المحروسة

gravatar

جنس الإخوة









هؤلاء "الإخوة" الذين نحكي عنهم ليسوا شياطين، لكنهم أيضاً ليسوا ملائكة
فالجنس عقيدةٌ سرية يدين بها كثيرون من الخليج إلى المحيط، ومن هؤلاء أشخاصٌ يبدو من سلوكهم الالتزام الديني، إلا إن كانوا في الخفاء، ومنهم أيضاً أفرادٌ ينتمون إلى جماعات وحركات دينية، ينتصرون علناً على مغرياتٍ لا تنتهي، قبل أن تهزمهم سراً الشهوة بالضربة الفنية القاضية



الأكيد أن هناك من يطابق قوله فعله من حيث الالتزام وحسن الخُلق، لكننا نتحدث عن نماذج لا يمكن تجاهلها أصيبت بتشوهات خطيرة نتيجة التناقض بين كبت مستمر تحت شعار الالتزام، ورغبة مستعرة تلهو سراً فتصنع ما تصنع!


و"جنس الإخوة" - إن صح التعبير، وبعيداً عن السقوط في فخ التعميم- مادة دسمة وثرية تحبس الأنفاس وتثير الاستغراب وتدعو إلى الدهشة، لكنها في النهاية حقيقة واقعة بل وساطعة تستحق التأمل، فاقرأ وتأمل


حاول الآن أن تركز كل أفكارك في مضمون السطور التالية؛ لأنها شهاداتٌ حية عن أشخاص يعيشون بيننا لكن عدداً منهم يصوب على الآخرين سهام التكفير ويطلق على مجتمعاتنا أسماء وألقاباً، لعل أبسطها أنها "جاهلية" من دون أن يملك هؤلاء شجاعة المواجهة وجرأة النظر في المرآة
هنا نضع المرآة في مواجهة هؤلاء "الإخوة"، وبالتحديد عند نقطة شديدة الحساسية وبالغة الدقة ونعني بها الجنس
ربما نستطيع في هذه الحالة أن نراهم بطريقةٍ أفضل، أو على الأقل ندفعهم إلى رؤية أنفسهم بصورةٍ أفضل


تبدأ الحكاية من ميدان رمسيس
وبالتحديد عند ناجي، بائع الصحف والمجلات القديمة الذي اعتاد لسنواتٍ افتراش أرض الميدان ببضاعته الرائجة، طالما أن هناك من يقرأ ويتصفح
ففي إحدى الأمسيات الصاخبة، وبينما كنت أطالع "جديد" ناجي من المجلات الأجنبية القديمة، لاحظت شاباً ملتحياً يرتدي جلباباً تميل قامته إلى الطول، ينحني على ناجي هامساً، وإذا بالبائع ينفعل بشدة لم أعتدها منه وينهر الشاب ويدفعه بيديه طالباً منه الانصراف، لكن الشاب الملتحي بدا لحوحاً، حتى إنه كرر المحاولة. غير أن صوت ناجي علا هذه المرة، الأمر الذي أثار انتباه المارة والواقفين، وأنا منهم

سألتُ ناجي الذي تربطني به صداقة قديمة منذ أن "اكتشفته" في أحد أركان الميدان كبائع واكتشفني في دروب الحياة كزبون دائم، فإذا به يفاجئني قائلاً إن هذا الشاب طلب منه مجلات جنسية. زاد ناجي من مساحة فضولي فاستوضحته الأمر، فقال لي إن هذا الشاب الملتحي يأتي إلى الميدان بين الفينة والأخرى لتصفح المجلات الأجنبية، فإذا رأى صوراً عارية أطال النظر واستحب البقاء في المكان لفترةٍ طويلة، لكنه هذه المرة تجرأ فطلب من ناجي الحصول على مجلة إباحية إن أمكن. غير أن ما لا يعرفه هذا الملتحي عن ناجي الذي كان في أواخر الثلاثينيات من العمر أنه أكثر تديناً وتحفظاً وأنه يمارس رقابة ذاتية على المجلات الأجنبية فيمنع تداول المجلات التي تتضمن صوراً عارية أو تلك التي يشعر بحاسته وخبرته كبائعٍ متمرس للصحف والمجلات القديمة أنها فاضحة في مضمونها


رد ناجي الذي أفحم الشاب الملتحي لم يكن كافياً بأي حال، حيث شاهدت الأخير يحوم حول المكان ذات ليلة من ليالي رمضان 1421 هـ وذلك في منتصف ديسمبر كانون الأول 2000. ومرة أخرى وجدته يهمس في أذنيّ ناجي شارحاً ومستعطفاً. ولدى انصرافه، سألت ناجي عن الجديد الذي جعله يستمع إلى هذا الشاب بأناةٍ وصبر، فإذا به يقول لي إن أخانا الملتحي حكى له كيف أنه متزوج لكنه لا يستطيع مضاجعة زوجته إلا إذا شعر باستثارةٍ أو رأى صوراً توقظُ همته النائمة وتعيدُ إليه صبا الرغبة وشوق اللذة.. ولذا فإنه يأمل في الحصول على مؤونة و"معونة" من تلك المجلات التي تشعل في نفسه رغبةً عارمة. ونظراً لشعور ناجي بالحرج من الموقف فقد تخلص منه بلباقةٍ، وقال له إنه سيرى ما يمكنه فعله لمساعدته في هذا الشأن، لكن ناجي القادم من قلب الصعيد والمقيم في ميت عقبة صارحني بقوله: "لن يجد عندي ما يريد"

وحكاية هذا الرجل تقودنا إلى شخصية أخرى، رواها خالد البري، وهو أصولي سابق يقيم اليوم في لندن، ونشرتها جريدة "النهار" اللبنانية بشأن سيرة الجنس وتدبيره في صفوف "الجماعة الإسلامية" التي انتمى إليها في شبابه. تلقى البري دروسه في أسيوط ودرس الطب في جامعتها وتخرج فيها طبيباً في تسعينيات القرن الماضي. وصل خالد بعد شهور من تجنيده إلى "أمير إخوة ثانوي" في أسيوط، ثم أصبح أحد خطباء الجماعة في كلية الطب التي تخرج فيها بعاصمة الصعيد.. والتطرف. غير أن قراره بعد سنوات بالتحول صحفياً وكاتباً دفعه إلى مراجعةٍ صريحة لمسيرته مع الجماعة

الشاب الذي كان يحلم بزي الأطباء وبريقه، خاض تجربة مهمة مع "الجماعة الإسلامية" استمرت تسع سنوات، تنقل أثناءها من متعاطف إلى عضو، فمعتقل ثم متعاطف. يحكي خالد بسلاسة في كتاب "الدنيا أجمل من الجنة.. سيرة أصولي مصري" (صدر عن دار النهار اللبنانية، ثم صدرت طبعة أخرى عن دار "ميريت" في مصر) كيف تحول من مراهق، ينهي عام 1986 سن الرابعة عشرة، يحب صوت السورية ميادة الحناوي ويعشق أغاني عبدالحليم حافظ، إلى عضو بارز في صفوف الجماعة، حتى أوصله نشاطه إلى السجن الذي خرج منه ليدرس الصحافة والإنثربولوجيا منصرفاً عن ممارسة مهنة الطب

وربما تندهش لما تطالعه في الكتاب عبر فصوله الأربعة المعنونة: الهداية، الجنس، السجن، التمايز
في الكتاب الذي صدر قرارٌ من مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر بمصادرته، يروي خالد كيف تعلم في مدرسة الرهبان الفرنسيسكان، وهو يتذكر "الأُخت أوجنين" وهي تُسمع لهم سورة الحديد، لغياب مدرس الدين، وعدم تهاونها في كسرة أو فتحة
في صباه، كان خالد البري الأضعف بدنياً بين لاعبي الكرة في الشارع، وبدا "الجنزير"، هدية أولى خطوات الاستقطاب الأصولي. "آلة سحرية" في الخناقات. صاحبُ هدية الجنزير سيتلقى 70 عصا "مداً" على قدميه فيما بعد عقاباً على خطأ تنظيمي، وسيُعتقل مرات.. آخرها امتد لسنوات طويلة، في حين سوف "يُدمي" جسد "مثلي إيجابي" بالجنازير أصر على الصلاة إماماً بها، في واقعة شهيرة بأحد مساجد أسيوط

في شهادته عن الجنس في صفوف "الجماعة" يحكي خالد البري كيف كان إعلانه الأول عن نفسه في شارعه بأنه صار ملتزماً إسلامياً ووقوفه في شرفة شقته في الطابق الثاني ممسكاً ببندقية الصيد الخاصة به ومصوباً إياها إلى مدخل العمارة المقابلة حيث كان جيرانه الأولاد والبنات يلعبون "صياد السمك"، حيث يقف لاعبان على مسافة نحو عشرة أمتار ويتقاذفان الكرة بينهما محاولين أن يصيبا بها لاعبي الفريق المنافس الموجوديَن في المسافة الفاصلة. ظل مصوباً البندقية نحو المدخل حتى أصبحت الكرة في مرمى التصويب، فأطلق رصاص البندقية، الأمر الذي جعل الفتاة التي ذهبت لإحضار الكرة تتسمر في مكانها ثم تتراجع إلى الخلف
كان تبرير البري لما فعله أنه يحول بين الشباب وبين الوقوع في الخطيئة مبكراً لأن النظرة بريد الزنى. وقد حكى له جاره الذي يلعب معهم أنه يتعمد إلقاء الكرة بين سيقان الفتيات كي تضطر الواحدة منهن إلى أن ترفع رداءها وتقفز لتفاديها، ويستطيع هو من ثم أن يرى ساقيها وملابسها الداخلية
رأى البري يومها أن هذا أول منكر في الإسلام يتعين عليه يتغيره
غير أنه يعترف بعد سنتين من هذه الواقعة صار يقضي ساعات طويلة من الليل خلف النافذة يراقب هؤلاء الفتيات اللاتي يسكنّ أمامه، متحيناً الفرصة لكي يرى إحداهن تخلع ملابسها أو تنام فينحسر رداؤها عن ساقيها


كان خالد البري يعتقد وهو في سن الرابعة عشرة أن الجنس أمرٌ نمارسه مع من لا نحب، أما من نحب فإن علاقتنا به يجب أن تسمو عن هذا الفعل المشين. وكانت "غزواته" الجنسية قبل ذلك لا تتجاوز التجمع في الخفاء مع أتراب الطفولة لمشاهدة صورة جنسية أو لمعاينة الأعضاء لتحديد الأكبر فيما بينها، إضافة إلى الاستماع إلى روايات مختلفة عن التجارب الجنسية الجريئة لبعض الاصدقاء. وحين أدرك أنه يأتي إلى الدنيا عن طريق الجماع أصيب بحالة من القرف الشديد والنفور من والديه، بعد أن تشاجر مع جاره الأكبر الذي أبلغه بذلك، فاتهمه بتعمد إهانته
بعد فترةٍ وجيزة من التزامه، امتنع عن مشاهدة التليفزيون الذي يعرض صوراً لفتياتٍ غير مستترات، الأمر الذي يحرك الشهوة ويحض على المعصية. وحتى سن الخامسة العاشرة لم يكن قد احتلم من قبل، وكان هذا يشكل له هاجساً، خوفاً من أن يكون ذلك علامة على ضعف ذكورته. وحين احتلم للمرة الأولى كاد يطير فرحاً وحكى لكل الأصدقاء كأنه خاض تجربته الجنسية الأولى. غير أن هذا الفرح لم يدم طويلاً، إذ صار الأمر مرهقاً حين يصحو لصلاة الفجر محتلماً في برد الشتاء، فيضطر إلى الاغتسال قبل الذهاب إلى المسجد
وعلى الرغم من أن الاحتلام عملية فسيولوجية تتم لتفريغ شحنات جنسية مخزونة وهو ظاهرة طبيعية تختلف باختلاف الافراد والحالات والمسببات، فإن خالد البري بدأ يكره الاحتلام كرهاً شديداً، ولجأ إلى حل رآه خلاصاً له من ذلك المأزق: العادة السرية
فقد صار يمارس الاستمناء قبل الاستحمام في وقتٍ اختاره، حتى لا يحتلم ويضطر للاغتسال في وقتٍ لم يختره، لكن العادة السرية نفسها نفسها جعلته يشعر بالذنب وعمَّقت كراهيته للجنس وإحساسه بالضعف إزاءه
ثم ازداد الأمر سوءاً، فأمسى حين يحتلم يرى نفسه يمارس الجنس مع محارمه البعيدات أو عجائز دميمات
إن الحالة الجنسية للشباب تشبه عادةً حالة الإبريق الذي يغلي على نارٍ موقدة، فإن سددته وأحكمت سده فجَّر البخار المحبوس. وهذه حال من يحبس نفسه على شهوته وينطوي على أوهام غريزته، من دون أن يحاول حتى التسامي واستثمار طاقته في نشاطٍ بدني أو ذهني يحتوي الجسد الفوَّار. ويكفي شعور المرء بأنه يمارس تلك العادة سراً وخفية
وفي قديم الزمان كانت تلك العادة تسمى عند العرب "جلد عُميرة"، وهذا لأنهم يُكنون عن الذكر بعميرة. يقول الشاعر:
إذا حللت بوادٍ لا أنيس به...فاجلد عُميرة لا عار ولا حرج
وقال آخر :
إذا امتحنت بعدم أو بليت به ...فاجلد عميرة حتى تنقضى المحن
ويعكس هذا نظرة العرب إلى الاستمناء، فلا بأس به للمضطر. وقد عبر شاعر عن رأي الفقهاء في تلك العادة قائلاً:
وكذا ابن حنبل جاز جلد عميرة ... في خلوةٍ عند اشتداد غرام
وكان خالد البري يقول لنفسه في تلك الفترة: لو أن الله لم يخلق فينا الرغبة الجنسية لضمنت الجنة
وهكذا صمم على كسر شهوة النساء ولجأ إلى الحل الإسلامي: الصوم..وزاد من جرعة الصيام حتى بلغ ما يصومه أسبوعياً خمسة أيام، فكسر جزءاً من شهوته وكثيراً من صحته!
تعلم الرجل من دروس الجماعة أنه من غير المستحب أن ينظر المرء إلى عورة نفسه، كما ينبغي عدم لمس العورات باليد اليمنى صوناً لتلك اليد عن لمس العورات. أحس البري أن عدم النظر إلى العورة قطعاً صعب من الناحية العملية، لكنه حاول فعل ذلك قدر استطاعته. أما عدم لمس العورة باليد اليمنى فقد اعتاد عليه سريعاً، ليس فقط في الاستنجاء والاغتسال، ولكن في ممارسة العادة السرية أيضاً
وسرعان ما أثرت فيه تلك الترتيبات والمستحبات والمكروهات في أمور يومية خاصة لم يكن معتاداً على التفكير فيها قبل ممارستها لكنه صار أكثر وعياً بتلك العورة. يتساءل كيف تبدو في البنطال، ويخشى الانتصاب في وقتٍ ما، فيصاب بالحرج ويمتنع عن ارتداء البناطيل الضيقة. ولجأ إلى ارتداء قمصان طويلة فوق البنطال لتغطية تلك العورة. ثم صار يرتدي قطعتين داخليتين سفليتين واحدة فوق الأخرى لإحكام السيطرة على تلك العورة


شيء شبيه بذلك نجده في نصائح د. علي مدكور أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة القاهرة التي أوردها في كتابه "التربية الجنسية للأبناء"، حيث يشدد على ضرورة ارتداء الملابس الخفيفة الواسعة التي تقلل الاحتكاك بالأعضاء التناسلية أثناء النوم وعدم النوم على البطن والعشاء المبكر الخالي من اللحوم الكثيرة والتوابل، والاستحمام بالماء البارد يومياً!
كان "الإخوة" ينبهون خالد البري إلى ضرورة التعامل بحذر مع الفتى الأمرد الذي لم تنبت له لحية بعد.. إذ ينبغي عم احتضانه عند المصافحة مثلما كانوا يفعلون عادة مع أي "أخ". كذلك ينبغي عدم الاختلاء به ولو في درس القرآن. وكان بينهم فتى أمرد يصغرهم بسنوات، فصار البري يتجنب التعامل معه ولا يبتسم في وجهه. وفي حمام السباحة لاحظ أن أحد "الإخوة" يتعمد ملامسة هذا الفتى الأمر واحتضانه بطريقةٍ مريبة وهو يعلمه السباحة، فأيقن أن "الإخوة" محقون وأن عليه تجنب الصبيان المردان أيضاً وليس الفتيات فقط
الغريب أن كل هذه الإجراءات، وإن خففت من حدة الرغبة الجنسية لدى البري، فإنها جعلته يُستثار لأتفه الأسباب. وقد وصل مرة إلى الإثارة الكاملة من ملمس الماء على جسده وهو يستحم!
وهكذا تختلط الأفكار والرؤى والرغبات، ما بين حملات منع الاختلاط من الشارع إلى الجامعة، ومتعة قراءة كتب التراث والدين التي تتحدث عن الجنس، و"التكبير أثناء القذف"، وهلم جراً

إذ يشير الأصولي السابق إلى اهتمام "الإخوة" بتداول وقراءة كتب من عينة "تحفة العروس" وهو أحد الكتب السلفية التي تتحدث عن أحكام الجماع وتصف الطريق إلى السعادة الجنسية بين الأزواج من خلال حكايات من أيام "السلف الصالح".. حكايات عن كيفية وصول المرأة إلى أن تجعل زوجها يبلغ ذروة نشوته من دون مخالفة القرآن والسُنة. كذلك كان "الإخوة" يتداولون فيما بينهم كتاباً آخر عنوانه "كيف تسعدين زوجك"


وبطبيعة الحال، كان "الإخوة" يجدون متعة في مناقشة أحكام الجماع والتي تزخر بها كتب الفقه الإسلامي. أما المرأة فهي في نظرهم من جنود إبليس وهي من حبائل الشيطان. ويروي لنا خالد البري كيف جمعته الظروف في تلك الفترة بفتاةٍ من أصدقاء الأسرة نهاراً كاملاً فوجد نفسه غير قادر على استبعاد فكرة أن يضمها من الخلف وهي تتصفح الكتب الموضوعة على رفوف المكتبة. وحتى لا تعرف ما كان يدور داخله من صراع، أخذ يقترب منها وهي جالسة، ويسألها قائلاً: لماذا لا ترتدين الحجاب، إنك الآن كبيرة! فيما هو يضع يده على عنقها متظاهراً بأنه يخنقها تأديباً لها، متحسساً متعة أنه يلامس جسدها ويقترب منه
ومن الواضح أن الجنس كان يمثل إغراء المحرومين الذين في ظل الجماعة سيكونون قادرين على الزواج بشروط ميسرة مثلما كانت عادة السلف الصالح، فالإسلام يحث على الزواج المبكر بهدف الإعفاف في الإطار المشروع وإشباعاً للغريزة وصوناً من الانحراف والوقوع في الرذيلة
الغريب أن "الجماعة" اعترضت على يوماً على تنفيذ حكم الإعدام في ستة أفراد اغتصبوا فتاة في مصر، زاعمين أن النظام العلماني الجاهلي هو الذي اغتصب تلك الفتاة وليس مجموعة المغتصبين، على أساس أن المجتمع أصبح إباحياً ويسمح للفتيات بالتبرج كما يعرض أفلاماً تثير الغرائز!
ومن هنا يمكن فهم سبب حرص "الجماعة" على منع الاختلاط في الجامعة، ولو كان السبيل إلى ذلك القوة والعنف. ولا زلت أذكر المرة الأولى التي زرت فيها مبنى كلية دار العلوم في مطلع ثمانينيات القرن الماضي لمتابعة إحدى المحاضرات، فوجدت "الإخوة" ينظمون الدخول بحيث لا يدخل الشباب من بابٍ تدخل منه الفتيات، بالرغم من عدم وجود تزاحم عند المدخل، وكأن هذا يضمن عفة فتيات الكلية. وفي المدرجات، كان المشهد أوضح، فقد تم الفصل بين الفتيات الجالسات في الجانب الأيمن والشباب الجالسين في الجانب الأيسر
ويروي خالد البري كيف ضربت "الجماعة" أحد "الإخوة" لأنه شاذ جنسياً بعد أن حاول ممارسة الجنس عنوة مع "أخ" صغير داخل مسجد. وقد وجد هذا "الأخ" الشاذ مقتولاً بعد سنتين ولم يعرف أحدٌ الجاني!

وعلى الرغم من أن البري كان في تلك الفترة يصوم خمسة أيام أسبوعياً، فإنه يعترف باستمرائه المعصية فيما يخص الجنس. والمعصية هنا تعني الوقوف ساعاتٍ طويلة خلف النافذة لمراقبة بنات الجيران حتى صار خبيراً بعادات جيرانه اليومية لكثرة ما راقبهم..يعلم وقت خروجهم ودخولهم وكراسيهم المفضلة وألوان ملابسهم الداخلية، ويحدد أفضل المواعيد لمراقبة مختلف البيوت في كل الاتجاهات. والمعصية تعني أيضاً تحين فرصة عدم وجود أحد في المنزل لمشاهدة التليفزيون أو البحث عن الصفحات الساخنة في الروايات التي كانت أسرته تملك عدداً كبيراً منها


أراد البري أن يقضي على الجنس فصار هاجسه، حتى صار يشعر بالاستثارة حين يستمع إلى الآيات الكريمة التي تحكي عن قصة النبي يوسف مع امرأة العزيز. هكذا صار يعتقد أنه أسوأ إنسان على وجه الأرض ويعزو كل ما يحدث له من مشكلات إلى معاصيه، وإليها يعزو عدم قدرته على استذكار دروسه


حتى في فترة السجن، لمح زميل الزنزانة يمارس العادة السرية تحت الغطاء، في حين كان قد علم قبل دخوله السجن أن أول من دعاه إلى الالتزام مع الجماعة الإسلامية شاذٌ جنسياً، فتساءل في نفسه إن كان يمارس الشذوذ في السجن أيضاً
إن حديث البري عن العلاقات المثلية يذكرنا بما ورد في كتاب الراحل محمد جلال كشك "خواطر مسلم في المسألة الجنسية" الذي أفرد مساحة كبيرة للحديث عن غلمان الجنة بوصفهم وسيلة للاستمتاع الجنسي لمن عف وتطهر في الدنيا
وحديث الشهوة له إغراؤه وبريقه حتى بالنسبة لكبار العلماء والمشايخ، مثلما هي الحال بالنسبة للشيخ يوسف القرضاوي الذي لا يرى بأساً في الجنس عبر الفم، إذ قال في فتوى له:
"إن المرأة لو قبَّلت فرج زوجها ولو قبَّل الزوج فرج زوجته هذا لا حرج فيه، وإذا كان القصد منه الإنزال فهذا الذي يمكن أن يكون فيه شيء من الكراهة، ولا أستطيع أن أقول الحرمة لأنه لا يوجد دليل على التحريم القاطع، فهذا ليس موضع قذر مثل الدبر، ولم يجئ فيه نص معين إنما هذا شيء يستقذره الإنسان، إذا كان الإنسان يستمتع عن طريق الفم فهو تصرف غير سوي، إنما لا نستطيع أن نحرمه خصوصاً إذا كان برضا المرأة وتلذذ المرأة"
ونسب البعض إلى القرضاوي أموراً أخرى منها أنه لا يرى بأساً في تصوير العلاقة الجنسية بالفيديو مادام الشريط خاصاً بالزوجين أيضاً، فالمتعة في رأيه من أهم أهداف الزواج. والقرضاوي ليس الوحيد الذي تحدث في مثل هذا الموضوع
قال ابن عابدين -الحنفي- في "رد المحتار": "سَأل أبو يوسف أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته وهي تمس فرجه ليتحرك عليها هل ترى بذلك بأساً؟ قال: لا، وأرجو أن يعظم الأجر"
وقال القاضي ابن العربي -المالكي-: "قد اختلف الناس في جواز نظر الرجل إلى فرج زوجته على قولين: أحدهما: يجوز: لأنه إذا جاز له التلذذ فالنظر أولى..وقال أصبغ من علمائنا: يجوز له أن يلحسه – الفرج – بلسانه"
وقال في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل": "قيل: لأصبغ: إن قوماً يذكرون كراهته: فقال من كرهه إنما كرهه بالطب لا بالعلم، ولا بأس به وليس بمكروه، وقد روي عن مالك أنه قال: "لا بأس أن ينظر إلى الفرج في حال الجماع"، وزاد في رواية: "ويلحسه بلسانه"
وقال الفناني - الشافعي -: "يجوز للزوج كل تمتع منها بما سوى حلقة دبرها، ولو بمص بظرها"
وقال المرداوي -الحنبلي- في "الإنصاف": "قال القاضي في "الجامع": يجوز تقبيل فرج المرأة قبل الجماع، ويكره بعده..ولها لمسه وتقبيله بشهوة، وجزم به في "الرعاية" وتبعه في "الفروع" وصرح به ابن عقيل"
والحكاية تطول وتمتد من قصص اللواط إلى هتك الأعراض والجماع بالإكراه وأحياناً قبل انتهاء مدة العدة، كما حدث في حالاتٍ كثيرة وموثقة لنساء كن من ضحايا بعض "الإخوة". والأمر لا يقتصر على ما أورده خالد البري، الذي قرر الابتعاد عن "الجماعة" واكتفى بأداء الفرائض في المنزل، واستأنف مشاهدة التليفزيون بعد مقاطعة دامت خمس سنوات، وعاد مشجعاً أهلاوياً يهتف لنجوم فريقه الكروي المفضل في مدرجات تشجيع الشياطين الحمر
إن سيرة خالد البري نموذج للتزمت في التربية والتثقيف الذي يقود إلى العنف الفردي فالجماعي، تماماً مثلما كان يفعل بعض "الإخوة" ممن كانوا ينقضون على الناس بالجنازير والأسلحة البيضاء وهم يرددون "الله أكبر !"

دعونا نشير إلى أن الدكتور بكر زكي عوض أستاذ ورئيس قسم الدعوة الإسلامية بكلية أصول الدين، الذي كتب التقرير الخاص بمنع كتاب خالد البري، أوصى بضرورة حذف خاتمة الكتاب من ص 123 إلى ص 139، والتي يقول فيها إنه أدرك الدنيا من جديد بعد مشاهدته للأفلام الجنسية ومن كلامه مع صديقه اليساري حسن الذي تعلم منه متعة الشك.. وتكلم عن أثر فيلم "وليمة بابيت" وأثره على تغيير ثقافته، في هذه الفترة لأول مرة شاهد فيلماً جنسياً صريحاً أصابه بالقرف والاشمئزاز، وقوله في ص128 "إنني صدمت حين مارست الجنس للمرة الأولى، لقد أزال ذلك الفيلم الإباحي الضباب عن عيني شاب تربى على الأوهام"


ومن نقطة النهاية إلى خيط البداية، يظهر هؤلاء: "بشر عاديون"..كلهم خطاءون، يرتكبون الأخطاء ويقترفون الآثام التي ينهون عنها، وينسون قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ" [سورة الصف : 2-3]
ما أصعب أن نجري على منحدر، حالمين بطوق النجاة، ولكن بدلاً من التعلق بالأشجار، فإننا نخلعها ونحملها معنا في سقطتنا..التي لا نهاية لها

gravatar

بوست كالطلقة الصائبة يا دكتور...رجاء لا تغيب علينا كل تلك الفترة

gravatar

بالطبع لن ازيد ان تحدثت عن القدرة الفائقة على تتبع الاحدث فسيكون الكلام مكررا ولن يوفيك حقك

المشكلة الاساسية فى تاريخ الكثير من الفرق الدينية (وليست الاسلامية فقط )عبر العصور هو التركيزعلى نقاط وزيادة الضوء عليها وجعلها امرا محوريا بحيث يضطر الاتباع الى اتفكير فيها وزيادة التفكير حتى نجدهم يبحثون ورائها ورويدا ينغمسون فى تفصيلات لها توقعهم فى أخطاء لو ظلوا على الفطرة ربما لم يكونوا ليقربوها

وكنت اتمنى ان أقرأ رأيك فى خاتمة الكتاب

وفى النهاية كلنا من بنى آدم
وكل بنى آدم خطاء

تحياتى دوما

gravatar

آخر أيام الخريف

تحياتي الدائمة لك. حاضر يا سيدتي

gravatar

الأزهري

ربما تكون معالجة بعض القضايا الشائكة بحاجة إلى تناول أكثر صراحة وشفافية، حتى لا تقع مثل تلك الجماعات أو الحركات الدينية في فخ التناقض بين الموقف المعلن والسلوك الخفي

بطبيعة الحال، ليس القصد توجيه اتهام إلى أحد بقدر الاهتمام بلفت الانتباه إلى تلك الحالة التي تصيب البعض هنا أو هناك

لولا اهتمامي بما ورد في الكتاب وخاتمته لما تحدثت عنه

وبغض النظر عن مساحة الاتفاق أو الاختلاف، فقد كانت جرأة خالد البري وصراحته فرصة لرصد تجربة شاب في صفوف "الجماعة الإسلامية" والصراع النفسي والجسدي الذي عاشه لسنوات

gravatar

صباح الخـــير
فقط اردت القول انى
مررت من هنا وانا انوى
القراءة السريعة ولكنى حقيقة
مكثت طويلا واستفدت كثيراًايضاً ليس
من الضرورة انى اوافق او اخالف ما جاء من اقوال او اراء ولكن كلامك جدير بالقراءة كما وان ليس فيه
ما يعيب حتى انى اضع توقيعى على
تعليقى بعد ان كنت انوى
التوقيع بأسم مجهول
تقبل تحياتى وايضاً
مرورى بعد ذلك
كثيراًوإن لم
أعلق .

gravatar

norahaty


صباح الخير دائماً

أشكرك على اهتمامك بقراءة المدونة، وأرجو أن تكوني قد وجدت فيها بعض الفائدة المرجوة

ليس مطلوباً أن نتفق على الدوام مع من نقرأ لهم، المهم هو أن نجد مادة ثرية ومعلومات مفيدة وآراء تستحق الاحترام

وفي تلك الحال، يولد النقاش الإيجابي وليس الجدل العقيم، ويظل الاختلاف نعمة وليس نقمة

مودتي الخالصة

gravatar

عزيزى دكتور ياسر / تحياتى
اشكرك على التركيز على هذا الموضوع بحرفية واتقان شديدتين احسدك عليهما - رغم انى لا اؤمن بالحسد - واجلهما فيك

للاسف الشديد النظرة الدينية للجنس وباللاحرى النظرة النجدية الوهابية تتعامى عن الغريزة وتأثيرها على الانسان سواء فتى ام فتاة بل وتزيد الطين بلة وتجعل المرأة كائن شيطانيا واجب الابتعاد عنه لانه سيقود لا محالة الى الرزيلة والمعصية ومن ثم الى جهنم وبئس المصير
وهذا الكبت نفسيا هو ما يجعل امثال خالد البرى لا يرى الا النصف السفلى لدى المرأة
للاسف الشديد امثال خالد البرى فى نصف حياته الاول كثيرون وقد لا يكونون من الجماعات ولكن تتشابه طرق وحيل تسترهم وراء الدين
اقول ان ما يبث فى الفضائيات من برامج تبثها قنوات تتبنى منهج صحرواى غريب وبعيد كل البعد عن الوسطية من شأنها ان تغسل عقول ملايين البشر فى بلادنا ومن شأنها ان تزيد من احتقار الرجل للمرأة
هناك تجنيد ولكن من نوع جديد يتم تحت اسماعنا بصرنا وسنلمسه عن قريب جدا داخل بيوتنا وفى شوارعنا
اعتذر للاطالة واشكرك على التدوينة

gravatar

وحيد جهنم

كل الشكر والتقدير لك يا صديقي

المرأة ليست شيطاناً، بقدر ما تكون أفكار البعض شيطانية

من المؤسف أن البعض يحرم على نفسه شيئاً بقسوة وصرامة، فينتهي به الأمر مشغولاً بهذا الشيء طوال الوقت

لك خالص المودة

gravatar
Anonymous في 11:29 PM

ماذا اكتب او اقول ...اجدت فى عرض مشكلة كثيرا ما يتم الحديث او النقاش عنها اما همسا ً او يتحول الى عنف لفظى وجسدى ..رغم ان تجربة الاخ التى قمت بعرضها ياد.ياسر اصابتنى بقرف شديد من نظرة الاخوة الى المراة والى الجنس ..وتعاملهم بازدواجية مع المسالة ...هذه ايضا مشكلة موجودة وقائمة فى مجتمعنا..حفظك الله ..ومتعك بالعافية....ايناس المنصورى

gravatar

إيناس المنصوري

هناك من يتعامل مع تلك القضية بازدواجية واضحة، فنجده يروي ويعظ في العلن، لكنه يغوي وينتعظ

هذا التناقض آفة، تجعل الصراع النفسي والاجتماعي مثل قرع الطبول الذي يصم الآذان

شكراً لك على متابعتك يا إيناس

gravatar

دكتور ياسر : الشكرُ من قلبى واجب لكَ
أتذكر جيدا فترة إلتباس الأمر علىّ... الخوف ، والحلال والحرام ومتاهات مررت بها.ثم فترة الجامعة ومحاولة تلك الجماعات جذب أكثر عدد ممكن من الطلاب
والتربية على النظرة الدونية للمرأة كجسد ليس أكثر ، وشيطنة هذا الجسد ، و ما يزيد الأمر صعوبة هو نظرة معظم النساء لأنفسهن بتلك النظرة .
دكتور ياسر ، نحتاج أن نشعر بسلام نفسى حتى تتغير تلك الذهنيات والصور المحمولة فيها من كبت وعنف ضد أنفسها أولا ثم الآخر .

gravatar

مايو


الجسد ثوب الروح

ومن يخنق الجسد بعباءة الخوف، لا يقل في خطيئته عمن ينتهك الجسد باستباحته بالقوة أو العنف

أجسادنا رسائل أرواحنا، فلنحترمها ونفهم قيمتها، بدلاً من إهانتها والسقوط في فخ النظرة الدونية لها

السلام النفسي، تعبيرٌ دقيق أراه مناسباً لجوهر الموضوع

دمت بخير

gravatar

مش عارفه موضوع من يفعل فى السر مايرفضه فى العلن امر بالنسبه لى غير مهم و لا يشكل لى تناقضا مايهمنى فى القول هو هل يقبله عقلى و يوافقه ام لا لكن لا استطيع ان افتش فى باطن كل انسان عما يفعل او يقوم به كى اقتنع بكلامه ام لا ......هناك ميزان و خاصة فى الأسلام و هو القرأن و السنه الصحيحه و من يتم غسل مخه بكلام ثم يكتشف ازدواجية من علمه تقع مسئوليته على الشخص اللى اقتنع بالكلام دون تفكير و دون اعمال عقل و ليس على من مرر له المعلومه و هو يفعل ما يفعل فى السر

gravatar

مش فاهمة

التناقض جزء من النفس البشرية

المشكلة أن الصراع يأخذ منحى آخر، حين يرفع أحدهم لواء التطهر الأخلاقي أو الديني أو السياسي، ويحاسب الآخرين بناء على هذا المقياس أو المعيار، ثم يتضح أنه يقترف أسوأ الآثام سراً

الحكاية ببساطة، هو أن نرتدي عباءة الوعظ والنصح، في حين أن علينا أن ننصح ونصلح أنفسنا أولاً

gravatar

الى متى يظل الدين متدخلا في كل صغيرة و كبيرة في حياة الفرد؟

ما نسبة حدوث مصائب اذا تم جماع فيه ما يخالف الكتاب و السنة؟

و ما دخل الكتاب و السنة اصلا في كيفية جماع فرد بفرد اخر؟

الى الان لام اجد اجابة شافية لهذه الاسئلة
و اعتقد انني لن اجد

:(
تحياتي

gravatar

^ H@fSS@^


للرغبة خيول جامحة

البعض يروضها، والبعض الآخر يرى أن جمالها وإثارتها في تركها تنطلق إلى عوالم جديدة

المهم هو أن نختار، ونستمتع باختيارنا

gravatar

ارجو ان تقبل منى هذه الهدية المتواضعة يا دكتور:

http://eldonyasoghyara-sherif.blogspot.com/

gravatar

آخر أيام الخريف


شكراً لك يا عزيزتي على هذه المدونة التي تقدم عدداً من أعمال الصديق الراحل الشاعر عصام عبدالله

استمتعت باستذكار تلك الأعمال الفنية الجميلة

gravatar

استمتعت معك

gravatar

شامة

شكراً لك يا عزيزتي، وأهلاً بك بعد طول غياب

أرجو أن تعاودي الكتابة قريباً

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator