الموت الغامض في لندن 2: نهاية الرجل الحديدي
يبدو أن هناك موعداً دائماً أعده القدر بين مشاهير المصريين ولندن عاصمة الضباب
رحلة الموت الغامض لرموز مصرية في عالم السياسة والفن في لندن بدأت بالفريق الليثي ناصف.. ففي نهايات صيف عام ألف وتسعمئة وثلاثة وسبعين، وتحديدا في يوم الرابع والعشرين من أغسطس آب، وجدت جثة الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري في مصر سابقا ملقاة أسفل بناية "ستيوارت تاور" التي كان يقيم بها في لندن
نهاية أليمة وغامضة للرجل الحديدي الذي قال عنه الرئيس المصري جمال عبد الناصر: "لو أملك شخصا آخر مثل الليثي ناصف لما أقلقني حال الجيش أبدا"
إن محمد الليثي ناصف، المولود عام ألف وتسعمئة واثنين وعشرين والذي تخرج عام ألف وتسعمئة وأربعين، هو الذي اختاره عبدالناصر لتأسيس وقيادة الحرس الجمهوري تقديرا لثقته فيه.. وهو الذي كلفه الرئيس أنور السادات بإلقاء القبض على رموز النظام عام ألف وتسعمئة وواحد وسبعين الذين سماهم مراكز القوى، وذلك بعد أن أقسم أمامه يمين الولاء للشرعية..كما نجح تماما في تأمين السادات ونقل قيادة الحرس الجمهوري من منشية البكري إلى الجزيرة لتكون قريبة من بيت السادات بالجيزة
لقد تأرجحت علاقة الرئيس المصري أنور السادات بالليثي ناصف بين الصعود والهبوط. ويكفي أن نعرف أن الليثي كان اللاعب الرئيسي في أحداث الخامس عشر من مايو عام ألف وتسعمئة وواحد وسبعين فيما عرف باسم "ثورة التصحيح"..حيث ساهم في إلقاء القبض على خصوم السادات من كبار القيادات والمسؤولين في الدولة..وأصدر أوامره لضباط الحرس الجمهوري بإطلاق النار على كل من يرفض تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية
وفي مذكراته أكد د. محمود جامع أحد الأصدقاء الشخصيين للرئيس السادات أن الليثي ناصف أنقذ السادات من عدة محاولات اغتيال، وأنه أنقذ مصر كذلك من حرب أهلية، حينما طلب الليثي من السادات إصدار قرار بأن تكون تبعية الحرس الجمهوري لرئيس الجمهورية وحده، ويتم عزله تماما عن الجيش، وهو ما أتاح لليثي قدرة التحرك والدخول بقوة للقبض على مراكز القوى. وقدم الفريق الليثى ناصف استقالته من ديوان رئاسة الجمهورية والحرس الجمهوري، بعد أن أراد رئيس الديوان حافظ إسماعيل تنظيم الديوان، بحيث لا يتصل كبير الأمناء وقائد الحرس الجمهوري بالرئيس إلا عن طريقه، وهو ما لم يرض الليثي، وقبل السادات استقالته على الفور
ويرى البعض أن السادات قد يكون تخلص من الليثي ناصف حتى لا يكرر أحداث الخامس عشر من مايو وينقلب عليه..ويدللون على ذلك بأن السادات نزع من الليثي ناصف منصب قائد الحرس الجمهوري، وعينه كبير الياوران برتبة فريق، وأضاف إليه في سبتمبر أيلول عام ألف وتسعمئة وواحد وسبعين منصب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية وهو منصب شرفي..وظل في موقعه الذي كان بلا سلطة فعلية حتى أبريل نيسان عام ألف وتسعمئة وثلاثة وسبعين
وفي ذلك الوقت عين سفيرا في الخارجية ورشح للسفر إلى اليونان، لكن قبل أن يتسلم عمله في أثينا سافر إلى لندن للعلاج.. وبواسطة محمود نور الدين، الذي كان موظفا في السفارة المصرية هناك، قبل انقلابه على السادات وتشكيل تنظيم ثورة مصر فيما بعد، سكن في الدور العاشر من "ستيوارت تاور"
وفي البناية الواقعة غربي لندن بدا كل شيء كأنه معد سلفاً
ويقول صلاح الشاهد الذي شغل منصب كبير الياوران إنه زار الليثي ناصف قبل وفاته بشهر واحد، وتحدث إليه طويلا واجترا معا ذكريات العمر والصداقة التي جمعت بينهما، ولم يكن هناك ما يشير من قريب أو بعيد إلى أنه سوف ينتحر أو حتى يفكر في الانتحار، لكن الذي حدث أنه سقط من شرفة بأحد الطوابق العليا..وقال البوليس الإنجليزي وقتها إن الرجل كان مريضاً بمرض نفسي ينتهي عادة بإلقاء المريض نفسه من مكان مرتفع
أصابع الاتهام أشارت إلى محمود نور الدين، الذي كان من رجال المخابرات المصرية في تلك الفترة، كما كان يملك أكثر من شقة في البناية نفسها.. لكنه بادر من سجنه حيث كان يقضي عقوبة اتهامه بتكوين تنظيم ثورة مصر، ونفى وجود أي دور له في الحادث..جاء هذا قبل أن يموت محمود نور الدين في سجن طرة في الخامس عشر من سبتمبر أيلول عام ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين نتيجة حمى مصدرها فيروس.. حسب التقرير الطبي الصادر من مصلحة السجون
ومع ذلك بقيت "ستيوارت تاور" -والتي تضم ثلاث عمارات في بناية مثلثة واحدة لها مدخل واحد وإدارة واحدة- قبلة العديد من أبناء الجالية العربية لدى زيارتهم لندن.. فقد سكن فيها من قبل الملحن المصري بليغ حمدي، والمخرج صلاح أبو سيف، والفنانة المصرية نبيلة عبيد، واللواء فؤاد علام الرئيس السابق لجهاز مباحث أمن الدولة المصري (الدور العاشر)، وياسر السري الأصولي المصري الهارب من حكم غيابي بالإعدام بعد إدانته بالضلوع في محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر سابقا الدكتور عاطف صدقي في عام 1993(الدور التاسع). كما أقام في إحدى شقق هذا البرج السكني صلاح سليم والذي أصبح سفيرا بعد ذلك
وفي بداية الثمانينيات أقام في البرج مجموعة من اللبنانيين وخاصة من أهل الفن، منهم عازف الكمان الشهير عبود عبد العال، والمطربة صابرين، والفنانة جيجي عمر، والراقصة كهرمان
غير أن اسم "ستيوارت تاور" ارتبط بموت مأساوي آخر لنجمة شهيرة: سعاد حسني..أخت القمر
thank you Dr.Yasser so much , I didn't know about the Lathy Nassf case except that he was the head of Presidential guards that stood with President Sadaat
I don't know much about this incident but I think and i believe those guys who were arrested in the 15th of May some of them went to live in UK as far as I know for some time and they could have set him up
It is every interesting to read the name of Nour El-Din Mahmoud in the case to me by the way
ANother interesting fact about Stewart Tower was that it didn't see the strange death of Egyptians only , it saw the death of another two russians in what was considered an intelligence operations by the K.G.B to get rid from their enemies
I found is in these incidents the British Police seems like a third country police when it investigate these incidents
Zeinobia
شكرا لك أيتها القارئة الممتازة للتاريخ
البناية الواقعة في نهاية الشارع الذي يعتبر امتدادا لأكبر حي يتجمع فيه العرب في لندن إدجوار رود.. كانت مسرحا لوقائع مثيرة وغامضة ومريبة
حوادث غامضة وصل عددها حتى الآن إلى تسع حالات ما بين انتحار وقتل.. حتى أن عددا من البريطانيين يطالبون الآن على سبيل التندر بتغيير اسم البرج من Stewart Tower
Suicide Tower إلى
أي برج الانتحار
Lots of thanks will never reward the use you are always giving us and the lessons we are learning from you .
I heard previously about the suicide of Nassef,but I've never read such details .
As I previously described you ,Dr. Yasser ,you are History.
The Pearl.
The Pearl
أشكرك يا عزيزتي على ثنائك وكلماتك الرقيقة التي أسعدتني
تأكدي أن اهتمام قارئة مثلك بما أكتب هو الذي يدفعني إلى مواصلة رحلة التدوين
مودتي الصادقة
عارف لما بدخل مدونتك
باستعد لوجبه دسمه جدا من المعلومات
الي بجد بتفتح افقي وتوسع مداركي بشكل لاتتخيله
بتفكرني بهيكل
اسلوبك في سرد الاحداث رائع
وكتابتك للتاريخ شيقه
ومجهودك لا غبار عليه
تحياتي لقلمك
تحياتي لك يا سيدي العزيز
سعيد بحضورك وتعليقك، وأشكرك على هذه الثقة الغالية
كل معلومة تضيف إلينا هي ثروة تجعلنا أكثر نضجا وحكمة وفهما لما يدور داخلنا وفي العالم
شكرا يا عزيزتي
العزيز الموسوعي
استمتعت جدا بقراءتك الوافية
حول الموت الغامض
الليثي ناصف
سعاد حسني
واخيرا اشرف مروان
تحياتي لك علي بحثك وتكامله
كما عودتنا دوما
دمت بخير
مجهول
أهلا بك دائما يا عزيزي..الأحداث تؤكد
صحة مقولة أن التاريخ يكرر نفسه..مع اختلاف الشخصيات والأماكن
مساء الخير
من العجيب أن تقرأ لأحد و تجد أنه في نفس الأن يتعب عينيه في القراءة لك
هدا هو الخاطر الدي توارد إلي و أنا أقرأ صفحتكم هده و في نفس الوقت ينئني بريدي بأنني قد توصلت بتعليق من طرفكم
آكانت صدفة؟؟
Tazart
ربما
:))
على أي حال..هي صدفة جميلة
أشكرك على التواصل
شاكر لك جداً سطورك عن الليثي ناصف ، أنا عن نفسي لم أكن أعرف من هو ..
لكن ما أستغرب له ، لماذا لندن بالذات تحولت إلى ملجأ لكل هؤلاء على اختلاف أطيافهم وأهمياتهم وأوزانهم السياسية والاجتماعية وخلفياتهم الفكرية؟
قلم جاف
عزيزي شريف
لندن كانت لفترة مثل المنطقة الآمنة لكثير من الناشطين والمعار ضين والهاربين من أحكام بالسجن وطالبي حق اللجوء السياسي. هناك أيضا من رأى أنها تصلح منفى اختياريا أو منبرا يهاجم منه المؤسسات السياسية أو الدينية في بلاده
وهكذا أصبح من الصعوبة بمكان أن تسير أو تتنزه في لندن دون أن تلتقي من يذكرك بالوجود الكثيف للجالية العربية في العاصمة البريطانية
أما الليثي ناصف فقد وجد في لندن فرصة للابتعاد عن مصر بعد أن خسر سطوته وحظوته وسط شعور بالمرارة وإحساس بأن حياته في خطر..لكن الموت الغامض لاحقه في " ستيوارت تاور"
عزيزي ياسر،
دائماً تشفي غليل فضولنا بمقالاتك الثرية بالمعلومات وأسلوبك الشيق .. أحب قراءة التاريخ حين تكتبه بقلمك.. أنا متابعة لك دائماً حتى لو لم أعلق لظروف تقنية خارجة عن إرادتي..
دمت بكل خير
Ghida
تأكدي يا عزيزتي أن كلماتك الجميلة تكفي وتزيد
تعرفين أنك صديقة عزيزة..والأصدقاء يملكون دائما مفاتيح الثقة أينما كانوا
د. ياسر رغم انى ماليش فى موضوع السياسة والسياسيين لكن بحب اوى أقرأ السير الذاتية عنهم وعن الملوك القدامى و ... , ولكن الليثى ناصف اللى قرأته عنه الآن جديد عليا خالص واستمتعت بالمعلومات اللى فيه .. على فكرة انا ضايفة مدونتك فى الfavorits عندى لأنها من أهم المدونات المفيدة والدسمة بالنسبة لى .. أشكرك
Bocycat
شكرا لك على التعليق وإضافة مدونتي إلى قائمة مدوناتك المفضلة
جيد أن تكون هذه التدوينة عن الليثي ناصف أضافت إليك جديدا
السلام عليكم
تعرف اسم الجريدة الى كان بيصدرها محمود نورالدين فى لندن؟
Sara xiaojie
نعم، أعرف
إذ إنه بعد استقالة محمود نور الدين من جهاز المخابرات المصرية، انصبت جهوده على تأسيس مجلة في لندن مناهضة لسياسات السادات حملت اسم "23 يوليو". وعهد نور الدين برئاسة تحريرها إلى الكاتب محمود السعدني، لكن المجلة سرعان ما توقف إصدارها لأسباب مادية
أهلاً بك دائماً
Post a Comment