاده فيحل دانييل دي روسي وفينشينزو إياكنتا مكان توتي وسيمون بيروتا

سيطر الفرنسيون على بعض فترات الشوط الثاني من دون أن يتمكنوا من فك شيفرة الدفاع الإيطالي الصلب..وقبل نهاية الوقت الأصلي من المباراة دخل الإيطالي أليساندرو ديل بييرو إلى أرض الملعب

وفي الوقت الإضافي الأول حاول الفرنسي ريبيري أن يفعل شيئاً ومرر الكرة في الدقيقة المائة إلى مالودا الذي اندفع باتجاه المرمى الإيطالي قبل أن يسددها بعيداً عن الخشبات الثلاث

بدا الفرنسيون أكثر سيطرة على سير اللعب.. وفي الدقيقة الرابعة بعد المائة مرر زيدان الكرة إلى الطرف الآخر حيث يقف ويلي سانيول.. الذي رفعها بدوره لزيدان في قلب منطقة الجزاء الإيطالية.. ارتقى صاحب القميص رقم عشرة في الهواء جيداً وسددها بقوة في المرمى الفرنسي. غير أن الحارس بوفون قدم أفضل محاولة لإنقاذ المرمى من هدف محقق في المونديال حين مد جسمه برشاقة في الهواء وأخرج كرة زيدان إلى ركلة ركنية.. ليتنفس مشجعو المنتخب الإيطالي الصعداء

مالودا كان مفاجأة اللقاء.. تحرك وناور كثيراً وكاد يكون الوحيد الذي نجح في اختراق القلعة المنيعة للدفاع الإيطالي.. وتسبب في حصول المنتخب الفرنسي على ركلة الجزاء التي أحرز منها هدفه الوحيد في المباراة

وفي الدقيقة الرابعة عشرة بعد المائة تغير وجه المباراة: زيدان ينطح برأسه ماتيراتزي في صدره

ليست المرة الأولى التي ينطح فيها زيدان لاعباً من الفريق الخصم وينال الطرد.. لكن المحزن حقاً أن يحدث ذلك في ليلة الوداع.. لتكون وصمة كبيرة في سجل زيدان الكروي في مباراة لا تنسى يشاهدها مئات الملايين

نهاية حزينة لنجم كبير

ربما كان العزاء الوحيد لزيدان هو فوزه لقب أحسن لاعب في مونديال ألمانيا.. بفارق ضئيل عن صخرة الدفاع الإيطالي فابيو كانافارو..ويليهما صانع الهجمات الإيطالية أندريا بيرلو

الدقائق المتبقية بدت ثقيلة..قبل أن يحتكم المنتخبان إلى ركلات الجزاء الترجيحية.. وهي المرة الثانية في تاريخ المباريات النهائية للمونديال التي يحتكم فيها المنتخبان المتنافسان إلى ركلات الجزاء الترجيحية

سجل للإيطاليين بيرلو وماتيراتزي ودي روسي وديل بييرو وغروسو.. وسيلفان ويلتور وإيريك أبيدال وسانيول لفرنسا.. لكن ركلة الجزاء الترجيحية الثانية لفرنسا التي أضاعها تريزيغيه منحت الفوز للمنتخب الآزوري

دفن الإيطاليون أشباح الماضي وخسارتهم في نهائي مونديال أربعة وتسعين وأصبحوا أنجح منتخب أوروبي في تاريخ المونديال بحصولهم على اللقب الرابع متفوقين بذلك على المنتخب الألماني.. أما بالنسبة للفرنسيين وزيدان فلم تكن للقصة نهاية سعيدة

وهكذا تكون النهايات عادة: أفراح البعض.. أحزان للآخرين
تابع القراءة

gravatar

إرواء الغليل في مونديال الأفاعيل: ليلة الحصان























ألمانيا 3- البرتغال 1
نفض المنتخب الألماني غبار صدمة الخروج من الدور نصف النهائي بخسارته في الدقائق القاتلة أمام إيطاليا.. ليحرز المركز الثالث في نهائيات كأس العالم لكرة القدم الذي يستضيفها على أرضه
سجل أهداف ألمانيا باستيان شفاينشتايغر في الدقيقتين السادسة والخمسين والثامنة والسبعين وأرماندو بيتيت في الدقيقة الحادية والستين بطريق الخطأ في مرمى فريقه.. في حين أحرز نونو غوميش في الدقيقة الثامنة والثمانين هدف البرتغال
كانت ليلة شفاينتشايغر من دون شك..وفي قاموس مونديال ألمانيا كتبوا بجوار كلمة شفاينشتايغر ما يلي: هو حصان مندفع تألق بشكل الأقرب إلى الشراسة وهو يعدو على العشب المغطى بعرق اللاعبين

جاءت المباراة كتعويض للمنتخبين لتأكيد المشوار الناجح لكل منهما في البطولة بعد خروجهما من الدور نصف النهائي حيث كان الألماني قريبا من الانفراد بالرقم القياسي لخوض المباريات النهائية (ثماني مرات).. والبرتغالي على وشك بلوغ المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه
إلا أن ألمانيا خسرت أمام إيطاليا في دورتموند بطريقة دراماتيكية بعد تلقيها هدفين في الدقائق الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني ..في حين خسرت البرتغال في ميونيخ بهدف من ركلة جزاء احتسبت لمصلحة تييري هنري وترجمها زين الدين زيدان إلى هدف الفوز

شهدت التشكيلة الألمانية تغييرات عدة أبرزها إشراك الحارس أوليفر كان - أفضل لاعب في مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام ألفين واثنين- للمرة الأولى في البطولة الحالية بدلاً من الحارس الأساسي ينز ليمان. وعهد إلى كان الذي خاض مباراته الدولية السادسة والثمانين شارة القيادة في غياب مايكل بالاك المصاب
وفي المباراة التي قرر بعدها اعتزال اللعب دولياً.. حطم أوليفر كان أسطورة الحارس الشهيد الذي يدفع الثمن دائماً.. وبدا على هيئة حامي العرين الذي منع البرتغال من أن تحتفل. وفي أكثر من لحظة من المباراة تركه زملاؤه وحيداً أمام جلاده في اتساع المرمى الخاوي.. لكنه تمكن من حماية مرماه طويلاً – على الرغم من إصرار البرتغالي كريستيانو رونالدو- إلى أن قاس لويس فيغو المسافة بين منطقة الجزاء الألمانية ورأس غوميش لينال البرتغاليون هدف الترضية قرب نهاية اللقاء

اضطر المدرب كلينسمان إلى إشراك مارسيل يانسن على الجهة اليسرى مقابل شغل فيليب لام الجهة اليمنى لتعويض غياب آرنه فريدريش المصاب.. على غرار بير مرتيساكر الذي حل مكانه ينس نوفوتني في اللحظات الأخيرة على حساب روبرت هوث الذي أصيب أثناء عملية الإحماء
وعاد تورستن فرينغز وباستيان شفاينشتايغر إلى التشكيلة الأساسية للمنتخب الألماني بعد غيابهما في الدور نصف النهائي أمام إيطاليا.. الأول بداعي الإيقاف والثاني بعدما فضل عليه كلينسمان تيم بوروفسكي الغائب بدوره عن المباراة بداعي الإصابة

في المقابل.. أبقى مدرب البرتغال البرازيلي لويز فيليبي سكولاري القائد لويس فيغو على مقاعد البدلاء دافعاً بسيماو سابروسا.. وشارك الظهير الأيمن باولو فيريرا مكان ميغيل المصاب وقلب الدفاع ريكاردو كوستا مكان ريكاردو كارفاليو الموقوف لنيله الإنذار الثاني في البطولة في الدور نصف النهائي أمام فرنسا
جاءت بداية الشوط الأول سريعة حيث بادر الفريقان إلى الهجوم منذ الدقائق الأولى من دون اعتماد مبدأ الحذر..وفي الوقت الذي كان فيه المنتخب البرتغالي الأكثر استحواذاً على الكرة بدا الألماني أكثر خطورة في ظل سياسة بناء الهجمات السريعة في محاولة منه لمباغتة خصمه
وكان منتخب "المانشافت" قريباً من افتتاح التسجيل في مناسبات عدة.. في حين اعتمد البرتغاليون على الانطلاقات عبر الأجنحة التي شغلها سيماو وكريستيانو رونالدو اللذان لم يظهرا تركيزا عالياً.. إذ تاهت غالبية كراتهما العرضية بعيدا عن متناول رفاقهما..في موازاة ارتكاب رجال سكولاري أخطاء عدة للحد من المد الهجومي الألماني
وكاد المنتخب الألماني يفتتح التسجيل في شكل مبكر عندما استغل سيباستيان كيل كرة مرتدة وسددها من مشارف منطقة الجزاء ليبعدها أحد مدافعي البرتغال قبل أن تكمل طريقها إلى الشباك في الدقيقة الخامسة
وقاد ميروسلاف كلوزه هجمة مرتدة اخترق بعدها المنطقة بمواكبة اثنين من المدافعين وسدد كرة مباغتة لامست الشباك الخارجية اليسرى لمرمى الحارس ريكاردو في الدقيقة الثامنة
واستغل باوليتا هفوة من الدفاع الألماني فانسل بين نوفوتني وكريستوف ميتسلدر وواجه منفرداً الحارس كان الذي تصدى له ببراعة في الدقيقة الخامسة عشرة

وجرب كيل حظه مرة أخرى عندما حاول خداع الحارس ريكاردو المتقدم عن مرماه بكرة ساقطة أبعدها الأخير بأطراف أصابعه إلى خارج الملعب في الدقيقة العشرين
واصلت ألمانيا ضغطها على المرمى البرتغالي..وانبرى لوكاس بودولسكي -الذي اختير قبل يوم من اللقاء أفضل لاعب ناشىء في البطولة- لركلة حرة من ثلاثين متراً وسددها صاروخية ليبعدها ريكاردو بصعوبة قبل أن تخترق الزاوية العليا اليسرى لمرماه في الدقيقة الخامسة والعشرين

وبعدما انخفضت الوتيرة وغابت الفرص الحقيقية عن نهاية الشوط الأول..استهل المنتخب البرتغالي الشوط الثاني مهاجماً.. وجرب سيماو حظه من ركلة حرة مباشرة علت العارضة الألمانية في الدقيقة الخمسين..قبل أن يتلقى باوليتا كرة أمامية من رونالدو ويسددها زاحفة من داخل المنطقة.. لم يجد كان صعوبة في التقاطها في الدقيقة الثالثة والخمسين

وقام شفاينشتايغر بمجهود فردي تخطى بعده البديل أرماندو بوتي وسدد كرة صاروخية من خارج المنطقة عانقت شباك الحارس ريكاردو مفتتحاً التسجيل لألمانيا في الدقيقة السادسة والخمسين
ولعب كلوزه كرة عرضية من الجهة اليسرى تابعها لام المندفع من الخلف من دون أن تلمس الأرض فوق المرمى البرتغالي في الدقيقة الستين

وأضافت ألمانيا الهدف الثاني عندما سدد شفاينشتايغر كرة قوية من ركلة حرة على الجهة اليسرى حولها بيتيت خطأ في مرمى فريقه في الدقيقة الحادية والستين
وأنقذ كان مرماه مرة أخرى عندما أبعد بردة فعل سريعة تسديدة ديكو من مسافة قريبة في الدقيقة الثالثة والستين
وشهدت الدقيقة السابعة والسبعون مشاركة فيغو الذي لعب مباراته الدولية المائة والسابعة والعشرين الأخيرة له مع منتخب بلاده..إذ سبق أن أعلن اعتزاله دولياً بعد انتهاء المونديال

ونصب شفاينشتايغر نفسه نجم المباراة - وأحسن لاعب في اللقاء- تحت أنظار مواطنه مايكل شوماخر بطل العالم السابق لسيارات فورمولا واحد..بتسجيله الهدف الثالث بطريقة مشابهة لهدفه الأول عندما سدد قذيفة من خارج المنطقة استقرت في الزاوية اليسرى لمرمى ريكاردو الذي عجز عنها في الدقيقة الثامنة والسبعين

خطا شفاينشتايغر خطوة زرافة ورأى بنصف نظرة أن الفرصة سانحة لتسديد كرة أرض جو.. ففعل: هدف ثالث لألمانيا.. وثانٍ للاعب الذي لا يهدأ

ووقف كان مجدداً سداً منيعاً أمام المحاولات البرتغالية عندما تصدى بقبضتيه لركلة حرة قوية سددها رونالدو من حوالي ثلاثين متراً في الدقيقة الثالثة والثمانين
ونجح المهاجم البديل نونو غوميش في تقليص الفارق عندما طار سابحاً برأسه كأنه رائد فضاء لكرة عرضية لعبها فيغو من الجهة اليمنى وأسكنها الزاوية اليمنى لمرمى كان في الدقيقة الثامنة والثمانين
الألمان احتفلوا بالمركز الثالث.. وقنع فهود البرتغال بالدرجة الرابعة بعد أن كانوا ثالث العالم في مونديال انجلترا قبل أربعين عاماً
تابع القراءة

gravatar

البيان والتبيين في مونديال اللاعبين: جبل الأوراس



فرنسا 1 - البرتغال صفر

صياح الديك الأزرق كان كافياً على ملعب "أليانز أرينا" في ميونيخ كي يتأهل الفرنسيون على حساب فهود البرتغال
المباراة كشفت عن حقيقة امتلاك فرنسا تملك ثلاثة أسلحة: خبرة "الشيوخ" الصغار..حيوية ريبيري وعبقريته الثائرة..وإبداع زيدان وهنري
سجل زين الدين زيدان هدف المباراة الوحيد في الدقيقة الثالثة والثلاثين من ركلة جزاء

وهكذا تابعت فرنسا هوايتها في الإطاحة بالمنتخبات المرشحة فأضافت إلى لائحة ضحاياها البرتغال بعد إسبانيا في ثمن النهائي والبرازيل في ربع النهائي
ومرة ثانية ضرب زيدان بقوة وسجل هدف الفوز من ركلة جزاء وهو الذي كان سجل أيضا هدف الفوز في مرمى البرتغال (هدفان مقابل هدف) في الدور نصف النهائي لبطولة أمم أوروبا عام ألفين في الوقت الإضافي وكان "هدفا ذهبيا" بحسب نظام البطولة في ذلك الوقت..علماً بأن فرنسا فازت في المباراة النهائية في ذلك العام على إيطاليا (هدفان مقابل هدف) بهدف ذهبي آخر سجله ديفيد تريزيغيه

ونجح زيدان حتى الآن في إقصاء منتخبات زملائه في ريال مدريد الإسباني.. فكان لاعبو إسبانيا راؤول وسيرجيو راموس وإيكر كاسياس أول ضحاياه.. تلاهم البرازيليون رونالدو وروبرتو كارلوس وروبينيو وسيسينيو.. ثم جاء الدور على زميله السابق لويس فيغو

وعندما عرقل نونو فالينتي -مدافع المنتخب البرتغالي ونجم فريق إيفرتون الانجليزي- زيدان لم يجد سوى أن يربت على رأس زيدان بخفة واحترام شديدين لتقدير الجميع لهذا اللاعب الأسطورة
وكانت فرنسا تخطت البرتغال في نصف نهائي بطولة أمم أوروبا عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين وأحرزت اللقب على حساب إسبانيا وكان لقبها القاري الأول

وهذه الخسارة الأولى للبرتغال في مبارياتها العشرين الأخيرة وتحديداً منذ سقوطها أمام اليونان بهدف يتيم في المباراة النهائية لبطولة أمم أوروبا عام ألفين وأربعة
كما أوقفت فرنسا الانتصارات المتتالية لمدرب البرتغال البرازيلي لويز فيليبي سكولاري في المونديال وألحقت به الخسارة الأولى في ثلاث عشرة مباراة ومنعته من مواصلة مشواره نحو النهائي وإحراز اللقب.. ليصبح أول مدرب ينال اللقب مرتين متتاليتين بعد الأول مع منتخب بلاده في كوريا الجنوبية واليابان معاً عام ألفين واثنين
وفشلت البرتغال في فك العقدة الفرنسية..إذ لم تفز على "الديوك" منذ واحد وثلاثين عاماً.. وتحديداً منذ فوزها بهدفين نظيفين في السادس والعشرين من نيسان/إبريل عام ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين
كما فشلت البرتغال في تخطي دور الأربعة للمرة الثانية في تاريخها بعد الأولى عام ألف وتسعمائة وستة وستين انجلترا عندما خسرت أمام أصحاب الأرض بهدف مقابل هدفين قبل أن تحل ثالثة بتغلبها على الاتحاد السوفييتي السابق بالنتيجة ذاتها

خاضت فرنسا المباراة بالتشكيلة ذاتها التي تغلبت على البرازيل حاملة اللقب في الدور ربع النهائي.. فيما عاد الثنائي كوستينيا وديكو إلى تشكيلة البرتغال بعد غيابهما عن المباراة الأخيرة ضد انجلترا بسبب الإيقاف. ولعب كريستيانو رونالدو والقائد لويس فيغو أساسيين إثر شفائهما من إصابة خفيفة
وكانت الأفضلية للمنتخب البرتغالي الذي سنحت أمامه أكثر من فرصة للتسجيل وبدا واضحاً إصراره على هز شباك الفرنسيين الذين اكتفوا بسد كل المنافذ المؤدية إلى مرماهم واعتمدوا على الهجمات المرتدة التي كانت وراء ركلة الجزاء التي افتتح منها زيدان التسجيل
ولم يرق الشوط الثاني إلى المستوى المنتظر ووجد المنتخب البرتغالي صعوبات كثيرة لاختراق الدفاع الفرنسي فاضطر مدربه سكولاري إلى إشراك المهاجم سيماو باربوسا مكان باوليتا - الذي لم يكن في يومه- لتنشيط خط الهجوم..ثم أشرك المهاجم هيلدر بوستيغا مكان لاعب الوسط كوستينيا.. لكن من دون أن تنجح البرتغال في تغيير النتيجة

وكانت أول محاولة للفرنسيين عندما تلقى فلوران مالودا كرة في العمق وسددها من حافة المنطقة بجوار القائم الأيسر للحارس ريكاردو في الدقيقة الثانية
وردت البرتغال بهجمة منسقة قادها كريستيانو رونالدو الذي مرر كرة إلى ديكو فسددها قوية زاحفة أبعدها بارتيز بصعوبة وتهيأت أمام بدرو باوليتا بيد أنه تعرض لمضايقة من ويلي سانيول قبل أن يشتتها ليليان تورام في الدقيقة الرابعة

وعلى الرغم من الإزعاج الذي سببه رونالدو مهاجم مانشستر يونايتد الإنجليزي للدفاع الفرنسي المتماسك.. حاول اللاعب الشاب أن يحول هجوم البرتغال إلى هجوم فردي

وكاد مانيش يمنح التقدم للبرتغال إثر تلقيه كرة بالكعب من رونالدو فسددها بقوة مرت فوق العارضة بسنتيمترات قليلة في الدقيقة التاسعة. وتدخل تورام - أحسن لاعب في المباراة- في توقيت مناسب لإبعاد تمريرة عرضية لفيغو من أمام باوليتا في الدقيقة العاشرة. ثم سدد فيغو كرة قوية من عشرين متراً تصدى لها بارتيز بصعوبة في الدقيقة السادسة عشرة

وتلاعب هنري -بأناقة غزال شارد- بالمدافع ميغيل داخل المنطقة وسدد كرة سهلة بين يدي الحارس ريكاردو في الدقيقة التاسعة والعشرين
وحصلت فرنسا على ركلة جزاء بعد تعرض هنري لعرقلة من قبل المدافع ريكاردو كارفاليو فانبرى لها زيدان وسدد إلى يمين ريكاردو مانحا التقدم لمنتخب بلاده في الدقيقة الثالثة والثلاثين

وسدد مانيش كرة قوية من خارج المنطقة تصدى لها بارتيز على دفعتين في الدقيقة السادسة والثلاثين. وتلاعب رونالدو بثلاثة مدافعين وتوغل داخل المنطقة قبل أن يسدد كرة قوية ارتطمت بقدم تورام وتحولت إلى ركنية في الدقيقة الأربعين

وكاد هنري يضيف الهدف الثاني عندما استغل كرة خاطئة من فيغو فانطلق بها من منتصف الملعب وتوغل داخل المنطقة مراوغاً فرناندو مييرا وسددها بقوة حولها ريكاردو إلى ركنية في الدقيقة الثامنة والأربعين..ثم أنقذ ريكاردو مرماه من هدف محقق بتصديه على دفعتين لتسديدة قوية لريبيري في الدقيقة التاسعة والأربعين
وكاد باوليتا يدرك التعادل عندما استدار حول نفسه داخل المنطقة وسدد كرة قوية في الشباك الجانبية لمرمى بارتيز في الدقيقة الثانية والخمسين
وأهدر فيغو فرصة ذهبية لإدراك التعادل عندما تهيأت أمامه كرة من مسافة قريبة إثر كرة مرتدة من بارتيز بعد ركلة حرة قوية لرونالدو فتابعها برأسه فوق المرمى في الدقيقة الثامنة والسبعين
وتلقى كارفايو بطاقة صفراء هي الثانية بعد الأولى ضد انجلترا وسيغيب بالتالي عن مباراة المركزين الثالث والرابع السبت المقبل أمام ألمانيا في الدقيقة الثالثة والثمانين
وتلقى ساها بطاقة صفراء هي الثانية بعد الأولى ضد البرازيل في ربع النهائي وسيغيب عن المباراة النهائية في الدقيقة السابعة والثمانين
قبلة الوداع التي منحها زيدان لفهود البرتغال كانت رقيقة كنسمة فرنسية.. لكنها حاسمة كجبال الأوراس في الجزائر
تابع القراءة

gravatar

فرائد الجمان في مونديال فحول الزمان: الألمان.. والذئب























إيطاليا 2 - ألمانيا صفر

فوز تاريخي ينكأ جراح عقدة تاريخية

ففي دورتموند أكدت إيطاليا تفوقها على ألمانيا لتشق طريقها إلى المباراة النهائية لكأس العالم الثامنة عشرة لكرة القدم المقامة في ألمانيا
ووجه الفريق الإيطالي -الذي يقول جمهوره إنه قادر على قهر سكان المريخ- لطمة قوية إلى المنتخب الألماني صاحب الأرض في آخر دقيقتين من الوقت الإضافي الثاني

سجل الهدفين فابيو غروسو في الدقيقة التاسعة عشرة بعد المائة وأليساندرو ديل بييرو في الدقيقة العشرين بعد المائة
يتعين أن نقول إن إيطاليا لم تخسر في جميع المواجهات التي جمعتها مع ألمانيا في نهائيات كأس العالم حيث فازت عليها مرتين في مونديالي ألف وتسعمائة وسبعين في المكسيك بأربعة أهداف مقابل ثلاثة بعد التمديد (الوقت الأصلي انتهى بالتعادل بهدف لكل منهما) وعام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين في إسبانيا بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف في المباراة النهائية..فيما تعادلتا في المباراتين التاليتين

دعونا لا ننسى أن ثلاثة منتخبات سبق لها أن حملت الكأس وصلت إلى دور الأربعة في مونديال ألمانيا: إيطاليا وألمانيا وفرنسا.. إضافة إلى البرتغال

استناداً إلى الإحصاءات فإن إيطاليا تكون طرفاً في المباراة النهائية كل اثني عشر عاماً: في عام ألف وتسعمائة وسبعين وخسرت.. ثم اثنين وثمانين وفازت بالكأس وأربعة وتسعين وخسرت والآن في ألفين وستة...فهل تكمل المعادلة الرياضية وتفوز؟.. ربما
أشرك مدرب ألمانيا يورغن كلينسمان سباساتيان كيل بدلا من تورستن فرينغز الموقوف مباراة واحدة من قبل الفيفا لمساهمته في التوتر الذي أعقب مباراة ألمانيا والأرجنتين في ربع النهائي.. كما أشرك تيم بوروفسكي مكان باستيان شفاينستايغر

من جهته.. اعتمد مدرب إيطاليا مارتشليو ليبي على التشكيلة التي واجهت أوكرانيا في ربع النهائي باستثناء عودة ماركو ماتيراتزي إلى خط الدفاع بدلاً من أندريا بارزاغلي بعد أن غاب عن المباراة السابقة بسبب طرده ضد أستراليا في الدور الثاني

قدم الفريقان أداء متوازناً على مدار المباراة وكان الالتزام الدفاعي والأداء الخططي هو أهم ما يميز أداء الفريقين عبر الوقت الأصلي الذي انتهى بالتعادل السلبي ليلجأ الفريقان إلى الوقت الإضافي
بدأت المباراة بحماس شديد من الفريقين ووضح أن كلاً منهما يسعى إلى استغلال الفرصة لإحراز هدف مبكر يريح به أعصاب الجماهير والجهاز الفني ثم يلجأ بعد ذلك للحفاظ على هذا التقدم..ولكن اعتماد الفريقين بشكل كبير على الأداء
الخططي والالتزام بالجانب الدفاعي لدى فقد الكرة حال دون ذلك على مدار هذا الشوط
وفي ظل وجود منتخبين يجيدان إغلاق المساحات والانقضاض على حامل الكرة شهدنا تمريرات خاطئة بالجملة من اللاعبين وانحصار اللعب في وسط الميدان في ربع الساعة الأول باستثناء بعض المحاولات
وأمام التكتل الدفاعي للفريقين اختفت الخطورة الحقيقية على المرميين إلا من فرص نادرة اعتمدت على التمريرات العرضية من ناحية اليسار إلى المهاجم الإيطالي لوكا طوني من جهة والتسديدات القوية لبيرند شنايدر ومايكل بالاك في المنتخب الألماني من الناحية الأخرى
ووضح منذ البداية فرض الفريقين رقابة لصيقة على المهاجمين لوكا طوني وفرانشيسكو توتي في إيطاليا وميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي في ألمانيا. وعلى الرغم من التكتل الدفاعي فقد حرص الفريقان على تجنب الالتحامات القوية أو الاندفاع نحو لاعبي الفريق المنافس داخل منطقتي الجزاء
وفي الوقت الذي افتقدت فيه الناحية اليمنى للمنتخب الإيطالي للخطورة حيث نجح الدفاع الألماني بقيادة فيليب لام في الحد من انطلاقات ماورو كامورانيزي نشطت الجبهة اليسرى بقيادة جيانلوكا زامبروتا وكانت مصدر إزعاج كبير للمنتخب الألماني
وكانت الوتيرة أسرع في الشوط الثاني الذي تفوق فيه أصحاب الأرض في السيطرة الميدانية والفرص لكن الشباك بقيت نظيفة ليخوض المنتخبان وقتاً إضافياً شهد فرصاً عدة على المرميين إلى أن نجح الإيطاليون في خطف هدفين في وقت قاتل
المحاولة الأولى كانت إيطالية من ركلة حرة نفذها فرانشيسكا توتي من نحو ثلاثين متراً سيطر عليها الحارس ينز ليمان في الدقيقة الرابعة..وانتظر الألماني حتى الدقيقة الخامسة عشرة لاختراق المنطقة الإيطالية إثر كرة عالية من الجهة اليسرى حضرها ميروسلاف كلوزه برأسه إلى لوكاس بودولسكي.. لكن المدافع فابيو كانافارو أبعدها قبل أن تصل إلى الأخير
وأبعد ليمان مشروع هدف إيطالي بعد ثوانٍ قليلة عندما خرج للتصدي لسيموني بيروتا إثر تمريرة من توتي
وسيطر المنتخب الإيطالي على المجريات وكان الأكثر مبادرة إلى الهجوم بتمريرات متقنة من العمق أوقف الدفاع مفعولها فيما اعتمد أصحاب الأرض على المرتدات
وسنحت أخطر فرصة للمنتخب الألماني في الدقيقة الرابعة والثلاثين إثر هجمة مرتدة مرر منها كلوزه كرة متقنة إلى بيرند شنايدر في الجهة اليمنى فأطلقها قوية علت العارضة بسنتيمترات قليلة
وعلى الرغم من الأفضلية الإيطالية..فإن ليمان لم يختبر بشكل جدي لغياب الفرص الخطرة عن مرماه.. أفضلها كانت قبل ثلاث دقائق من نهاية الشوط عندما انبرى بيرلو لركلة حرة من الجهة اليمنى وتابعها كامورانيزي برأسه فوق المرمى

بدأ المنتخب الألماني الشوط الثاني مهاجماً فسنحت له فرصة أولى للتسجيل بعد مرور خمس دقائق عندما مرر بودولسكي كرة إلى كلوزه في منتصف الملعب تقريباً فسار الأخير بالكرة واخترق المنطقة قبل أن يتصدى له جيانلويجي بوفون

وشهدت الدقيقة الثانية والستين أفضل هجمة ألمانية منذ انطلاق المباراة حيث تنقلت الكرة بين خمسة لاعبين قبل أن تصل إلى بودولسكي داخل المنطقة فاستدار وتابعها باتجاه المرمى لكن بوفون كان موجوداً في المكان المناسب

ودفع كلينسمان بشفاينستايغر بدلاً من بوروفسكي..رد عليه ليبي بإشراك ألبرتو جيلاردينيو مكان طوني.. حيث سعى كل مدرب إلى تفعيل أداء منتخبه في الدقائق الأخيرة أملاً في خطف هدف في الوقت الأصلي للمباراة

وسدد بيرلو - أفضل لاعب في المباراة- كرة سهلة في متناول ليمان في الدقيقة الثامنة والسبعين.. وسدد مايكل بالاك الغائب عن المجريات كرة من ركلة حرة فوق المرمى في الدقيقة الثالثة والثمانين

خاض المنتخبان وقتاً إضافياً بدأه الإيطاليون بقوة وكادوا يهزون الشباك مرتين في وقت مبكر..واخترق جيلاردينو المنطقة الألمانية من الجهة اليمنى وتخطى بالاك ثم سدد كرة بيسراه من زاوية ضيقة اجتازت الحارس ليمان واصطدمت بالقائم الأيسر لمرماه في الدقيقة الأولى من الشوط الإضافي الأول

وبعد ثوانٍ قليلة فقط .. أبعدت العارضة الألمانية هدفاً محققاً إثر قذيفة لزامبروتا

أنهى المنتخب الألماني الوقت الإضافي الأول كما بدأه نظيره الإيطالي عندما مرر أودونكور كرة من الجهة اليمنى تابعها بودولسكي برأسه من دون رقابة على يسار المرمى مباشرة في الدقيقة الخامسة بعد المائة

تبادل الطرفان الفرص في الشوط الإضافي الثاني وكانت أخطر المحاولات من هجمة ألمانية مرتدة وصلت أثناءها الكرة إلى بودولسكي في الجهة اليسرى فسددها بقوة أبعدها بوفون ببراعة في الدقيقة الثانية عشرة بعد المائة .. ثم تهيأت كرة أمام ديل بييرو فتابعها برعونة على يمين المرمى في الدقيقة الرابعة عشرة بعد المائة. وجاء دور ليمان لإبعاد كرة قوية من بيرلو قبل دقيقتين من النهاية

وخطف المنتخب الإيطالي هدفاً قاتلاً إثر ارتباك أمام المرمى الألماني.. لتصل الكرة إلى بيرلو الذي مررها إلى غروسو فتابعها رائعة بيسراه في الزاوية البعيدة عن الحارس
في تلك الدقيقة الحاسمة كانت لغروسو سرعة وحجم وخبث ناموسة.. وهو لاعب تستطيع أن تحصي له في لحظةٍ ما ست أرجل.. ومما يزيد الطين بلة أن أرجل غروسو الكثيرة قادرة على التمدد أمتاراً عدة وأنها تنحني وتتشابك بطريقة شيطانية

وبعد دقيقة واحدة فقط.. أضافت إيطاليا الهدف الثاني من هجمة مرتدة
فقد راوغ جيلاردينو لاعباً ألمانياً ثم آخر.. وحوَل الكرة ببراعة إلى ديل بييرو بديل بيروتا .. فتلاشى مدافعو المنتخب الألماني كأنهم الدخان. نظرة واحدة من ديل بييرو إلى ليمان جعلته يختار الزاوية التي سيطلق باتجاهها رصاصة الرحمة.. فأودع الكرة كل المكر الذي تعلمه في الملاعب. ودخلت الكرة لولبية كقذيفة بيضاء في الزاوية البعيدة عن الحارس الألماني

في تلك اللحظة انهار الحصن الفولاذي الذي يحتمي به ليمان أمام الريح الحارة التي تهب من ضفاف المتوسط

لم يكن ذلك الذئب الشرس ديل بييرو يظهر كثيراً في الملعب.. كان يتنكر في زي الجدة العجوز.. مخبئاً أنيابه ومخالبه.. وكان يوجه تمريرات بريئة في كسلٍ..لكنه ومن دون أن ينتبه أحد انزلق إلى منطقة جزاء الألمان..وأمام المرمى المفتوح لعق شفتيه: فالشباك هي مثل فستان عروس لا يمكن مقاومتها.. وعندئذٍ نزع ديل بييرو قناع التنكر وعض بأنيابه مرمى منتخب "المانشافت"
ويقول البعض - والعهدة على الراوي- إنهم شاهدوا ديل بييرو بعد المباراة في ثوب مصاص دماء.. في حين كان الجمهور الألماني يعاني آثار عضة نافذة في العنق
وياله من ألم
تابع القراءة

gravatar

العمدة في مونديال العقدة: أوروبا تضحك أخيراً





فرنسا 1 - البرازيل صفر


زيدان أسقط الآلهة

هكذا كان عنوان صحيفة "ريبوبليكا" الإيطالية

ويبدو أن البرازيلي الحقيقي الوحيد في أرض الملعب –زيدان- أعاد المنتخب البرازيلي إلى بلاده. لقد أخذ على عاتقه منتخباً بحاله..أمة بكاملها وقارة بأكملها.. استولد عشرة رجال على صورته وحمل فرنسا إلى المكانة التي تتذكر أنها كانت فيها فقط..وحول المونديال إلى منافسة أوروبية صرفة

الواقع يقول إنه بخروج البرازيل.. أصبحت المنافسة على البطولة أوروبية خالصة.. وانحصر السباق بين ألمانيا والبرتغال وإيطاليا.. وفرنسا

وكلها -باستثناء البرتغال- منتخبات نالت الكأس

لنرفع القبعة احتراماً لزين الدين زيدان الذي بلغ نصف النهائي وهو الذي كان يخوض كل مباراة وكأنها الأخيرة في مسيرته

فقد تحرك زيدان جيداً وأعاد بعضاً من ألعابه السابقة التي قدمها في نهائيات مونديال ثمانية وتسعمائة وثمانية وتسعين.. فكانت لمساته مؤثرة سواء في تمرير الكرة أو في الركلات الثابتة

جددت فرنسا إذاً هوايتها: الفوز على البرازيل

يبدو أننا أمام عقدة جديدة في عالم كرة القدم

فقد فشلت البرازيل في الثأر من فرنسا التي ألحقت بها هزيمة قاسية في المباراة النهائية لمونديال عام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعين بنتيجة ثلاثة أهداف نظيفة

وهاهي ديوك فرنسا تصيح في وجه السامبا البرازيلية في مونديال ألمانيا

سجل تييري هنري هدف الفوز في الدقيقة السابعة والخمسين

أجرى مدرب البرازيل كارلوس ألبرتو باريرا تبديلاً في تشكيلته فأشرك جونينيو وغيلبرتو سيلفا بدلا من أدريانو وإيمرسون على التوالي..فتقدم رونالدينيو بالتالي لمساندة رونالدو في الهجوم.. في حين أبقى مدرب فرنسا ريمون دومينيك على تشكيلته السابقة

جاء أداء المنتخبين عادياً في الشوط الأول وخالياً من الفرص فلم يرق المستوى إلى الدرجة المطلوبة منهما خصوصاً من جانب المنتخب البرازيلي الذي لم يصنع أي فرصة حقيقية.. حتى أنه لم يهدد مرمى الحارس فابيان بارتيز الذي بقي في مأمن طوال الوقت

وافتقد البرازيليون الدقة في التمريرات وأفرطوا في الاحتفاظ بالكرة فخسروها بسهولة أمام لاعبين عرفوا كيف يسيطرون على منطقة الوسط بقيادة زيدان وباتريك فييرا وكلود ماكيليلي

ولم تصل الكرة إلى رونالدو إلا فيما ندر في حين كان رونالدينيو محاصراً.. فمرر في الدقائق الأولى بعض الكرات الجيدة قبل أن تغيب فعاليته فكان الأداء الهجومي البرازيلي بالتالي عقيماً

وتفوق الفرنسيون في المقابل في السيطرة على الكرة وبناء الهجمات خصوصا عبر الأجنحة.. وكانوا الطرف الأفضل في ربع الساعة الأخير على الرغم من عدم حصولهم على فرص خطرة للتسجيل

وحقق المنتخب الفرنسي المطلوب في بداية الشوط الثاني بضغط مكثف وتألق واضح من زيدان ورفاقه فسجلوا هدف الفوز عبر هنري وحافظوا عليه حتى النهاية

وحاول البرازيليون الضغط على مرمى فابيان بارتيز للتسجيل لكنهم كانوا بعيدين تماماً عن مستواهم فلم يستحقوا بالتالي الابتعاد أكثر من ربع النهائي في هذه البطولة

كانت بداية المباراة سريعة من الطرفين مع أفضلية برازيلية قبل أن يتكافأ الأداء لكن من دون فرص خطرة في ربع الساعة الأول

وحاول المنتخب البرازيلي الانطلاق بهجمات سريعة خاصةً عبر رونالدينيو الذي مرر أكثر من كرة أمامية إلى رونالدو وجونينيو.. فيما وضح اعتماد الفرنسيين على تهدئة اللعب وتمرير الكرة قدر الإمكان قبل إرسالها إلى تييري هنري

ووجد البرازيليون صعوبة في اختراق المنطقة الفرنسية في النصف الثاني من الشوط بسبب تمريراتهم الخاطئة وانقضاض منافسيهم على حامل الكرة.. مما أجبرهم على فقدانها مرات كثيرة

في المقابل.. كان المحاولات الفرنسية تزداد خطورة تدريجياً خاصةً في التمريرات العرضية لكن من دون أن تهدد مرمى الحارس ديدا بشكل مباشر باستثناء كرة من ركلة حرة نفذها زين الدين زيدان ارتقى لها إريك أبيدال وأكملها فوق المرمى في الدقيقة التاسعة والثلاثين

وكادت هجمة مرتدة سريعة للفرنسيين تؤدي إلى انفراد فييرا بالمرمى عندما تخطى زيدان لاعبين في منتصف الملعب ومررها إليه.. لكن المدافع جوان عرقله ونال بطاقة صفراء ومنح منتخبه ركلة حرة سددها هنري في الحائط البشري في الدقيقة الأخيرة

بدأ الشوط الثاني بإيقاع مرتفع مع فرصة فرنسية في الثواني الأولى إثر ركلة حرة نفذها زيدان فارتقى فييرا للكرة وأكملها برأسه على يمين المرمى..واخترق الفرنسيون من الجهة اليمنى ووصلت كرة إلى هنري فهيأها بكعبه لفييرا أمام المرمى.. لكن جوان كان في المكان المناسب لإبعادها في الدقيقة الثالثة والخمسين

وحملت الدقيقة السابعة والخمسين هدفاً للفرنسيين ترجم أفضليتهم منذ انطلاق الشوط الثاني حين رفع زيدان كرة من الجهة اليسرى من ركلة حرة وجدت هنري الخالي تماماً من الرقابة فوضعها ببراعة بقدمه في الشباك

وأفلت مرمى البرازيل من هدف ثانٍ في الدقيقة الحادية والستين عندما قام فرانك ريبيري بمجهود من الجهة اليسرى ومررها أمام المرمى مباشرة ارتطمت بجوان وكادت تخدع ديدا وتهز شباكه لكنها تابعت طريقها إلى ركنية في الجهة المقابلة

ودفع المدرب باريرا بأدريانو نجم إتر ميلان الإالي بدلاً من جونينيو لتفعيل الناحية الهجومية الغائبة تماماً عن اللقاء

واندفع المنتخب البرازيلي إلى الهجوم بحثاً عن التسجيل لكن هجماته بقيت عقيمة وانتهى مفعولها عند أقدام المدافعين.. فيما كانت الهجمات الفرنسية المرتدة مزعجة خاصةً مع تقديم زيدان - أحسن لاعب في اللقاء- أفضل عروضه منذ فترة طويلة

ونزل سيسينيو وروبينيو مكان كافو وكاكا على التوالي لمحاولة إنقاذ الموقف.. فحصل روبينيو على أولى فرصه إثر تمريرة من رونالدينيو لكنه سددها على يسار المرمى في الدقيقة الحادية والثمانين
وسدد رونالدو كرة على يسار المرمى الخامسة والثمانين ثم حصل على ركلة حرة على مشارف المنطقة انبرى لها رونالدينيو ووضعها عالية قليلاً عن المرمى قبل دقيقة واحدة من الوقت الأصلي

انطلاقة سريعة وكرة من زيدان إلى لويس ساها بديل هنري لكن ديدا أوقف مفعولها في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع.. تدخل بعدها بثوانٍ بارتيز لإبعاد كرة من رونالدو.. ثم مرر سيسينيو كرة من الجهة اليمنى كاد روبينيو يضعها في المرمى لكنها تابعت طريقها إلى خارج الملعب

وإلى خارج الملعب.. ذهبت البرازيل.. ومعها أصيبت قلوب عشاق منتخب السامبا بصدمةٍ.. قد تدوم آثارها أربع سنوات كاملة



البرتغال 3 - انجلترا 1


البرتغال تثأر لنفسها بأثر رجعي

وانجلترا تدفع من جديد ثمن تهور نجمها الصاعد

وهي المرة الأولى التي تبلغ فيها البرتغال الدور نصف النهائي منذ أربعين عاماً.. وتحديداً مونديال عام ألف وتسعمائة وستة وستين في انجلترا عندما خسرت أمام منتخب البلد المضيف بنتيجة هدفين مقابل هدف

ويدين منتخب البرتغال بإنجازه إلى حارس مرماه ريكاردو الذي تصدى لثلاث ركلات ترجيحية لكل من فرانك لامبارد وستيفن جيرارد وجيمي كاراغر

وهو رقم قياسي في عدد ركلات الترجيح التي يصدها حارس مرمى في نهائيات كأس العالم.. فقد نجح تسعة حراس في صد ركلتين ترجيحيتين في السابق بينهم الألماني هارالد شوماخر والأرجنتيني سيرجيو غويكوتشيا.. لكن أحداً لم يتمكن من صد ثلاث ركلات جزاء ترجيحية قبل أن يفعلها ريكاردو

وتابع مدرب البرتغال - البرازيلي لويز فيليبي سكولاري- مغامرته في النهائيات- وبات على بعد خطوتين من إحراز اللقب للمرة الثانية على التوالي بعدما قاد منتخب بلاده إلى منصة التتويج قبل أربعة أعوام في كوريا الجنوبية واليابان معاً

في المقابل.. ودعت انجلترا للمرة الخامسة البطولات الكبرى بخسارتها بركلات الترجيح منها ثلاث مرات في كأس العالم (مونديالي ألف وتسعمائة وتسعين في إيطاليا من نصف النهائي وعام ثمانية وتسعين في فرنسا من ربع النهائي) ومرتان في بطولة أمم أوروبا عامي ستة وتسعين على أرضها في نصف النهائي وألفين وأربعة على يد البرتغال بالذات في ربع النهائي

غاب الثنائي كوستينيا وديكو عن تشكيلة البرتغال بسبب الإيقاف لطردهما في المباراة ضد هولندا في الدور الثاني.. ولعب مكانهما توتيت وتياغو.. فيما لعب كريستيانو رونالدو أساسيا بعدما تعافى من الإصابة التي تعرض لها في المباراة ضد هولندا
في المقابل..عاد المدافع غاري نيفيل إلى تشكيلة انجلترا بعد غيابه عن المباريات الثلاث الأخيرة وتحديدا منذ تعرضه للإصابة في المباراة ضد باراغواي في الجولة الأولى

وفضل مدرب انجلترا السويدي زفن غوران إريكسون اللعب بمهاجم واحد هو روني.. واحتفظ بالعملاق بيتر كراوتش على مقاعد الاحتياط وأشرك لاعب وسط بايرن ميونيخ الألماني أوين هارغريفز أساسياً للمباراة الثانية على التوالي

ولكن عندما نزل هارغريفز أثبت جدارته وقدرته على سد الفراغ الذي تسبب فيه طرد روني.. ولذا تم اختياره كأحسن لاعب في اللقاء

جاءت المباراة حذرة من المنتخبين اللذين لم يبادرا إلى الهجوم كلياً وحاولا جس النبض من خلال بناء العمليات الهجومية من خطي الدفاع. وتبادل المنتخبان الهجمات من خلال الاعتماد مع التسديد من بعيد أمام التكتل في خطي الوسط والدفاع

وكانت أول محاولة للإنجليز عندما مرر ستيفن جيرارد كرة إلى واين روني الذي أطلقها قوية بيمناه بين يدي الحارس ريكاردو في الدقيقة التاسعة

وأهدر تياغو فرصة ذهبية لافتتاح التسجيل عندما تهيأت أمامه كرة مرتدة من غاري نيفيل من مسافة قريبة فارتدت من ركبته ضعيفة بين يدي الحارس روبنسون في الدقيقة الثالثة عشرة

ورد رونالدو بتسديدة قوية مماثلة من عشرين مترا تصدى لها الحارس بول روبنسون في الدقيقة العاشرة. وتلقى رونالدو كرة في العمق من فيغو فتلاعب بنيفيل وتوغل داخل المنطقة قبل أن يسدد كرة قوية فوق المرمى في الدقيقة التاسعة عشرة. ومرر جيرارد كرة عرضية داخل المنطقة حاول لامبارد المندفع متابعتها.. إلا أن الحارس ريكاردو كان سباقاً إلى التقاطها في الدقيقة الحادية والعشرين

وكاد فيغو يمنح التقدم للبرتغال عندما انسل من الجهة اليسرى وتوغل داخل المنطقة متلاعباً بفرانك لامبارد وسدد كرة في الزاوية اليسرى البعيدة لمرمى روبنسون.. غير أن الكرة مرت بجوار القائم الأيسر في الدقيقة التاسعة والثلاثين

وكانت أول ركنية في المباراة في الدقيقة الحادية والأربعين لصالح البرتغال كاد أثناءها تياغو يفتتح التسجيل بضربة رأسية أبعدها الحارس روبنسون بصعوبة قبل أن يشتتها الدفاع

وحصلت انجلترا على ركنيتها الأولى في الدقيقة الثالثة والأربعين فانبرى لها الاختصاصي بيكام وتهيأت أمام جو كول الذي تعرض لعرقلة من بوتيت فاحتسب الحكم الأرجنتيني هوراسيو ايليزوندو ركلة حرة انبرى لها بيكام لكنها ارتدت من حائط الصد قبل أن يشتتها فيغو خارج الملعب. ومرر جو كول كرة بينية إلى لامبارد الذي سددها بقوة من عشرين متراً تصدى لها الحارس ريكاردو في الدقيقة الخامسة والأربعين

وتلقت انجلترا ضربتين موجعتين في الشوط الثاني..الأولى إصابة قائدها بيكام الذي ترك مكانه إلى آرون لينون..والثانية طرد مهاجمها المشاكس واين روني لتعمده ضرب المدافع ريكاردو كارفاليو في حوضه بدون كرة في الدقيقة الثانية والستين

واقعة روني أعادت إلى الأذهان الخطأ الذي وقع فيه بيكام ضد لاعب أرجنتيني في مونديال فرنسا عام ثمانية وتسعين وأدى إلى طرده.. فخسرت انجلترا اللقاء بركلات الجزاء الترجيحية.. أيضاً

وكاد لامبارد يهز الشباك البرتغالية بتسديدة على الطائر إثر ركلة ركنية انبرى لها جيرارد لكنها مرت فوق المرمى في الدقيقة الثالثة والخمسين. وأهدر جو كول فرصة افتتاح التسجيل بعد مجهود فردي للينون ودربكة أمام المرمى غير أن تسديدته من نقطة الجزاء مرت فوق المرمى في الدقيقة التاسعة والخمسين

واضطر إريكسون إلى إشراك المهاجم بيتر كراوتش مكان لاعب الوسط جو كول.. وأبعد روبنسون بصعوبة كرة عرضية لفيغو تهيأت أمام نونو فالنتي الذي حاول تسديدها بقوة .. غير أن ريو فرديناند تدخل في توقيت مناسب وأبعد الكرة إلى ركنية في الدقيقة التاسعة والسبعين..وتسديدة لهوغو فيانا -بديل تياغو- التقطها روبنسون على دفعتين في الدقيقة الحادية والثمانين

وانبرى لامبارد لركلة حرة قوية ارتدت من ريكاردو وتهيأت أمام لينون عند نقطة الجزاء فلعبها ضعيفة تصدى لها الحارس البرتغالي بسهولة في الدقيقة الثالثة والثمانين

وتألق الحارس ريكاردو وأبعد كرة عرضية من أمام لامبارد لترتد إلى هجمة مرتدة قادها كريستيانو رونالدو الذي مرر كرة إلى مانيش ومنه إلى فيانا الذي توغل داخل المنطقة وسدد كرة قوية ارتدت من روبنسون وشتتها آشلي كول في الدقيقة الثانية بعد المائة واثنين. وكاد رونالدو يفعلها بتسديدة قوية مرت فوق العارضة بسنتمترات قليلة في الدقيقة الخامسة بعد المائة

وفي ركلات الترجيح ابتسم البرتغاليون أخيراً

فقد تصدى ريكاردو لمحاولات لامبارد وجيرارد وكاراغر.. في حين أخفق بوتي وفيانا من الجانب البرتغالي

البرتغال تواصل المسيرة.. وقطار انجلترا كان ينقصه وقود الهجوم
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator