المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

أبانا الذي في الامتحانات




أخطر ما في الهزل أن يتحول إلى جد

ومن مساخر هذا العصر في مصر حكاية الامتحانات التي تتسرب أوراقها، بالسهولة نفسها التي يتسرب فيها اسم الرئيس إلى تلك الأوراق

الطريف - وربما كان هذا هو المحزن- أن يتحول أي اعتراضٍ أو احتجاجٍ على ورقة الامتحان إلى قضية رأي عام، لتبدأ رحلة التنكيل بالطالب المخطيء الذي تجاوز الخطوط الحمر، من فصلٍ وحرمان ورسوب، قبل أن ينال في نهاية الأمر نظرة عطفٍ وعفو من الأب القائد

دورةٌ شيطانية، تلعب فيها المهزلة دور البطولة بلا منازع
وهكذا انشغلت مصر كلها بما دار في امتحان الرياضيات في اللجنة الــ 19 في مدينة الأقصر جنوب البلاد في التاسع من يونيو حزيران 2008

إذ شهدت تلك اللجنة بداية قضية الطالب المصري صفوت أحمد محمد حسن الذي حُرِمَ من إكمال امتحانات الثانوية الفنية لكتابته عباراتٍ مناهضة للنظام الحاكم في ورقة الامتحان. وسرعان ما أثير جدلٌ تحت قبة البرلمان، ومن جانب منظماتٍ حقوقية طالبت الرئيس المصري
بالتدخل

وما حدث يمثل ببساطةٍ ثمرةً فاسدة للمناخ العام المحتقن، والخوف المرضي لدى المدرسين ومصححي أوراق الإجابة. والسؤال هو: هل وصل خوف النظام الحاكم إلى أن يرتعد من انتقاد طالبٍ ثانوي له؟ هل قمع حرية الرأي عند الصغار هي سمة المرحلة المقبلة لهذا النظام؟

وكانت مديرية التعليم بمدينة الأقصر قد أصدرت منتصف يونيو حزيران القرار رقم 265 بحرمان الطالب في مدرسة التعليم الفني الثانوي الصناعي، قسم إصلاح وصيانة المعدات الكهربائية من إكمال امتحانات السنة النهائية للتعليم الفني الثانوي وفصله عامين لكتابته "عبارات غير لائقة" في ورقة إجابة أحد الامتحانات عن "حاكم ظالم.. وشعب مظلوم"

وزيادة في الكرم، احتجزت أجهزة الأمن بالمدينة السياحية الطالب بضع ساعاتٍ، وأجرت تحقيقاتٍ معه لمعرفة دوافعه لكتابة هذه العبارات، وما إذا كان ينتمي إلى تيارٍ أو جماعة سياسية، قبل أن تفرج عنه. غير أن إفادات زملاء الطالب أجمعت على أنه "كتب هذه العبارات لإحساسه بالظلم نتيجة سماح المراقبين في لجنة الامتحان بالغش للطلاب الذين يقدم ذووهم رشى وهدايا للمراقبين، في حين أن والدي الطالب ليس لديهما الإمكانات المالية لذلك"


بل إن صفوت أحمد دافع عن نفسه في تصريحات لصحيفة "المصري اليوم" (بتاريخ 20 يونيو حزيران 2008) قائلاً: "كتبت عبارة "حاكم ظالم.. وشعب مظلوم" احتجاجاً على سياسة المراقبين، مش على سياسة الرئيس حسني مبارك". استمعوا إليه وهو يقول بعفوية: "المشكلة بدأت لما شفت المراقبين بيغششوا الطلبة، وأنا ماحدش راضي يديني أي معلومة، فثرت وكتبت "حاكم ظالم وشعب مظلوم"، احتجاجاً على سياسة رئيس اللجنة، وليس رئيس الدولة، لأن اللي دفع غششوه.. وأنا لا أملك مالا لكي أدفعه"


وفي وجه آلة الإعلام الرسمي الجهنمية، ينفي صفوت سيل الاتهامات الموجهة إليه قائلاً: "لم أمزق ورقة الإجابة كما يدعون، ولم يحرروا لي محضراً داخل اللجنة بتمزيق الورقة"


أما والدة الطالب صفوت التي تعمل بائعةً جائلة فقالت إن الفقر وراء ما حدث لابنها، مشددةً على أنه شعر بالظلم والعجز لأنه لم يستطع دفع "إكراميات وهدايا للمراقبين في اللجنة، كما يفعل باقي زملائه". وتقدم النائب هشام القاضي ببيان عاجل إلى رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم حول معاقبة الطالب وتهديد مستقبله التعليمي "لمجرد أنه عبر عن رأيه في ورقة الإجابة". وكالعادة، أجرى النائب المذكور اتصالات بالمسؤولين في الوزارة في قنا، لكنه قال إن "الأمر يحتاج لتدخل من القيادة السياسية ممثلة في الرئيس مبارك شخصياً، كما حدث مع الطالبة آلاء العام قبل الماضي"


وما أدراك ما آلاء

إذ يشير النائب بذلك إلى الواقعة الشهيرة التي قررت فيها وزارة التربية والتعليم رسوب آلاء فرج مجاهد عبدالوهاب بالصف الأول الثانوي بمدرسة شربين الثانوية بنات، بعدما اتهمت في موضوع التعبير بمادة اللغة العربية الولايات المتحدة بالتسبب في المشكلات الاقتصادية التي تمر بها مصر والدول العربية


وفي سياق ما كتبته التلميذة قالت: "ماذا سوف نجني من الدولة إلا ما هو رديء وخسيس، الحقيقة أن كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم والحكومة لا تريد أن ترفض حتى لا نقول إنها عاجزة. الرئيس بوش ينفذ سياسات تؤذي مصر وشبابها والأغرب أن رئيسنا يستجيب لهذا السافل". وفي فقرة أخرى خاطبت الرئيس مبارك قائلةً: "احكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله ، لقد اعتدنا على هذا النظام المهين"


فجأة تكهرب الجو، وواجهت ابنة الخمسة عشر ربيعاً عاصفة من الانتقادات والاتهامات، قبل أن يتدخل الرئيس مبارك ويأمر بنجاحها. فقد أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان رسمي أنه "فور علم الرئيس بحجب نتيجة الطالبة لكتابتها بعض العبارات في موضوع التعبير في مادة اللغة العربية خارج سياق الامتحان تحمل بعض الهجوم على بعض الدول وعلى النظام في مصر، أجرى الرئيس اتصالاً بالدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم واللواء سعيد صوان محافظ الدقهلية للاستفسار عن الواقعة، وأمر بإعادة تصحيح أوراق إجابتها وعدم حرمانها من الامتحان"

وبنظرة عطفٍ رئاسية، انقلبت الأمور رأساً على عقب


وبعد العذاب والحرمان، انتهت مشكلة الطالبة آلاء فرج وأصبحت رسمياً مقيدة بالصف الثاني الثانوي بعد أن أعلنت نتيجتها وتم إعادة تصحيح ورقة إجابتها في اللغة العربية سبب "الأزمة" وحصولها على 44.5 درجة من 60 لتصبح أعلى درجة حصلت عليها في مختلف المواد

وسبحان مغير الأحوال


فقد استقبل وزير التربية والتعليم يسري الجمل الطالبة وولي أمرها بمكتبه بالوزارة وأبلغها بقرار نجاحها، وسلمها بنفسه شهادة النجاح وبياناً بدرجاتها في مختلف المواد


وكان طبيعياً وقتها أن توجه الطالبة ووالدها الموظف بشركة الدلتا لحليج الأقطان الشكر العميق للرئيس مبارك الذي اهتم بموضوعها وأصدر أوامره بحل مشكلتها وإعادة تصحيح ورقة إجابتها ومنحها الدرجة التي تستحقها

سيناريو قابل للتكرار مع صفوت وغيره، فقط إن كان الأب القائد حانياً وأكثر رأفة بالطلاب من وزارة التربية والمدرسين والمراقبين في لجان الامتحان

غير أن المعالجة الأمنية من جانب النظام في مصر لقضية الطالبة آلاء والطالب صفوت تشبه الفضيحة، إذ تكشف عن مدى تغلغل العقلية الأمنية في كل جوانب حياتنا، حتى إنها لم تستثنِ التعليم. ولعل تدخل الرئيس بنفسه لإنصاف طالبٍ أو طالبة اعترافٌ واضح بدكتاتورية قائمة، ويكفي أن آلاء نجحت بقرار رئاسي، وليس حتى بقرار من وزير التعليم مثلاً، وهذا قمة الانحطاط في رؤية النظام للأجيال الجديدة وقمة تركيز السلطة في يد شخصٍ واحد فقط


وموجة التحامل على الطالب صفوت تأتي في وقت تسربت فيه امتحانات الثانوية العامة وبمعرفة قياداتٍ سياسية وأمنية كبيرة، كما شاهد الجميع في فضيحة الثانوية العامة بمحافظة المنيا جنوب مصر


وبطبيعة الحال فإن الغش والتدليس والرشى من الأمور المسكوت عنها وربما المقبولة، أما الذي لا يمكن تجاوزه في نظر السلطات المصرية فهو تطبيق القرار الوزاري رقم ١١٧ لسنة 2007، وتنفيذ المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 41 الصادر في 21 فبراير شباط 2000 والتي تنص على إلغاء امتحان الطالب في امتحانات النقل أو الامتحانات العامة بقرارٍ مسبب إذا اكتشف أثناء تقدير الدرجات أن الورقة تتضمن أمراً يعد قذفا للنظام العام أو الآداب العامة أو ما ينم عن شخصيته أو يدل علي العبث والاستهتار بأي صورة من الصور

والأكيد أن ما قاله الطالب صفوت يتردد يومياً على ألسنة المواطنين على سبيل النكتة أحياناً أو تقديم صور نمطية عن الشعب ونظام الحكم في أحيانٍ أخرى، أو التعبير عن الغضب في أحيانٍ ثالثة

أضف إلى ذلك أن المخالفة التي ارتكبها صفوت لا تبرر العبث بمستقبله أو تهديد حريته. ولا أحد يعرف كيف يتم منع الطالب من إكمال امتحاناته واحتجاز الأمن له بما يخالف القواعد التربوية التي تؤكد حريةَ الطالب في التعبير عن آرائه ومبادئه، فضلاً عن تعارضها مع حرية الرأي التي يكفلها الدستور لكل مواطن


ونحن لا نتجاوز الحقيقة حين نقول إن الانتهاك الذي وقع على هذا الطالب واحتجاز مباحث أمن الدولة للطالب والتحقيق معه لمدة أربع ساعات، أصابه بصدمةٍ نفسية شديدة، نظراً لحداثة سنه

نسيت الدولة فضيحة تسريب الأسئلة في امتحانات الثانوية العامة، وأمسكت بخناق طالب صرخ ضد الظلم

أغمضت وزارة التربية والتعليم عينيها عن تشكيل ثماني لجان امتحاناتٍ خاصة في مستشفى مغاغة لأبناء المسؤولين في المنيا – بل إن شهوداً أكدوا في التحقيقات أن مدرسين كانوا يتنكرون في زي أطباء، ويدخلون إلى لجان أبناء كبار الموظفين في مستشفى مغاغة لكي يعطوا للطلاب الإجابات عن أسئلة الامتحانات- وفتحت عينيها على شابٍ ناقم على ما يجري حوله داخل قاعة الامتحان

وتجاهلت السلطات اعتراف بعض المتهمين في تسريب الأسئلة، بأن هذه الجريمة كانت تحدث طوال السنوات الثلاث الماضية، وأطبقت على فتى حين أخذ يجأر بالشكوى


والشاهد أن حالات الغش وتسريب الامتحانات الجماعية، التي انتشرت في امتحانات الثانوية العامة انعكاسٌ لقيمٍ أخلاقية فاسدة تسود المجتمع. ولا تنفصل هذه الحالات عن الخطاب السياسي الذي يزين الأمور والواقع للناس، ويعدهم بتحقيق الكثير من الإنجازات، على الرغم من عجزه عن تحقيق ذلك، وعدم امتلاكه الأدوات لتنفيذها

وكما هو واضحٌ وجلي فإن أصحاب النفوذ وأرباب السلطة هم عاملٌ بارز في الغش وعملية التسريب التي حصلت، إذ تكشف التحقيقات عن تسرب الامتحانات إلى أبناء نوابٍ وقياداتٍ في مؤسستي الشرطة ..الشرطة المنوط بها ضبط الذين يكسرون القانون ويخرجون عليه، والعدالة التي تقتص لنا ..ولعل هذا أمرٌ طبيعي في ظل لجوء عددٍ من أصحاب النفوذ في صفقاتهم وطرق إدارتهم لمصالحهم الخاصة إلى وسائل الغش، وبالتالي فهم ينقلونه لأبنائهم، وهو ما تَمثلَ في اللجان الخاصة بالمستشفيات التي ضمت أولاد كبار المسؤولين

والمشكلة تتجاوز إهدار جهد الطلاب في امتحاناتٍ تسربت إلى أيدي القادرين وأصحاب النفوذ، وتتعدى أخطاء الامتحانات نفسها، وإنما تضرب في صميم نظامٍ تعليمي فاشل يقوم على الحفظ والتلقين، ويتكيء على عصا نخر فيها السوس هي الدروس الخصوصية..وصولاً إلى خطٍ وهمي لنهاية السباق اسمه مكتب التنسيق الذي يحكم ويقيَم الطلاب وفق درجاتهم وليس بناء على إمكاناتهم وقدراتهم الحقيقية

وهكذا تضيع مصر وتتسرب مثل تتسرب امتحاناتها


ويبدو أن وجود مبارك في أي مكانٍ على أرض مصر، يؤثر بالضرورة على سير الامتحانات

فقد شهدت مدارس مدينة ٦ أكتوبر، في أول أيام امتحانات الثانوية العامة للعام 2008، حالة من الارتباك نتيجة تكدس المرور وإغلاق محور ٢٦ يوليو، وطريق الواحات، بمناسبة زيارة مبارك للمدينة، وهو ما تسبب في تأخير طلاب المدارس والجامعات عن موعد الامتحانات. وقررت بعض الجامعات تأجيل الامتحانات بها لأكثر من ساعةٍ لحين حضور بقية الطلاب الغائبين، بينما أجلت بعض الكليات امتحاناتها لليوم التالي


واستطاع أحد المسؤولين الاتصال برئيس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف، والذي أبلغ بدوره الرئيس المصري بما حدث للطلبة. وكأن مبارك لا يعلم أن زيارته للمدينة – التي أصبحت محافظة- في ذروة فترة الامتحانات ستتسبب في عرقلة وصول الطلاب إلى لجان الامتحان


وهكذا قرر مبارك تمديد مدة الامتحان لطلاب مدينة 6 أكتوبر لمدة نصف ساعة لمعالجة بعض التأخير الذي تسبب فيه موكب فخامته لمدينة 6 أكتوبر وأهلها، بعد أن تحولت المنطقة بأكملها إلى ثكنة عسكرية. ومع أن الرئيس المصري زار المنطقة في مهمة معينة هي تفقد المشروع القومي للإسكان وهو مكان بعيد بعض الشيء عن المدينة، فإن الإجراءات المشددة جعلت 6 أكتوبر وما حولها ضمن "حزام أمن الرئاسة"


الطريف أن البعض وصف قرار مبارك بتمديد فترة الامتحان للطلاب بأنه إنساني.. وهو "إنساني" فعلاً


ولا عجب أن يحدث هذا في بلدٍ يُفاجأ فيه طلاب الشهادة الإعدادية في محافظة قنا، بسؤالٍ إجباري فحواه "أرسل برقية إلى السيد رئيس الجمهورية تهنئه فيها بفوز المنتخب بكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم"، الأمر الذي أجبر ٥٣ ألف طالب وطالبة من تلاميذ المحافظة على كتابة البرقية، بحسب صحيفة "المصري اليوم" في 18 مايو أيار 2008

وسبق أن شهدت امتحانات المدارس الحكومية المصرية أسئلةً من هذه النوعية في السنوات القليلة الماضية. ومن هذه الأسئلة سؤالٌ وجِهَ إلى طلاب الصف الأول بمدرسة العريش الثانوية للبنين في امتحان التربية الفنية عام 2005، وطلب منهم أن يعبروا بالرسم عن إنجازات الرئيس حسني مبارك، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية التعددية التي أجريت في سبتمبر أيلول 2005

وعلى إثر هذه الواقعة تقدم النائب الوفدي منير فخري عبد النور بطلب في حينه إلى فتحي سرور رئيس مجلس الشعب لاستدعاء وزير التعليم آنذاك الدكتور أحمد جمال الدين للرد على البيان العاجل الذي قدمه بشأن السؤال، معتبراً هذا انحيازاً من السلطة لصالح الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية


لكن الذين اعترضوا لم يدركوا أنه موسم النفاق الذي يناجي فيه أهل الرياء "أبانا الذي في الامتحانات"


ولم تزل صيحة عادل إمام المشهورة "بلد شهادات..صحيح" في مسرحية "أنا وهو وهي" صالحة للتداول، مع تحريفٍ بسيط في عهد مبارك: بلد "امتحانات"..صحيح

تابع القراءة

gravatar

قصة تشبه الحزن


قُرصُ الهاتف لا يدور

لوحةُ المفاتيح حصلت على تأشيرةٍ سياحية إلى جزيرةٍ تنسى ثمارهَا الساقطة

وحدهم القراصنةُ الخائبون ينتظرون مكالمةً لن تجيء

وحين أعرفُ ما فاتني من مواعيد، أسيرُ على جسرِ أعصابي: ساطع الحضور.. لكنني أعرفُ أنني الغائب الأكبر

أعلمُ جيداً أن الكسورَ لن تبرأ من ماضي حطامِها، وأن سؤالكِ العابر عني لم يكن سوى مجاملةٍ لصديقةٍ مشتركة

ربما يجب أن أضعَ بيني وبينك، أو بالأحرى بيني وبيني، مسافاتٍ أملؤها بقسوةٍ مصطنعة

أظنني أسرفتُ في النبل، وأنا الذي استخرجتُ من فنجان قهوتك صباحاتٍ تزيحُ الأسى عن وجوه المتَعَبين

في زمنِ الحقائبِ المكتنزة، أسافرُ بلا حقيبة سوى الطيبة التي ترهقني

وحياتي كتابٌ استعاره صديق ثم نسيُه على رصيف قطار..الرصيف نفسه الذي نام عليه تولستوي، قبل أن يتورط في موتٍ غير مقصود

في سماءٍ نسيتُ إحصاء رقمها، سئلتُ عن اسمي، فقلت: من أحببتُ أهداني للنسيان..يأتي الصدى مهيباً: أيها الشاعر، كم يليقُ بك التيه

الشفافون فقط يغسلُ الماءُ أرواحهم فيعودون إلى سيرتِهم الأولى: ملائكةٌ تعزف لهم الأساور موسيقى الحنين

في القاعاتِ التي تزدحمُ بالرؤوس، يرتدي العازفون فَرَاشَاتٍ سَوْدَاء مَيِتَة حَوْلَ الْعُنُق. غابت النوتاتُ عنهم، لكنهم حفظوا سرَ اللحنِ الشجي

الخيالُ بديع، لا يمكن أن يقاومه راقصٌ حقيقي، والجمهورُ بين المتلمظِ والمتلظي..تخطفه الفتنةُ إلى الأقاصي

الريحُ تراودني عن قميصي

أدخلُ من بابِ السهو.. أخرجُ من بابِ اللهو


أسطو على ياقوتةٍ في عمقِ الماء، فقط لألتقط عينيك المدهشتين.. يهزمني حزنُهما الذي يفضحُ مرمرَ النفس، وهما تقولان: أنا الوردةُ المتوجة، لا يقطفُني إلا أنت

وأنا: المغامر..كفني لبستُه منذ أن غرقتُ في وحلِ الطفولة، وعرفتُ طعمَ العناق، ذلك الحنان المسروق من سيدةٍ تتعلم بين أحضاني كيف تموتُ بتؤدة

منذ أن ركبتُ قطارَ الأشواق لم يعاودني حنينُ النزول، وَجَسَدِي صَارَ سَريرًا لنومٍ طويل

لامعاً كخنجرٍ مصقول، أطاردُ الشهقة العارية، وأقضمُ تفاحاتِ المتعةِ بقامةٍ فارعةِ الفرح

الشهواتُ تمتص مني البياض.. أولها انفعالٌ، وأوسطها انفلاتٌ، وآخرها دهشةٌ تفر من أصابعي، لتصنعَ لي جناحين

في سراديبِ الرغبة، أبني هرماً من التفاصيل الصغيرة..وحده الضرير يتشبثُ بالأشياء الكبيرة

وأنتِ: أميرةٌ تستحم بغيمةٍ بيضاء وأغانٍ تجوب الشرفات، كأنها ظلالٌ تقتفي الضلال

الآن، يجرحُ الليل أناملَه، فأصبحُ حارسَ السنين الداكنة.. أيُ ابتسامةٍ تنزلقُ في موتي الذي يتنزه خارج المقبرة


عزائي الوحيد أن من يعش الخلود يفوت سيرتَه الذاتية، وفي خاتمةِ المطافِ لا تكون مكتملةً إلا المصائرُ المحطمة



قلبي حديقةُ أطفالٍ خالية إلا من الألعابِ التي تكتسي بالسأم.. والموتُ يحزم شيئاً من الليل في جيب سترتِه الهائلة، ثم يودِعُني بابتسامة

ألتحقُ بمدرسةٍ مسائية، كي أتعلمَ كيف أكسر حاجتي إليكِ، وحاجتكِ إلي

أجمعُ أثرَ رائحتكِ الجليلة ثم أبعثركِ في دمي

تغشاني محبتُكِ فأنشرُ الضوء ملاءةً، تُطوى على مَهلٍ لكي يستعيدّها جوفُ الخزائن

أتعثرُ في الذكرياتِ مثل غريبٍ يتردد في طرق الباب. هكذا برمادكِ أحترق
ربما أدركتُ متأخراً أن نصيبَ من أفرط في التمردِ هو الافتقارُ إلى أية طاقةٍ أخرى غير الخيبة

ظلَّي يعرفُ الحياة أكثـر منيَّ

والأصدقاءُ المرميون على قارعةِ الروح، يُلحون عليَ: احكِ لنا حكاية

كيف أروي لهم وخريفٌ كاملٌ يندلق من جوفي؟ كيف أقصُ عليهم وكلُ خرائطِ العمر ناقصةٌ

أُمَارِسُ موتي المؤجل، وأجهزُ صوتي للغياب، فالحواسُ أسلَمت أوزارها، والبنفسجُ نقش لونه على أشرعةِ مراكبي

تغمضُ إشاراتُ المرور مصابيحها لتستريح

الشارعُ مظلم..سأهبُه نورَ عيني ليضيء
تابع القراءة

gravatar

كتاب الرغبة (13): كل هذا العفن




حين يحضر وعي القبيلة تختلط الأوراق، فلا يعود أحدٌ قادراً على تمييز الضحية من الجلاد

ولعل القبيلة تنسى حقيقة إنسانية مهمة: جرح الأنثى يغلي، يغلي ويتّسع، وما من سبيلٍ إلى تضميده

في روايتها الأولى "خارج الجسد" الصادرة عن دار الساقي في لندن (2004)، لا تعرف عفاف البطاينة معنى للمهادنة، وهي تشن حرباً لا هوادة فيها على مجتمعٍ تتهمه بالتسلط، وسلب الإنسان الأمل في الغد، الإرادة، الروح والجسد وحتى رغبته في الموت ليتركه شخصاً ميتاً يمشي بأكفان بيضاء

وهي ببساطة تقدم في روايتها رحلة بحثٍ عن الذات دون قيود أو رتوش، وتصارح المجتمع، الباحث دوماً عن التخفي والهروب. إنها روايةٌ تغرد فيها خارج سرب مثقف السلطان، تعري واقعنا وتجرحنا بصراحتها وجرأتها وتلقي في وجوهنا كل هذا الكم من الخراب الذي نخفيه


لقد أعطت الروائية الأردنية عفاف البطاينة القارىء مرآة ليرى الحقيقة المجردة
ولعل هذا ما دفع كاتباً في إحدى الصحف الأردنية إلى القول بأن "بوسع أي قارئ أن يلمس روح الانتقام التي سادت النص، وربما تكون المبرر الوحيد لإصداره، وسواء أكان الغرض من هذا العمل إدانة علاقة اجتماعية محددة أم منظومة أخلاقية عامة، من خلال التشهير بها وإبراز الحالات الأكثر شذوذاً فيها، فإنه، بالمحصلة، يقدم صورة روائية وأدبية لا يستحقها مجتمعنا ولا تنطبق على حقيقة وواقع علاقاتنا وروابطنا الاجتماعية، وتجحف بحق عائلاتنا المحترمة" (عبدالله أبو رمان، جريدة "الرْأيّ"، 27/2/2006)


عفاف في رواياتها "خارج الجسد" ، تسرد في 446 صفحة حكاية ثلاث نساء، بل ثلاثة وجوه لامرأةٍ واحدة هي (منى) الشخصية المحورية في الرواية. "يسألني من أقترب منه عمّن أكون، فأقول سارا ألكزندر، وأكاد أقول، منى ومسز مكفيرسون وسارا ألكزندر، ثلاث نساء، بل ثلاث حيواتٍ في واحدة. أنظر إلى جسدي بعد أن خلع عنه كل قمصانه وملامحه فأسكت" (ص 6)


ولا يهم ما إذا كانت "خارج الجسد" سيرةً ذاتية لعفاف نفسها أو أن الرواية تحمل جزءاً من السيرة الذاتية فخارج الجسد أكبر من أن تحشر في ذات عفاف. هي رواية "واقعية" عن مجتمعٍ وبلاد "مليئةٌ بالعفن وكذلك النفوس، ولا تنقطع ألسنة البلاد على انتقاد اصفرار أشجار البلاد الأخرى متناسية خلوها من الأشجار" (ص 445)

البطل هو جسد المرأة المسحوق والمهان حبساً وضرباً وركلاً بالأقدام وشداً من الشعر ونبذاً وامتطاء وبصقاً وقذفاً بكلمات بذيئة، إلى أن يصل كونه رشوة يطلبها أستاذٌ جامعي فتعطى له مرة وتمنع مرة. ولا يجيء الانعتاق إلا بترك الوطن العربي والوقوع بين ذراعي حب أسكتلندي، وما تبع ذلك من تنصلٍ كامل من الهوية، وانقطاع لا رجعة عنه مع الثقافة والمرجعية العربية. وربما كان أهم ما يُحمد للرواية وهي تقارب موضوعات كهذه هو عدم تورطها في فخ التطرف الأيديولوجي النسوي، فهي روايةٌ نسوية بامتياز، لكن من دون فجاجة التنظير الكفيلة بإفساد العمل الأدبي أو بخفض قيمته الفنية


إلا أنه لا يمكن عند قراءة الرواية إغفال فكرة تحدي القيم السائدة، ومن ذلك إصرار بطلة عفاف البطاينة على العيش مع صديقها الأسكتلندي ستيوارت من دون عقد، مع عرضه السخي للبديل المقبول عند قومها بأن يشهر إسلامه بهدف الزواج منها، إذ تقول له: "ألستَ زوجي؟ نحن معاً. عقد الثقة والحب والوفاء الذي نوقعه معاً كل يومٍ، أقدس عندي من العقود القانونية والشرعية" (ص385)

ربما بدا ذلك لكثيرين موضوعاً مفتعلا للتصادم بين عالمين. لقد كان الإصرار على العيش بهذه الصيغة، وهو الإصرار الذي فشلت الروائية في تبريره حتى من وجهة نظر نسوية، قد اضطر البطلة للتخفي مدة طويلة لإجراء عملية تجميل غيرَت ملامحها كلياً، ومن ثم استخرجت أوراقاً ثبوتية باسم أجنبي يمكنها من العيش مع صديقها بدون تهديد

وقد يقف البعض عند مسألة حضورها بوجهها الجديد لمؤتمر في بلدها يناقش أوضاع النساء من دون أن يتعرف عليها أحد من أهلها، بمن فيهم شقيقتها

لقد وقعت عفاف البطاينة في مأزق كثيراً ما نصادفه وهو أن تبدأ الرواية قوية متينة ثم تتراجع بتقدم الفصول من خلال تردي السرد من ناحية، وغرائبية الأحداث من ناحية أخرى، مقابلة بما كانت عليه الفصول الأولى من قوةٍ وحبكة

وفي الرواية يأخذ الرجل الأوروبي صورة العاشق النموذجي، يقابله - بأسلوب التعميم- ذلك العربي الهمجي الذي يلجأ إلى كفه الثقيلة والخيزرانة (الأب) أو الذي تكون حداثته قشرة زائفة (الزوج) تخفي تحتها تقليدية متوغلة، أي الحداثة في أبهى تجلياتها العربية أو الشيزوفرينية، إذ لم تجاوز عند (سليمان) طقوس الشراب وأفلام الجنس، أما الرجل في داخله، في إدراكه وتعاطيه مع المرأة، فقد بقي الوجه الآخر لوالدها

إن المفكر جورج طرابيشي يرى أن نيل الرجل العربي من المرأة الأوروبية في الروايات العربية هو نيلٌ من الغرب بأسره، وهذا يدفعنا للتساؤل إن كان عشق عربياتٍ هاربات بجلودهن وعقولهن وذوبانهن حتى النخاع في أوروبيين هو نيل من الأعراب الأجلاف، ورتقٌ لما أحدثوه من أوجاع وجراح طالت أرواحهن وأجسادهن


تبدأ عفاف روايتها عندما تعود منى وهي في ثوب سارا ألكزندر إلى بلادها لترى والدها المريض المشرف على الموت. يجتاحها تساؤلٌ محير ولد من قلب هذه المواجهة: أيمكن في لحظة من لحظات الزمن الهاربة أن تتصالح الأنوثة المتمردة، الحرة مع الذكورة المستبدة القاسية؟


سارا وهي تغوص عميقاً في تساؤلاتها تنهض بها الذاكرة لتروي حكايتها، حكاية منى قبل أن تصبح سارا ضمن سردٍ استرجاعي، ولما لازم هذه السيرة من ألم ومعاناةٍ وكبت وحرمان


"بالأمس كنتُ منى، ابنة الريف والحقول والسذاجة، وبالأمس أيضاً كنتُ منى، المراهقة التي لم تملك جسدها ولا إرادتها ولا قرارها" (ص 5)


تتداعى حياتها منذ كانت طفلةً في القرية تلعب مع شقيقتيها وأترابها بحريةٍ مطلقة في غياب الأب الذي ترك الجيش العربي للعمل في أبوظبي ليقضي هناك خمسة عشر عاماً، يعود بعدها إلى قريته وقد جمع مالاً يحسب أنه سوف يسعد به أسرته ويعوضهم به عن غيابه وتقتيره عليهم أثناء سفره وقسوته الشديدة


"كان يقيّدنا إلى الجنةِ التي بناها لنا" (ص 17)


حتى هذا المال المكنوز سوف تسرقه زوجته الثانية من دون أن يستطيع الأب بكل جبروته استعادة حقه المهدور، ولسوف يعود لاحقاً مريضاً ومهزوماً ليُترك على فراشه بانتظار الموت


سرعان ما تحول هامش الحرية إلى سجن في حضور الأب، لتتحوَّل هذه المساحة إلى قفص، والسجان هو الأب، خصوصاً مع تفتح وردة الأنوثة

"تفتّحت فيّ رغبات المراهقة فخسرت جسدي وإرادتي وقراري وحركتي، ودخلت في دوائر الخوف والهزال" (ص 5)

تمضي الرواية باللعب إلى أفق أرحب وأعقد، اعتماداً على تناوب السرد بضميري المتكلم والغائب بين الشخصيات دون أي مانع، ودون الوقوع في التعمية أو الارتباك، وبالسلاسة التي تسم وصف المكان والجسد والحالة كما تسم الحوار


تبدأ المأساة على وقع علاقةٍ طفولية جمعت منى مع زميلها صادق المراهق الخجول الذي بقي يراقبها بنظراته مبتسماً كلما ذهبت إلى المدرسة بملابسها البالية وحذائها الضيق بسبب شُح الأب. تُضبَط الفتاة وهي تحتسي فنجان قهوة في آخر يومٍ من أيام امتحانات الشهادة الثانوية مع "حب مراهقتها الأول"، فتنقلب حياتها رأساً على عقب


ويتضح للقارىء أن مجرد تصور مثل هذه العلاقة، حتى ولو كانت بريئة، يعدّ جريمة كبرى. فوعي الجسد في الشرق هو وعي الموت، وعي الألم بدل أن يكون مرتبطاً بوعي الجمال والحرية

بعد هذا اللقاء البريء ستبدأ دورة تعذيبٍ بلا رحمةٍ ولا شفقة يمارسها عليها الأب بسادية ويشترك فيها ذكور العائلة الخطاءون وحتى إناثها المستلبات


"تعبت يداه من الضرب فقرفص أمامها وسألها:
- شو عملتي في آخر يوم من الامتحانات؟
انكمش قلبي. عرفتُ أن الأعين أبصرت لقائي بصادق
حاولتْ أن تلتقط أنفاسها لتجيب عن سؤاله، لكنَ أكوام الضرب انهالت فوق جسدها وأسكتت صوتها. سألها عن صادق ثانيةً
سرى فيَ تيارٌ قادمٌ من عوالم المقابر والأموات
قالت إنها لا تعرفه. ركلها بقدميه وهو يقول:
- ما بتعرفيه، ضحك عليكِ، نام معك..انبسطتي.." (ص 36)


وحده عمها، سالم، الذي كان قد اعتُقِل وعُذب جسدياً وجنسياً بعد إدانته التآمر مع الفدائيين الفلسطينيين، يمتنع عن تعنيفها ويحاول إنقاذها، لكنه يعجز في النهاية عن توفير الحماية الكاملة لها


وتمتد يد الأذى إلى الأم


"ناداها حين رجع إلى البيت وأمرها بالجلوس عند قدميه. جلست حيث أمرها. سألها إن كانت تعرف عن علاقة منى بصادق فنفت. سألها إن كانت منى ما تزال عذراء فلم ترد. صفعها على وجهها. أخرج خيزرانته من تحت جانب الفراش، وأخذ يضربها إلى أن تعب. سألها وهو يهينها:


- مش قادرة بنتك تستنى حتى تتجوز، بدها زلمة من هسع، فتحت جريها هيك عالبلاش، منهو اللي رايح يقبلها بعد ما فتحها ابن الهاملة. الله يلعن دينك ودين بناتك ودين الساعة اللي شفتك فيها" (ص 43)


وبعد عرضها على الطبيب يتضح أنها عذراء، فتتساءل: "غشاء يقرر مصيري؟ أردت أن أُدخِل أصابعي في فرجي وأمزق الغشاء وليكن الموت مصيري. أردت أن أنتقم من والدي. كنتُ أعرف أن تمزيق الغشاء سيضع رأسه في التراب إلى الأبد" (ص 44)


كم هو ثمينٌ هذا الغشاء! أغلى من حياة إنسان!

تُحرَم منى من معرفة نتيجتها في امتحانات التوجيهي ومن الجلوس مع أفراد العائلة إلى مائدةٍ واحدة، ويلقى على كاهلها الغض عبء كل العمل المنزلي مع إذلالٍ وعنف نفسي وجسدي ولفظي مستمر من الأب، الذي لا يتوانى عن ضربها بطريقةٍ وحشية وشتمها بأقذع الشتائم الجنسية، من عينة "العاهرة هاي شو بتسوي هون؟" (ص 46) و"ما إنت قحبة والقحبة ما بيهمها إشي" (ص 46). معاملةٌ تدفعها إلى التساؤل عندما يرقد الأب مريضاً وهو على فراش الموت: "أي رباطٍ كان بيننا وأنا التي اشتهيتُ وأد لفظ الأبوة والذكورة من قواميس كل اللغات؟" (ص 8-9). والأقسى من ذلك: "كان حلم منى في مراهقتها المنصرمة وشبابها الضائع أن تنظر في عيني أبيها، وأن تضع يديها فوق فمه وأنفه إلى أن يدخل قنوات الموت. كانت أمنية أفراد عائلتها أن يودعوا الظالم الذي يمنعهم من تنفس الهواء" (ص 10)


يرفض الأب زواجها من صادق، وبالطبع تُحرَم منى من استكمال تعليمها الجامعي بالرغم من المجموع العالي الذي حصلت عليه في امتحانات الشهادة الثانوية


ولن تجد منى داخل هذا السجن وداخل هذا العالم الكريه سوى اللجوء إلى الله فتغرق في التدين حد التعصب هرباً من عالمها الذي أصبح بلا قلب، وطمعاً في تعويض حياتها الدنيوية الشقية بالحياة الآخرة..لكن هذا الإيمان الناتج عن وحشية الحياة في كنف مجتمعها الأبوي سرعان ما تتخلى عنه منى عندما تهاجر إلى بلاد الغربة حيث تستعيد إنسانيتها المسحوقة


تحاول منى الانتحار عدة مرات، إلا أن محاولاتها تبوء بالفشل مراتٍ بسبب تدخل العائلة ومراتٍ أخرى بسبب مخاوفها الدينية


بعد أشهر، يتقدم لخطبة منى شاب يدعى محروس، وهو الذكر الوحيد لأمه الأرملة، المفرط في البدانة في ظل عناية الأم به، المتدين، الخجول، الفاشل دراسياً، والموظف ككاتب في المحكمة الشرعية. وسوف يوافق الأب -الذي كان رفض هذا الزواج من قبل- مداراة "للفضيحة" وحباً في المال. وتقايض منى التي علمها الإذلال كيف تهتم لآلامها، زواجها على محروس - المعروف بين الناس بلقب "الدب"- باستكمال . ويوافق محروس على الرغم من رفض الأب

ليلة الدفن

هكذا تصف بطلة الرواية ليلة زفافها

"كنتُ أعرفُ أن قبيلتي باركت لمحروس جسدي، وأحلت له لمسي وتذوقي وهتك عذريتي. كنت أعرف أنهم سينتظرون خلف الأبواب، إلى أن يخرج إليهم محروس ومعه المنديل المنقط بالدم، أو ليقول لهم إنه أدخل ذكره بين فخذي واخترق الغشاء الذي يخيفهم. أقسمتُ أن تنام قوانين الحلال والحرام في حضن أبي وقبيلتي ومحروس، وعاهدتُ جسدي ألا أحلّه إلا لفردٍ يوقع عليه لا على الورق، ويوقع جسدي عليه لا على وثيقة نجاةٍ" (ص 116)

سنةٌ من تبذير الذكورة والأنوثة عاشها محروس وعاشتها منى. كانت بدايتهما مشوهة، واضطرا إلى امتصص اعوجاج الطريق، لا لشيء إلا لخوفهما من الرجوع

رأت منى أن هذه الزيجة غير متكافئة وظالمة فكرهت محروس وجسده، ولم تستطع مشاركته فراش الزوجية لتبدأ معركةٌ أخرى في بيت محروس الذي حاول في البداية اغتصابها عدة مراتٍ بحجة حقه الشرعي. وفي محاولة الاغتصاب الأولى يتداخل صوتان في الرواية ويتعارك جسدان على الفراش. "مزق قميصها وانكشف صدرها أمامه. وضع يده على فمها، ليمنعها من الصراخ خوفاً من الفضيحة. لم توقفه أظفارها عن التهام جسدها. يتساقط عرقه فوق وجهها
يزداد إحساسي بالقرف. عراك القرف يصل إلى نخاعي

كشف عن صدرها وسرق منه ما استطاع بشهوة

عضوي يؤلمني ويحثني على الاقتراب من فرجها، وهي تدفعني وترفضني وتجرح ما تصل إليه من جسدي. ارخي جسدي فوقها وأكره صراخها. أطلب منها أن تخجل من الناس فيزداد صياحها

رغبتُ في قتله. عضوه الذي يقترب من فرج بنطلوني يشعرني بالغثيان. ابتسمتُ فأرخى يدي

شعرتُ باقتراب الفَرَج حين رأيتُ ابتسامتها. ظننت أنها ستقبل عليَ وتبادلني متعة ليلتنا. امتدت يدها إلى أسفل بطني وعرفت أنها عقلت. شعرتُ بإبرٍ ساخنة تُغرس في ذكري إذ أدخلت أظفارها الحادة في جوانبه ثم بلَلت وجهي ببصاقها
أردتٌه أن يتألم عساه يفقد رجولته إلى الأبد" (ص 121)

صراعٌ لا تولد في ظله بارقة أمل في المودة، بين امرأةٍ ترفض أن يدخل الزوج حقولها رغماً عنها، ورجلٍ يريد أن يدمر أسوار امرأته وأن يحتلها ويقيم فوق أرضها بغض النظر عن إرادتها

وحين تخون القوة محروس يلجأ بناء على نصح الأب إلى العنف، فتغرق في وحدتها وصمتها. وتحاول اللجوء إلى الجنون، لتبدأ الأم بنصح ابنها بعرض منى على الشيوخ والمشعوذين. ويذهب بها محروس إلى أحد الشيوخ، الذي ينهال عليها بالضرب المبرح بدعوى إخراج "الجن القرين من جسدها" حتى تشرف على الموت، لكن محروس يعيدها إلى البيت

وتحت مظلة العطف عليها يبدأ في معاملتها معاملة حسنة ويحنو عليها فيرقُ قلب منى له وتمنحه جسدها. إلا أن محروس لن يستطيع مجامعتها وسيصاب بضعف جنسي مؤقت. "أشعر بلذة قربها في دمي وأرغب في تذوقها. أحاول وأفشل.. أحاول وافشل.. ابتعدتُ عنها ونظرات أمي وأبيها والناس تلاحقني. تمددتُ إلى جانبها وكلٌ منا يشعر بالخيبة. التصقت بي وساد صمتها. أسأل نفسي عما حدث لي ولا أجد في رأسي إجابة" ( ص 144)

ويتكرر عذاب الموت الثنائي

"تتجدد النكسة بيننا كلما اجتمعنا، وتبقى ذيول الهزيمة تلاحقني إلى أن يتجدد اللقاء ويتجدد الانهزام فتتجدد المرارة" (ص 145)

وفي لحظة بوحٍ تشبه تطهر الأرواح، يكتشف الاثنان أنهما ضحيتا الجهل والتخلف، فيتفقان على الطلاق

تتحدى منى القبيلة وتتابع دراستها الجامعية، لتكتشف عمق الزيف والفساد الذي يعتري الحرم الجامعي، والنظرة الضيقة إلى المطلقات، فيزداد حجم اغترابها وضيقها. وتبدو الجامعة صورة مشوهة من مجتمعها، فها هو أحد الأساتذة يراود صديقتها إخلاص المسيحية عن نفسها مقابل مساعدتها على النجاح في مادته، وعندما ترفض تدفع ثمن ذلك في دراستها، وتضطر إلى السكوت عن حقها. وفي تجربة خاصة بها، تقاتل منى كي تكشف مراودة أستاذها في الجامعة لها عن نفسها، لكنها تجد آذاناً صماء وحرصاً على حماية الجاني، وتخويف المجني عليها إن هي أصرت على كشف الابتزاز الجنسي تحت قبة الجامعة


محاولة الانعتاق تأتي بالزواج لمرةٍ ثانية من سليمان، على الرغم من فارق السن الكبير بينهما. قضى سليمان معظم سنوات عمره في إقامة مشروعه الخاص به وجمع أموال أنفق بعضها على علاقاتٍ عابرة وطارئة وعلى معاقرة الخمر. وبعد الزواج، لم ير في منى إلا خادمة، أداة ووسيلة للتسلية. وللدلالة على ذلك صورت الكاتبة مشهدية الجنس والممارسات الغريزية المكشوف، حتى وهما على متن الطائرة التي تقلهما إلى بريطانيا، دون أن تحمل الحد الأدنى من المشاعر والأحاسيس، لتؤكد أن ما جمعها به هو الجنس وليس الحب. كان رجلها الأول، لكنه خاطب جسدها دون أن يلمس روحها، خصوصاً أنه يقول لنفسه عنها: "أحببتُ النظر إلى جسدها العاري. كان يثير فيَ شهوة لا تعادلها إثارة أجساد المحترفات اللواتي اعتدتهن" (ص 231)


وفي ليلتهما الأولى، وبعد سلسلة من المداعبات وبضع كؤوس من الخمر، يروي صوت سليمان لحظة الرغبة، قائلاً: "كلما حاولتُ إجبارها على تعرية مشاعرها سكتت. بتُ أداعبها وأثير شهوتها ثم أتوقف على أمل أن تحرر خوفها من رغباتها. أزالت عني ثيابي وجذبتني إليها. كرَرتُ سؤالي فتراجعت. شهوتي تزداد وأنا أشعرُ بندى جسدها. أسألُها عما تريد. يتحدثُ جسدها ويصمتُ لسانها. ابتعدتُ وطلبتُ منها تسمية ما تريد. طلبت مني أن أشبع رغبتها ولم أصدق أذني وأنا أسمعها تسمي أعضاءنا" (ص 232)


تكتشف منى أن زوجها مهووس جنسياً، يمتلك مكتبة فيديو تحتشد بالتسجيلات الإباحية ويمارس معها الجنس بطرق لا تخلو من هذا الهوس


في بريطانيا التي ترفض أن تكشف أقنعتها كي تبصرها منى، تصير هذه التي أحست أنها لا شيء وهي تخرج من بلدها كالغريبة، تصير زوجة شرقية بامتياز. لكن الوقت الذي يقضيه سليمان معها يتقلّص، والروتينية تعطب الجنس
"الساعات التي كان سليمان يقضيها معي تقلصت إلى أنصاف ساعاتٍ، وشيئاً فشيئاً تحولت إلى دقائق: دقائق لتناول الطعام، ودقائق لمشاهدة الأخبار، ودقائق لممارسة الجنس" (ص 240)


تلجأ منى إلى "دار الأرقم" لتتحدث مع نساءٍ ينتمين إلى منطقتها وثقافتها، وتتعلم قيادة السيارة، وتنفتح لها الدور العربية التي حملت معها كل عاداتها الشرقية إلى المهجر. وكلما اشتكت منى من سليمان نصحتها صديقاتها العربيات بالخضوع


وبعد أشهرٍ من الزواج ومن علاقة جنسية غير منتظمة تخلو من أي متعة وحب مع سليمان، تحمل منى، لكن سليمان يطلب إليها إجهاض الطفل. في البداية توافق منى ثم ترفض وتنجب طفلاً تسميه آدم


تبدأ منى التفكير في حياتها الخاصة وتبحث عبثاً عن عمل، ثم تقرر بناء مشروعها الخاص وتلتحق بدورةٍ تعريفية بالمشروعات الصغيرة وتتعرف خلالها إلى ستيوارت مكفيرسون المشرف على مشروعها الخاص وهو مشروع لإنتاج أطعمةٍ شرق أوسطية. ينجح مشروع منى بمثابرتها فتقرر الانفصال عن سليمان الذي يرفض في بداية الأمر ويضربها بشدة، لكنها في هذه البلاد تخضع لحماية القانون فتشكوه للشرطة

تستقل منى بوليدها في منزلٍ خاص وتعمق علاقتها بستيوارت الذي يقع في حبها. غير أنها تبقى أسيرة الخوف الساكن في داخلها من الرجل ومن العادات والتقاليد وتقاوم حبه لها وحبها له مدةً من الزمن، إذ تقول لجارتها كارول: "هناك جدران ومساحاتٌ واسعة بيني وبين ستيوارت، لا أستطيع أن أتجاهلها بسهولة" (ص 307)


قاومت منى طويلاً.. تعبت وتعبت روحها، وللجسد نداؤه، والباب مقفولٌ يكاد مزلاجه يفلت


وفي النهاية تستمع أخيراً لنداء مشاعرها. كانت أرضها في حالة عطشٍ للطمأنينة، وتوقٍ إلى علاقةٍ حميمة دافئة

أطبقت الزهرة على الزهرة، ليفور الماء من تنور الجسد


تخوض منى علاقةً إنسانية ندية مع ستيوارت، ويقرران بعد فترة العيش مع بعضهما البعض تمهيداً للزواج، لكن ستيوارت يهرب بعد هذا الاتفاق فتبحث عنه لتجده مرعوباً من خبر اطلع عليه في صحيفةٍ حول جريمة شرفٍ ارتكبها باكستاني من الجالية في بريطانيا بحق أخته التي تزوجت من مسيحي. غير أن منى تقنعه أو هو يقتنع بضرورة الدفاع عن حبهما، فيعود للحياة معها في منزل خاص، ويعلّمها تذوق الموسيقى الكلاسيكية، ووقائع التاريخ الأسكتلندي والبريطاني، وكل ما يمت بصلةٍ للتحضر والمدنية


أثناء حياة منى مع ستيوارت يمرض الأب، فتعود منى إلى بلدها وتجد المنزل الذي بناه الأب أثناء عمله في أبوظبي وقد آل خراباً، فتعيد بناءه وترميمه وتحاول عرض والدها على الأطباء، على الرغم من رفض الأم التي كانت تريد أن تنتهي حياة زوجها بسرعة لتتحرر من ظلمه. وعندما يموت الأب الذي تمكن منه السرطان، لا يجد من يبكي عليه سوى والدته
تعود منى إلى إدنبره لتواصل حياتها مع ستيوارت وآدم، وتتعرض لمضايقات سليمان الذي يمرض لاحقاً بسبب إدمانه الخمور والمخدرات.. وتحت وطأة الموت يتغير سليمان ويصبح أكثر إنسانية فيتقبل ابنه آدم ويقبل بطلاقه من منى

غير أن وعي القبيلة يلاحقها إلى لندن عندما تُفْضَح علاقتها مع ستيوارت، إذ يحضر عمها سالم "المثقف" إلى أسكتلندا بحثاً عن عمل، ليكتشف أنها تعيش مع ستيوارت تحت سقفٍ واحد بدون عقد زواج رسمي فيترك منزلها غاضباً، ويبلغها أنه لن يخفي عن أسرتها طريقة حياتها إن سُئِل عن ذلك

تصاب منى بالذعر خوفاً من دخول غبارٍ أسود إلى حياتها، فقد "رجعت قيم القبيلة لتنفخ بوق الموت ولتبعثر فينا العفن والجفاف" (ص 431). وهكذا تقرر هجر منزلها وطفلها وتذهب للسكن وحدها وتصفي مشروعها وتبدأ بعمليات تجميل لإخفاء ملامح شخصيتها الأولى، ثم بعد ذلك تطلب تغيير اسمها ليصبح سارا ألكزندر. وأثناء هذه الفترة يصل إلى مدينتها عمها عامر ليلاحق "شرف العائلة المنتهك"، لكنه يفشل في العثور عليها، فيتسلى بارتياد علب الليل


"لم أعرف أن رمادي سيشتعل يوماً ويحرقني إلى أن تتلاشى منى وتبعث من رمادها مسز مكفيرسون، لترجع هذه للاحتراق والاشتعال مع الرماد القديم لتُبعث من رماد الاثنتين سارا ألكزندر

شكَلني ألم النساء الثلاث وفتح جسدي على ما لم تحس به أجساد المطمئنين" (ص 6)


تعود منى بعد عامٍ من الهجر لتعيش مع ستيوارت وآدم وجودي الطفلة التي كانت حملت بها من ستيوارت وأنجبتها أثناء هجرتها بعد ذلك تقرر سارا أو منى أو مسز مكفيرسون إكمال دراستها الجامعية فتتخصص في دراسات المرأة في الشرق الأوسط، ثم تعود بعد سنوات إلى بلدها للمشاركة في مؤتمر دولي حول حقوق الإنسان تشارك فيه أختها سناء وعمها سالم أيضاً. وللمفارقة، فإن أحداً لا يتعرف عليها، بل إن شقيقتها سناء تدعوها إلى منزلها لأن صوتها يشبه صوت شقيقة لها اسمها منى اختفت في أسكتلندا ولم يعد يُعثر لها على أي أثر

تحفر عفاف عميقاً في بنية هذا المجتمع البطريركي تبحث في ما خلفه على نفسية الرجل قبل المرأة، فكل رجال هذا المجتمع هم رجالٌ ضعفاء من الداخل وإن كانوا قساة غليظي القلب تتحكم فيهم عقدة الذكورة والخوف من الإخصاء

لا يتمثل هذا في شخصية محروس الذي سوف يعذبه ضعفه الجنسي المؤقت بل في كل شخصيات العائلة والمجتمع، الأب الذي تزوج على زوجته المهووس بالجنس والفحولة ولا يجد في سبابه سوى قاموس الشتائم الجنسية، وعمها عامر الذي لا يكف عن ملاحقة النساء ليل نهار لإشباع شهواته، وشقيقها من أبيها عبود على شاكلة العم عامر، والعم سعيد الموظف الفاسد في الجمارك ويخطط للترشح للبرلمان الذي أنجب سبعة أطفال من زواج "صفقة"، والأخ منصور الذي درس في الخارج الهندسة ثم عاد "ميتاً- حياً" ليخضع لرغبات والده ويتزوج من مطلقةٍ ثرية وينجب نصف دستة أطفال ليستوي بذلك الذين يعلمون والذين لا يعلمون

ونساء هذا المجتمع عند عفاف مستلبات تماماً، يستوي في ذلك الأم الأمية "أم منصور" التي تقبل بالخضوع لزوج "بغيض"، ومدرسات المدرسة اللواتي لا يجدن في العمل سوى راتبٍ يتقاضينه آخر الشهر، وشقيقتها منال التي تركت عملها لتتفرغ لإنجاب الأطفال، والنساء العربيات المهاجرات في أسكتلندا حبيسات المنازل والأفكار والتقاليد ورغبات الزوج


وهو مجتمعٌ تسوده ثقافة القهر والفساد والفهلوة والقيم المادية وتنعدم فيه القيم الإنسانية تماماً، فإنسان هذا المجتمع لا ينظر إلى العمل إلا بوصفه قيمة مالية ومدخلاً للسرقة والفساد كما يفعل الأب عندما يتحسر على عدم استغلاله لحرب 1967 لسرقة مخازن الجيش

مجتمعٌ يعاني من انفصامٍ في القيم، إذ يحق للذكر أن يفعل ما يشاء في حين تُحاسَبُ المرأة وتسقط عليها كل ظنون وشكوك وخطايا الذكر لأقل فعلٍ إنساني، وهو مجتمع منفصم أيضاً يمارس فيه الإنسان سراً غير ما يبديه علانية وقيمه تنحصر في مفاهيم جنسية، فالشرف هو غشاء البكارة وهو أعضاء المرأة الجنسية حصراً، أما السرقة فهي شطارةٌ وفهلوة
وهو مجتمعٌ يقهر نفسيات أشخاصه، فالمرأة ليست مستلبةً فقط بل وعصابية تفرغ كل قهرها بممارسة العنف على أطفالها أو تلاميذها في المدرسة. والرجل ليس بأفضل حالاً، فهو ذكرٌ يعاني عقداً نفسية عميقة جراء انسحاقه من السلطة ويفرغ كل ساديته على زوجه وأطفاله، أو هو رجلٌ مستسلم خانع مثل الأخ منصور الذي اكتفى من حياته بإنجاب أكبر قدرٍ من الأطفال

تعاهد منى أو عفاف أو سارا، حبيبها ستيوارت في نهاية الرواية على أن تبقى امرأةً لا تتنازل عن حقها لأجله وأجل أطفالها وكل الذين تحبهم، أن تبقى منى التي لن تتنازل عن حقها وأن يبقى صوتها عالياً

ولعل عفاف البطاينة وفت بوعد هذه المرأة عندما كتبت رواية أسمعت فيها صوتها وصوت الذين لا صوت لهم.. حتى لمن لا حياة فيهم

تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator