المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

مراودة





كم يقصرُ العمرُ حين يلثم ثغرُنا يدَ الحياة
كم تلهبنا سياطُ القلق حين نبذرُ حنطة العشاق ونقطن منازلَ الألوان
فالنجوم استقالت من معسكرها العلوي، والمدينة لم تعد تلقي بتعاويذ الشغف على العابرين
حتى الابتسامة التي سقطت على العشب لن تُسترد
عزاؤنا الوحيد هو أننا لم نُلبس التاريخ طاقية الإخفاء، ولم ننس إيكاروسَ وهو يقتحم مدارَ الشّمسِ
هكذا نَمَت لنا في هذه المدونة أجنحة طرنا على بساطها أربع سنوات كاملة
هكذا التقي حبري على ورقكم، حتى تَجَرَّحَتْ بالعطرِ أرجاءُ المكان
في هذه المدونة دوَّنت أسماء أحبتي لأثبت أني كنت يوماً ما على قيد الحياة
وأنا غريبٌ لا سبيل له إلى الأوطان، ولا طاقة به على الاستيطان
سيف الظمأ في فمي، والنخلة الوحيدة لا تشرب صهد الصحراء
ثمة ليل نهمٍ للخوف يترصدني، يبعثرني مثل ريح مصابة بالصداع، قبل أن يستخرج جمرةً من الصدر حسبتُها منذ دهورٍ رماداً
البعض يصلي الظهر، والبعض الآخر يصلى القهر
لكنني ارتديتُ معطفَ اللغة التي تأخذني إلى ظل الماء الدافق والواثق، ثم تنهض في ندى شفاف كالأرواح لتعانق صفصافةً فوقها تتمزقُ الغيوم كأقمشةٍ بالية
عند مفترق الطرق كتبنا، ونفضنا طحالبَ الوقت حتى تتساقط الأزهار لتنام في راحة اليد
ولأننا مشاغبونَ بالفطرة، فقد سطرنا كلمات تأخذ شكلَ ألسنة طيور وركضنا فوق كرومٍ تعيدُ تشكيلَ الحياة
صدمتنا التفاصيل الصغيرة، لكننا على الأقل دخلنا غرفة المعرفة وتحسسنا جدرانها بحثاً عن زر الإضاءة
خضنا معارك في ساحة الوعي، واستبسلنا في نصرة الحقيقة، ولم ننتظر الأوسمة
والمدونون نوعان: كاتب.. وكاذب
هناك من يدخل من باب الضوء الضيق، ويمشي الزقاق إلى حدود الأرض.. يمضغ قلبه بالموهبة والبديهة الحاضرة ويلوك عينيه الغائرتين لينظم قصيدة
وهناك حشوة الفلين في الطرد الذي يسلمه عامل البريد السريع، والمرأة التي تتغنى بشعرها المستعار، وثرثرة الهاتف التي تفرز تعليقات سمجة وأكاذيب مهشمة
بعض الكتابة جناية: بارودٌ متخثر في بنادق صدئة يكرهها الجدار
وبعض التدوين ابتلاء: حراسُ أضرحةٍ يُعِّمدون بدموعهم هول الضحايا
وبعض الحديث هذر: فخٌ مُحكَم من الثرثرة يُذيقك مرارة الهدر
وبعض الأقلام تائهة: أضواء فلورسنت رخيصة في مطعم للوجبات السريعة
إنها لعنة الغفلة، كمن يبحث في جيوبه عن آخر القطع المعدنية أمام آلة دفع الرسوم
وكلما ضاعت أهدافك كلما قتلت نفسك، وغرقت في نومك كإصبع معقوف
أما نحن، فقد راودنا النصوص وواجهنا اللصوص
أكملنا "أثرياء مصر زمان.. والآن" عن رجال الأعمال الذين صنعوا المال ولم يصنعهم، وأبناء الرغبةِ في الفراغ الذين تَتمايل مُؤخِراتُهم في الهواء بخفَّةٍ
واصلنا "كتاب الرغبة" عن نساء كانت خطيئتهن الوحيدة هي البوح
جميلات يُولَدُ ألفُ ربيعٍ شهيٍّ على شفاههن، وحين يشَفّهُن البوحُ يتمردن على العزلة، ليصبحَ مشيُهن نوعاً من الطيران الخفيف، فالجسد العاري سيرةٌ ذاتية تمتص النزوات كمنديل ورقي
وعندما تكونُ امرأة سعيدة، يهدهدُ ضياؤها الأحلام
تذوقنا "الصورة إن حكت: لن يمروا".. كم يعلمنا العنكبوت قوة النسيج وهو يتصنّعُ الهدوء، وتلقننا الرئة الحرة دروساً في التنفس
لم يكن هذا كل شيء
كانت حكاياتنا بدوية تضع الكحل حتى تصير قيثاراً يوقظ غبش الفجر
وكرت حبات السُّبْحة
"فتوات تحت الطلب" عن الذين نقشت عليهم الشَّمسُ لهبَها، فأشعل بعضهم الحرائق وسقط آخرون في وحل الرصيف
"البحث عن وزير" عن قوانين اقتناص الكراسي المستظرفة، على وزن الأواني المستطرقة
هؤلاء الذين يجلسون فوق المقاعد الوثيرة دون أن ينطقوا بملاحظة أصيلة ولو مرة واحدة في حياتهم
"الإدارة العاجزة" عمن لا نخشى نارهم ولا نطمع في جنتهم. عن هؤلاء الذين يشبهون بطانية أو حقيبة إسعاف أولية لا تجديان نفعا
نافذون في النهار، ينامون على أرق يطول؛ لأن أصوات الشارع تقلقهم
كيف يحقق العاجز معجزة؟
"ذئاب الفصول" عن تلك النظرة الضيقة الخبيثة، والبراءة التي تخشى ضلال الأصابع بين أربعة جدران، وتلك المقاومة الطويلة المضنية للنصل والأنياب في مقاعد الدراسة
"قضية الراهب المشلوح" عن الذين أغلقوا الأيام خلف نهارهم
والليلُ مصباح العمى، والأبيض أمنية الضرير
"جرائم المعطف الأبيض: جنس وقاصرات.. وفياجرا" عن أطياف الملائكة الذين صاروا أشباه شياطين
"جنس الإخوة" عن الرجال الذين أذعنوا للكبت والكراهية
ما أصعب اقتلاع سنّ من لثّة متورِّمة
"صعود على مهل" عن المدن التي ترتعش كأمنية، والموسيقى الهادئة التي تبطىء بشكل غامض إيقاع العالم
وكلما كتبنا أكثر، كلما أصبحت الأحلامُ أغنى والأفكار أغلى، وتطهرنا من تسعة أعشار ذنوبنا
وكان لابد للشجرة من ثمار
أنجزنا كتاب "جرائم العاطفة في مصر النازفة" عن انطفاء القلوب العارية، وعربدة القراصنة في الأجساد المستباحة، وكهرباء الصاعقة التي تسمم الذكريات
روح الانتقام طفل بليد يمزق دفاتر الفروض المدرسية، وقاتل مأجور يحتفظ بالموت في صندوق سيارته السوداء، وينتظر اللحظة المناسبة للتفريق بين حبيبين يوشكان على العناق بعيداً عن الأنظار
وأصدرنا كتاب "يوميات ساحر متقاعد" عن العاشق الذي يعرق بكلمات ترشح من مسام قلبه، والقبلات الطائشة التي ترقد بسلام في مقبرة الذكريات، والسيدات الموسومات بالعشق، اللاتي يطرحن بعد المضاجعة السؤال السخيف ذاته: "هل تحبني؟"
ونشرنا كتاب "فيلم مصري طويل" عن الأشباح اليومية في أوطاننا التي تجعل القهوة دائماً سيئة المذاق
ها نحن نشرب نخبَ أيام مضت، نحتفي بالمنفى ونرقب من خلف الستائر سفينة تغمرها طمأنينة عدم الوصول
أيها الصيادون: وحدها المحارات المغروسة عميقاً تحمل اللؤلؤ
تابع القراءة

gravatar

كتاب الرغبة (23): الحريم.. والحريق



هذه سيرة ذاتية مكتنزة بالشخصيات والأحداث والتجارب والأمكنة
من خلف حواجز الزمان تفتح فاطمة المرنيسي كوة تطل بها على الماضي، الذي يفر من بين أصابعنا كساحرةٍ فزعة تغادر القصر حين يبزغ ضوء النهار
إطلالة على نساء يهبن العشب خضرته ويسمحن للسماء بالزرقة، في وجه رجالٍ حظروا الألوان وصادروا رحيق الزهور
يعبر كتاب "نساء على أجنحة الحلم" (فاطمة المرنيسي، ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل، منشورات الفنك والمركز الثقافي العربي، 1998) عن السيرة الذاتية للكاتبة منذ بداية طفولتها وإدراكها بشكل خاص، من خلال أحداثٍ وأحاديث عن العلاقات والمحرم والمباح من الأفعال والأقوال، وخصوصاً ما يتعلق منها بالحريم المغربي
وبأسلوب سردي ممتع ومميز، تصف فاطمة المرنيسي نشأتها وطفولتها وعائلتها الكبيرة، لتلقي الضوء في الوقت نفسه على مجتمع المغرب، بعاداته وتقاليده إبان احتلال الإسبان والفرنسيين لشمال وجنوب المغرب. وهي تأخذ بيد القارىء في جولة بين ساحات المغرب وأزقته، حتى يكاد يسمع أحاديث العابرين ويدق أبواب القصور ويتأمل نجوماً تشبه النمش. السرد محكم وقوي، ومتشابك بشكل متناغم ودقيق، والتسلسل يسحرك، كأنه رملُ ثدي يلسع شفة ظمآنة
وكتاب "نساء على أجنحة الحلم" يمثل تشريحاً دقيقاً لعالمٍ تعيش فيه نسبة لا يستهان بها من نساء العرب، وهو عالم مطبوع بسيادة مجتمع ذكوري اختار إقصاء المرأة بوصفها لا تصلح إلا لإرضاء الشبق وإنجاب الأطفال

وفاطمة المرنيسي أستاذة في جامعة محمد الخامس بالرباط، درست العلوم السياسية في جامعة السوربون في فرنسا، ونالت شهادة الدكتوراه. وهي في الوقت نفسه من الجيل الذي عاش عصر الاستقلال وشهد أحلام المغاربة وإحباطاتهم. إنها من جيل النساء اللواتي عشن في عالم فرض حدوداً لرقابة صارمة للمرأة، لكنها كسرت كل تلك الحدود وسافرت إلى فرنسا لاستكمال تعليمها العالي، ولدى عودتها قررت أن تنبش في المحظورات لتعريتها والكشف عن خباياها
درست القرآن الكريم لتدافع عن بينة عن حقوق المرأة وهذا ما قادها إلى تأليف كتاب "الحريم السياسي: النبي والنساء" الذي نشر سنة 1987، وهو الكتاب الذي صادرته الرقابة آنذاك. ولم يكن هذا الكتاب هو الوحيد الذي طالته الرقابة، بل صادرت كذلك أطروحتها المعنونة "الجنس كهندسة اجتماعية"، وكذلك كتاب "الحجاب والنخبة الذكورية"
وعبر صفحات "نساء على أجنحة الحلم"، نطالع تفاصيل مثيرة عن الحريم المغربي في مدينة فاس خلال أربعينيات القرن العشرين من وجهة نظر طفلة في السابعة من عمرها، ونتابع حكايات عن العزل والكبت الذي كان يمارس على النساء. الرجال الذين كان بعضهم يقلد رودولف فالنتينو في الشارع، كانوا يرتدون زي البطريرك في المنزل، حتى تفر الأوردة من قلوب النساء
وبالرغم من ذلك، فإن تلك الفترة شهدت صراعاً في معسكر الحريم بين فريقين: الأول مهموم بفكرة التغيير والتحرر، والثاني رفع راية الاستسلام والاستكانة لواقع المرأة وماضيها
وكما أن النساء كن حبيسات سجن "الحريم"، كان الرجال أيضاً محاصَرين من قبل الجنود الإسبان في شمال المغرب، والفرنسيين في جنوبها: "كان الجنود الإسبان مرابطين شمال مدينة فاس، وحتى أبي وعمي اللذين كانا من أعيان المدينة ويمارسان سلطة لا تناقَش في البيت، كانا مجبَرَين على طلب الإذن من مدريد لحضور موسم مولاي عبدالسلام بالقرب من طنجة على بعد ثلاثمائة كيلومتر من مدينتنا" (ص 10)
يحدث هذا مع أن الحروبَ يصنعها الرجال، ويخوضها الرجال.. أما النساء فنصيبهن هو ارتداء السواد
المفارقة هنا أن الرجل يبدو مشغولاً بحجز النساء في البيت الكبير، لكنه لا يظهر تململاً من وجود الأجنبي المحتل. المرأة وحدها تخترق حاجز الخوف فتعلن المقاومة، في حين تكاد تغيب صورة الرجل في الصراع ضد الأجانب

ومع ذلك، فقد كانت المرأة في نظر كثيرين مجرد عورة يتعين سترها، وخاصرة رخوة للرجل الذي يتولى حمايتها ورعايتها، قبل أن يغرق في النوم مثل إصبع معقوف

وفي البدء كانت الحدود
"يقول أبي بأن الله عندما خلق الأرض وما عليها فصل بين النساء والرجال، وشق بحراً بكامله بين النصارى والمسلمين، ذلك أن النظام والانسجام لا يتحققان إلا إذا احترمت كل فئة حدودها، وكل خرق يؤدي بالضرورة إلى الفوضى والشقاء" (ص 9)

ونتابع في الكتاب رحلة نساء "الحريم" بحثاً عن طريقة تخلّصهن من سجنهن، وتمكّنهن من رؤية العالم عبر نوافذه الواسعة، فهن حين لا يستطعن قهر سلطة "أحمد" حارس باب "الحريم"، يحلّقن بخيالهن ليكتشفن العالَمَ خارج جدران الحريم: "غير أن النساء كن مشغولات باختراق الحدود، مهووسات بالعالم الموجود خارج الأسوار، يتوهمن أنفسهن طيلة النهار متجولات في طرق خيالية" (ص 9)
أيُ نارٍ تضطرم وأي توقٍ يتقد في شبكة عروقنا الحمراء، حتى تصير قطاراً لا نزول منه؟
تريد المرأة أن تكون دُرة، ويختار رجالٌ أن تبقى مجرد صدَفة. هنا يكمن التحدي، فإما أن تتحقق المرأة وتتحرر، وإما أن يتحجر قلبها في صراع المسافات من أجل بيت وزوج
"إن الحدود لا توجد إلا في أذهان الذين يملكون السلطة، ما كان بإمكاني التأكد من ذلك في عين المكان لأن عمي وأبي كان يؤكدان بأن النساء لا يسافرن، فالأسفار خطيرة والنساء عاجزات عن الدفاع عن أنفسهن" (ص 11)
فكرة العجز التي يرددها الرجال، قد تكون مقنعة بما يكفي لكثيرٍ من الضحايا اللاتي يجذبهن مغناطيس الضعف
يحتل المكانُ الجزءَ الأكبر من السيرة، إذ إنها قائمة على وصف مجتمع "الحريم"، ومعاناة المرأة فيه. معاناة تتجلّى في أمور عدّة: أولها، عدد ساكنيه، حيث عاشت فاطمة المرنيسي مع والدها ووالدتها وأخويها، وعمها علي وزوجته وأبنائهما السبعة، وأخت زوجة عمها التي كانت تأتي لزيارتهم من الرباط وتقيم أحياناً ستة أشهر كاملة بعد أن اتّخذ زوجها زوجة ثانية، وجدتها للا مهاني، وعمتها حبيبة. وثانياً: الانضباط والصرامة في ممارسة العادات المتوراثة، كتقبيل يد الجدّة مرتين في اليوم صباحاً ومساء، واحترام التقاليد حتى في أصغر شؤون الحياة: "كان مدخل دارنا حدوداً حقيقية محروسة كتلك التي توجد في عرباوة، وكنا بحاجة إلى إذن للدخول والخروج، كل تحرك كان يستلزم تبريراً، وكان عليك احترام المراسيم كاملة للتوجه نحو المدخل. إذا قدمت من الباحة عليك أن تسير في ممر طويل لتجد نفسك أمام (أحمد) البواب، جالساً على حشيته وكأنه يعتلي عرشاً وصينية الشاي أمامه" (ص 29)
والحارسُ يجعل البيوت والأشجار تختفي على وقع مشيته السريعة

خلال إقامتها في ضيعة جدتها "الياسمين"، تبدأ فاطمة المرنيسي بالموازنة بين "حريم" فاس الذي ولدت وعاشت به، وبين "حريم" الضيعة، فتقول: "حريم الياسمين ضيعة كبيرة مفتوحة دون أسوار، أما حريمنا نحن بفاس فهو أشبه بقلعة" (ص 47)
تقع المظالم على النساء في الأيام الباردة كمقص، تاركة وراءها التفاصيل التي تضع على أحداقِ الزهرة المهملَة دمعاً لا يجف
"عمتي حبيبة التي طلقت وطردت من بيتها دون سبب من طرف زوج كانت تكن له كل الود، تزعم بأن الله بعث بجيوش الشمال ليعاقب الرجال على عدم احترامهم للحدود التي تحمي الضعفاء، والإساءة إلى امرأة تعد تخطياً لحدود الله، ذلك أن الإساءة إلى الضعفاء ظلم، وقد بكت عمتي حبيبة طيلة سنوات" (ص 11)
بعض النساء يتزوجن الغبار
يتدرّج نمو وعي فاطمة تجاه ما يسمى بـ"مجتمع الحريم"، ورفضها له، من خلال علاقتها أولاً، بأمها التي كانت تحمل في داخلها بذور التمرّد على واقعها، وكانت ترفض الخضوع لسلطة "الحريم"، وهو الأمر الذي كان يعرضها لانتقادات للا مهاني الدائمة
كان الهواء يطوف في قميص روحها الثائرة
لم تكن الأم تلتزم بموعد الإفطار الجماعي لساكني "الحريم"، بل تجهّز إفطارها قبيل صلاة الظهر، وبالتالي لم تكن تشارك الجميع في وجبة الغداء. كما أنها كانت تصرّ دائماً على التمتع بحقوقها كاملة، حيث كانت تشغل مساحة من "الحريم" مطابقة للمساحة التي يشغلها أخو زوجها دون مراعاة للفروق في السن وعدد الأولاد والمكانة الاجتماعية للاثنين. ويتضح ذلك أيضاً من خلال وصف فاطمة المرنيسي ليوم ولادتها هي وابن عمها سمير: "ولدت أنا وابن عمي في نفس اليوم، ذات ظهيرة من أيام رمضان الطويلة، رأى النور قبلي في الطابق الثاني وكان سابع أخوته، أما أنا فقد ولدت بعده بساعة في حجرتنا بالطابق السفلي، وكنت بكرة والدتي. ورغم الإعياء الذي كان بادياً عليها عقب الوضع، أصرّت أمي على أن تطلق النساء نفس الزغاريد ويحتفلن بنفس الطريقة التي استقبلن بها سمير، لقد رفضتْ دائماً تفوّق الذكور وعدّته عبثاً وأمراً متناقضاً مع الإسلام والحق، ولذلك كانت لا تفتأ تردد: (لقد خلقنا الله جميعاً متساوين)، فصدحت الدار تلك الظهيرة مرة أخرى بنفس الزغاريد والأغاني حتى اعتقد الجيران بميلاد ذكرين" (ص 16-17)


للا طُهُور، زوجة جدها التازي الوحيدة التي كانت تنتمي إلى عائلة أرستقراطية في فاس "كانت تقول أحياناً بأن المرأة تكون محاصرة في حريم عندما تفقد حرية التحرك، أو أن الحريم مرادف للشقاء لأن المرأة تقتسم فيه زوجها مع أخريات، وفعلاً كان على الياسمين أن تنتظر ثماني ليال كاملة قبل أن تداعب زوجها خلال ليلة واحدة: "ومداعبة الزوج شيء رائع. حسب قولها – إنني سعيدة لأن نساء جيلكن لسن مجبرات على اقتسام أزواجهن" (ص 41)
مع كل صباح، يطارد المتفائلون طائر الأمل، فقط لأن أيام الضباب بلا بريق
"يرى فريق من الكبار بأن الحريم شيء جيد في حين يزعم الآخرون العكس. تنتمي جدتي للا مهاني وأم شامة للا راضية إلى المعسكر المناصر للحريم، أما أمي وشامة وعمتي حبيبة فتنتمين إلى المعسكر المعارض. غالباً ما تبدأ للا مهاني النقاش بقولها بأن المجتمع ما كان ليتقدم أو ينجز عملاً لو لم يفصل بين بين النساء والرجال: "لو كانت للنساء حرية التجول في الأزقة، حسب قولها، لتوقف الرجال عن عملهم لأن اللهو سيستحوذ على تفكيرهم، ولسوء الحظ فإن المجتمع لا ينتج غذاءه وما يحتاج إليه عن طريق اللهو. إذا ما رغبنا في تجنب المجاعة على النساء أن يلزمن مكانهن أي البيت" (ص 48)
كم يكون القلق على وجه التمثال مُـزَيِّفاً
" تذاكرت أنا وسمير حول المقصود "باللهو"، واستخلصنا بأنه يرتبط بالجنس حين ينطبق على الكبار، كنا رغم ذلك نود التأكد فعرضنا الأمر على ابنة عمتنا مليكة التي قالت بأن الحق معنا، سألناها وكلنا آذان صاغية: "وما هو الجنس في رأيك؟"، بطبيعة الحال كنا نعرف الإجابة ونود اختبارها. تخيلت مليكة بأننا نجهل كل شيء ورمت بضفيرتها إلى الوراء وجلست على المضربة ووضعت وسادة على ركبتيها كما يفعل الكبار وقالت ببطء: "في ليلة الزفاف يبقى العريس والعروسة وحيدين في غرفتهما، يدعو العريس العروسة إلى الجلوس على الفراش، تتشابك أيديهما ويحاول أن يجبرها على النظر في عينيه ولكنها تقاوم وتخفض بصرها. إنه أمر بالغ الأهمية، أن تكون العروس جد خجولة ومرتاعة. يقرأ العريس قصيدة وتستمع إليه عيناها لا تبرحان الزبية، وأخيراً تعلو الابتسامة محياها فيقبل جبينها، ويظل بصرها خاشعاً فيقدم لها كأس شاي، تنهله بتأن شديد، يستعيد الكأس منها ويجلس بجانبها ويقبلها على .. على ..". تقرر مليكة، التي تعرف أننا نتحرق شوقاً لمعرفة موضع القبلة السكوت في تلك اللحظة الحاسمة. القبلات على الجبين أو الخد أو اليد اعتيادية أما القبلة على الفم فتلك قصة أخرى!" (ص 48-49)
سيفٌ من شوقٍ أغمدته الراوية في عروق رغبتين خارجتين للتو من شرنقة البراءة
إنه الخيال الذي تحرقنا قبلاته وتخمشنا مخالبه، فلا يشبع جوعه غير اللذة. والجسد عاجٌ شقي كصراخ طفل
وحين تستشعر مليكة الخطر تتابع حديثها بسرعة عن ليلة الزفاف قائلة: "يقبل العريس عروسه على الفم وينامان معاً في فراش حيث لا يراهما أحد". توقفنا عن الأسئلة لأننا كنا نعرف البقية، يتجرد الرجل والمرأة من ثيابهما، يغمضان الأعين وبعدها يغدو لهما طفل" (ص 49)
والأرحام سرير واسع يرتدي ثوب القداسة
لكن السجينة تستفيقُ كل صباح جنيناً منَ الرِّمالِ
"إن الحريم محكوم بفكرة الملكية الخاصة والقوانين التي تسيّرها" (ص 71)
ملكية أشبه برمادٍ هش لسيجارة، أو حطام قاربٍ أنكره البحر حتى يئس من فرص النجاة
"كانت عمتي حبيبة متأكدة بأن كل واحدة منا تملك في داخلها نوعاً من السحر، ينغرس في أكثر أحلامها حميمية: "حين تكونين سجينة دون حماية وراء الأسوار، ومحاصرة في حريم، تحلمين بالانفلات، يكفي أن تعبّري عن ذلك العالم لكي ينفجر السحر وتختفي الحدود. بإمكان الاحلام أن تغير حياتك، كما أن بإمكانها أن تغير العالم في النهاية. التحرر يبدأ حين ترقص الصور في ذهنك الصغير وتسرعين في ترجمتها إلى كلمات، والكلمات لاتكلف شيئاً!". كانت لا تفتأ تردد علينا بأننا جميعاً نملك هذه القوة الداخلية وما علينا إلا التصرف بها
"سأكون قادرة أنا الأخرى على إزالة الحدود" (ص 125-126)
تبدو الحرية، لنساء أسرهن هذا المفهوم، ضرباً من الأحلام المستحيلة، ولهذا يلجأن إلى محاكاة أولئك الذين يتمتعون بها. تقوم بهذا الدور شامة، إذ تعيد عبر التمثيل عالم الحرية الخارجي داخل أسوار بيت الحريم، ومصادرها الكتب الخرافية والسحرية والإذاعة التي يُسترق إليها السمع سراً، حينما يخلو البيت من الرجال. ثمة عرض تمثيلي شبه يومي تتعهده شامة أمام الحريم اللواتي يتماهين بسهولة مع الأحداث والشخصيات التي تقوم بعرضها تمثيلياً، أو بروايتها. والحكاية الأثيرة مستلة من كتاب "ألف ليلة وليلة"، وهي حكاية الجارية بدور وبحثها عن الحبيب الغائب


تُغرم شامة بتقمص دور المغنية أسمهان فتوقد شرارة الأحلام في أفئدة الحريم، إذ تحاكي تنهداتها الحبيسة التي تحمل النساء على أجنحة الأحلام إلى فرسان غائبين إلى الأبد
والموسيقى، فردوس الوضوح، وجنة التعبير عن الشغف أو الحنين
وصوتُ أسمهان يرمي فتنة في قلوب نساء مضطرماتٍ كألسنة اللهب، حتى وإن كن حبيسات برج المخاوف. غناء يقودك ببساطةٍ آسرة إلى أعماق غابةٍ واسعةٍ لا يبلغها فأس
كان صوت أسمهان يصل عبر الأثير إلى الحريم خلسة، فيستدرج نصيبهن من الآهات ويؤجج الرغبات الخفية، فتعلن عن نفسها في جو احتفالي راقص حول نافورة الدار. كانت أغنية "أهوى.. أنا أهوى" تثير رعدة في الأجساد ورغبة في النفوس، وهكذا "فإن الطرب يبلغ بالنساء مداه، وكانت كل منهن تتخلص من خفيها، وترمي بهما، ويرقصن حافيات حول النافورة، الواحدة تلو الأخرى، وهي ترفع قفطانها بيد وتضم إلى صدرها باليد الأخري حبيباً متخيلاً" (ص 144)
غزت أسمهان قلوب الحريم، على النقيض من أم كلثوم التي تترفع عن فضح الضعف الإنساني، وتتخطاه بسهولة تحسد عليها الرقة الأنثوية. وفي مجال المقارنة يبدو تأثير أسمهان أشد وقعاً في نفوس الجيل الثاني والثالث من الحريم. فضلاً عن ذلك، فإن شامة تعرض لأفكار: عائشة التيمورية، وزينب فواز، وهدى شعراوي، وهن رائدات المطالبة بحرية المرأة
أصوات تنشد الحرية المأمولة، وتتطلع إلى عصر لا تكون فيه العاشقة كسيرةً وحيدة
وفي زمن الأحلام، يسطع بهاء السينما، مثل أكوام من الرغبات المدفونة
"في السينما كان الحريم يشغل صفين بكاملهما، وكنا نحجز تذاكر أربعة صفوف حتى يظل الأول والأخير منها خاليين، فلا يكون هناك مجال لمشاهد ذي نوايا سيئة غير محترمة، لئلا يستغل الظلمة ويقرص إحدى السيدات المنصرفات بأكملهن إلى قصة الفيلم" (ص 133)
غير أن البراعم تنمو، لتتفتح وردة المعرفة..والأشواق أيضاً
"كان الكبار يعاملوننا على السطح أنا وسمير كما لو كنا نجهل كل شيء عن الحب والأطفال، ولعلهم كانوا يعتقدون بأننا لا ندري شيئاً عن أهمية الجمال لنيل حب الجنس الآخر" (ص 191)
وفي إحدى جلسات تلقي دروس من للا الطام قالت للأطفال شارحة عن مرحلة البلوغ إن صوت الأطفال الذكور سيغلظ "أما نحن الطفلات فسينمو لنا ثديان حسب تنبؤات للا الطام، وسنحيض مرة في الشهر، "حق الشهر" هذه عبارة عن إسهال دموي عادي لا يسبب ألماً ولا داعي للخوف منه، خلال فترة الحيض علينا أن نضع فوطة بين الفخذين حتى لا يلاحظ أحد شيئاً
"حين عدت إلى البيت طلبتُ من أمي تفاصيل إضافية بشأن هاته الفوطة التي نضعها بين الفخذين أو "الكدوار" حسب تعبير للا الطام. سألتني وكأنها أصيبت بصاعقة: "من حدثك عن "الكدوار؟" كان صوتها المبهم الذي يبدو هادئاً ينذر بالانفجار، ولكنها حين أحست بأنني لن أنبس ببنت شفة إذا ما عنفتني غيّرت طريقتها وغدت تسألني برقة كما لو كانت تحادث امرأة مساوية لها. ويبدو أنها كانت مهتمة بمعرفة هوية الوحش الذي قدم إلي هذه المعلومات المبكرة. دهشت حين عرفت بأنها الفقيهة للا الطام" (ص 204)

وبعد استماعها إلى ما قرأته أمامها شامة من كتاب "مروج الذهب" للمسعودي عن تأثير البدر في تمامه على الكون، تناجي فاطمة نفسها: "كنت أقول في نفسي بعده: يا إلهي! إذا كان بإمكان القمر أن يفعل كل ذلك، فبإمكانه أيضاً أن يطيل شعري ويبرز ثديي اللذين لازالا ضامرين. لقد لاحظت بأن مليكة غدت منذ فترة وجيزة تحرك كتفيها بطريقة جميلة، وتخطو كالأميرة فريدة قبل طلاقها. لا يمكن أن نطلق على ذلك اسم ثديين، ولكن ليمونتين صغيرتين بارزتين شرعتا في النضج تحت قميصها. أما أنا فما كنت أملك إلا الأمل بأن تتغير الأشياء بالنسبة لي في وقت قريب" (ص 207)
يبدأ التحوّل في حياة فاطمة حين تلتحق بالمدرسة بعد أن تنهي مرحلة التعلّم في الكتاتيب، حيث تبدأ شخصيتها بالتبلور، وتبدأ بلفت انتباه المحيطين بها إلى قدراتها: "لقد حفظت عدة أناشيد وطنية تعلّمناها في المدرسة عن ظهر قلب، وكان أبي فخوراً إلى حدّ أنه كان يطلب مني إنشادها لجدتي (للا مهاني) مرة في الأسبوع على الأقل" (ص 212). كما أخذت تتلمّس أنوثتها قبيل بلوغها، فكانت تعتني بالخلطات الطبيعية لتنعيم بشرتها، وبدأت علاقتها بسمير ابن عمها الذي قضت بصحبته أجمل أيام طفولتها، تتّخذ مساراً آخر أشبه ما يكون بالقطيعة نظراً لأنهما أصبحا بالِغَين
"حدثت القطيعة بيني وبين سمير حين كنت في سن التاسعة، وأعلنت شامة بأنني غدوت ناضجة. لقد فهمت آنذاك بأنني غدوت ناضجة. لقد فهمت آنذاك بأن سمير لا يولي اهتماماً للجمال، حاول أن يقنعني بلا جدوى وصفات الجمال، ومن جهتي حاولت إقناعه بأنه لا فائدة ترجى من إنسان يهمل بشرته؛ لأنها الغلاف الذي نحس من خلاله العالم الخارجي" (ص 233)
"وذات يوم احتد خلافنا فاستدعاني بسرعة إلى السطح، وأخبرني بأنه سيبحث لنفسه عمن يلعب معه إذا اختفيت مرة أخرى للمشاركة في إعداد وصفات الجمال النسائية، لكي ألحق به بعدها ووجهي وشعري مطليان بقناع دسم ذي رائحة كريهة" (ص 233)
"كان عليَّ أن أختار بين اللعب والجمال" (ص 234)
واختارت فاطمة الجمال
"..ركزت بصري على نقطة في الأفق وهمست بصوت لا يكاد يسمع، كنتُ آمل أن يشبه نبرات أسمهان: "يا سمير، إني أعرف أنك لا تستطيع العيش بدوني، ولكني أعتقد بأنه آن الأوان لكي تدرك بأنني غدوت امرأة"، ثم أردفت بعد وقفة قصيرة: "يجب أن نفترق!". لتقليد أسمهان، كان عليَّ أن لا أنظر إلى سمير، رغم رغبتي في سبر أثر كلماتي عليه، قاومت الرغبة وصوّبت بصري إلى الأفق ولكن سمير فاجأني: "لا أظن بأنك أصبحت امرأة، فأنت لم تتجاوزي التاسعة بعد، ثم إنه ليس لك نهود في حين أن كل النساء يملكنها". كانت هذه السبة غير متوقعة فقررت أن أرد بالمثل: "سأتصرف منذ اليوم كامرأة سواء كان لي نهدان أم لا، وسأقضي الوقت اللازم للعناية بجمالي، فلبشرتي وشعري الأسبقية على اللعب، وداعاً سمير، بإمكانك أن تبحث عن رفيقة أخرى تلاعبك" (ص 234-235)
في تلك اللحظة، خرجت الطفلة من فم الشمعة كفراشةٍ تحترق
تتجلى القطيعة بين فاطمة وسمير حين يتم طرد سمير من حمّام النساء
"تتجرد بعض النساء من كل ملابسهن ويدخلن إلى الحمام عرايا، أما البعض الآخر منهن فيضعن إزاراً يحزمنه حول الخصر، في حين تحتفظ المتطرفات بسراويلهن فتبدين كالكائنات الفضائية بعد ابتلال الثوب، الشيء الذي يستثير المزاح والتعليقات الساخرة من نوع: "لم لا تضعين الحجاب؟" (ص 237)
"جاء اليوم الذي طرد فيه سمير من الحمام لأن نظراته غدت "نظرات رجل" (ص 252)
ذات نهار، نصبح أكبر من أن نعود إلى الوراء. ننزع قشرتنا وننطلق في الهواء
"صرخت امرأة فجأة وهي تشير بإصبعها نحو سمير: "من هو هذا الشخص؟ إنه لم يعد طفلاً، صدقوني!" أسرعت شامة وأخبرتها بأن سمير لم يتجاوز بعد التاسعة، ولكنها كانت مصممة على رأيها: "قد يكون سنه أربع سنوات ولكنني أقول لكم بأنه نظر إلى نهدي كما ينظر إليهما زوجي". توقفت كل النساء الجالسات حوالينا عن غسل حنائهن وتابعن الحديث، ثم انفجرن ضاحكات حين أضافت المرأة بأن نظرات سمير "جد إيروسية". فقدت شامة صبرها: "قد يكون سبب نظراته إليك هو غرابة نهديك أو أن نظرات طفل تثيرك، وفي هذه الحالة فرزقك على الله". انفجر الجميع ضاحكين بصخب، وأدرك سمير الذي كان واقفاً وهو عارٍ وسط هؤلاء النساء بأنه يتوفر بدون شك على سلطة غير اعتيادية. ضرب على صدره وأطلق ملاحظة تاريخية غدت مثلاً سائراً في عائلة المرنيسي: "لست نمط المرأة التي أحب، إنني أفضل النساء ذوات القامة الطويلة". لم تعد شامة قادرة على الدفاع عن هذا الأخ الأكبر من سنه، خاصة أنها لم تتمالك نفسها من مشاطرة الأخريات ضحكاتهن التي رددتها أصداء القاعة. إلا أن هذا الحادث كان يعني دون أن ندرك ذلك أنا وسمير نهاية طفولتنا" (ص 252-253)
يدرك الاثنان – فاطمة وسمير- بأنه حُكم عليهما، بعد أن دخلا عالم الكبار، بالانفصال عن بعضهما بعضاً، إذ لا يجوز، حسب الأعراف، أن يستمرا في اللعب معاً، لأنهما مختلفان في الجنس: أصبحا رجلاً وامرأة. وهو ما يوقع الحيرة في قلب فاطمة التي تتساءل: "لمَ لا نستطيع الإفلات من قانون الاختلاف؟ لِمَ لا يتابع النساء والرجال لعبهم بعد أن يصبحوا كباراً؟ لم هذا الفصل؟" (ص 254)، فتجيبها مينة الجارية السودانية التي كانت تعمل كطباخة في "الحريم": "لا يفهم الرجالُ النساءَ ولا النساءُ الرجال. ويبدأ كل شيء حين يفصل بين الطفلات الصغيرات والأطفال الصغار في الحمّام. هناك حدود حقيقية تقسم العالم إلى قسمين، وهي ترسم خطوط السلطة، لأن وجود الحدود أينما كانت، يعني بأن هناك نمطين من البشر على هذه الأرض التي خلقها الله: هناك الأقوياء في جانب، والضعفاء في الجانب الآخر" (ص 254)، فتسأل فاطمة مينة: "كيف لي أن أعرف الجانب الذي أنتمي إليه؟ كان جوابها سريعاً وموجزاً وجد واضح: "إذا لم تتمكني من مغادرة المكان الذي توجدين فيه، ستظلين في جانب الضعفاء" (ص 254)‏
هذه البواخر الجميلة الكبيرة، المتأرجحة فوق مياه ساكنة، الشاعرة بالحنين كأنها متعطلة، ألا تسألنا بلغة صامتة: متى نرحل إلى السعادة؟
تقول العمة حبيبة: "تذكروا بأن لا أحد سيعثر على حل لمشكل، إذا لم يطرح الأسئلة"
ها نحن نلقي الأسئلة في بحر متلاطم الأمواج اسمه المستقبل
ها نحن نمشي، وتحت أقدامنا يُولَد الشارع

تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator