إزاء تشبث الملكة نازلي بموقفها من العودة إلى مصر ومن زواج الأميرة فتحية من رياض غالي، أصدر الملك أمراً بحرمان أمه من لقب "الملكة" وشقيقتيه من لقب الإمارة، وطلب عقد مجلس البلاط وهو مجلس يضم عدداً من القانونيين ومن بعض الأمراء للنظر في القضايا والخلافات التي تقوم بين أفراد الأسرة المالكة
طلب فاروق من المجلس الحجر على أمه والحجز على أموالها هي وشقيقتيه وتعيين ناظر الخاصة الملكية حارساً عليها
وفيما يلي نص الرسالة التي عرضها الديوان الملكي على مجلس البلاط في 12 مايو أيار عام 1950:
"جمع ديوان حضرة صاحب الجلالة الملك جميع المستندات التي تقوم مقام أدلة الإثبات في القضايا العادلة، وهي عبارة عن التحريات الخاصة التي قامت بها السفارة المصرية في الولايات المتحدة، في ما يتعلق بشخصية رياض غالي (أفندي)، والكيفية التي تعرف بها على جلالة الملكة نازلي وسمو الأميرتين منذ سنة 1946، والطرق التي كان يستغل بها أموالهن، مع بيان الوسيلة التي كان يفرض بها نفسه عليهن، والتقارير التي تلقاها ديوان جلالة الملك من مختلف الجهات عن هذه المسألة، وفيها بيان شامل للمساعي التي قامت بها الحكومة المصرية والسفارة المصرية في الولايات المتحدة
وقد تفضل جلالة الملك مبالغة من جلالته في العناية بهذه المسألة، فأعد مذكرة مستفيضة تتألف من صفحتين من الحجم الكبير وقعها باسمه الكريم، جاء في مستهلها:
"رأى المغفور له جلالة والدنا الملك فؤاد الأول وضع نظام للأسرة المالكة، فأصدر بذلك القانون رقم 25 لسنة 1922، وقد راعى بثاقب فكره في وضع هذا النظام أن الأسرة المالكة ركن من أركان الدولة لما بينها وبين الجالس على العرش من أواصر القرابة، وهي من جهة أخرى أكبر الأسر وأكرمها، والمثال الذي يُحتذى به في ضبط النفس وكمال السلوك، واعتبر بحُسن تقديره أن مسائل الأحوال الشخصية مسائل عائلية محضة، وأن كرامة الأسرة ومركزها في البلاد يقضيان بأن لا تتعرض مثل هذه المسائل الشخصية لأحاديث الناس، ولذلك فقد أراد والدنا إنشاء مجلس للبلاط وأن يصبح هذا المجلس فوق ما له من اختصاص قضائي، هيئة استشارية في الأمور المهمة التي تهم الأسرة المالكة عندما يطلب إليها الرأي فيها"
وانتقلت مذكرة المقام السامي إلى أن ظروفاً قد طرأت على جانب كبير من الأهمية والخطورة وتقتضي العرض على المجلس، إذ إن جلالة والدتنا الملكة قد سافرت إلى الخارج في صيف سنة 1946 للعلاج، وقد اصطحبت معها شقيقتينا الأميرتين فائقة وفتحية، وأنهن يقمن الآن في أميركا، ونظراً إلى طول مدة إقامتهن بعيداً عن مصر وعنا، وإلى صغر سن شقيقتينا الأميرتين، وما عليه جلالة الملكة من حالة مرضية ونفسية قد وقعن تحت تأثير بعض المتصلين بهن، وقد دعوتهن مراراً بعد إتمام العلاج للعودة إلى مصر، فلم تقبلن، حتى كان من نتيجة ذلك زواج الأميرة فائقة في أميركا قبل الحصول على موافقتنا، وكان من نتيجة ذلك أيضا أن اعتزمت جلالة الملكة الوالدة أن تُزَوِّج شقيقتنا الأميرة فتحية التي لم تبلغ سن الرشد بعد ولا تزال تحت الوصاية إلى الآن بمن يُدعى رياض غالي المسيحي الذي دَلَّتْ التحريات على سوء سيرته
ولما عَلِمْنا بما اعتزمته جلالة الملكة الوالدة، بذلنا جميع المساعي الممكنة لمنع هذا الزواج قبل وقوعه، وهي مساعٍ عديدة كانت لدى جلالة الملكة الوالدة ولدى الأميرة فتحية نفسها، وقد قدمت لهما فيها النصيحة تلو النصيحة بوجوب المحافظة على كرامة الأسرة المالكة
وقد ساهمت الحكومة كما ساهم سفيرنا في أميركا بنصيب موفور في هذه المساعي، ولكنها كلها مع الأسف الشديد، لم تؤد إلى النتيجة المرجوة. وقد أبلغ سفيرنا في أميركا ديواننا تفصيلات مسعاه التي لم تزد جلالة الملكة إلا إصراراً على تنفيذ ما اعتزمته، وقد كانت تصرح في كل مرة، وعند أي مسعى، بأنه لا يهمها ولا يضيرها أن يكون من يصاهرها من عائلة مالكة أو ممن يُقال أنهم من عائلات عريقة، وكانت تُزيد على ذلك فتذكر بأنها لا تبالي بما ينشب عن هذا الزواج من نتائج وعواقب مهما يكن نوعها
وقد أوضح جلالة الملك أن جلالته قد أرسل إلى جلالة الملكة الوالدة برقية مُطوَّلة مستفيضة يوضح فيها ما يساور جلالته من الألم المرير، ويناشدها أن تكف عن هذا الزواج، ويدعوها أن تقدر ما قد ينشأ عن إصرارها على ما اعتزمته من العواقب الوخيمة السيئة، ولكنها أصرت على موقفها، وردت على جلالته ببرقية قالت فيها "إن عاطفة الأمومة لديها مقدمة على كل اعتبار"، حتى وقعت المأساة مع الأسف البالغ، فتم الزواج مدنياً في يوم 10 من شهر مايو الحاضر
وقد اشتملت هذه المذكرة السامية الكريمة على بيان تفصيلى بالمبالغ التي أُرسِلت إلى جلالة الملكة نازلي والأميرتين في الفترة الواقعة من صيف سنة 1946 حتى الآن، وهي تبلغ في مجموعها نحو أربعمئة وثلاثة وثمانين ألف جنيه
وقد تبين من المعلومات الرسمية التي وصلت إلى ديوان جلالة الملك من مختلف المصادر أن رياض غالي (أفندي) قد استولى على نحو أربعين ألف جنيه من هذه المبالغ
وقد ختم جلالته هذه المذكرة الكريمة بقوله: "لهذا كله أود أن نقف على ما يشير به المجلس من إجراءات نحو هذا الزواج، وما يَصِح أن يُتَّبَع نحو جلالة الملكة"
لكن الأميرة فائقة استطاعت بعد ذلك أن تحصل على عفو أخيها، فعادت إلى مصر مع فؤاد صادق تضع نفسها ومعها زوجها تحت أمر الملك ومجلس البلاط، في حين بقيت نازلي مع فتحية صغرى بناتها في الولايات المتحدة
وفيما يلي نص المذكرة التي قدمها رئيس الديوان الملكي حسن يوسف (باشا) بالإنابة إلى مجلس البلاط بتاريخ 27 مايو أيار 1951 بطلب الحجر على الملكة نازلي وفتحية، والإشارة بالعفو عن الأميرة فائقة:
"وصل إلى ديوان جلالة الملك أن زواجاً مدنياً عُقد في أميركا بين حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فتحية ورياض غالي المصري الجنسية المسيحي الديانة، وبما أن هذا الزواج باطل شرعاً، إذ إن الشريعة الإسلامية لا تُجيز لمسلمة أن تتزوج من غير مسلم، فضلا عن عدم توافر شرط الكفاءة بينهما على افتراض أنه اعتنق الدين الإسلامي كما يزعُم. لذلك يطلب ديوان جلالة الملك الحكم ببطلان هذا الزواج
وقد تقدم محمد نجيب سالم (باشا) ناظر خاصة جلالة الملك وجلالة الملكة نازلي بطلب النظر في الطلب المرفوع بتوقيع الحجر على جلالتها، وتعيين قيم عليها، وبعزلها من الوصاية على كريمتها فتحية هانم، وإقامة وصي آخر بدلا منها، وقد أعلنت بالتوقيع منها بالاستلام
وقد وقع رفع مذكرة مجلس البلاط من سعادة محمد نجيب سالم (باشا) في هذا الصدد ما يأتي:
بناء على الأمر السامي الكريم، يتشرف ناظر خاصة جلالة الملك بأن يطلب إلى المجلس الموقر:
أولاً: توقيع الحجر على حضرة صاحبة الجلالة الملكة نازلي وتعيين قيم على جلالتها
ثانياً: عزل جلالتها من الوصاية على كريمتها فتحية هانم. وذلك للأسباب الموضحة بالطلب المؤرخ 12 مايو سنة 1950، والمستندات المُرفقة به
وبناءً عليه يتقدم حضرة صاحب السعادة محمد حسن يوسف (باشا) إلى المجلس بوصف كونه "كاتم سر مجلس بلاط الملك" يطلب النظر في الموضوعين الآتيين:
أولاً: إجازة صدور التصادق على زواج حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فائقة من صاحب العزة فؤاد صادق (بك) أمام فضيلة وكيل الجامع الأزهر نيابة عن مجلس البلاط، والإذن بتسجيله في سجلات المجلس (وكان ذلك الزواج قد تم فعلاً وقضى العروسان شهر العسل في جزر هاواي)
ثانياً: تعديل قرار المجلس الصادر في 20 مارس سنة 1945 الخاص بإنابة شيخ الجامع الأزهر عن المجلس في سماع إشهادات الزواج الخاصة بأمراء وأميرات ونبلاء ونبيلات الأسرة المالكة بإضافة نص يبين العضو الشرعي الذي يحل محل شيخ الجامع الأزهر عند غيابه، وذلك حسبما يراه المجلس في هذا الشأن
وهذا وأتشرف بأن أرفع إلى المجلس الموقر أن حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فائقة شقيقة حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم قد استجابت لرغبة المجلس التي أبداها في 16 مايو سنة 1950، بشأن عودة سموها من أميركا، فعادت فعلاً إلى القاهرة في 21 مايو سنة 1950
وقد تفضل حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم، فأَذِنَ بالتصادق على عقد زواج سموها من صاحب العِزة فؤاد صادق (بك) الصادر بينهما في أبريل سنة 1950 وفقا لأحكام الشريعة الغراء لدى إمام مسجد ساكرامنتو بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية. كما تعطف حفظه الله بقبول الوكالة عن سموها في إقرار التصادق والإقرار بقبض المهر. وبناء على هذا الإذن السامي الكريم صدر هذا التصادق في 4 يونيو سنة 1950 بقصر القبة العامر لدى حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحمن حسن وكيل الجامع الأزهر نيابة عن مجلس البلاط، على اعتبار أن فضيلته يحل محل الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1948، وعلى أن شيخ الجامع هو النائب عن مجلس البلاط في سماع شهادات الزواج الخاصة بأمراء وأميرات ونبلاء ونبيلات الأسرة المالكة بناء على قرار المجلس الصادر في 20 مارس سنة 1945
وبمناسبة ما أُثير حول هذه الإنابة في سماع الإشهاد الخاص بالتصادق سالف الذكر، أرجو من المجلس الموقر التفضل بما يأتي:
أولاً: إجازة صدور التصادق المذكور أمام وكيل الجامع الأزهر نيابة عن مجلس البلاط، والإذن باتخاذ اللازم نحو تسجيله في سجلات المجلس، وذلك منعا لكل شبهة في صدور الإشهاد أمام جهة غير مختصة
ثانياً: تعديل القرار الصادر في 20 مارس سنة 1945 بإنابة شيخ الجامع الأزهر عن المجلس في سماع إشهادات الزواج الخاصة بالأمراء والأميرات والنبلاء والنبيلات، وإضافة نص الإنابة الذي يحل عن شيخ الجامع الأزهر عند غيابه حسبما يراه المجلس الموقر في هذا الشأن
كاتم سر مجلس بلاط الملك
محمد حسن يوسف
يوليو1950"
لم يكن هذا كل شيء
فقد أصدر مجلس البلاط حكمه في الموضوع، ووقف إلى جانب فاروق في دعواه ضد أمه وشقيقته فتحية
وللتاريخ، نورد هنا نص القرار بتوقيع الحجر على الملكة نازلي والتفريق بين فتحية وزوجها
"اتخذ مجلس البلاط قرارات نصها كما يلي:
أولاً: من حيث إن زواج المسلمة من غير مسلم باطل بطلاناً أصلياً ولا يترتب عليه أي أثر من آثار الزوجية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية
ومن حيث أنه إذا أسلم شخص فعلا وتزوج بمسلمة عريقة في الإسلام فإن هذا العقد إذا حصل بغير رضاء الولي أو العاصب لا يصح
لذلك قرر المجلس التفريق فوراً بين حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فتحية وبين رياض غالي (أفندي) بالحيلولة بينهما ووضعها تحت يد حضرة صاحب الجلالة الملك للمحافظة عليها إلى أن يفصل في الدعوى
وعلى السلطات المختصة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ ذلك
ثانياً: قرر المجلس منع حضرة صاحبة الجلالة الملكة نازلي من التصرف في أموالها وتعيين حضرة صاحب السعادة نجيب سالم (باشا) ناظر خاصة جلالة الملك مديرا مؤقتا على جميع أموالها إلى أن يفصل في طلب الحجر
ثالثاً: قرر المجلس وقف حضرة صاحبة الجلالة الملكة نازلي عن أعمال الوصاية على حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فتحية وتعيين سعادة نجيب سالم (باشا) ناظر خاصة جلالة الملك وصياً مؤقتاً لإدارة أموالها إلى أن يفصل في طلب عزل جلالة الملكة نازلي عن الوصاية"
وكان الرد على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي سريعاً وقاسياً
فقد تحدثت الملكة نازلي والأميرة فتحية أمام الصحفيين للتعليق على القرارات الصادرة من مجلس البلاط في مصر إزاءهما. وقالت وكالة أنباء يونايتد بوست إن الأميرة فتحية سُئِلَت عن رأيها في معارضة الملك فاروق لزواجها من رياض غالي، فقالت: "إن غايتي الوحيدة أن أجعل زوجي سعيداً، وأن أنجب له عدداً كبيراً من الأطفال"
سُئِلَت الأميرة تحديداً عن وقع قرارات مجلس البلاط في نفسها، قالت: "حسنٌ..هذا ما كنت أريده من زمن"
وكانت تبدو على وجوه الملكة الوالدة وفتحية ورياض غالي دلائل الاستهتار وعدم المبالاة بقرارات مجلس البلاط، وعندما سُئِلَت الملكة نازلي عن رأيها في هذه القرارات، أجابت بقولها: "لقد كنت أتوقع هذا الأمر، لذلك فهو لا يهمني في شيء"
وسُئِلَ رياض غالي -ابن بشارة غالي- في الموضوع فقال: "إن هذه القرارات لا تهمني، ولا تهم زوجتي في شيء، ولكن اهتمامنا الآن منصب على ما يمس جلالة الملكة نازلي من هذه القرارات" (كانت الملكة نازلي قد اعتبرت أن فاروق قد انتهز الفرصة ليستولي على ثروتها من الأرض والعقارات والأثاث والتحف والأموال السائلة)
واستطرد رياض غالي قائلاً: "وعلى أي حال فإن لدينا من المال ما يكفينا بعض الوقت، أما في ما يتعلق بالزواج الديني، فإننا نعد العُدة الآن لإتمامه في غضون بضعة أيام"
هذا وقد أُشيع وقتها أن مكتب الهجرة الأميركي في سان فرانسيسكو طلب من رياض غالي أن يغادر الولايات المتحدة في مدة أقصاها 25 مايو أيار 1950، دون أن يُعيَّن له الجهة التي يقصدها
وكانت السفارة المصرية في واشنطن قد سحبت من رياض غالي جواز سفره الدبلوماسي قبل تصعيد الأزمة بعامين عندما رفض الأوامر الصادرة إليه من وزارة الخارجية بالعودة إلى مصر، لذلك أصبحت إقامته في الولايات المتحدة في العامين الأخيرين غير قانونية
ولما سُئِلَ رياض غالي عما يعتزمه الآن بعد أن تلقى إنذار مكتب الهجرة بضرورة مغادرة البلاد في مدة لا تتجاوز 25 مايو أيار 1950، قال إنه يفكر مع زوجته فتحية في السفر إلى جزر هاواي حيث لا تزال تقيم الأميرة فائقة مع زوجها فؤاد صادق.. لكنه لم يكن يدري أن فائقة ستتراجع وتعود مع زوجها إلى مصر
أما في ما يتعلق بقرار مجلس البلاط الخاص بالتفريق فوراً بين فتحية ورياض غالي بوصف أن زواج المسلمة من غير المسلم باطل بطلاناً أصلياً ولا يترتب عليه أي أثر من آثار الزوجية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن السلطات الأميركية رأت أنه لا يمكن اتخاذ خطوة عملية في سبيل تنفيذه
وكان من رأي هذه السلطات أن كل ما تستطيع أن تفعله الحكومة الأميركية هو أن تطلب إلى الملكة الأم وابنتها فتحية مغادرة البلاد إذا طُلب إليها أن تفعل ذلك، ولكنها لا تستطيع تسليمهما رغم إرادتهما إلى السلطات المصرية أو حتى تعيين البلد الذي تسافران إليه عند مغادرتهما الولايات المتحدة
والمعلومات المتوافرة تقول إن فتحية -المولودة في 17 ديسمبر كانون ثانٍ عام 1930- تزوجت زواجاً مدنياً من رياض غالي - المولود في 11 فبراير شباط عام 1919- في فندق فيرمونت في سان فرانسيسكو في 25 أبريل نيسان عام 1950، ثم أجريت مراسيم دينية للزواج في 10 مايو أيار عام 1950، وأثمرت هذه الزيجة عن ثلاثة أبناء هم: رفيق (المولود في 29 نوفمبر تشرين ثانٍ 1952) ورائد (20 مايو أيار 1954- 26 يوليو تموز 2007) ورانيا (المولودة في 21 أبريل نيسان 1956)
كانت نتيجة هذه التصرفات جميعاً مأساوية لفاروق، حتى وإن لم يعش ليراها
والذي حدث في ما بعد أن الملكة الأم نازلي واعتنقت المسيحية على المذهب الكاثوليكي واختارت لنفسها اسم ماري إليزابيث، وكذلك فعلت ابنتها فتحية وأيضاً فائزة التي انضمت إلى الاثنتين بعد خروجها من مصر عام 1955 بعد الثورة
وكانت فائزة قد نجحت في تهريب مجوهراتها عن طريق الحقيبة الدبلوماسية للملحق العسكري التركي الكولونيل محمد نور الدين، لكن الضابط الذي تولى تهريب مجوهرات الأميرة لم يسلمها لها في باريس كما كان مُتفقاً عليه. ووجدت الأميرة فائزة نفسها مُفلِسة في العاصمة الفرنسية، وأكملت رحلتها إلى كاليفورنيا تشارك والدتها حياتها وكذلك تعتنق مثلها المسيحية الكاثوليكية. وعانت الأميرة فائزة كثيراً في حياتها قبل أن تمرض وتلزم الفراش سنوات
لكن مصير الأميرة فتحية كان أكثر مأساوية، ذلك أن الغرام فَتُر، ثم طرأت بين الزوجين خلافاتٌ وصلت إلى حد أن رياض غالي كما ورد في تحقيقات شرطة لوس أنجليس "كان يضرب زوجته دائماً، ثم يضرب الملكة نازلي ويضرب الأميرة فائزة إذا حاولتا التدخل لمنعه من الاعتداء على زوجته". فقد أخذ الزوج في ابتزاز نازلي وابنتها مالياً، وفي حين انشغلت فتحية بإنجاب الأطفال، أخذ غالي يبدد الأموال في شراء وتعاطي المخدرات، واعتدى بالضرب على زوجته في أكثر من مناسبة، لدرجة أنه كسر ذات مرةٍ زجاجة خمر في ملهى ليلي وحاول أن يضربها بها لأنها طالبته بالطلاق.
انفصل الزوجان جسدياً عام 1965، ثم طلبت فتحية الطلاق في عام 1973. ولم تنته فصول القصة المثيرة بالطلاق، فقد حدث أن توفيت جليلة، أم رياض غالي، وكانت على علاقةٍ طيبة بفتحية، فأرادت الاخيرة أن تقدم واجب التعزية، وأراد رياض إعادتها إليه، لكنها رفضت، وكانت تفكر آنذاك في العودة إلى مصر بعد أن أفلست هي وأمها، وبيعت آخر مجوهرات الملكة نازلي في المزاد العلني
غير أن رياض غالي - واسم شهرته: مينا- طلب من فتحية أن تزوره للمرة الأخيرة، وكانت بالفعل زيارةً أخيرة، إذ أطلق عليها الرصاص في مساء 10 ديسمبر كانون ثانٍ عام 1976، واستقرت خمس رصاصات في جسد فتحية لترديها قتيلةً على الفور. حاول القاتل إطلاق رصاصةٍ على نفسه بقصد الانتحار، لكنه نجا من الموت. وعندما تأخرت فتحية في العودة، ذهب ابنها إلى منزل مطلقها في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا، ليجد جثة أمه على الأرض غارقةً في دمائها، في حين كان والده مصاباً بطلقٍ ناري أدى إلى أن يفقد جزءاً من قدرته على الإبصار إضافةً إلى ضعف الذاكرة لازمه
حتى وفاته في سانتا مونيكا بلوس أنجليس في 12 يوليو تموز عام 1987
حكمت إحدى المحاكم العليا الأميركية في 12 أبريل عام 1978 على رياض غالي بالسجن لمدةٍ تتراوح بين سنةٍ واحدة و15سنة لقتله مطلقته الأميرة فتحية. والقانون الجنائي الأميركي يمنح من يصدر ضده حكمٌ تتراوح مدته بين حدين، الحق في التقدم سنوياً بالتماس إلى المحكمة العليا..ومن حق المحكمة أن تصدر عفواً عنه إذا استوفى في نظرها شروطاً معينة
شيعت جنازة فتحية في مدينة لوس أنجليس ودُفِنَت هناك في مقبرة "غاردن أوف ذي هولي كروس" في كالفر سيتي بلوس أنجليس بناءً على رغبة الملكة نازلي وضد رغبة أولادها الذين كانوا يريدون دفن أمهم في مصر. أما الذين شيعوا الجنازة فقد تجاوز عددهم 300 شخص، معظمهم من أصدقاء العائلة وأعضاء المجتمع الأرستقراطي الأميركي
ومن المُحزن أن الملكة نازلي كانت لا تزال على قيد الحياة حين أقدم رياض على قتل فتحية، وقد سارت في جنازة ابنتها تتوكأ على عصا