المحروسة

تدوينات من الأرشيف

gravatar

كتفي يشتاق إلى نعشك





آدي اللي كان وادي القدر وادي المصير


نودع الماضي وحلمه الكبير


نودع الأفراح


نودع الأشباح


راح اللي راح


ماعدش فاضل كتير


إيه العمل في الوقت ده يا صديق


غير إننا عند افتراق الطريق


نبص قدامنا على شمس أحلامنا


نلقاها بتشق السحاب الغميق




كلمات: صلاح جاهين
....................


إني أراك الآن: تلوح بيديك مودعاً وترتقي سلماً إلى السماء

بعضٌ من طل الغمام..يواصل توغله بين المنافي.. إلى أن يجد في نهاية النفق أرضاً غريبة تضم الجسد المنهك من كثرة الترحال



هذا موسم جديد للحزن..يطالبني بأن أتهيأ له



وأمطار الحزن لا تتخير الأرصفة



ولتسمحوا لي أن أتنفس قليلاً في حضرة من أسبل جفنيه الوديعين وأغفى: عيسى البشير



هذا النبيل الذي انتقل إلى رحاب ربه تاركاً وراءه صفصافةً توقد له شموع المحبة في زوايا القلب






سار إلى الموت كعادته.. واثقاً يتكلم بجلال ويصمت بشموخ


متأنقاً كأنه ذاهبٌ إلى حفل زفاف



هادئاً كأنما الموت رفيق قهوته الصباحية



أتذكره جيداًَ بوجهه المتوضيء بالنور وصوته العذب المائل للتعقل والحكمة



يقول لي بلهجته السودانية المحببة: "يا خوي".. ثم يربت على كتفي في حنو





الله.. ما أجمل كلماتك وما أنبل صداقتك


جمع بيننا مكان العمل.. فتقاربنا وأصبحنا أكثر من صديقين


كنت أخي الكبير المؤتمن.. وصاحبي الذي يحدثني بابتسامة وادعة عن دهاليز الصحافة وتاريخ النوبة وحماقات الزعماء


هل أنت ذاهبٌ الآن إلى حيث صديقنا المشترك علي جمال الدين.. ذلك الصحفي الفذ الذي أدمن المنافي كما فعلت أنت؟

عيسى البشير.. أحاول ألا يموت جزء مني معك

وكتفي التي بكى عليها كثيرون تشتاق الآن إلى أن يستريح عليها نعشك البهي

حانت ساعة من عرف عنه أصدقاؤه وزملاؤه دقة مواعيده

في مقعده الأثير يجلس ليعمل قلمه الرصين كأنه مشرط جراح ماهر.. تتأمله في صبره وأناته كأنه يطوع الألماس.. يتقن استخدام الكلمة القوية الرصينة الكيسة في مكانها المطلوب تماماً.. جندي مجهولٌ آخر من جنود الصحافة الذين يصنعون ألق الآخرين ثم ينسحبون في هدوء راضين بأنهم منحوا الكلمة قيمتها وأهدوا إلى الجمهور جودة المعنى ودقة المعلومة وبريق الصياغة

تجده دائماً في موقعه إما غارقاً في الكتابة أو القراءة.. يمارسهما كطقسين لا يقبلان التأجيل.. ينفذ ببصره وبصيرته في حصاد وكالات الأنباء والصحف العربية ‏والإنجليزية فيستلُ منها ما يريد شأن المهني الحاذق والقارئ المحترف


بعدك يا أبا حسن النصوصُ عاريةٌ من الظلال


خارج أوقات العمل كان الشيخ الأسمـر يرتدي جلبابه الأبيض اعتزازاً بسـودانيـة تشربها وتربى عليها.. يجلس في وقار..ينفث دخان سيجارته بوداعة..ويشاركك الحديث خفيفاً كظل وعميقاً كخمر معتقة


يستأنس زملاؤه برأيه فيصغي إليهم ويمنحهم رأيه السديد..كشجرةٍ لا تحجب ظلها حتى عن الحطاب


ترجل عيسى ورحل.. لكن بعض أشكال الرحيل بلا انتهاء


والفقد جمر.. والصبر جمر


عند جلال الموت وحده يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى...عند رهبة الفراق يقف الناس عند عتبة ما زاغ البصر وما طغى


في آخر لقاء بيننا رددت على أسماعي جملتي المفضلة "أنت رمح"..وكانت ابتسامتك الخفيفة سرك الخفي


لكن الرمح انكسر برسالة نصية قصيرة من الزبير نايل " انتقل إلى رحمة الله صباح اليوم الأستاذ عيسى البشير..له الرحمة"

اللهم اغفر لعيسى البشير وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله ووسع مُدخلهُ .. واغسله بالماء والثلج والبرد..ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. وأبدله داراً خيراً من داره.. وأدخله الجنة

رحمك الله يا صديقي


وليرحمنا جميعاً
تابع القراءة

gravatar

إنها الجينات يا أبي






لكن هذا قرارها الشخصي وتجربتها التي تحلم بأن تنمو وتنضج
والنتيجة.. مدونة طازجة اختارت صاحبتها لها اسماً لافتاً: وجوه



ولنبدأ من النقطة الأولى


وسط مشاغل العمل تلقيت رسالة قصيرة باللغة الإنجليزية على هاتفي المحمول: لقد فرغت من روايتي.. أخيراً


كانت تلك ابنتي الصغرى إيمان تزف إلي نبأ الانتهاء من إنجاز تجربتها الأدبية الأولى.. التي كانت تحيطها بستار من السرية والتكتم.. كانت تجلس يومياً إلى الحاسوب لتكتب في هدوءٍ لفترات طويلة ثم تحفظ ما كتبته في ملفاتها الخاصة.. ولا تدع أحداً يطلع على ما تكتبه.. وعندما دفعت إلي بمخطوطتها فوجئت بأنها كتبت مشروعاً روائياً يمتد لأكثر من ستين صفحة مطبوعة على الحاسوب

أخذت أقرأ ما كتبته وهي تجلس إلى جواري في لهفة في انتظار رأيي.. فمنحتها التشجيع الذي تستحقه.. لكن هذا لم يكن كافياً

إنها تحلم بنشر ما تكتبه كعمل روائي وتتساءل عن كيفية الطباعة ودور النشر التي يمكنها أن توافق على تحويل حلمها إلى واقع.. ومن الصعب إقناعها بأن أمامها الكثير الكثير لتتعلمه من معارف وخبرات ونضج حتى تمتلك أدواتها الإبداعية وترسم ملامح هويتها ككاتبة

وهي -كما هو واضح من أسلوبها وربما العصر الذي تكتب عنه- متأثرة إلى حد كبير بالأديب الكبير نجيب محفوظ الذي التهمت العديد من رواياته وهي في هذه السن المبكرة خاصة أنها تجد تلك الروايات والقصص في مكتبتي العامرة..قبل أن أنصحها بأن تقرأ قصص وروايات يوسف إدريس وآخرين كي تطور أدواتها.. ولكن هل هي القراءة التي تلد الكتابة أم "إنها الجينات يا أبي" كما تقول هي ضاحكةً

لم تشاهد إيمان ياسر الحارة.. وإنما عاشتها في أعمال نجيب محفوظ وتابعتها على شاشة التليفزيون.. فقررت أن تكون تجربتها الروائية الأولى عن هذا العالم الذي أدهشتها تفاصيله

أسلوبها البسيط والسلس بالنظر إلى سنوات عمرها الاثنتي عشرة.. دفعني إلى أن أوافق على مساعدتها في إنشاء مدونة خاصة بها تنشر فيها "أعمالها" - وهي بالمناسبة تتعدى الخمسة ما بين مشروع رواية وقصة مكتوبة باللغة العربية أوالإنجليزية- وفي مقدمتها "روايتها" التي اختارت لها اسم "مصر في حارة".. بقي أن أقول إنني لم أتدخل إلا بأقل القليل وفي حالات الضرورة – ولأسباب نحوية- في هذا النص كي تبقى للنص عفويته وبراءته

هي تحاول.. ولا بأس من أن تجتهد كي تزرع وردة في بستان التدوين
والرأي لكم
تابع القراءة

gravatar

المدونون (2): هلال شومان..الحكواتي

















لدي اعتراف: أنا منحاز إلى هلال شومان

أحب هذا المدون الذي تأخذ كلماته شكل حكواتي العصر ..وأرى فيه موهبةً لافتةً في السرد ورسم الشخصيات التي يحكي عنها كأنه مشروع كاتب سيناريو

هلال الذي يعيش الآن في برادفورد في بريطانيا مستكملاً تحصيله العلمي في مجال بعيد عن عالم الأدب.. هو نفسه ذلك الشاب الذي ينتظر كثيرون كتاباته المشاغبة واختياراته الموسيقية اللافتة..وربما لهذا السبب استقبل كثيرون -وأنا منهم- بارتياح نبأ فوزه بجائزة التصويت في مسابقة "دويتش فيله" الألمانية كأحسن مدونة عربية لعام ألفين وستة

هو لا يكتب تحليلاً رصيناً ولم يزعم يوماً أنه خبيرٌ في دهاليز السياسة.. لكنه تحول إلى نافذة تطل منها على لبنان الحقيقي.. بأسلوبه الساخر وحكاياته الساحرة التي تقفز مثل أسماك ملونة فوق صفحة الماء لتحدث دوائر من الدهشة

بعض تدويناته وجدت طريقها إلى صفحة "شباب" في جريدة "السفير" اللبنانية.. التي أفسحت له المجال ليكتب ما يحلو له من أفكار نزقة وسيناريوهات ساخرة ويعلن حركات تمرد على الوضع القائم و"أمراء الحرب الذين يستنسخون أنفسهم مع مرور الفترات"

لم يكن مستغرباً أن تصبح مدونته محط الأنظار خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.. بعد أن كرَس وقته وجهده وإبداعاته للفت الأنظار إلى الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في وطنه.. دون أن ينسى محاولة فك ألغاز الوضع المتشابك الذي يعيشه بلده

وسط زحام التدوين تكتشف أن طالب الهندسة يعشق صوت فيروز وألحان زياد رحباني.. وهو لا ينسى أن يقدم بين فترة أخرى أصواتاً أخرى من أميمة إلى سعاد ماسي ومن ماجدة الرومي -منذ سن السادسة عشرة وحتى وقتنا هذا- إلى سعاد حسني التي يضع في ذكراها رابطاً لأغنيتها الشهيرة في فيلم "صغيرة على الحب".. ولا ينسى المرور على صوتي منى مرعشلي وريما خشيش


البيان رقم واحد في انقلاب هلال شومان حمل توقيع الشاعر الفلسطيني قصيدة محمود درويش "عابرون في كلام عابر".. كان ذلك في التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين ثانٍ عام ألفين وخمسة.. حين قدم هذا المدوِن أوراق اعتماده عبر بعض سطور القصيدة المذكورة

"أيها المارون في الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ..وانصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور..كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء"


البدايات تأرجحت بين الكتابة بالإنجليزية والعربية وبين حالة الحنين إلى لبنان: الأصحاب والوطن.. ونشر صور من يفتقدهم أكثر من غيرهم.. كنّ صديقات طبعاً

وفي الثامن من ديسمبر عام ألفين وخمسة كتب باللغة الإنجليزية تحت عنوان: تسعة أحبهم

الاختيارات لافتة: محمود درويش- يوسف شاهين- فيروز-فاتن حمامة أسامة أنور عكاشةكارمن لبس-جوليا بطرس- نادين لبكي- أحلام مستغانمي

ستلاحظ على الفور أن القائمة تضم أربعة لبنانيين وثلاثة مصريين وفلسطيني وجزائرية.. وأن الأسماء هي لمبدعين في مجال الكتابة -شعراً ونثراً- والغناء والتمثيل والإخراج

يتكرر الأمر بصورة أخرى في الثالث من يناير كانون ثانٍ عام ألفين وستة حين يكتب هلال تحت عنوان: "كتب وضعتها في شنطة السفر".. حيث يذكر ثلاثة أعمال للروائي المصري صنع الله إبراهيم: "بيروت.. بيروت".. "شرف".. "أمريكانلي".. وعملاً أدبياً آخر لأديب مصري شاب: "أن تكون عباس العبد" لأحمد العايدي.. إضافة إلى ديوان "كزهر اللوز أو أبعد" لمحمود درويش..و"ليون الأفريقي" و"الهويات القاتلة" لأمين معلوف.. و"بناية ماتيلد" لحسن داود -وهي بالمناسبة عن الحرب في لبنان والتعايش بين عائلات مختلفة خلال الحرب.. نموذج لبناني يقترب من "ميرامار" نجيب محفوظ-.. و"الصمت والصخب" لنهاد سيريس.. و"الرفيق" لحسان الزين.. و"فيروز والرحابنة: مسرح الغريب والكنز والأعجوبة" لفواز طرابلسي.. إضافة إلى روايتي "الزهير" لباولو كويلو و"مئة عام من العزلة" لغابرييل غارثيا ماركيز.. وكتاب إداورد سعيد
Humanism and Democratic Criticism

الكتب مفاتيح إلى الشخصية.. وأترك لكم قراءة شخصية هذا الشاب من قراءاته المفضلة

دعونا نتكلم قليلاًُ عن الوطن

في الحادي عشر من ديسمبر كانون أول عام ألفين وخمسة وتحت عنوان "عود على بدء" يمارس هلال شومان النقد الذاتي فيقول

"السبت القادم سأكون في مطار بيروت بعد غياب 4 أشهر.تغير الكثير خلال سنة. لا أخفي سراً إن أعلنت خوفي الدائم من هذا الوطن. ولدت لبنانياً خائفاً خلال الاجتياح الإسرائيلي.. تخبئني والدتي تحت الكرسي عند كل قذيفة وتغطي عينيّ بحركة لا إرادية عند مرورها بحاجز إسرائيلي. بدأت "الحوادث" رعباً حقيقياً ثم ما لبث هذا الرعب أن انقلب روتيناً ممجوجاً. في الحرب تؤقلم حياتك كما القذائف. تعيش في حالة اللا نظام والمجهول. هي حالة امتهنها اللبنانيون قوتاً يومياً وامتدت معهم حتى في سنوات السلم. من يختبر هذه الحالة لا يستطيع أن يتفلت منها. تصبح معه عادة وتقليداً يومياً يتفنن في تظهيره اجتماعياً وسياسياً. غداً عندما تطأ قدماي أرض مطار بيروت الدولي سأسترجع عادتي القديمة. أمارس فهلوتي على الآخر. فأنا السيد أمام الفليبيني والسريلانكي وأنا الحرامي في حضرة الخليجي وأنا صاحب الدم الأعرق قبالة الفلسطيني وأنا الذكي مقارنة بالسوري! أسبوع وأعاود استخدام شتائمي المعهودة مع كل سيارة أقودها"


في الحادي والعشرين من ديسمبر كانون أول عام ألفين وخمسة وتحت عنوان "من بيروت إلى القاتل" يصف الفتى العائد حال الوطن فيقول في البداية

"أنا في بيروت
الناس تنتظر الأسوأ.. والانقسام عميق.. الكل يتحفز للانقضاض على الكل"

ثم نجده يختم بموقف حاد كالدبابيس

"أيها القاتل الغبي..لا يضاهي غباءك إلا غباءنا"

وفي تدوينته "تل القمر (4)" والتي تحمل عنوان مشروعه الروائي الأول..تتسمر عند جملة يقولها البطل" كم أحبَ أنطلياس في الماضي وكم يكرهها الآن! هكذا هي الأمكنة ترتبط بأحداث عايشتها وتكون هي "كبش المحرقة"

هل أنطلياس هي إحدى صور الوطن عند هلال شومان؟ وهل تلك العلاقة بينه وبين وطنه تشبه تلك العلاقة المتأرجحة بين الحب والكراهية لرمزٍ أو شخص نتعلق به وننتمي إليه؟.. البعض يرى أننا كلما أحببنا رمزاً أو شخصاً كلما زادت حدتنا معه وعتابنا له

ولعل أجمل ما كتب هو سلسلة "الأحداث" التي تضمنت بضع تدوينات تتسم بالتقاط تفاصيل دقيقة ورصد مفارقات ساخرة ونبش في زوايا الذاكرة.. وهو يقول في التقديم لها

" الأحداث هي اللفظ المتعارف عليه بين اللبنانيين للإشارة إلى مرحلة الحرب اللبنانية التي استمرت زهاء سبعة عشر عاماً. هذه السلسلة هي عن أشياءنا الصغيرة التي قد تعني كثيراً في مثل تلك الظروف والتي قد تفقد أهميتها في ظل "أحداثٍ" طبيعية. هي عن لمحات وتفصيلات صغيرة قد لا نكترث لها في يومياتنا لكنها تحيلنا إلى زمن مضى.. نتمنى أن لا يعود"

في "يوميات (1).. عن سارة" يكتب في السادس والعشرين من مارس آذار عام ألفين وستة عن تجارب إنسانية أكثر حميمية

"لي علاقة خاصة مع سارة "الاسم". عندما تغادر سارة أولى حياتي أفاجأ وبدون مقدمات بسارة ثانية جديدة تظهر من حيث لا أدري. فمن صديقة الطفولة إلى ابنة الخالة إلى رفيقة الدرب الجامعي.. سارة هيَ هيَ.. فتاة من النوع التي تفاجأ أنه لا زال موجوداً. لكن سارة الرابعة (لا تنتمي إلى سلالة ملكية بالطبع) مثيرة (للاهتمام) لدرجة تتصف بما يلي. أولاً تنتمي إلى ثقافة أخرى غير مشرقية. وللتحديد هي فرنسية من أب نيجيري بوذي وأم فرنسية مسيحية.. طبعاً هي لا تـُـعَرِّف عن نفسها بالطريقة التي ذكرتها.. لكنها ببساطة الطريقة نـــُعَرِّف فيها "الآخرين"

في تلك التدوينة كان لقائي الأول مع هلال.. ولأول مرة أترك له تعليقاً.. هذا نصه

"لعبة الأسماء تلعب بنا: كلنا ذلك الرجل

شاهدت صورة "سارة في حفل التخرج" وقلت في نفسي: عندك حق يا هلال

حبات الرمان عندما تنفرط تتشابه.. لكنها تظل مدهشة وبراقة ولذيذة

الإنسان الذي يطل من مدونتك جميل

ولذا قررت أن أزوره كثيراً"

هلال الذي تعرف عبر تدويناته كيف أن سعادته القصوى تكمن في أن ينام وفي حضنه طفلٌ نائم.. وأن أكثر ما يخشاه هو أن يكون تشاؤمه في بعض الأحيان في محله.. يبدو في غربته وحيداً ولذا فإنه يشعر بالحنين إلى العائلة.. وهو لا يخشى أن يقر بأنه قد يهرب من المواجهة في بعض الأحيان ويقيم نقداً ذاتياً زيادة عن اللزوم ولدرجة مزعجة تصل إلى حدود عدم الثقة بالنفس

والأكثر طرافةً أنه يتحدث عن أنفه كأنه بينوكيو فيقول إن أكثر ما يزعجه في شكله هو أنفه..ويضيف قائلاً: "وَرَّثوني إياه غصباً عني .. بس وصلت لدرجة القناعة"

هو ساخرٌ إلى أقصى الحدود ويجيد رسم صورة كاريكاتيرية بالكلمات..في الثاني من أبريل نيسان عام ألفين وستة كتب الجزء الأول من رباعية "درب النضال..طويل" عن علاقة بين شاب ثائر وفتاة عاشقة لنفسها تتحدى صديقتها بأن هذا الثائر قابل للإغواء.. فتقرر الانضمام إليه في مظاهرة.. ليقع المحظور

" تقدمت إليه بإصرار. كانت الدرب تتفتح أمامها رغم الهرج والزحام الموجودين. طبعاً لم تعلم في تلك اللحظة أن تنورتها الخجولة هي السبب. وصلت إليه لتقول :"هاي" كان يردد: "رصوا الصفوف.. رصوا الصفوف .. درب النضال.." نظر إلى تنورتها مكملاً: "قصير ..قصير". أراد كتم ضحكة فلم ينجح..فيما الجمع يردد وراءه: "درب النضال قصير قصير.."

قمع الأحلام سيناريو يتكرر في عالمنا العربي.. وها هو في تدوينة تحمل عنواناً ماراثونياً:"عن مشاهدٍ أُريد لها أن تكون واقعية.. فانتهت ميلودراما خائبة" يكتب بتاريخ العاشر من يوليو تموز عام ألفين وستة

"حلمتُ البارحة أنني نكشت فراشي وأخرجت منه سلاحاً كنت قد دفنته هناك منذ زمن. أخذتـُه واتجهتُ إلى جاري الذي لا يلتزم بقوانين استخدام خزان المياه المشترك. وقفت. أسمعته خطبةً عصماء عن قانون زمن السلم حيث الكل سواسية ثم أرديته قتيلاً

لسوء حظي كان من طائفة تختلف عن طائفتي التي أتبع ونزل الخبر في الصحف على أنها أول جريمة طائفية في زمن السلم. أما مشكلة المياه فلن يذكرها أحد

صحوتُ مرعوباً. أخذتُ سكيناً من أحد الأدراج بالمطبخ وعدتُ إلى فراشي منفذاً ما حلمت"

وعندما سئل ذات مرة "ما هو الشيء الذي تقول عنه: "ولا ممكن يصير بحياتك"؟.. أجاب قائلاً في العاشر من سبتمبر أيلول عام ألفين وستة تحت عنوان أجوبة

"ولا ممكن آكل أرضي (تين) شوكي وسبانخ بحياتي
ولا ممكن انتخب بانتخابات لبنانية (على القليلة بالمدى المنظور)
ولا ممكن أشارك بحرب أهلية قادمة"

وهو صاحب أسلوب رقيق وجذاب كأنه حكًاء من طراز فريد..في "لحظة نبتَ الورد" يكتب هلال بتاريخ الثاني عشر من سبتمبر أيلول عام ألفين وستة

"البارحة، نَبَتَ الورد على أصابعي. تحسستـُه بلطف متوجساً أن أؤذيَ إحدى الوردات ثم أكملتُ نهاراً طبيعياً.. غايةً في الطبيعية! تحاشيتُ أن أصافح أحداً في طريقي للعمل. اكتفيتُ بقراءة بعض التقارير العلمية الجافة مبتعداً عن الكمبيوتر. لا أريد أن يميتَ الضغط على لوحة المفاتيح إحدى الأوراق. هذا برعمٌ ظهر للتو وتلك ورقة يزداد اخضرارها
البارحة، جلستُ أنظر إلى ورداتي تقبع على أطراف أصابعي وهي تتفتح على مرأى من ناظريَّ. شهدتُ الحياة تمشي ببطء وتتطور. هي تكمل يومها وأنا أنظر. أتعب من النظر فأشيح بنظري بعيداً أو أغمض عينيَّ فيفوتني تلوّن وردة. تباً. لا يأتي التعب إلا في أتفه الأوقات"

سئل ذات مرة "أين تود العيش؟" فكانت إجابته الموجزة ذات دلالة لا تخطئها العين: القاهرة

وهكذا تكتشف أن من هواياته القديمة تسجيل الحلقات الجديدة من المسلسلات التليفزيونية على شريط كاسيت.. ليقودنا عبر رحلة من الأحداث التي شهدها المسلسلان المصريان "ليالي الحلمية" و"أرابيسك".. كما ترصد إعجابه الشديد عبر ثلاث تدوينات متفرقة بالفنانة والناشطة السياسية محسنة توفيق


وبتاريخ الثاني عشر من سبتمبر أيلول عام ألفين وستة يكتب تحت عنوان "إسكندرية نيويورك: "نيويورك بتقتل أي حنين" ليضيف عبر قراءة نقدية رصينة المخرج يوسف شاهين إلى قائمة الذين يهوى إبداعاتهم دون أن يعني ذلك عدم نقد أعمالهم

هلال شومان..أنت لا تقود معركة خاسرة أيها الحكواتي الساحر
على الأقل.. نحن ربحناك
تابع القراءة

gravatar

المدونون (1): جار القمر.. عطر المكان























البعض يكتب بالشوكة والسكين

أما "جار القمر" فهو يكتب بالسكين فقط

سكين تشبه مشرط الطبيب – وهو بالفعل دارسٌ متفوقٌ للطب على أبواب التخرج- الذي يجرح كي يستأصل بيت الداء

شعرت بالارتياح فور علمي بفوزه بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة "دويتش فيله" الألمانية كأفضل مدونة عربية للعام ألفين وستة

إنه ببساطة.. يستحق

هذا الشاب الذي لم يبلغ بعد منتصف العشرينيات شاب لكن عمره "ولا ألف عام" كما يقول شاعر العامية الكبير صلاح جاهين

وهو يسترق من العمر ساعةً أو بعض ساعةٍ كي يسير مع قارئه الهوينى على شاطيء الحياة أو يحادثه بصوت هامس قبل بدء حفل موسيقي

جار القمر مدونٌ يكتب على جناح غيمة

وعندما يكتب عن الموسيقى يبدو كأنه جسدٌ مركبٌ من مقامات.. يبث شحنةً من الطرب في قارئه

انظر إلى هيثم يحيى يسير على حواف الموسيقى بأوصافٍ عذبة تشبه الألحان..وهو يكتب "عن فيروز كراوية" في الحادي والعشرين من يوليو تموز عام ألفين وستة قائلاً


"بينما هي تقف هناك .. على أطراف أصابع قدمها .. معلقةً في حبل الغسيل ساكنة .. تنظر أرضاً .. ثم يساراً إلى زميلها .. وعلى وجهها تتجسد كل انفعالات العرض .. من فرح لسخرية ليأس لنشوة لانتصار بالتتالي .. كانت شيئاً أكثر من بديع .. كانت إلهية .. وكعادة الأشياء التي نحبها اختفت فجأة وراء سيلويت أبيض قاس .. بينما تورطنا نحن في حكاية مملةٍ عن رجل فقد ذاكرته وامرأة تتذكر زوجها .. وخلال باقي العرض كنت أبحث بعيني عنها .. مرت الدقائق الثقيلة .. وفي نهايتها ظهرت على الخشبة .. نظرت إلينا جميعاً لثوانٍ .. اطمأنت أن قلوبنا قد فتحت .. لتبدأ في التصويب:

و الله تستاهل يا قلبي
تنشغل ليه ما كنت خالي
أنت أسباب كل كربي
أنت أسباب ما جرالي
إيه بقى اللي حايواسيني
بعد ماتهدت آمالي

يا شيخ سيد (درويش) .. ماذا كنت ستبدع لو سمعت نوتاتك تُنشد من هكذا حنجرة .. اسمع فيروز تغني: أعمل إيه وإحنا في غربة والأغراب دول زيي يتامى .. لتعرف يا شيخنا أنك لم تذق الغربة فعلاً .. الغربة نذوقها نحن عندما تتوقف تلك الأحبال الصوتية عن الاهتزاز"

عندما تقرأ له يتسع فضاء التدوين

وهو يكتب بروح من الإصرار والأمل قبل أن يعلنوا رسمياً اندثار الياسمين

تقف معه على "المحطة" وهو عنوان تدوينته التي نشرها في الخامس من سبتمبر أيلول عام ألفين وستة والتي يمزج فيها بين التذوق الموسيقي واللغة الأدبية الجميلة.. فيقول


"تحكي مسرحية الرحباني البديعة عن ( وردة/ فيروز) الفتاة الريفية بسيطة الثياب.. الغريبة كلياً عن القرية
تظهر وردة في البداية لزوجين بسيطين يزرعان البطاطا في حقلهما الواسع
وبعد تعارف بسيط .. تفجر وردة مفاجأة العرض" أنا ناطره الترين"
هكذا وبمنتهى الثقة تعلن الفتاة المجهولة عن انتظارها مرور القطار على القرية
ينظر الزوجان حولهما.. يبحثان عن المحطة
لكن لا شيء
فقط حقول البطاطا
ومناظرالقرية المعتادة
يبتسمان على سبيل المجاملة مرة بعد مرة
ثم لا يلبثان أن يستثقلا ظل النكتة
تدافع وردة بأن عدم وجود المحطة ليس بذنبها وأن إيمانها بقدوم القطار ثابت لا يتزعزع
تدريجياً يقتنع الزوج أن محطة القطار تحمل أملاً في الهجرة إلى مكان أفضل
وأن حياة الضنك على وشك النهاية
تنتشر شائعة القطار في البلدة كلها"

إنه يبعث برسائل خفية بين السطور.. لعلها تجد من يقرأ أو يسمع

ومن قراءة لموضوع المسرحية إلى تذوق رفيع لموسيقى الرحابنة وغناء فيروز.. تجد نفسك محلقاً في عالمٍ أجاد هذا المدون الشاب رسم ملامحه

ولعل تدوينة "هو الكل وأنا العاشق" هي المثال الأفضل لهذه الذائقة الموسيقية التي تعرف كيف تسمع بالعين وترى بالأذن.. على حد تعبير الدكتور ثروت عكاشة

يقول هيثم في تدوينته التي نشرها في الخامس من أكتوبر تشرين أول عام ألفين وخمسة

"يبدأ أحد المنشدين بغناء مقاطع من النات وهي قصيدة من تأليف جلال الدين الرومي .. تعبر عن الحب والتقدير لرسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام .. أما الموسيقى فهي من تأليف بحورزاده مصطفى ايتري .. الموسيقى مألوفة للغاية و صوفية إلى اللامعقول وإن كانت نغماتها من مقام الراست العربي المعروف للأذن المصرية على وجه الخصوص
خلال قراءة النات.. ينحني الشيخ والعازفون عدة مرات وهم في وضع الجلوس.. عند ذكر الله أو أسمائه كذلك عند ذكر المصطفى أو صفاته"

ومن عطر الموسيقى إلى رائحة المكان: الإسكندرية

إنه يبتعد عادةً عن شاطيء البحر وسحره ويغوص أكثر في هذا البر.. ليكتشف في أحياء وأزقة مدينته ما هو أكثر من كونها "مارية وترابها زعفران".. وهو يختلط بكل حبة رملٍ ويقودك من يدك إلى أحياء لن تسمع عنها إلا إن كنت من أهل عروس الثغر

السبق الذي حققه جار القمر في تغطية وقائع اقتحام كنيسة في الإسكندرية على يد شخصٍ وصفته الدولة بأنه مختل عقلياً.. حجز له مكاناً رفيعاً في مدرسة "صحافة المواطن" التي تسبق آلة الإعلام – خاصةً في بلادنا النائمة في العسل- وأكد تفرد هذا المدون الذي لم يكتف بالمشاهدة وإنما رصد التفاصيل بجرأةٍ ودقة.. وهكذا أصبحت"أخ تالت لينا" التي دونها في الخامس عشر من أبريل نيسان عام ألفين وستة ..واحدة من أشهر التدوينات التي اعتمدت عليها وسائل إعلام مصرية وعربية في معرفة أسرار تلك النار التي اشتعلت في شوارع مدينة الإسكندرية

لعلها المصادفة هي التي قادته مثل غيره ذات يوم جمعة إلى أن يكون موجوداً قرب الحدث لحظة وقوعه.. غير أنه تجاوز الآخرين ممن تفرجوا على الأحداث وقدم لنا وصفاً تفصيلياً للمواقف والمشاعر التي اختلطت بالمكان

يقول جار القمر بأسلوبه السلس

"أنهيت الصلاة لأسمع صراخاً وهرجاً صاخباً على امتداد الشارع .. أعبر الميدان نحو البنايتين المتناطحتين .. كنيسة القديسين ومسجد شرق المدينة .. على مدى البصر يتجمهر العشرات وتصرخ عدة نساء .. تتضح الرؤية لاحقاً .. شاب يطعن رجلاً كان ينتظر عائلته أمام الكنيسة بعد قداس الجمعة الأول .. قال كثيرون إنه كان يرتدي فانلة بيضاء مهترئة .. وبنطلوناً رياضياً ويحمل سيفاً بقر به بطن الرجل وهو يصرخ ( لا إله إلا الله ). أتتبع خط الدم من باب الكنيسة حتى عتبات سلم يوصل مباشرة إلى مستشفى مار مرقص التابع لها .. أصاب المعتدي أيضاً شابين حاولا اعتراضه"

وبذكاء مثقف وبراعة جراح ماهر.. ينكأ الكاتب قبل النهاية بقليل الجراح الطازجة في هذه القضية الشائكة فيقول: "هذا بلد ضرب أهله الذل والعنصرية والكره إلى أعمق مما كنت أتصور". إنها لحظة كاشفة يدرك فيها هيثم حجم المأساة التي نعيشها بسبب الفوضى غير الخلاقة التي ركن إليها أهل الحكم في بلادنا

هنا يحتكم جار القمر إلى العقل فيقول بكلماتٍ دالة ومعبرة: "أتفهم طبعا رد فعل الأقباط هنا .. إلا أن مجرماً يدين بديانةٍ لا يعني تجريم كل أصحابها .. لا يفعل هذا في النفوس سوى الذل .. والاضطهاد والنكران والأهم والأكثر تأثيراً: التخوين"


هذه التدوينة ذات الطابع الملحمي التي بدأت بلقاء بين مجموعة من الأصدقاء تنتهي نهاية حادة.. لكنها الحدة المطلوبة حين تبدأ في تشخيص العلة وتحديد سبل العلاج.. ولذا لا أستغرب عندما يخاطب هيثم صديقه المسيحي قائلاً: "ويا مارك .. لا أخوة في هذا البلد .. لا تالت و لا تاني ولا عاشر.. أبداً"

وفي الرابع عشر من يونيو حزيران عام ألفين وستة كتب تحت عنوان "خمسة وأربعين" مقالاً بديعاً عما يجري في الإسكندرية عقب اقتحام كنيسة في المدينة وما تلا ذلك من أحداث ذات طابع طائفي. يقول جار القمر في تدوينته المذكورة

"حسبت الفتنة قد نامت غير أن تقديري قد ساء .. بالأمس سمعت عن مناوشات مابعد القداس الذي أقيم للقتيل .. ثم عرفت ليلاً عن مشاجرات دارت في شارع 45 وهو أحد معاقل البلطجة في المدينة وواحد من أكثر مناطق المدينة عشوائية وفقراً .. كنت قد تشبعت تماماً من عنصرية يوم الحادث .. وتشبعت أكثر مما كتب وقيل حوله .. فقررت الاكتفاء بتدوين ما شاهدته .. ومتابعة الموقف من بعيد"

لا يكتفي هذا المدون الأريب بما هو متاح وإنما يحاول باستمرار أن يطأ أرضاً جديدة.. وهو ما حدث على سبيل المثال لا الحصر في تجربته لمراقبة سير الانتخابات في مصر.. لنجده يسجل تفاصيل تلك التجربة اللافتة في تدوينة بعنوان "أهو ده اللي صار" نشرها بتاريخ التاسع من سبتمبر أيلول عام ألفين وخمسة يقول في مستهلها

"أولاً: كانت هذه هي سابقتي الأولى في حضور أي انتخابات أو استفتاءات رئاسية أو غير رئاسية سابقة
ثانياً: إنني كمراقب مستقل .. أتيحت لي فرصة أن أمارس مهمتي من داخل لجنة الانتخاب.. والجلوس على رأس كل صندوق وقت الفتح ووقت الإغلاق علاوةً على مراقبة الفرز وإعلان نتائج اللجنة... وهي فرصة نادرة التوافر للغاية.. لارتباطها المباشر بالقاضي ومزاجه وموقفه الشخصي
ثالثاً: أتاحت لي هذه الانتخابات .. وعن قرب, متابعة كل تفاصيل العملية الانتخابية.. وفهم أسرارها وأوجه التلاعب فيها .. فضلاً عن احتكاكي بالعديد من الناخبين المستقلين العاديين للغاية. ومناقشة أفكارهم ودوافعهم لانتخاب هذا المرشح أو ذاك بعيداً عن سفسطة المثقفين والمقاطعين وتحليلات الإنترنت والفضائيات"

ومن يشأ أن يقتفي أثر هذا الجهد الكبير الذي بذله صاحب المدونة أن يرجع إليها كي يرى كيف تمكن من نقل صورة الانتخابات وأعمال البلطجة وشهادات هؤلاء البلطجية إضافة إلى أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" في تلك الانتخابات التي تحولت إلى ساحة قتال

وهو يتحدث "عن الرسوم الدنماركية" المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في تدوينتين نشرهما بتاريخي السادس.. والعشرين من فبراير شباط عام ألفين وستة يقدم فيهما تحليلاً وافياً – لعلي لا أبالغ إن قلت إنه أفضل تحليل وقعت عليه عيناي حول هذا الموضوع – إذ يستقريء في الجزئين "أصل الحدوتة" و"الفتنة النائمة" بدايات الأزمة والرسوم التي أثارت غضباً واسعاً في الشارع الإسلامي.. ويقدم لنا شخصيات في الأزمة من الجالية المسلمة في الدنمارك..كما يستعرض فقرات من دستور هذا البلد الإسكندنافي.. ويحلل تلك الرسوم واحدةً تلو الأخرى بذكاء وفطنة

وحين تكون القراءة لمدونٍ متعةً.. فإن هذه هي الجائزة الكبرى لكل من المدون والقاريء
وفي حضرة هيثم يحيى تدرك حقيقة أن من يقرأ يمتلك الوعي والحضارة والدنيا بكل مفرداتها وتفاصيل حياتها.. وأن من يهضم الدنيا يملك العقل
وفي هذا يقول محيي الدين بن عربي في كتابه "فصوص الحكم" (ص 223)
ومن ذكر الحقَ فقد جالسً الحقَ وجالسه الحقُ.. فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليسُ من ذكرني"

يا جار القمر: واصل العزف..نحن جميعاً جيرانك
تابع القراءة

gravatar

سعيد مهران.. لا تسلم نفسك












وصاح صوت وقور:- سلم، وأعدك بأنك ستعامل بإنسانية
- كإنسانية رؤوف ونبوية وعليش والكلاب! (...)

- حسن ماذا تنوي؟ اختر بين الموت وبين الوقوف أمام العدالة

- فصرخ بازدراء: العدالة!
اللص والكلاب - نجيب محفوظ



من يذكر الآن "صاحب الصوت الوقور" الذي كان يطالب سعيد مهران بالاستسلام عندما حوصر سعيد من قبل المخبرين والكلاب في خاتمة رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب"؟.. لا أحد طبعاً.. حتى أن الأديب الكبير تعمد أن يجعله نكرةً ومجهولاً.. الأمر نفسه يتكرر في الفيلم (بطولة شكري سرحان وشادية- إخراج كمال الشيخ عام ألف وتسعمئة واثنين وستين) المأخوذ عن الرواية الصادرة قبل ذلك بعام واحد

والسبب بسيط: دعاة الاستسلام لا يتذكرهم أحد.. هم مجرد أبواق تطالب بالتخلي عن كل شيء وأي شيء بدعوى أن "المكان كله محاصر"

ومن مفارقات القدر أن نجد "الصوت الوقور" يتجاوز صورة الفرد ليأخذ في عالمنا اليوم شكل الدول وحجم الأنظمة.. دول اكتفت بالصمت ومصمصة الشفاه تجاه المجازر التي تقع والضحايا الذين يسقطون والدماء التي تراق

ومن المؤسف أن الحديث يطال مصر.. فالشيء المؤكد أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لم تكن لترتكب ما ارتكبته لو أنها شعرت للحظة واحدة بأن مصر ستتحرك وتواجه هذه الجرائم بقوة وحسم.. لكن أولمرت ورجاله اطمأنوا إلى أن مصر التي تصر على أنها تلعب دور "الشريك" في عملية السلام اكتفت بأن تؤدي دور "الوسيط".. بل إن وساطة مصر في الشأن الفلسطيني بدأت تركز في الشهور القليلة الماضية على شيء واحد: الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي وقع في الأسر خلال عملية فدائية في الخامس والعشرين من يونيو الماضي

وفي هذه الساحة الخالية من الأصوات المعترضة مارست حكومة أولمرت كل ما تعلمته على يد أريئيل شارون: القتل والترويع والاحتلال ومصادرة الأراضي. أما مصر التي ينتظر منها أبناؤها وباقي أبناء أمتها أن تقود وتقف وتتحرك فقد سكتت عن الكلام المباح وألقت بتصريحات دبلوماسية هنا وهناك ليست كافية لحماية أرواح المدنيين في بيت حانون شمال قطاع غزة

مصر التي ضغطت من أجل الإفراج عن جندي إسرائيلي واحد لم تتحرك على النحو المطلوب عندما تعلق الأمر بالمذابح والمجازر في قطاع غزة وقبلها في مجزرة قانا الثانية وقبلهما في جنين. ومن أجل عيني الجندي شاليط.. حرمت "أم الدنيا" الحكومة الفلسطينية أحد أهم حلفائها القلائل.. خاصةً أن البعض اعتبر مصر منفذ الحكومة الوحيد على العالم الخارجي

من أجل جندي إسرائيلي أسير اتخذت مصر سلسلة مواقف حادة من الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة "حماس".. وشهدناها تتراجع تارةً عن استقبال وزير الخارجية محمود الزهار.. وتوفد تارةً أخرى مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان إلى غزة للقاء أركان الحكومة الفلسطينية في مهمة أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها كانت موجهة للضغط على رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بهدف تغيير سياسات تلك الحكومة والعمل على تأمين حرية وسلامة الجندي الإسرائيلي الأسير

وليت مصر فعلت الشيء نفسه عندما يتعلق الأمر بمن سقطوا ضحية الرصاص الإسرائيلي على الحدود. لقد أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها ودمرت غزة وهدمت لبنان بسبب ثلاثة من جنودها وقعوا في الأسر: جندي أسرته ثلاث فصائل فلسطينية واثنان آخران أسرهما "حزب الله".. فهل يعقل أن نسكت على حقوق أبنائنا الذين قتلتهم إسرائيل على الحدود مع مصر؟!..ولماذا لم تتحرك مصر حتى الآن لاستعادة حقوق أبنائها والقصاص من القتلة؟

أسئلة كثيرة حائرة تبحث عن إجابات.. غير أن ما نراه هو أن هذه الحقائق المؤلمة وتلك المجازر الإسرائيلية في غزة وقبلها في لبنان والعراق تعود إلى أسباب عدةٍ لعل أبرزها هو تراجع دور وتأثير مصر

مصر لم تعد ذات ثقلٍ في عالمنا اليوم..والفاعل معلوم

مصر التي تراجع فيها كل شيء.. من ثقافة أصبحت ترفاً.. وتعليمٍ حائر بين السنة الإضافية في التعليم الابتدائي وإلغائها
..وجامعات تتكدس بأعداد تتخرج غير فاهمةٍ لماذا يتم قبولها جميعاً في حين لا توفر الكليات والمعاهد لها فرصة تعليم يعودهم على البحث والفهم بدلاً من التلقين.. ولا توجد أمامها فرص عمل في المستقبل تتناسب مع مؤهلات هؤلاء الخريجين

مصر التي أصبحت فيها النخبة السياسية الوكيل المعتمد لمصالح الرأسمالية الجديدة.. والتي يقول فيها نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور يوسف والي "إحنا كلنا سكرتارية للريس".. والتي يتنزه فيها عدد من لصوص المال العام في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة..مصر التي أدمنت الغياب واكتفى وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط بإرسال الأدوية إلى لبنان عقب حرب مدمرة وكأنها مريض بالانفلونزا وليست دولة منكوبةً بأسلحة محظورة واعتداءات وحشية.. واقتصر دور وزير خارجيتها السابق أحمد ماهر على نقل المعلبات إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خلال حصاره الطويل في مقره برام الله

مصر التي تشهد حالة "تكويش" ليس لها مثيل: على السلطة والمال والمناصب الحكومية والصحفية.. تعاني حالة تهميش للشعب وقواه الاجتماعية والنقابية التي تجأر بالشكوى من التزوير في الانتخابات وتغييب الحريات العامة والحقوق السياسية ليزداد الفارق وتتسع الهوة..فنهوي جميعاً في بحر بلا قرار

مصر التي تراجعت فيها الرموز الحقيقية المعاصرة التي تستحق الاحترام بعملها ومنجزاتها بعيداً عن النفاق والطنطنة والأكاذيب.. فاكتفت الأبواق المعروفة بالحديث عن الماضي العظيم والتاريخ التليد.. مع أن قدماء المصريين سيموتون من الحسرة –وربما من الضحك- لو كانوا بيننا الآن على ما نحن فيه وما آلت إليه الأمور

لقد تراجعت مصر.. ووصلنا إلى نقطة تستدعي وقفة مع النفس ومراجعة شاملة.. لأن التراجع الذي شمل مختلف المجالات أدى إلى الانتقاص من دور وموقع مصر إقليمياً ودولياً. وما نراه الآن في الأراضي الفلسطينية ليس سوى شاهد جديد على عمق المأساة التي نعيشها والتدهور الذي بلغناه

وفي ظل هذا التراجع المؤسف نجد وزير الخارجية أحمد أبو الغيط يقول "إن كل من يتحدث عن تراجع مصر أو هيبتها وسياستها الخارجية لا يقرأ بدقة التطور الحقيقى للأوضاع الدولية". (الأهرام ويكلي)

المشهد القاتم يقول إن هوان مصر أسهم في هوان العرب.. لو كنا تعلم

إن تخلف مصر عن المسار الديمقراطي وبطء خطواتها باتجاه التغيير والتحول نحو التعددية السياسية.. هو بيت القصيد في تراجع دور مصر العربي والإقليمي في هذه المرحلة حينما رضيت بالتراجع قليلاً إلى الوراء منذ نحو ثلاثة عقود. وكما كانت مصر الرسمية هي مصدر الأفكار القومية وحركات التحرر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. فقد كانت قبل ذلك مصدر أفكار التنوير والإصلاح والنهضة. وحتى عقود قليلة مضت كانت مصر مصدراً مؤثراً يمد العالم العربي بالأفكار والمفاهيم التي ترسم معالم المستقبل وتهدي إلى العرب أسباب تجديد الحياة وقوتها

إن علينا القول إن مصر تتحمل جانباً من المسؤولية التاريخية والحضارية في مواجهة ما يجري في فلسطين ولبنان والعراق. وهي مسؤولية لم تولد من فراغ وإنما تنبع من الثقل التاريخي والاستراتيجي لمصر في قلب العالمين العربي والإسلامي.. وهو الدور الذي يؤهل مصر قبل غيرها لقيادة التغيير والتحول الديمقراطي ليس بأدوات التدخل في شؤون الآخرين على الطريقة الأمريكية.. بل بأدوات ما تمتلكه مصر من مكانة وحساسية ثقافية وقوة ناعمة على رأي محمد حسنين هيكل تؤهلها بالفعل لنقل أفكار التغيير بسلاسة وقوة قد لا تتوفر لأي دولة أو مجتمع عربي آخر

سعيد مهران: لا تسلم نفسك.. فلن يضمنوا لك لا العدالة ولا المعاملة الإنسانية
تابع القراءة

gravatar

تراث الدقشرمة



الإذلال بممارسة الجنس عنوةً أو التهديد بذلك..اختراعٌ أمني

فقد كان الأمن في مصر أول من لجأ إلى هتك العرض وأحياناً الاغتصاب لانتزاع اعتراف من المتهم..كما استخدم الأمن التهديد بهتك العرض أو الاغتصاب لنساء من أسرة شخص ما هارب أو متهم لدفعه إلى تسليم نفسه إذا كان هارباً أو إجباره على الاعتراف أوالتوقيع على اعترافات معدة سلفاً بهدف تلفيق القضايا

لم يدهش المصريون عندما شاهدوا على شاشة السينما أو التليفزيون شخصية "فرج" الذي يغتصب بطلة فيلم "الكرنك"(إخراج: علي بدرخان.. عام ألف وتسعمئة وستة وسبعين) سعاد حسني لإجبارها على الاعتراف

كان المصري يسمع ويعلم بأن ذلك أمرٌ مألوف ودارج في أقسام الشرطة ولدى أجهزة الأمن
ولعل ذاكرة المدونين تختزن ما جرى للناشط محمد الشرقاوي الذي اختطفته قوات الشرطة مع زميله كريم الشاعر عقب مشاركتهما في مظاهرة أمام نقابة الصحفيين تضامناً مع وقفة القضاة وإحياء لذكرى الأربعاء الأسود (الخامس والعشرين من مايو أيار عام ألفين وستة)..وأقدمت أجهزة الأمن على ضربهما بصورة وحشية أمام العديد من الشهود ثم اقتادتهما إلى قسم قصر النيل حيث استمر تعذيبهما.. وقد وصل التعذيب داخل القسم إلى الاعتداء الجنسي على الشرقاوي



دعونا نتذكر أن المغتصب في المجتمعات الغربية لا يفكر عادةً في إذلال من اغتصبه -رجلاً كان أو امرأة- وإنما هو يريد الحصول على المتعة من طرف واحد. ومن هنا لم نسمع عن ممارسة الجنس قهراً مع المخالفين سياسياً أو هتك أعراض نسائهم في المجتمعات الغربية.. وإنما كان هذا مقصوراً على مجتمعات الشرق ذات التراث المملوكي

والأمن في مصر مرتبط بالسطوة والسلطة.. وإذلال المواطن

وليس أمام المواطن في هذه الحالة سوى أن يتجنب هذه السلطة التي يراها غاشمة.. وأن يخشى على نفسه وأهله من التعامل مع رجل الأمن الذي يُخاطب عادةً في الثقافة الشعبية ب"الباشا"..وكأن رجل الشارع يرى في أعماقه أن الملكية لم تمت وأن عصر الألقاب قائمٌ ما دام رجل الأمن يقمع ويضرب ويعذب

وهكذا تجد الشرطي يمسح حذاءه مجاناً ويأتيه – أثناء عمله – شايه وقهوته مجاناً من المقهى.. وأمين الشرطة يستقل بزيه الرسمي سيارة الأجرة دون أن يدفع أي مقابل.. وإذا كان رجل الأمن ذا رتبة عالية فإنه قد يعتبر في حالات كثيرة عدم دفع مقابل - أو دفع مبالغ رمزية- للخدمات التي يحصل عليها أمراً عادياً: فهو "الباشا" في المطعم ومحل بيع الفاكهة والخضراوات –هل تذكرون مشهد تعامل أحمد زكي في فيلم "زوجة رجل مهم" (إخراج محمد خان..عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين) مع البائع؟- وربما مع المدرس الخصوصي لأبنائه ومحال الملابس التي ترتادها أسرته

إنها جريمة لها جذور تاريخية

يقول الرحالة البريطاني ريتشارد بيرتون الذي زار مصر في عام ألف وثمانمئة وثلاثة وخمسين: "إن المصري إذا تعامل مع ضابط شرطة أو دخل مركز الشرطة لأي أمر كان فلا بد أن يضربه الضابط أو المسؤول عنه على قفاه Upon his kafa حتى قبل أن تثبت عليه التهمة ". ويقول بيرتون"إنك تمر مع المتهمين الآخرين ليأخذ كل منهم (قفا) فإذا جاء دورك أخذت الذي أخذوا. والقفا خاص بالمصري دون سواه.. فإذا كنت أجنبياً تحرزوا في إعطائك القفا وأحالوك إلى قنصلية بلادك". أما عن الضرب بالفلكة "الفلقة" فيفيض بيرتون في الحديث عنه.. على أن الضرب على "العروسة" قد حل بعد ذلك محل الضرب بالفلكة

ويحدثنا رحّالة آخر هو الأمير رودولف ("رحلة الأمير رودولف إلى الشرق" -عبد الرحمن عبدالله- عام ألف وتسعمئة وخمسة وتسعين) من الأسرة الحاكمة النمساوية المجرية "آل هابسبرغ" -الذي زار مصر في أواخر عهد الخديوي إسماعيل- عن أن المصرى يخاف خوفاً مرعباً من الذين يلبسون ملابس رسمية. وقص قصة "خولي " أو رئيس أنفار دخل هارباً بين أعواد القصب بمجرد رؤية خادم ملكي يرتدي ملابس رسمية. ويدهش رودولف لذلك مع أنه أمير نمساوي.. وكانت النمسا في ذلك الوقت مشهورة بالحكم القمعي العنيف ومعاملة الفلاحين معاملة سيئة

في عام ألف وتسعمئة وخمسة وتسعين صدر كتاب مثير للجدل يحمل عنوان "تراث العبيد في حكم مصر المعاصرة" اكتفى مؤلفه بالتوقيع بالأحرف الأولى "ع.ع".. وبدا من أسلوبه ومضمون كتابه أنه أستاذ جامعي. تناول الكاتب قصة تلك العلاقة الغريبة بين الأمن والمواطن في مصر وأشار إلى حالة الريبة من جانب المصري الذي يخشى دخول أقسام الشرطة والتعامل عبر التاريخ مع رجال الشرطة وحفظ الأمن
ويعزو المؤلف ذلك إلى تراث الرقيق الأبيض أو التراث المملوكي، أو تراث الدقشرمة. والدقشرمة هم رقيق كان العثمانيون يأتون بهم من شرق أوروبا وهم أطفال صغار.. ثم يربونهم ويخضعونهم لتدريبات عسكرية شاقة وتدريبات إدارية ثم يلحقونهم بالجيش أو المناصب الإدارية المهمة. وكان هؤلاء الدقشرمة يعاملون المصريين بغلظة وقسوة وينظرون بتعالٍ إلى أبناء مصر

ويبدو أن سلالة الدقشرمة لم تنقرض بل واصلت التوالد والانتشار على بر مصر

فلا أحد يدري كيف يعتبر مسؤول أمني أو ذو ملابس رسمية نفسه بمجرد تعيينه (حكومة) وبقية الناس (أهالي)..عقدة التعالي ونظرة الاستخفاف بالمواطن وحقوقه ونظرية "الضرب يولَد ..الاعتراف" التي ابتدعها رجال الأمن.. كل هذا يجعل المواطن يخشى التعامل مع الشرطة حتى لو كان شاكياً

ونسي الأمن أن القمع والإيذاء الجسدي والنظرة الدونية قد تقود يوماً إلى انفجار المواطن أو ذراع الأمن نفسها.. مثلما حدث في أحداث الأمن المركزي في فبراير شباط من عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين..حين اضطر الجيش إلى النزول إلى الشارع وفرض حظر التجوال بعد أن فقد الأمن سيطرته على الوضع في مواجهة جنود الأمن المركزي الغاضبين

هل تذكرون فيلم "حلاوة الروح" (إخراج أحمد فؤاد درويش..عام ألف وتسعمئة وتسعين) المأخوذ عن قصة "العسكري الأسود" للأديب يوسف إدريس وحكاية انتقام السجين السابق من الضابط الذي هتك عرضه يوماً.. بأن استباح جسد امرأة الضابط؟...هل فكر السادة الضباط في عواقب جرائمهم وهل نسوا دروس الماضي ومن بينها أحداث الأمن المركزي؟ إن كانوا قد نسوا فإن المصريين لم ينسوا

وسيتذكر المصريون طويلاً أنه بعد أن استباح رجال السلطان الوطن جاء دور هتك العرض.. كأننا محظيات كلاب السلطة

نحن نتذكر.. لكن ذاكرة القمع مثقوبة

ذاكرة تنسى أنها الأب الروحي لما جرى في شوارع وسط القاهرة في أول أيام عيد الفطر..المبارك
تابع القراءة

  • Edit
  • إشهار غوغل

    اشترك في نشرتنا البريدية

    eXTReMe Tracker
       
    Locations of visitors to this page

    تابعني على تويتر

    Blogarama - The Blog Directory

    قوالب بلوجر للمدونين

    قوالب بلوجر للمدونين

    تعليقات فيسبوكية

    iopBlogs.com, The World's Blog Aggregator